نحو قراءة بشرية للثورة الحسينية

البشائر الإلهية للحضرة النبوية المحمدية لهذه الحادثة جاءت في روايات كثيرة وردت من طرق السنة والشيعة وصفها الكثير من العلماء بأنها صحيحة رغم إنها تصطدم مع القرآن الكريم الذي ينفي العلم بالغيب عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتصطدم أيضا مع العقل الذي ينفي توجه الإنسان إلى معركة وهو يعرف يقينا انه سوف يقتل فيها لا محالة .

Aschura 1

تحتل الثورة الحسينية حيزا كبيرا في الوجدان الإسلامي وخاصة الشيعي منه وقد تجاوزت هذه الثورة الوجدان الإسلامي لتمتد إلى الوجدان العالمي أيضا فهذه الثورة كما يرى ذلك العديد من المفكرين المسلمين على اختلاف مذاهبهم العقدية والأصولية جسدت القيم العظيمة للإسلام ومبادئه المقدسة والتي حاول النظام اليزيدي إزالتها وإحلال قيما أخرى مكانها تتمثل في حكم الأسرة والقبيلة وتبجيل العنصر العربي على العناصر العرقية الأخرى في الإسلام وبعبارة أخرى استبدال الحكم الإسلامي الذي كان قائما على الشورى بحكم الفرد والقبيلة ولذلك فإن الإمام الحسين صرح في طريق خروجه إلى العراق بأنه لم يخرج أشرا ولا بطرا وإنما لطلب الإصلاح في امة جده محمد عليه الصلاة والسلام .
ونظرا إلى أهمية هذه الثورة في التاريخ الإسلامي فقد اهتم الكثير من الباحثين الغربيين بها وافردوا لها كتبا وبحوثا مختلفة مثل كتاب ” فاطمة وأبناء محمد ” للمفكر الفرنسي هنري لامانس ( 1862 – 1937 ) وكتاب ” حصان كربلاء ” لديفيد بيناولت وكتاب ” مراسم عاشوراء عند المسلمين من اهل السنة ” لمؤلفه فير ونشر سنة 1996 إضافة إلى الكتاب الشهير ” الحسين في الفكر المسيحي ” لمؤلفه الكاتب المسيحي انطوان بارا ونشر طبعات متعددة في الكويت وإيران ولبنان وغيرها لا يسع المجال لذكرها .

في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة النبوية قتل حفيد الرسول وقرة عين الزهراء البتول الحسين بن علي بن أبي طالب مع ثلة من أهل بيته من بني هاشم في كربلاء في إحدى أهم المعارك الحاسمة في التاريخ الإسلامي والتي ساهمت وبشكل كبيرة في بلورة العقيدة الشيعية وارتباطها بالشهادة والدم .

وقد رافقت هذه المعركة وهذا الحدث التاريخي الكثير من الوقائع والأحداث التي اختلطت الأسطورة بها مع الحقيقة ابتداء من حديث الوحي الإلهي الذي بشر النبي محمد بهذه الحادثة قبل حدوثها بسنوات طويلة انتهاء بما يسمى في العرف التقليدي الشيعي بالشعائر الحسينية التي ابتدأت بقصائد رثائية حزينة تلقى في حضرة أئمة أهل البيت صباح العاشر من محرم من كل سنة انتهاء بالمسيرات الضخمة التي تقام في الشوارع والحسينيات بمرافقة مواكب التطبير والضرب بالزنجيل والتي لا تزال مدار خلاف فقهي كبير بين مراجع الدين الكبار في المدرسة الإسلامية الشيعية من محرم لها كالسيد محسن الأمين والسيد محمد حسين فضل الله والسيد علي الخامنئي وبين مؤيد لها بقوة وخاصة المدرسة الشيرازية التي يتزعمها اليوم السيد صادق الشيرازي وبقية مراجع التقليد في النجف وقم وجبل عامل .

البشائر الإلهية للحضرة النبوية المحمدية لهذه الحادثة جاءت في روايات كثيرة وردت من طرق السنة والشيعة وصفها الكثير من العلماء بأنها صحيحة رغم إنها تصطدم مع القرآن الكريم الذي ينفي العلم بالغيب عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتصطدم أيضا مع العقل الذي ينفي توجه الإنسان إلى معركة وهو يعرف يقينا انه سوف يقتل فيها لا محالة .

