قراءات – مذكرات أميرة عربية

salmah2

مذكّرات أميرة عربيّة ، هي سيرةٌ ذاتيّة كتبتها أميرةٌ عربيّةٌ شرقيّة ، ابنةُ سُلطانٍ عربيٍّ معروف ، خرجت عن أعرافِ بلادِها منذُ أكثر من قرن ، فهجرت وطنها ، وحياة القصورِ والرّفاهية .
هربت مع شابٍّ ألماني ، اعتنقت ديانته ، فغيّرت اسمها إلى ( إميلي روث) وتزوّجتهُ .. تُدعى السّيدة سالمة بنت سعيد …
الأميرة سالمة هي ابنةُ السّيدِ سعيد بن سُلطان حاكِم عُمان وزنجبار ، ولدت في بيت المتوني ، من أُمٍّ شركسيّة كانت أحد جواري السّيد سعيد.
كتبت السّيدة سالمة مذكّراتها باللُّغةِ الألمانيّة ، ولم تكُن قد قرّرت نشرها ، بل كتبتها عندما ضاقت بها الحياة ، وظنّت أنّ الموت يدنو منها ، فأحبّت تخليد ماضيها لأبنائِها الّذين كانوا أطفالا لكن شاءت الأقدار أن تُعرّفهم بنفسها على ماضيها ، حينها قرّرت نشرِ مذكّراتِها .
لم تُترجم بعد هذه المذكِّرات للعربيّة مُباشرةً بل مرّت بالإنجليزيّة التي حذفت، ودمجت الكثير من الفصول.
تصفُ الأميرة سالمة في مذكّراتِها :
o بيت المتوني
o بيت الواتورو
o يوم في بيت الساحل
o من حياتنا في بيت الواتورو وبيت الساحل.
o الانتقال إلى البيت الثاني
o الحياة اليومية في بيتنا
o وجبات طعامنا
o الولادة والسنة الأولى من حياةِ أميرٍ أو أميرة.
o المدرسة في الشرق.
o التجهيزات السنوية، الملابس والأزياء في بيتنا.
o في واحدة من المزارِع.
o رحلة أبي.
o خبر الوفاة.
o مآتمنا.
o ملامح وقصص من محيط أخوتي.
o مكانة المرأة في الشرق.
o الزواج عند العرب.
o زيارات النساء العربيّات.
o المجلس وتعامل الرّجال مع بعضهم.
o فترة الصيام.
o العيد الصغير.
o العيد الكبير.
o عيد الأضحى أمام نبع جمشم.
o الأمراض والعلاج الطبي ، المسكونون.
o الرّق
o موت أمي ، ثورة في القصر.
o كيسمباني وبوبوبو.
o أيامي الأخيرة في زنجبار.
o تحوّلات كبيرة.
o السيّد برغش في لندن.
o العودة إلى الوطن ثانية بعد تسعة عشر عاما.

salmah

تتحدّثُ الأميرة سالمة في الفصول الأولى عن حياتِها الأولى، ومكان ولادتِها، ومعيشتها، وتنقُّلها من قصرٍ إلى قصر، وتصفُ بدقّةٍ مُتناهية العلاقات في القصر، والطُّقوسُ والمراسِم الّتي يتّبعونها، ومظاهر الاحترام، وطبيعة العلاقاتِ في القصر، وتتطرّق إلى الحياةِ اليوميّة، وطُقوس الولادةِ، والتّربيّةِ، و التّدريسِ.
كما أنّ وصفها لبيت السّاحل ، والمتوني ، والواتورو بكلِّ تلك التّفاصيل نرى أنّها قد أرّخت الطّراز المعماري المتّبع آنذاك من خلالِ وصفِها.

وتأتي الفُصول كلّها عبارة عن وصفٍ للحياةِ في زنجبار فقد أفردت فصلا كامِلا للأزياء، وصفت فيه ملابّس العربيّةِ والحُلي الّتي ترتديها، ودلائِل ذلكِ ، كما دوّنت الأميرة سالمة رحلة أبيها الأخيرة إلى عُمان، وطُقوس الرّحلةِ، والتّجهيزات المُصاحبة لذلِك، والمراسِم المُقامةِ عند التوديعِ، والاستقبالِ، وأفردت فصلا آخر يشرحُ حادثةِ وفاةِ أبيها، وكيفيّةِ وصولِ الخبرِ، و مكانِ دفنهِ، وطقوس المآتم والتّرمُلِ والعدِّةِ، وما يُصاحب ذلِك من بِدعٍ، وطُقوس.

تتطرّق الأميرة سالمة في الفصل الخاص بوفاةِ والدِها إلى أمر الشعوذة الذي كان منتشِرا آنذاك في أفريقيا بكثرة، والذي يُستعان بِهِ عند تأخُّرِ السّفن، أو الحيرةِ في أمرٍ ما كالحملِ، أو الخطبةِ أو السفرِ أو ما شابه.

