صعوبات القراءة والكتابة التشخيص والعلاج

المقدمة

إن للقراءة والكتابة أهمية كبيرة، فالقراءة هي النافذة إلى الفكر الإنساني والموصلة إلى كل أنواع المعرفة المختلفة، وبامتلاكها يستطيع الفرد أن يجول في المكان، ويحضر في الزمان، وهو جالس على كرسيه، فيتعرف أخبار الأوائل وتجاربهم ، ويلم بكل ما جاء به أهل زمانه من العلم والمعرفة، ومما يؤكد أهمية القراءة أن الله – سبحانه وتعالى- حثَّ عليها منذ الوهلة الأولى للتنزيل الحكيم، مخاطبا نبيه الكريم “اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق”. كما أكد سبحانه وتعالى على مهارة الكتابة حين عبَّر عنها بالقلم في قوله: ” اقرأ وربك الأكرم الذي علَّم بالقلم”، وأقسم بالقلم في قوله: “والقلم وما يسطرون .”فالقراءة هي أداتنا التي بها نستطيع أن نقف على كل قديم وجديد، ولذا اعتبر تفعيلها هو المعيار الذي يحكم به على مدى تقدم الأمم أو تخلفها .وإذا عدنا إلى منظومة التعليم فإن المتعلم يتعلم حقائق المواد الدراسية المختلفة بلجوئه إلى قراءة هذه المواد من كتبها المقررة، وأن أي ضعف في القراءة سيؤدي في النتيجة إلى ضعفه التحصيلي في المواد كافة، وهذا يعني أن على المعلمين جميعاً إيلاء العناية القصوى بإتقان تلامذتهم مهارات القراءة مع الفهم، ودون ذلك فإن هؤلاء الأطفال سيعانون من صعوبات في الفهم والاستيعاب .أما الكتابة فهي الوجه الآخر للقراءة؛ حيث إنها تساعد على تنمية القدرات العقلية واللغوية معًا، فهي الوعاء الذي يتفاعل فيه كل ما لدى المتعلم من آراء وأفكار وخبرات ومهارات متنوعة لإنتاج أعمال كتابية راقية من حيث الشكل والمضمون. ولعل الذي لفت الكثير من التربويين والباحثين وجود عدد من التلاميذ يتحلون بصفات تؤهلهم ليكونوا من ذوي التحصيل المرتفع؛ إلَّا أن تحصيلهم كان دون المستوى المتوقع، مما حاد بهم إلى البحث عن أسباب علَّة هذه الظاهرة. والمشكلة الرئيسة لدى تلاميذ ذوي صعوبات التعلم تكمن في استمرارية افتقارهم إلى النجاح، ورغم المحاولات التي يقوم بها المتعلم؛ والتي تستنفذ جزءا عظيما من طاقاته العقلية والانفعالية؛ إلَّا أنها تجعله يبدو أقل ثقة لدى معلميه، وأقل قبولا لدى أقرانه، وربما لدى أبويه، حيث يدعم فشله المتكرر اتجاهاتهم السلبية نحوه، ومن ثم يزداد الشعور بالإحباط الذي يقود إلى مزيد من الاضطرابات الانفعالية، أو التوافقية التي تترك بصماتها على مجمل شخصيته.

ومما لا اختلاف فيه أن القراءة والكتابة تشكلان أحد المحاور الأساسية الهامة لصعوبات التعلم؛ إن لم تكن المحور الأهم والأساس فيها، وهناك إجماع بأهمية تناول صعوبات القراءة والكتابة تحليلا وتشخيصا وعلاجا، حيث أنه يجب على أبنائنا أن يتعلموا القراءة اليوم؛ لكي يتمكنوا من قراءة ما يراد تعلمه غدا، وأن أيَّ فشل تعليمي أو مدرسي يرتبط دائما بالفشل في القراءة والكتابة.

ورغم تعاظم أهمية وحيوية صعوبات التعلم، واطراد الاهتمام بالعوامل المرتبطة بها وتشعب تداعياتها، إلَّا أننا نجد افتقارا بحثيا في المكتبة العربية في هذا المجال، وفي ظل التحديات التي نواجهها خاصة، لذا جاء سياق موضوع هذه الورقة من خلال التركيز على التشخيص والعلاج لصعوبات تعلم القراءة والكتابة؛ التي يعاني منها عدد كبير من تلامذة المدارس، حيث تظهر جلية في الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة التأسيسية، ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى جهود كبيرة للتعرف عليهم وتحديد وإعداد البرامج اللازمة للأخذ بيدهم.

أهداف الورقة:

تهدف الورقة إلى التعرف على:

  • مفهوم مصطلح صعوبات التعلم.
  • العناصر المكونة لصعوبات التعلم.
  • الخصائص المكونة لأطفال صعوبات التعلم.
  • أنواع تشخيص صعوبات التعلم.
  • أنماط علاج صعوبات التعلم.
  • أسس التقويم التشخيصي الناجع لصعوبات التعلم.

تعريف المصطلح:

صعوبات التعلم (LEARNING DISORDER). أخذت من المصطلح التربوي الديسليكسيا (DYSLEXIA) والتي جاءت من كلمة يونانية معناها: (صعوبة مع الكلمة).

