الـشـخـصـيـة الـعـمـانـيـة والـمـسـتـقـبـل

omani5

التنبؤ بملامح المستقبل وما سيحمله من تغير قادم سيطرأ على الشخصية العمانية يعد أمر غاية في المخاطرة، لكن الدارس والباحث لهذا الجانب بإمكانه بعد طول تعمق في السلوكيات الفردية والتصرفات الجماعية وبعد تأمل واسع في الأدوات الثلاث المؤثرة في تشكيل كيان الإنسان العماني : اللغة ، التاريخ ، الدين، استشراف الاحتمالات المتعددة لمسار الشخصية العمانية الذي يعد بحد ذاته خطوة أولى لإدراك ما يرتبط بالهوية العمانية من صفات وعادات وقيم وحقائق وتناقضات.

كما أن التساؤلات التالية والأفكار القادمة عند التركيز في جوانبها جيدا ستنكشف أثناء تحليلها ومناقشة تفاصيلها حجم الصراع الذي ربما ستخوضه الأجيال المنتمية للواقع العماني: فما هي أهمية التصاق الإنسان العماني بالموروث؟ وما مدى انتماء الروح العمانية للتراث الغابر حتى أثناء صناعة حيثيات الحاضر وتشكيل جزئيات المستقبل؟ وما هي جذور العلاقة الحميمة بين الشخصية العمانية والاستبداد الديني والسياسي والمجتمعي الذي يمارس سلطة قاهرة جعلت من العقل العماني أسير لسياسة برمجة الصمت ومبدأ الطاعة العمياء؟ وهل فك تلك الشفرة المعقدة بإمكانها إطلاق سراح العقل العماني والسماح له بقيادة جديدة للشخصية العمانية؟ وما هو التفسير الحقيقي لانجرافنا وراء عقدة الاستهلاك وزلة الإعجاب بالثقافات الدخيلة وانعدام القدرة على الإنتاج الفاعل المؤثر من خلال ظهور صنوف الإبداع الفكري والتقني والعلمي على الساحة العمانية؟

ما سبق من أفكار تعتبر غيض من فيض ربما تفتح الباب أمام المهتمين بهذا الجانب لإدراك حجم المسؤولية الملقاة على من يرغب في إنتاج نقد بارز وتجريح هادف لأعماق الصورة العمانية عبر الانتقال من ميادين الماضي إلى مشاهد الواقع ومن ثم الانطلاق إلى فضاءات المستقبل البعيد، والأهم من كل ذلك هو ما مدى تأثير هذه الدراسات الاستشرافية على مستوى الوعي العماني وما مدى وصول هذه الأبحاث المتبحرة إلى كافة الشرائح والأعمار في المجتمع العماني، وما مدى مشاركة الجميع في تأسيس نهضة جادة في هذا الحقل الهام، ومن ثم ما مدى فعاليتها في استبدال وتغيير وإصلاح ما قد تقرره تلك الدراسات بأنه سلبي وسيئ في هويتنا العمانية.

العدد التاسع ثقافة وفكر

عن الكاتب

هيثم بن سليمان البوسعيدي

كاتب عماني