روبيرت فيسك : زعيم القاعدة أدرك انه قد فشل والآن أمريكا صنعت بموته شهيدا .

 

لقد لقن الغرب درسا مغايرا هذه المرة لشعوب الشرق الاوسط : ألا وهو ان قتل عدوك أمر مقبول وشرعي تماما.

صحيفة الانديبندنت

الخميس 5/5/2011

 

لقد نال ابن لادن ما يستحقه تماما – فمن يحيا بالسيف يموت به – ولكن هل نال ” العدالة ” التي يتشدق بها اوباما ؟

يظن معظم العرب وانا اقتبس هنا ما تناقلته الصحافة العربية بهذا الشأن ، حين تناولت خبر تصفيه ابن لادن ، بأنه كان من الأحرى الأمساك بأبن لادن وتسليمه للمحاكمة في المحكمة الدولية في مدينة الهيج بهولندا .

وطبعا سيظل هناك من يعتقد ان ابن لادن هو البطل الشهيد الذي أغتالته ببشاعة مجموعة مسلحة من الصهاينة .بهذا الوصف تبنت عدد من الجماعات الاسلامية في لبنان ، وحماس في قطاع غزة ، و العديد من جماعة الأمة في جنوب شرق آسيا خبر مقتل ابن لادن . ولكن الحقيقة تقول بأن ابن لادن لم يمتلك شخصية مؤثرة رغم كل ما فعل . فعلى الرغم من انه حقق وعيده بالقضاء على الحكام الدكتاتورين المناصرين لأمريكا سواء من العرب او غيرهم وسقوط حكام تونس ومصر وربما في القريب العاجل ليبيا ، إلا ان هذا الانجاز لم تحققه القاعدة وأسلوبها الدموي بل تحقق بيد شعوب هذه البلدان فقط .

والمعضلة الحقيقية الآن هي ان رغم ما يلقنه الغرب من دروس للعالم العربي تتمثل في ان سبيل تقدم هذه الشعوب لن يتحقق سوى بتطبيق العدالة ونبذ العنف ، إلا ان الغرب اليوم يقدم درسا مناقضا هذه المرة ، فها هو اليوم يقر بشرعية قتل واستهداف أي عدو يواجهه .

وقد يقول قائل بأن بعد ازهاق ابن لادن للآلاف الارواح البريئة كان من المتوقع ان يقتل وهو أعزل في بيته الآمن ، إلا ان المسلمين يرون ان امريكا اتبعت ذات النهج الذي تتبعه اسرائيل لقتل اعدائها الفسلطينيين ، وذلك عن طريق ” القتل بالاستهداف ” هذا هو المصطلح الذي تستخدمه اسرائيل حين تطلق مدفعيتها وقنابلها على من تراهم أعداءها وغالبا ما تقتل معهم عددا مماثلا من الابرياء على حد سواء . تماما كما كانت تفعل امريكا في وزيرستان حين كانت تطارد القاعدة.

أضف الى هذا كله ماقامت به امريكا من دفن اسامة بن لادن في البحر ، وذلك رغبة منها في عدم صنع المسلمين مزارا لقبرة ، رغم ان انتماء ابن لادن للمذهب السلفي وأصوله العربية السعودية ، تحتم عليه نبذ تكوين الاضرحة والمزارات وتفضيل القبور الغير معلمّة التي لا تشير الى صفة المدفونين بها . بل ان ابن لادن وأتباعه يؤمنون ان الاضرحة هي نوع من الشرك بالله . ونرى كذلك المملكة العربية السعودية تدفن أمواتها في قبور عامة مجهولة ، وتمحي كل اثر للأضرحة والمزارات القديمة ، فكيف لأمريكا الظن ان المسلمين يرغبون بصنع ضريح لأبن لادن؟! .

وفي نهاية المطاف ، خلقت أمريكا بقتلها ابن لادن وهو أعزل بطلا وشهيدا عظيما ، وهذا طبعا يخالف ما صرح به ” اوباما ” بأن ابن لادن قتل في مواجهه مسلحة أدت الى قتله . ولا يسعني القول في الختام سوى ان الرجل الذي استطاع خلق تنظيم القاعدة ، قد عاش ليشهد اليوم الذي يرى فيه انه فشل في تحقيق أهدافه . وكوني قابلت الرجل وتحدثت معه لساعات طويلة ، أشك حقا بأنه كان راغبا في مواصلة بقاءه على قيد الحياة .

 

ترجمة فاطمة الوهيبي

 

العدد السادس عشر سياسة

عن الكاتب

فاطمة بنت ناصر

كاتبة ومترجمة