والديسيلكسيا  (DYSLEXIA) نوع من أنواع صعوبات التعلم، وهي صعوبة فيها من نوع مميز في القراءة حيث أنها تطورية وذات منشأ لغوي، وتتصف بصعوبة بالغة في معالجة المعلومات اللغوية صوتيا (تسلسل الأصوات، والترميز، والذاكرة الآنية وقصيرة المدى)، بالإضافة لمشاكل واضحة في التهجئة والإملاء ومشاكل الكتابة التي تعرف بـالديسجرافيا (Dysgraphia).

مفهوم صعوبات القراءة والكتابة

نعني بصعوبات القراءة والكتابة، وجود مشكلة في التحصيل الأكاديمى الدراسي في مادة اللغة العربية وبالتحديد في القراءة والكتابة، مما ينتج عنه حصول التلميذ على معدل أقل عن المعدل الطبيعى المتوقع مقارنة بمن هم في سنه، مع عدم وجود سبب عضوي، أو ذهني لهذا التأخر.                     

لقد أدرك العلماء منذ قرنين على الأقل أن من الخصائص الميزة لمن لديهم صعوبات تعلم اضطراب، أو ضعف في اللغة الشفهية الأمر الذي ينعكس تلقائيا على ترجمتها إلى كتابة غير واضح.

وغالبًا يسبق ذلك مؤشرات في الأداء الوظيفي، مثل صعوبات في تعلم اللغة الشفهية (المحكية)، فيظهر الطفل تأخرًا في اكتساب اللغة، وغالبًا يكون ذلك مصاحبًا بمشاكل نطقية، وينتج ذلك عن صعوبات في التعامل مع الرموز، حيث إن اللغة هي مجموعة من الرموز (من أصوات كلامية وحروف هجائية) المتفق عليها بين متحدثي هذه اللغة، والتي يستخدمها المتحدث أو الكاتب لنقل رسالة معلومة أو شعور أو حاجة إلى المستقبل، فيحلل هذا المستقبل هذه الرموز، ويفهم المراد مما سمعه أو قرأه. فإذا حدث خلل أو صعوبة في فهم الرسالة بدون وجود سبب لذلك، مثل مشاكل سمعية أو انخفاض في القدرات الذهنية، فإن ذلك يتم إرجاعه إلى كونه صعوبة في تعلم هذه الرموز، وهو ما نطلق عليه صعوبات التعلم.

وهذه الصعوبات في التعلم تشمل ضعف في القراءة أو الكتابة والإملاء أو الأثنين معا، وأحيانا كثيرة في الرياضيات أيضا. وحسب الإحصائيات أن حوالي 10% من السكان مصابون بــ    (DYSLEXIA).  4% فقط حالات متقدمة أو شديدة. وهؤلاء الأشخاص المصابون يتمتعون بمستوى ذكاء عادي جدا، أو مرتفع أي( ليس له علاقة بالتخلف العقلي)، وأحيانا هناك صعوبات تعلم تكون مصاحبة لمرض نقص الانتباه، وزيادة الحركة ((ADHD. وعادة ما يكونون  مبدعين في مجالات أخرى مثل: الرسم أو النحت أو مهارات يدوية، ونواحي حرفية متنوعة.

العناصر المكونة لمفهوم صعوبات التعلم:

  • صعوبات التعلم إعاقة مستقلة كغيرها من الإعاقات الأخرى.
  • يقع مستوى الذكاء لمن لديهم صعوبات التعلم فوق مستوى التخلف العقلي، ويمتد إلى المستوى العادي والمتفوق.
  • تتدرج صعوبات التعلم من حيث الشدة من البسيط إلى الشديد.
  • قد تظهر صعوبات التعلم في واحدة، أو أكثر من العمليات الفكرية كالانتباه، والذاكرة، والإدراك، والتفكير، وكذلك اللغة الشفوية.
  • تظهر صعوبات التعلم في واحدة أو أكثر من المجالات الأكاديمية الأساسية، والمهارات اللغوية كالعتبير الشفوي والكتابة (التعبير والإملاء والخط)، والفهم المبني على الاستماع، والمهارات الأساسية للقراءة، وفهم المقروء، والرياضيات بوجه عام، والاستدلال الرياضي.
  • قد تظهر على شكل قصور في الإستراتيجيات المعرفية، وفوق المعرفية الضرورية للتعلم، أو فقدانها، أو استخدامها بشكل غير ملائم للمهمة.
  • تظهر على مدى حياة الفرد، فليست مقصورة على مرحلة الطفولة، أو الشباب.
  • قد تؤثر على النواحي الهامة لحياة الفرد، كالاجتماعية والنفسية والمهنية وأنشطة الحياة اليومية.
  • قد تكون مصاحبة لأي إعاقة أخرى، وقد توجد لدى المتفوقين والموهوبين.
  • قد تظهر بين الأوساط المختلفة ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا.
  • ليست نتيجة مباشرة لأي من الإعاقات المعروفة، أو الاختلافات الثقافية، أو تدني الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، أو الحرمان البيئي، أو عدم وجود فرص للتعلم العادي.

خصائص صعوبات التعلم:

أولا: الخصائص الأكاديمية

1) الرياضيات:(MATHERMATIC)

يجد التلاميذ الذين لديهم صعوبة في تعلم الرياضيات صعوبة في التفكير الكمي، وبالتالي في مفاهيم الأعداد والأرقام ومدلولاتها الفعلية، وفي معرفة الحقائق الرياضية. وقد يجدون صعوبة في معرفة قيم الخانات، والتسلسل التصاعدي والتنازلي للأرقام والأعداد. كما يواجه بعض التلاميذ صعوبة في معرفة المعاني والرموز الرياضية ذات المدلولات المحددة. ويواجه البعض الآخر مشكلة في التمييز بين الأرقام المتماثلة والمتشابهة كتابة، وفي وضع الأرقام تحت بعضها البعض.