روى الكثير من المؤرخين وأصحاب السير عن أم المؤمنين أم سلمة إنها قالت : كان جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم والحسين معي فبكى الحسين فتركته فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فدنى من النبي ” ص ” فقال جبريل : أتحبه ؟ فقال : نعم قال : أن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها فأراه إياها فإذا الأرض يقال لها كربلاء .

ويعلق الباحث الكويتي السلفي الشيخ عثمان الخميس على هذه الرواية بقوله : وهذا أخرجه أحمد في الفضائل بسند حسن( فضائل الصحابة الجزء الثاني الصفحة رقم 782 الحديث رقم 1391 ) (1)

وقد اعتبر أبن كثير هذه الروايات من ضمن دلائل النبوة وذكر عددا كبيرا منها في الجزء السادس من كتابه الكبير ” البداية والنهاية ” مما يوحي بان الحديث متفق عليه بين أهل السنة والشيعة معا بدلالة إقرار الكثير من علماء السلفية بها أيضا . (2)

وبالإضافة إلى هذه الروايات التي تبين علم النبي المسبق بمقتل الحسين وإعلامه بها توجد روايات كثيرة في كثير من كتب الشيعة تفيد بأنه ليس فقط النبي محمد كان يعلم بمقتل الحسين بل جميع الأنبياء أيضا وان كثيرا من الأنبياء بكوا لمقتل الحسين قبل ولادته بمئات السنين وعملوا له المآتم أيضا بل أن الشيخ جعفر الشوشتري ذكر في كتابه ” الخصائص الحسينية ” أن الطيور بأنواعها المختلفة شاركت في البكاء على الحسين قبل مقتله بمئات السنين حتى قال العلامة الكنجي الشافعي في كتابه ” كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ” أبياتا منها :

إذا ذكر الحسين فأي عيـــــن تصون دموعها صون احتشام
بكته الأنبـــياء وغير بدع بأن يبكــــــــــي الكرام على الكـــــــــرام

ولولا غرض الاختصار لذكرنا الكثير من هذه الروايات التي أحيطت بأجواء مفعمة من الأسطورة . وتغييب العقل والمنطق .

وذكر الشيخ عثمان الخميس في كتابه ” حقبة من التاريخ ” عن ابن عباس أنه قال : ” رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه قلت : يا رسول الله ما هذا ؟ قال : دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم .

قال عمار راوي هذا الحديث فحفظنا ذلك فوجدناه قتل ذلك اليوم وهذا سنده صحيح إلى ابن عباس ” . (3)

ونتيجة لهذه الروايات التي أعطت صبغة أسطورية لثورة الإمام الحسين كان من المحتم أيضا أن تستمر الأسطورة إلى ما بعد مقتله أيضا فقد تحدثت الروايات السنية والشيعية عن المعجزات الكثيرة والأمور المخالفة للسنن الكونية التي حدثت بعد شهادة الحسين حزنا لهذا المصاب الجلل الذي أصاب الأمة فقد تحدثت الروايات عن اصطدام الكواكب مع بعضها حزنا على الحسين وبكاء السماء دما والثورة الهستيرية من البكاء التي عمت الكون بأسره وشملت الأنس والجن والطيور والأسماك والحيوانات وحتى الجماد والصخور وامتدت إلى الحيتان في قاع المحيطات شملتها أيضا الموجة البكائية وبإمكان القارئ الرجوع إلى أي كتاب يتحدث عن هذه الثورة ويرى بنفسه الكم الهائل من هذه الروايات والتي تطغى حتى على تفاصيل المقتل نفسها وقد نقل الشيخ عثمان الخميس في كتابه ” حقبة من التاريخ ” عن أم سلمة قالت : سمعت الجن تنوح على الحسين لما قتل ويعلق المؤلف على الرواية قائلا : فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل الجزء الثاني صفحة رقم 766 وسنده حسن ” . (4)