وفي عدّةِ فُصول أُخرى تتحدّث الأميرة سالمة عن مكانة المرأة الشّرقيّة، مُحاولةً دحض الحُجج التي ترى بأنّ الشّرقية مضطهدة، فقد بيّنت للجميع المكانة المرموقة التي تتقلّدها المرأة في الشرق، وتحدّثت في فصلٍ آخر عن طقوسِ الزّواج و مرسِم الاحتفالِ والتجهيزلذلِك، .

تأتي الفصول الأخيرة لتحكي الأميرة سالمة عن فترة الصّيام، ومراسِم الصّيامِ وطُقوسِه، وفرحة الإفطارِ ورؤية الهِلال، إلّا أنّ وصفها كان مُحمّلا بثقافتِها الممتزجة بالخُرافاتِ والسّذاجة..تبعا للحياة التي كانت تحياها ، ففي بعضِ ما وصفت من المُبالغات ، والحمل على ديننا …
ولأنّ الشعوذة كانت أمرا متفشٍّ آنذاك لم تكتفِ الأميرة بالحديث عنهُ في الفصول الأولى بل أفردت فصلا كاملا تتحدّثُ فيه عن السّحر والمعتقدات التي آمنوا بها آنذاك ، والطُّقوس المعقودة لفكِّ السّحر ، والعطايا والهدايا التي يقدّمونها كقرابين.

كانت مراسِمُ العِلاجِ ، والتّداوي في أفريقيا غريبة نوعا ما حسب ما وصفت الأميرة سالمة في مذكّراتِها التي أفردت لذلك فصلا ، وتحدّثت فيما بعد عن وفاة أُمِّها بالكوليرا ، كما تحدّثت عن انتقالِ الحُكم ، والنِزاع الذي دار بين ماجِد ، وبرغش حول الحُكم والتّحزُّبات التي فرّقت الـ 36 أخ ، ووقوفِها ضد أحبِّ إخوتِها..

انتقلت الأميرة سالمة _بعد أن خسر الحزب الذي تنتمي إليه_ للعيشِ وحدها في مزرعةٍ لها في الرّيف ، وبعدها حنّت إلى المدينةِ والبحر ، فاستأجرت مزرعةً تطلُّ على البحر لكنّها سُرعان ما تنازلت عنها لأخيها الأحب الذي وقفت ضدّه كتكفيرٍ عن ذنبِها في التواطؤ ضدّهُ ، إلّا أنّ هذا التّنازل أشعل حقد الحزب الآخر عليها ، فبدأ النِزاع والصِّراعُ ثانيةً ، انتقلت بعد ذلِك إلى بيتٍ في المدينة وكان هذا البيت مجاوِرا لبيت الشّاب الألماني الذي ستُحبّهُ الأميرة سالمة وتقرِّر الهروب معه إلى ألمانيا.

وضّحت الأميرة سالمة مُلابساتِ هذا الأمر وأزاحت الغمام عن بعض الإشاعات التي قالت بأنّ السّيد ماجد قد سجنها عندما علم بعلاقتها بالألماني ، فهي تؤكِّد أنّ السّيد ماجد كان على علم ، لكنّه لم يُحرِّك ساكِنا ، وحتّى عندما هربت إلى عدن منتظرةً حبيبها ، فإنّ السّيد ماجد ترك الشّاب الألماني في سلام يُنهي ارتباطاتِه في زنجبار .
وصلت السّيدة سالمة إلى عدن وهُناك تلقّت تعاليم المسيحيّة _ كما دوّنت_، وغيّرت اسمها إلى إميلي روث ، وانتظرت حبيبها ستّة أشهر ، وبعد وصوله تزوّجا ، وانتقلا إلى ألمانيا ، وعاشا هُناك.
أنجبت إميلي منه 3 أبناء ، لكنّ القدر سُرعان ما تخطّف روح زوجِها فبعد ثلاثِ سنوات تعرّض زوجها لحادثِ دهسٍ أدّى إلى وفاتِه بعد ثلاثةِ أيّام مُخلِّفا زوجةً عربيّةً ، و3أطفال عُمر أصغرهم 3 أشهر.
ومما يدلُّ على تقبُّلِ السيّد ماجِد لفعلِها وتسامُحهِ هو إرساله سفينة محمّلةً بالهدايا لأخته، لكنّ تلك السّفينة لم تُسلّم لها، كذلِك فقد خسرت السّيدة سالمة _ كما ذكرت_ الكثير من ثروتِها بسبب ثقتها العمياء في الكثير من الأوربّيين.

في آخر فصلين من مذكّراتِها تذكرُ زيارةِ أخيها برغش إلى لندن ، ومحاولاتِها في الالتقاء بهِ ، و رفضِ الحكومة البريطانيّة ذلِك لأسبابٍ سياسيّة تُفضي إلى محاولةِ نهبِ الإمبراطوريّة العُمانيّة من أيدي سُلطانِها ، وكذلِك زيارتِها لمسقطِ رأسها _زنجبار_ بعد 19 عاما من رحيلها عنهُ ، واستقبالِ أهل زنجبار لها ، وردّة فعل أخيها برغش ، ومعاقبتهِ لكلِّ من يُرحّب بها.

العدد السابع ثقافة وفكر

عن الكاتب

بدرية العامري

كاتبة عمانية