أما المسائل اللفظية التي تُشكل لغة المسألة فإنها مشكلة تواجه مثل هؤلاء التلاميذ، بالإضافة إلى عوامل أخرى، كالقدرة على تحديد المطلوب، ومتابعة أفكار المسألة. ولعل للذاكرة دورا كبيرا في بعض مشاكل الرياضيات فيظهر لدى عدد من التلاميذ سرعة نسيان الأرقام والأعداد، وكيفية إجراء العمليات الحسابية، وتذكر الحقائق الرياضية كجدول الضرب، وغيرها من حقائق التعليمات المرفقة بالحل ونحو ذلك. وصعوبات المواد الحسابية قد يصاحبها صعوبات الكتابة والقراءة، أو قد يكون صعوبة مستقلة، وتتضمن:

  • صعوبة في فهم المسائل الحسابية و تحويل  المسألة المكتوبة على شكل قصة إلى أرقام. (LIQUSTIC )
  • صعوبة في معرفة وفهم الرموز الحسابية  (+) أو (–) وترتيب الأرقام  ( PERCEPTUAL SKIL)
  • صعوبة في أداء عمليات الجمع و الطرح و القسمة . (MATHERMATICAL SKILL )
  • ضعف في الانتباه على العلامة الموضوعة هل هي (– أو + أو x أو %)     (ATTENTIONAL SKILLS)

2) صعوبات القراءة (READING DISORDER)

تكون قدرة الطفل عند القراءة أقل من مستوى  ذكاءه أو عمره  (وذلك يتم عن طريق اختبارات نفسية معينة) . أيضا هذا الضعف يؤثر على مستوى الطفل في المدرسة من ناحية درجاته فهو ضعيف في مادة القراءة، ولكنه جيد في المواد الاخرى . وأحيانا تراه يقرأ الكلمة صحيحة في أول الصفحة، ثم إذا تكررت في سطر آخر قد ينطقها بصورة خاطئة . إن الضعف في التركيز يؤدي إلى ضعف  في استرجاع الحروف، ومعرفة أصواتها. ولعل من أبرز الصعوبات القرائية:

  • صعوبة بالغة في الربط بين شكل الحرف وصوته.
  • صعوبة في تكوين كلمات من مجموعة من الحروف
  • صعوبة تذكر أسماء الحروف وأشكالها.
  • قلب الحروف أو قلب ترتيب الحروف عند القراءة
  • قراءة الكلمات البسيطة خطأ، أو حذفها كلية أثناء القراءة.
  • التعثّر أثناء قراءة الكلمات الطويلة.
  • فهم ضعيف أثناء القراءة الشفهية أو الصامتة.
  • قراءة شفهية بطيئة ومجهدة.
  • صعوبة في التمييز بين الحروف التي قد تختلف اختلافات بسيطة في شكلها مثل: الباء والنون إذا وردتا في أول الكلمة خاصة.
  • صعوبة في فهم ما يقرأ ولو كانت قراءته الظاهرية سليمة.
  • صعوبة في التعرف السريع على الكلمات وفي تحليل أو تهجي الكلمات الغربية لغرض نطقها.
  • مشكلة كبيرة في معرفة وتذكر علامات التشكيل ومدى تأثيرها على نطق الأصوات الكلامية التي تمثل بالحروف الهجائية. أما حذف بعض الحروف وإضافة البعض الآخر، أو إبدال بعض الحروف ببعض، أو تشويه نطقها، فمن الخصائص البارزة التي قد تظهر عند قراءة عدد من التلاميذ.

3) صعوبات التعلم في الإملاء

  • عدم القدرة على كتابة الكلمات شائعة الاستخدام.
  • عدم القدرة على تمييز الأصوات المتشابهة، وبالتالي الخطأ في كتابة المطابقة لما قبل.
  • بالإضافة إلى الحذف والإضافة والإبدال، فهي تظهر في الإملاء كما تظهر في القراءة.

يشترك التلاميذ الذين لديهم صعوبة تعلم مع غيرهم من عامة التلاميذ في الأخطاء الشائعة، مثل: عدم التمييز بين كتابة التاء المفتوحة والتاء المربوطة، واللام الشمسية واللام القمرية، والخطأ في مواضع الهمزات. إلَّا أن التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم تتميز أخطاؤهم بالاستمرارية؛ أي أن زوالها صعب، وقد تستعصي إذا لم يكن هناك تدخل متخصص، وممارسة على مدى طويل أن يمتد به الحال إلى المرحلة الجامعية، والحياة الوظيفية بعد ذلك.

4) صعوبات التعلم في التعبير التحريري:

  • قصر المقالات.
  • صعوبة في توحيد الأفكار وترتيبها ترتيبا منطقيا.
  • ضعف المفردات المستخدمة.
  • صعوبة في المراجعة والتصحيح.
  • صعوبة في التخطيط للكتابة.
  • قلة الأفكار وعدم ترابطها.
  • صعوبة في تحديد الأفكار الرئيسية والمساندة.
  • صعوبة في آلية الكتابة كالإملاء والخط.
  • تشكل سرعة الكتابة عقبة أمامهم، فيعاني الكثير منهم عدم المرونة في الكتابة اليدوية.