ويروي عثمان الخميس أيضا عن أبي الرجاء العطاردي قال : كان لنا جار من بلهجين فقدم الكوفة وقال : ما ترون هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله ( يعني الحسين بن علي يسميه الفاسق ابن الفاسق ) يقول أبو رجاء العطاردي فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره وهذا سنده صحيح عند الطبراني ” ( 5 )

هل كان الحسين يعلم أنه سوف يقتل ؟

في سنة 1970 نشر العالم الإيراني الإصلاحي نعمة الله الصالحي كتابه المثير للجدل ” الشهيد الخالد ” وقد أعقب صدور الكتاب عاصفة من الانتقادات شملت المؤلف والكتاب معا وقد طرح المؤلف في مقدمة الكتاب سؤالا أساسيا جعله ليكون محورا لكتابه حيث قال في مقدمة الكتاب : ” مضت سنوات أسمعهم يقولون لقد خرج الحسين كي يسيل دمه وتسبى نساؤه وكنت دوما أرتعش من هذا الكلام وأنزعج منه وأقول في نفسي : لماذا يقوم إمام يجب أن تغلي الدماء المقدسة الحارة في عروقه ويمنح المجتمع الإنساني حرارة ودفئا ويتحرك وينير ويكون دعما للإسلام والمسلمين لماذا يسفك بيده دمه الطاهر الحار على التراب ويحرم العالم الإسلامي من مثل هذا القائد العظيم ؟ ” (6)

وقبل أن ننتقل إلى محاولة الشيخ الصالحي الإجابة على هذا السؤال المهم والمحاط بسياج هائل من الايدولوجيا الدينية الممتدة إلى مئات السنين نحاول البحث في القراءات الرئيسية للثورة الحسينية :

القراءة الأولى : القراءة الأسطورية :

وقد تطورت بشكل كبير في العصر الصفوي وبواسطة الاستعانة ببعض العروض الفولكلورية المرتبطة بطقوس التراجيديا والحزن المسيحية المستوردة من القوقاز كما قال بذلك بعض مفكري الشيعة المتأخرين أمثال الدكتور مرتضى المطهري والدكتور علي شريعتي والأستاذ احمد الكاتب وغيرهم وقد جعلت من كتاب ” روضة الشهداء ” للشيخ حسين الكاشفي ( المتوفي سنة 910 ) مرجعها الرئيسي في الاعتماد على الرؤية الشيعية لحادثة الطف ومن الغريب أن مؤلف هذا الكتاب هو من أهل السنة وليس شيعيا واعتقد انه من الصوفية لأن الروايات الواردة فيه توافق العقيدة الشعبية لحادثة كربلاء التي اعتمدتها الدولة الصفوية ومؤسساتها الدينية للتشيع ورغم الانتقادات الكبيرة التي وجهت للكتاب من قبل العديد من المحققين الشيعة المتأخرين إلا إن الكتاب لا زال المرجع الأول والرئيسي لأغلب الحسينيات والأماكن التي تقرا فيها السيرة الحسينية وبالإضافة إلى هذا الكتاب هناك مراجع اخرى مثل كتاب ” مثير الأحزان ” لابن نما الحلي وكتاب منتخب الطريحي أو الفخري وهو لفخر الدين الطريحي النجفي ( 979 – 1085 ) وكتاب ” أسرار الشهادة ” للدربندي ( المتوفي سنة 1286 ) الذي يعتبره بعض الباحثين الشيعة بأنه يمثل قمة التزييف والتحريف للثورة الحسينية وأهدافها الرئيسية إلا إن الكتاب لا يزال يحظى بالإقبال الشعبي من قبل المتدينين بغض النظر عن الروايات الساقطة التي تحويه بين دفتيه إضافة إلى كتب أخرى متعددة لا يسع المجال ذكرها جميعا هنا .