5) صعوبات التعلم في الخط:

يعتمد الخط اعتمادا كبيرا على عنصرين أساسيين هما: السرعة والوضوح. وهذه من النواحي التي يجد التلاميذ المعنيين صعوبة في تحقيقها، فالكثير ممن لديهم صعوبات تعلم يكتب بخط غير واضح. كما تظهر صعوبة التعلم في:

  • عدم القدرة على التحكم في حجم الحرف.
  • عدم القدرة على التحكم في حجم الفراغات بين الحروف المفصولة، أو بين الكلمات.
  • الانحراف عن السطر إما إلى أعلى أو إلى أسفل.
  • الميلان المخل عن الخط العامودي للحرف الرأسية.

ومن الجدير بالذكر أن بعض التلاميذ يعاني من عدم القدرة على تحريك القلم حركة مرنة، ومنهم من يجد صعوبة في الإمساك بالقلم، وفي التآزر بين العين واليد. الأمر الذي ينتج عنه صعوبات الكتابة (WRITTING DISORDER) صعوبات الكتابة (الديسجرافيا Dysgraphia  عند هذه الفئة من الأطفال والتي تؤدي بهم إلى:

  • صعوبة كتابة الأفكار وتسلسلها على الورق.
  • عدم تنظيم الفقرات.
  •  كثرة الأخطاء الإملائية أثناء الكتابة.
  •  صعوبة مراجعة وتعديل ما قد كتبه من قبل.
  • غير واثق من استخدام اليد اليمنى أو اليسرى.
  •  قدرة بطيئة أو ضعيفة على الكتابة باليد.
  • العمل المكتوب غير مرتب ويتسم بالفوضى.
  • صعوبة نسخ الأعمال المكتوبة.
  • ضعف في المهارات الحركية الدقيقة.
  • يعكس الارقام و الحروف عند الكتابة مثل  6.2
  • يجد صعوبة في التعرف على اليمن أو الشمال .
  • درجاته ضعيفة في الإملاء و لكنه جيد في بقية المواد الأخرى.

وهذا كله يؤدي إلى صعوبات الكتابة(الديسجرافيا(  Dysgraphia  التي قد تصاحب صعوبات القراءة، و أيضا قد تصاحب ضعف الفهم والتعبير اللغويMIXED RECEP/ EXP) DISORDER) الذي تلازمه في الصفوف اللاحقة؛ إن لم تجد التشخيص والعلاج اللازم لحالته.

6) صعوبات التعلم في المواد الأخرى:

إن مظاهر صعوبات التعلم لا تقتصر على المواد المذكورة آنفا، بل تمتد إلى كل ما يحتاج إلى تعلم. وفي الحقيقة أن صعوبات التعلم مشكلة في عملية التعليم والتعلم على السواء، وليس في القراءة والرياضيات فحسب، فصعوبات التعلم في القراءة والرياضيات ما هي إلَّا مظاهر للمشكلة، فالذي كان سببًا في مشكلة القراءة مثلا قد يكون سببا للصعوبة في غيرها.

إن ضعف كثير من التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم في استخدام الإستراتيجيات اللازمه لفهم المادة الدراسية وتذكر المعلومات. فكثير من هؤلاء التلاميذ يفتقد إستراتيجيات تنظيم المعلومات، وربط الأفكار، وتحديد المعلومات الهامة، ومقارنة المادة المقدمة حاليا بما قد يعرفه مسبقا.

ثانيا: الخصائص الفكرية

أ) الانتباه:

يظهر بأشكال متنوعة، ومن أشكالها أن بعض التلاميذ يجد في نفسه:

  • عدم القدرة على اختيار المعلومات التي يلزم أن يتعلمها من بين بقية المعلومات المحيطة بها. كأن يختار كلمة معينة من بين كلمات عديدة، أو يختار كلام المعلم رغم تحدث زملائه في الفصل.
  • صعوبة في الاستماع، واستبعاد المشتتات البصرية في آن واحد.
  • صعوبة في الاستمرار ومنتبها إلى المادة التي يحاول تعلمها مدة كافية لمعالجتها.
  • صعوبة في الانتقال من فكرة إلى أخرى حين يعرفها.
  • عدم القدرة في متابعة تسلسل المعلومات أو الأفكار.

ب) الذاكرة:

تتنوع مشكلات الذاكرة لدى التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم تبعا لنوع الذاكرة: فالذاكرة تنقسم من حيث المدة إلى: ذاكرة قصيرة المدى، وذاكرة بعيدة المدى، وتصنف الذاكرة لديهم بسرعة فقد المعلومات.

أما من حيث المعالجة فتنقسم الذاكرة لديهم إلى:

1) ذاكرة سمعية: صعوبة تذكر ما يسمعه.

2) ذاكرة بصرية: صعوبة تذكر ما يشاهده.

3) ذاكرة حسية-حركية: صعوبة تذكر ما لمسه، أو قامت يده من حركة.

ج) الإدراك

تتفرع صعوبات التعلم في الإدراك حسب نوعية المعالجات المطلوبة:

1) المعالجات السمعية: قد تظهر المشكلة في عدم القدرة على التمييز بين أصوات الحروف والكلمات، وعدم فهم اللغة الشفهية بشكل عام.

2) المعالجات البصرية: قد يجد التلميذ مشكلة في معرفة الأرقام والحروف والكلمات والأشكال، ونحوها.

3) المعالجات الحسية: يجد صعوبة في الكتابة اليدوية المعروفة بالخط.

  • قد تكون الصعوبات في عدم إدراك ما يقوله المعلم إذا كان هناك كلام آخر يسمعه التلميذ، ولو كان خارج الفصل.
  • عدم القدرة على تكوين الكلمات من الحروف المتفرقة.
  • صعوبة في معرفة الأشياء المسموعة، أو المشاهدة إذا حدث في مدة وجيزة.
  • صعوبة في إعطاء الإجابة فور سماع السؤال رغم معرفته بها.

د)التفكير: ويشمل:

1)تكوين المفاهيم، ومن مظاهرها:

  • قلة الاندفاعية.
  • ضعف التركيز.
  • ضعف أو عدم تنظيم وتصنيف الأفكار والمعلومات.
  • عدم الوصول إلى المعنى العميق للمعلومة.
  • الميل إلى الاعتماد على الغير فيما يحتاج إلى تفكير.

2) حل المشكلات، ومن مظاهرها:

  • عدم الوعي بالمشكلة.
  • عدم القدرة على تحليلها.
  • وضع بدائل لحلها واختيار البديل الأفضل.

ه) اللغة الشفهية (التحدث):

  • صعوبة في فهم المسموع.
  • صعوبة في ربط المفردات بالسلوك.
  • صعوبة في التمييز بين الكلمات المتشابهة.
  • صعوبة في اتباع التعليمات الشفوية.
  • صعوبة في اختيار المفردات المعبرة عن التفكير وتذكرها.
  • صعوبة في بناء الجمل وتكوينها.
  • صعوبة في المرونة للتعبير عن الأفكار.

ثالثا: الخصائص المعرفية

تنقسم الإستراتيجيات المتعلقة بالخصائص المعرفية إلى:

أ) معرفية: الإجراء الفعلي الذي يقوم به المتعلم أثناء اكتسبابه للمهارات، أو المعلومة.

أ) فوق المعرفية: الوعي والتحكم في تلك الإجراءات.

مثال: إذا أدرك التلميذ أهمية وضع خط تحت الأفكار المهمة، ثم قام بذلك فقد جمع بين النوعين.

ومما يلحظ على الخصائص المعرفية لدى تلاميذ صعوبات التعلم عدم وعيهم بمتطلبات التعلم، وعدم القيام بالإجراءات اللازمة لاكتساب المعلومات، فالصفة السائدة بين هذه الفئة من التلاميذ هي؛ عدم الاستخدام الصحيح لإستراتيجيات التعلم، إما لافتقارها أو ضعفها أو لعدم التوفيق بين نوع الإستراتيجية ومتطلبات المادة.

رابعا: الخصائص الاجتماعية:

يتأثر التواصل الاجتماعي بسبب صعوبة التعلم. ومن المظاهر العامة:

  • ضعف القدرة على مقاومة الاتجاهات السلبية.
  • ضعف تقبل النقد.
  • ضعف الرد على الثناء.
  • ضعف أخذ الدور في الحديث.
  • ضعف معرفة مؤشرات قبول، أو رفض الآخرين.
  • ضعف الدفع بأدب عن الرأي.
  • ضعف معرفة الأعراف الاجتماعية لتحري الصواب في التعامل مع الآخرين وتجنب الخطأ.

ربما تكون هذه الخصائص مرتبطة بالخصائص الفكرية والمعرفية، وكذلك بالخصائص النفسية. إن الأثر السلبي لتدني المهارات الاجتماعية يظهر في عجز كثير من التلاميذ عن تكوين صداقات مع زملائه، أو المحافظة عليها إن تمت مبدئيـا.

خامسا: الخصائص النفسية

من المعروف بشكل عام أن التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم يواجهون تدنيا في مفهوم الذات، وفي تصورهم لقدراتهم. قد يرى من يعاني من صعوبة تعلم أنه غير قادر على معالجة عثراته، أو يعزو فشله ونجاحه فيما يقوم به لأسباب خارجية ليس له القدرة على التحكم فيها. ويظهر تدني مفهوم الذات يبرز في مواقف دون أخرى، وقد يمتلك التمليذ مفهوما إيجابيا نحو ذاته على وجه العموم، ولكن يتدنى ذلك المفهوم في المواقف التي يتكرر فشله فيها كالنواحي الأكاديمية.

التشخيص والعلاج
ومن أجل العمل على تشخيص صعوبات التعلم ومعرفة أسبابها والوصول إلى مصادرها الأساسية، والتخطيط الناجع لها بهدف التغلب عليهــا تربويا، وإيجاد الحلول لتجــاوزها تعليميا، يمكن رد هذه الصعوبات إلى عــــامل، أو أكثر من العوامـــل المبــاشرة، ويمكن تصنيف هذه العوامل في المجموعـات التاليـــــة:
أ) العوامل المتعلقة بالمتعلم:
ومنها مستوى التطور الذهني للمتعـــــلم واحتيـــــاجــاته وميــولــــه، ومتطلبـــات النمـو المتوازن لشخصيتـــه، وطرق التعلــم الملائمـة له.
ب) العوامل المتعلقة بالمعلم:
ومنها شخصيته واتجـاهـاتـه وميوله ومستوى تأهيله، وما ينتج عن ذلك من اختياره لأساليب التدريس الفاعلة، وعلاقته الإيجابية بالمتعلم، ومراعاتـه للفروق الفردية.
ج) العوامل المتعلقة بالمنهاج:
ومنها مدى تطوره وتلبيته لحاجـات المتعلمين والمجتمع، وتوازن عناصره المختلفة وتكاملها؛ بحيث تحقق الإجراءات المبتغاه، والأهداف المنشودة لهذه الفئة.
د) العوامل المتعلقة بالبيئة المدرسية:
ومنها البيئة المادية كالمساحة والإنارة والتهوية والمرافق المؤهلة لهذه الفئة، إضافة إلى البيئة النفسية الداعمة كالحوافز والتعزيز، والاجتماعية كالتعاون والرضا والتقبل والاندماج.
هـ) العوامل المتعلقة بالبيئة الأسرية:
ومنها الدعم المعنوي له من الأسرة، وتوفر الرعاية الملائمة للتعلم كوجود الوالدين معاً في الأسرة وعلاقتهما، والمستوى الثقافي كتعليم الوالدين وثقافتهما، والحالة المادية وظروف المسكن للأسرة.