القراءة الثانية : القراءة الإصلاحية والمعتدلة :

تتمثل في محاولة بعض علماء الشيعة من المحققين تطهير السيرة الحسينية من الروايات المنحرفة والمؤيدة للغلو والأفكار الغالية ولا شك بان محاولة المرجع الشيعي السيد محسن الأمين تعتبر ضمن المحاولات الرائدة في هذا المجال وخاصة في رسالته ” التنزيه لاعمال الشبيه ” والتي أفتى فيها بحرمة الضرب بالزنجيل والتطبير والتمثيل في مراسم عاشوراء وطرح الكتب القديمة المليئة بالروايات المدسوسة والضعيفة والاستعانة بدلا منها بالكتب الحديثة والمحققة إلا إن محاولته اصطدمت بالتيارات المتطرفة والمتشددة في المذهب والتي أفتت بعضها بمروق السيد محسن الأمين وخروجه عن المذهب إضافة إلى محاولات السيد ابو الحسن الأصفهاني والشيخ نعمة الله الصالحي والمرجع الديني البرودجري والتي للأسف الشديد لم تستمر وفي العصر الحديث نذكر وبكل تقدير محاولة السيد محمد حسين فضل الله والتي تعتبر من انجح الدعوات الإصلاحية في تاريخ التشيع ونالت نجاحا كبيرا في بعض البلدان وأستطيع أن أضم إلى هذه الفئة كثيرا من علماء ومفكري أهل السنة الذين رأوا في الثورة الحسينية إنها كانت ثورة من اجل إحياء قيم العدالة والمساواة والإصلاح الاجتماعي في المجتمع التي داس عليها الخليفة الأموي الشاب يزيد بن معاوية الذي كان غارقا في الملذات والشهوات الدنيوية وأحب ان اذكر هنا كتاب ” الحسين شهيدا وثائرا ” للكاتب اليساري المصري عبدالرحمن الشرقاوي

القراءة الثالثة : القراءة الأموية :

تعتقد هذه القراءة بان الحسين أخطا في الخروج على سلطة الخليفة يزيد بن معاوية وبالتالي فقد كان يستحق القتل وفق هذه الرؤية ويعتبر الفقيه المالكي أبن أبي العربي إمام هؤلاء جميعا ورئيسهم حيث قال في كتابه ” العواصم من القواصم : ” وما خرج إليه أحد إلا بتأويل ولا قاتلوه إلا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل المخبر بفساد الحال المحذر من الدخول في الفتن وأقواله في ذلك كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم ” انه ستكون هنات وهنات فما أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان ” فما خرج الناس إلا بهذا وأمثاله ” . (7 (

إذن فوفق هذا المنطق الأموي الأعوج والتوظيف السياسي المتطرف للنصوص الدينية التي تدور في اغلبها الكثير من علامات الاستفهام الكثيرة فإن من قتلوا الحسين وسبوا أهل بيته إلى يزيد كانوا ينفذون أوامر الرسول فقط وذهب معه في هذا الرأي والاعتقاد الشيخ عبدالمغيث الحربي في رسالة صنفها في فضائل يزيد بن معاوية وقد رد عليه العلامة الكبير أبن الجوزي الحنبلي في كتاب ” الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد ” وأبان فيه خطئه في هذا المذهب وانحرافه عن العترة ومن المعاصرين الشيخ هزاع الشمري في كتابه ” أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .. الخليفة المفترى عليه ” وقد كان من المقررات الدراسية في المملكة العربية السعودية إلى وقت قريب والشيخ إبراهيم الجبهان الذي تطرف في رأيه في يزيد بحيث تمنى في كتابه ” تبديد الظلام وتنبيه النيام ” أن يكون في عصرنا ألف يزيد للتخلص من الشيعة حسب إدعاءه .

بعد هذا العرض السريع لبعض الرؤى المختلفة حول ثورة الحسين نرجع إلى كتاب الشهيد الخالد للشيخ نعمة الله الصالحي الذي توصل عبر دراسة الأدلة التاريخية وفق رؤية منهجية دقيقة ان خروج الحسين إلى كربلاء لم يكن تنفيذا للمشيئة الإلهية التي قدرت أن يكون الحسين شهيدا لهذه الأمة حسب منطق الرؤية الشيعية ولا إلقاءً للنفس إلى التهلكة والخروج على السلطة الشرعية ليزيد بن معاوية حسب الرؤية السلفية المتطرفة وإنما لأن الحسين وبعد وفاة معاوية وتولي يزيد لولاية أمر المسلمين رأى أن هذا التعيين يؤدي إلى تغيير معالم الإسلام الأصيلة وخاصة في شكل النظام السياسي الذي أنتقل من الشورى إلى الملكية الاستبدادية الوراثية وهو الأمر الذي عارضه كبار الصحابة آنذاك ورأى الحسين أن الأمور قد تهيأت وأن من واجبه ان يقدم على تحرير النظام الإسلامي من قبضة الاستبداد الأسود عبر تشكيل الحكومة الإسلامية الذي يقوم على الشورى والعدل ولكن الأجواء السياسية انقلبت ضده عبر تخاذل الكثير من مؤيديه وخاصة في الكوفة بعد سياسة التخويف والرعب الذي مارسه أجهزة الحكم الأموي ضدهم إضافة إلى شراء ذمم الكثير منهم مما تسبب في بقاء الحسين وحيدا مع ثلة من عصبته وأهل بيته وخلص أصحابه فكانت الشهادة نصيبا لهم .