آليات تشخيص صعوبات التعلم
يعتمد التشخيص في القراءة والكتابة على وسائل يمكن إيجازها فيما يلي :
1) الملاحظة  :حيث يتم ملاحظة المتعلم داخل الفصل أو المكتبة، وتعتبر الملاحظة الدقيقة المنظمة التي تستخدم فيها بطاقات، وجداول خاصة أكثر دقة من الملاحظة العابرة .
2) الاختبارات:

وتعتبر الاختبارات وسيلة تقويم فاعلة تعتمد إلى حد كبير على موقف أكثر موضوعية من حيث الأسئلة، ومن حيث تصحيح الإجابات، كما أنها تساعد الوقوف على المستوى الحقيقي للمتعلمين وهي نوعان : مقننة وغير مقننة
3) دراسة الحالة:
وتعتبر أشمل الوسائل وأدقها لتشخيص الضعف في القراءة والكتابة ؛ حيث إن جمع البيانات عن المتعلم تساعد على مواجهة الصعوبات التي يعاني منها سواء أكانت في القراءة أم في الكتابة.

أساليب علاج صعوبات التعلم:

لقد وضعت العديد من الأساليب التربوية التي تهدف إلى علاج صعوبات التعلم عند الأطفال، ولقد اضطلعت بعض هذه الأساليب على أساس العمل على علاج جوانب القصور التي تؤدي إلى مشاكل دراسية وسلوكية، وذلك بهدف المساعدة للوصول إلى تحسين الأداء الوظيفي، أما البعض الآخر فقد ركَّز على العمل على علاج الأداء الوظيفي والسلوكي مباشرة دون الخوض في المسببات.

وعند استعراض الأساليب التربوية والتعليمية المختلفة التي تستخدم مع الأطفال الذين يواجهون صعوبات خاصة في التعليم، نجد أن طرق التدريب على العمليات النفسية، وطرق تحليل النشاط التعليمي، والطرق التي تلجأ إلى دمج الأسلوبين معا، من بين أكثر الإستراتيجيات شيوعا في الاستخدام في معظم الأساليب المدرسية.

أولا: التدريب القائم على العمليات النفسية

وهي العمليات التي تدخل في الموضوعات الدراسية، وإنه يمكن تدريب الأطفال عليها كي يتحسن أداؤهم فيها. فالطفل الذي يعتقد أنه يعاني من مشاكل في القراءة بسبب صعوبات في الإدراك البصري سوف يدرب على مهارات الإدراك البصري قبل أن يتعلم القراءة.

ثانيا: التدريب القائم على تحليل الواجب التعليمي

وهو التدريب المباشر على مهارات محددة ضرورية، ويسمح هذا الأسلوب للطفل بأن يتقن عناصر المهمة ومن ثم يقوم بتركيب هذه العناصر بما يساعد على تعلم، وإتقان المهمة التعليمية بأكملها وفق تسلسل محدد، وفي موضوعات القراءة والكتابة يتم تبسيط المهمات إلى النقطة التي يتمكن الطفل من الاستجابة عليها بشكل مريح، ومن ثم ينتقل إلى خطوة بعد خطوة إلى السلوك الأكثر تعقيدا.

ثالثا: الجمع بين أسلوبي التدريب على العمليات وتحليل الواجب

يجمع هذا الأسلوب بين مزايا التدريب على العمليات، ومزايا تحليل الواجب التعليمي في برنامج علاجي واحد. وفي إطار هذا الأسلوب فإن طفلا ما قد يظهر صعوبة في تمييز الأشكال الهندسية، وقد يترتب على هذه المشكلة الإدراكية أن يجد الطفل صعوبة في تمييز أشكال الحروف الهجائية، وفي هذه الحالة يجب أن تهدف الجهود العلاجية إلى تعليم الطفل أشكال الحروف أكثر من اهتمامها بتعليمه الأشكال الهندسية في حد ذاتها، طالما أن تمييز الحروف هو الهدف المباشر والنهائي.

مبادئ أساسية في سبيل العلاج:

1) مراعاة الفروق الفردية بين أطفال صعوبات التعلم(Cognitive Style)

2) مراعاة مستوى الطفل اللغوي (التعبير، والاستيعاب، والتحدث، والإعادة)

3) إعطاء أنشطة تركز على توظيف كل من شقي الدماغ عند عملية تعلم القراءة.

4) أنشطة تعتمد على الإدراك البصري والذاكرة البصرية (R)، أي قناة البصر.

5) أمثلة استعمال الألوان والمكعبات والأقلام والشفافيات الفسفورية.

6) أنشطة تعتمد على الإدراك السمعي، والذاكرة السمعية، والتسلسل للأصوات (L)، أي قناة السمع.

7) مراعاة توظيف أكثر من حاسة أكثر من حاسة multi- sensory (اللمس، السمع، البصر).

8 ) إثارة كل من شقي الدماغ الطريقة الكلية (R) والجزئية (L).

9) الاهتمام بالفترة الحرجة لاكتساب اللغة (sensitive age) سبع سنوات.

10)  توافر غرفة تدريس هادئة لمدة زمنية أطول عند أداء المهام، مثل (نشاط، اختبار، واجب)، وإعطاء فترة طويلة للتدريب على القراءة، ومن ثم الكتابة حتى تكون دافعة تعزيز له.

أسس التقويم التشخيصي:

إن لعملية التقويم دور تشخيصي فاعل لمعرفة ما إذا كان الفرد يقرأ ويكتب، حسب المستوى المتوقع أم لا. كما أنها لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار الخلفية الأسرية للفرد وأداء الفرد المدرسي. ومن الضرورة بمكان أن تتم عملية التقويم من قبل متخصصين تربويين في هذا المجال بداخل المدرسة أو خارجها، إضافة إلى ضرورة الإشارة إلى أهمية تآزر المنظومة التعليمية في هذا المجال عند إعداد المناهج التعليمية، والنظر بعين الاعتبار إلى هذه الفئة من التلاميذ؛ للأخذ بيدها وتعزيزها على أسس مدروسة مقننة، تتواءم وحاجاتهم المعنوية والمادية من خلال:
أولا: المنظومة التعليمية

أ) الكتاب المدرسي
ينبغى أن يراعي الكتاب المدرسى الفروق الفردية بين التلاميذ، ولذلك كان من الضرورى أن يهتم الكتاب، وبخاصة فى السنوات الدراسية الأولى مراعاة الفروق الفردية، بحيث يكثر من التدريبات والأنشطة التى تساعد من لديهم صعوبات في القراءة والكتابة.

ب) دليل المعلم
يعد دليل المعلم أداة تساعد المعلم فى تحقيق أهداف المنه، بما يشتمل عليه من إستراتيجيات تدريس وأساليب تقويم علاجية وأنشطة إثرائة معززة، ونقترح فى هذا الصدد تأليف دليل معلم خاص لعلاج صعوبات القراءة والكتابة لتلاميذ المرحلة الأولى.

ج) المعلم
ينبغي عمل ورش عمل مستمرة ذات أثر إيجابي، لتدريب المعلمين على إستراتيجيات تدريسية تناسب من يعانون صعوبة فى القراءة والكتابة، وتخصيص حافز مادي للمعلمين الذين يتمكنون من إحراز نجاح مع هذه الفئة من تلامذتهم.

د) الإدارة المدرسية
للإدارة المدرسية دور لا يستهان به في التغلب على هذه المشكلة، فينبغي توعية الإدارة المدرسية بالدور المنوط بها، من حيث توفير البيئة المناسبة لتعليم من لديهم صعوبة فى القراءة و‏‏الكتابة.

ثانًيا: البيئة الأسرية
ينبغى على ولي الأمر‏التواصل الدائم مع المدرسة لمعرفة مستوي الطفل، وتعرف نقاط القوة والضعف لديه، ومدى تحقق التقدم والتطور المهاري لدى الطفل .
ثالثًا: وسائل الإعلام
ينبغى أن تهتم وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية ببرامج تربوية هادفة؛ تقوم بدور هادف وفاعل لخدمة هذه الشريحة من الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم؛ بتوعية أولياء الأمور، وتقديم برامج تساعد ولي الأمر والمعلم على السواء في الكشف المبكر عن هذه المشكلة، وكيفية التعامل مع الطفل الذى يجد صعوبات فى القراءة والكتابة.

رابعا: المؤسسات المجتمعية

لا شك أن الأندية الرياضية والمكتبات العامة والمساجد والمراكز ثقافية، وغيرها من مؤسسات راعية للمجتمع؛ لا بد أن يكون بها برامج خاصة ومساحات فاعلة مهتمة بهذه الفئة من الأطفال. حيث يعول المجتمع عليها الكثير من التوعية.

الخاتمة:

إن مجال صعوبات التعلم من المجالات الحديثة نسبيا في ميدان التربية الخاصة‏، حيث يتعرض الأطفال لأنواع مختلفة من الصعوبات التي تقف عقبة في طريق تقدمهم العملي مؤدية إلى الفشل التعليمي، أو التسرب من المدرسة في المراحل التعليمية المختلفة إذا لم يتم مواجهتها والتغلب عليها‏. وصعوبات التعلم لدى الأطفال من الأهمية اكتشافها والعمل على علاجها. فالأطفال ذوو صعوبات التعلم أصبح لهم برامج تربوية خاصة بهم تساعدهم على مواجهة مشكلاتهم التعليمية؛ والتي تختلف في طبيعتها عن مشكلات غيرهم من الأطفال‏.‏ إن التشخيص و العلاج المبكرين ضروريين لتحسن حالة الطفل، ويمكن للطفل أن يتعلم القراءة و الكتابة بشكلٍ جيد إذا ما عولج بشكلٍ مبكر من قبل معلمين مدربين على التعامل الخاص مع هذه الحالات، وذلك من خلال مشاركة أكثر من حاسة واحدة خلال عملية تعليم الطفل،  كالبصر و النطق و اللمس معاً.