إن اجتهاد الشيخ الصالحي والذي ذهب إلى تأييده بعض العلماء والمفكرين الشيعة مثل الشيخ والمرجع الديني الراحل حسين علي المنتظري والدكتور علي شريعتي أقرب إلى المنطق العقلي والسرد التاريخي من التفسيرات والرؤى الميتافيزيقية الماورائية التي شوهت في نظري المعالم الأصيلة لهذه الثورة وحولت الحسين من البطل الهمام والأسد الضرغام الذي واجه الموت بشجاعة نادرة أذهلت حتى أعدائه ومحاربيه إلى شخص يتذلل لأعدائه من اجل منحه قطرة ماء كما صورت ذلك بعض الروايات .

إن إدخال واقعة الطف وتفاصيلها التي تسود الكثير منها الغموض وعلامات الاستفهام وخاصة في بعض القصص الأسطورية التي اثبت الكثير من محققي الشيعة المعاصرين كذبها وإنها من تلفيقات الغلاة مثل أسطورة عرس القاسم التي لا يزال يعمل بها في اغلب المآتم الشيعية والحسينيات ليلة الثامن من محرم كل سنة وزيارة الأربعين وغيرها ضمن مفاهيم العقيدة وعلامات حب أهل البيت ومودتهم ساهم وبشكل كبير جدا في تعميق الفجوة بين الشيعة وبين مخالفيهم من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى ومن ضمنها المذاهب الشيعية مثل الزيدية بفروعها والإسماعيلية النزارية وساهم في تكريس بعض المفاهيم الخاطئة عن التشيع مثل احتضان هذا المذهب للبدع والخرافات التي لا أصل لها ولا يؤيدها عقل او نقل معتبر ولذلك يجب قراءة الثورة الحسينية ضمن سياقها التاريخي وواقعها البشري فقط بعيدا عن القراءات الماورائية التي أثبتت الدراسات الحديثة القائمة وفق المناهج الاستدلالية الحديثة بطلانها .

يقول السيد محمد حسين فضل الله ” إن الثورة الحسينية قد تحولت – بفعل التأكيد على الجانب العاطفي – إلى ثورة على الذات بتعذيبها بالصراخ ولطم الصدور وضرب الظهور وجرح الرؤوس بدلا من ان تكون ثورة على الباطل الذي ثار الإمام الحسين عليه ” ( 8 )

المراجع :

1 – كتاب ” حقبة من التاريخ ” للشيخ عثمان الخميس طبعة دار الإيمان مصر 1999 الصفحة رقم 136 .
2 – أنظر الجزء السادس من كتاب ” البداية والنهاية ” للمؤرخ أبي الفداء ابن كثير من الصفحة رقم 244 – 247 طبعة مكتبة الوليد طرابلس.
3 – عثمان الخميس نفس المصدر السابق ص 137
4 – عثمان الخميس نفس المصدر السابق ص 136
5 – نفس المصدر السابق ص 136
6 – أنظر كتاب ” جدل ومواقف في الشعائر الحسينية ” للباحث اللبناني حيدر حب الله ص 265
7 – العواصم من القواصم ” ص 232 للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي ( 468 – 543 ) المكتبة العلمية بيروت
8 – كتاب ” من وحي عاشوراء ” للسيد محمد حسين فضل الله ص 21

العدد الحادي عشر ثقافة وفكر

عن الكاتب

صالح البلوشي

كاتب عماني