وبعض الأطفال يتحسنون بالعلاج بمفردهم، وآخرون بالعلاج الجماعي. وقد يحتاج البعض لمنهاجٍ خاص يعتمد على السمع أكثر مما يعتمد على القراءة من الأوراق وعلى الكتابة بواسطة الكومبيوتر أكثر من الاعتماد على الكتابة بالقلم، ريثما تتحسن حالة الطفل. و قد يحتاج الطفل للدعم النفسي إذا كانت حالته النفسية متردية. ويمكن للحالة أن تستمر مدى الحياة، خاصة إذا لم تعالج، أو تلقى الرعاية  مما يسبب اضطرابات نفسية عند الطفل بسبب عدم قدرته على التعبير عن نفسه بوضوح، و تعرضه للانتقاد في المنزل والمدرسة، أما مع العلاج فيمكن للحالة أن تتحسن و يتعلم الطفل القراءة و الكتابة بشكلٍ جيد.

وليست المشاكل الدراسية هي المشكلة الوحيدة، بل إن العديد من المظاهر السلوكية أيضًا تظهر لدى هؤلاء الأطفال؛ بسبب عدم التعامل معهم بشكل صحيح مثل: العدوان اللفظي والجسدي، الانسحاب والانطواء، مصاحبة رفاق السوء والانحراف، فرغم أن المشكلة تبدو بسيطة، فإن عدم النجاح في تداركها وحلِّها مبكرًا قد ينذر بمشاكل حقيقية.

إن اضطلاع المنزل والمدرسة بدورهما مهم للغاية من خلال الاهتمام بالإستراتيجيات الخاصة بصعوبات التعلم عند التعامل مع الطفل، وتفهم مشكلته بالأسلوب الأمثل لمساعدته غلى مواجهة المشكلات التي تواجهه منذ ولادته.

فعلى الوالدين إدراك الصعوبات التعلمية التي يعاني منها أبناؤهم في سبيل مساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي يعانون منها، باتباع النصائح الآتية:

  • تعلم أكثر عن المشكلة.
  • تعامل مع طفلك كما هو.
  •  استعن بأهل الاختصاص.

ومن الأهمية أن تقوم المدرسة كذلك بالدور المنوط بها، حيث يمكن علاج الصعوبات والتقليل من الآثار السلبية الناتجة عنها‏ من خلال:

  •  الاهتمام بإعداد الخطة الفردية المخصصة له.
  • الابتعاد عن تكثيف الواجبات المعطاه للطفل كتقوية للضعف الذى يعانيه، فالمجهود الذى سيبذله مضاعف مقارنة بالطفل العادي بالاضافة إلى أن قدرته على التعلم أضعف من الطفل العادي، فذلك قد يؤدي إلى نتيجة عكسية وإحباط مع زيادة كرهه للمادة.
  • ومن المهم أن يعرف المعلم أن الطفل غير مهمل عن قصد وليس مصاب بالغباء،  ولكن لديه إعاقة تسمى بصعوبات التعلم التشجيع المستمر لرفع المعنويات سواء كان في البيت أو المدرسة من الأساسيات في معالجة صعوبات التعلم.

لاشك أن الأطفال في مراحلهم الأولى حين يلتحقون بالمدرسة يكونون في مستويات متباينة من النضج العقلي والوجداني والاجتماعي، ويظهر ذلك في فروق نوعية كبيرة من عمليات الانتباه والذاكرة والفهم، مما قد يؤثر على قدرتهم على اكتساب المهارات اللازمة التي تحقق تعلمهم المنشود؛ لذا علينا كمربين من آباء ومعلمين أن نولي أطفالنا موضع اهتمامنا لتتبع مختلف المتغيرات المؤثرة في نمو شخصيتهم، وبحث المشكلات التي تعوق نموهم المتكامل.

 

 

المراجع:

أولا: المراجع باللغة العربية

1) إبراهيم أبو نيان، صعوبات التعلم: طرق التدريس والاستراتيجيات المعرفية

2) أنور محمد الشرقاوي، التعلم وأساليب التعلم، القاهرة، مكتبة الأنجلة المصرية، 1992م.

3) صلاح عميرة على، صعوبات تعلم القراءة والكتابة: التشخيص والعلاج، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، ط1 2005م.

4) فتحي مصطفى الزيات، صعوبات التعلم: الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية، القاهرة، دار النشر للجامعات 1998م.

5) محمد علي كامل، سيكلوجية الفئة الخاصة، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية 1996م.

6) و.د.وول، التربية البناءة للأطفال، ترجمة عبدالعزيز الشتاوي ومحمد عادل الأحمر، تونس المنظمة العرية للثقافة والعلوم 1992م.

ثانيا: المراجع باللغة الإنجليزية

1) Abbot, R. & Berninger, V.: “Structural equation modelling of relationships among developmental skills and writing skills in primary and intermediate-grade writers”. J, of Educational Psychologically, Vol.85, 1993, P.P. 478-508

2) Bateman, B.: “Learning disabilities, yesterday, today and tomorrow in Frierson, E.C. and Barbe, W.B (eds.) Educational children with learning disabilities“. New York, Appleton-century-crofts, 1967, P.P. 10-13

3) Fletcher, J.M. & Foorman, B.R.: “Issues in definition and measurement of learning disabilities: The need for early intervention”. IN G.R Lyon (Ed), Frames of reference for the assessment of learning disabilities (P.P. 185-200), Baltimore, Paul Brookes, 1994.

5) Pennington, B.: “Genetics of Learning Disabilities”. J of Child Neurology, Vol.10, 1995, P.P. 569-577


العدد الثالث والعشرون ثقافة وفكر

عن الكاتب

عزيزة الطائي

كاتبة عمانية