مغامرة للبحث عن المخطوطات العمانية في جزيرتي لامو وباتي

ملاحظة/ سبق نشر هذه الورقة في ملحق شرفات بجريدة عمان بتاريخ 3 ذي القعدة 1431هـ، الموافق 12 /10/ 2010م العدد 10724، وأعيد نشره هنا لأنه يحتوي على إضافة يسيرة ومهمة.

جزيرة لامو

في جزيرتين منسيتين بالشرق الأفريقي حياة عجيبة غريبة بيد أنها لا تخرج عن مألوف الناس المعيشي هناك، وكلما تسافر إليهما وتتوغل في أعماقهما تكتشف فيهما ما لم تعرفه من قبل، ففيهما استوقفتني حقائق إنسانية، واستغرقتني مخطوطات يدوية.

حينما تقف على تراب جزيرتي لامو وباتي اللتين مرّ عليهما حين من الدهر تحت الحكم العماني لتجد ما يبهر العقول ويدهش القلوب ويثير العواطف.

خريطة كينيا

لا أريد وصف الجزيرتين فقد وصفتهما من قبل في رحلتي الأولى لهما في السنة الماضية في مقال وسمته بـ”تراكم الغبار على جزيرتي لامو وباتي”، وفي هذه الرحلة الثانية أود الوقوف مع حقائق أثرت في مشاعري، وحركت أفكاري، منها المبكي المحزن، ومنها المضحك المفرح، وبعضها زاوج بين الضحك والبكاء، والسعادة والشقاء، غير أن جميعها تضم في باطنها وظاهرها العبر والفِكْر، فتستوقف ذا اللب والنظر، وتسلب شعور واسع الخيال والصور..

قصدت الجزيرتين في صيف هذا العام، وفي صحبتي ثاني بن سعيد بن حميد الخصيبي وهو من الجالية العمانية التي تقطن منطقة ماليندي بكينيا للبحث عن المخطوطات العمانية، لأني رأيت مخطوطات في الرحالة الأولى على وجه السرعة، فكنت ألتمس السبيل للتعرف عليها ولأجد ما لم يجده غيري، فتجشمت الصعاب، وتكبدت المشاق، وأخذت معي ذخيرة من الصبر والاحتمال، لكوني أعرف ما تحمله الرحلة إلى الجزيرتين من الصعوبات والعقبات، وما يقاسيه المسافر إليهما من المعاناة والعثرات، بل كلما تتخلص من عقبة تسقط في عثرة، وإن خرجت من عثرة واجهتك عقبة أشد وأدهى من التي قبلها، فتبقى تتجرع آلام المتاعب ووعثاء السفر وعناء الغربة.

حينما وصلنا جزيرة لامو عصر يوم الثلاثاء سألنا أهلها عن المخطوطات العمانية، فأخبرنا بعضهم: بأن الأوربيين أخذوا كل المخطوطات من لامو، منها ما أشتري، ومنها ما أخذ بطريقة أو بأخرى.

  وممن سألناه سألنا رجلاً يدعى أحمد بن سعيد بن سالمين العمري، وهو المسئول عن مسجد الوالي سيف بن سالم بن خلفان البوسعيدي المعروف بالمسجد الإباضي، فقال لنا: لقد كانت في المسجد المخطوطات كثيرة جداً وقد أخذها الأوربيون منذ فترة طويلة من الزمن. فشعرت بأننا وصلنا متأخرين عن الركب لكشف ومعرفة تلك الكنوز الثمينة.

محف لامو

زرنا المتحف الموجود في لامو وهو عبارة عن قلعة بناها العمانيون للعسكر في زمن الحكم العماني، وصحبنا حينذاك من أهل لامو عمر النوفلي، فنظرنا في بعض المخطوطات العربية في مكتبة المتحف، فلاحظنا أن الموجود أكثره مصاحف بالخط العربي، وكتبَ نحوٍ لم يخط عليها أسماء المؤلفين، ومخطوطتين في النحو والفقه خلطت أورقاهما مع بعضهما، وجلدتا تجليداً واحداً، ومخطوطة أخرى في النحو والصرف لم يدّون عليها اسم المؤلف، وكتب عليها من الخارج بخط حديث من قبل المجلِدين كتاب فقه، فنبهت القائم على المكتبة، فصحح الخطأ، ثم أخبرنا بأن الذين يقومون بتجليد المخطوطات غير مسلمين.

وذهبنا إلى مكتبة الرياض بمعهد الثقافة الإسلامي، فاستقبلنا المشرفون عليها أحسن استقبال، وأطلعونا على المخطوطات التي معهم، وهي مخطوطات معظمها مطبوع ومنشور، كالقرآن الكريم، والسبع المنجيات، وشرح ابن عقيل، وبعضها قصائد في المولد والأدعية والأذكار، وبعضها في الفقه الشافعي، وهجرت في رفوف خشبية مقفلة قد نخرت الدويبة الكثير من أوراقها.

ركبنا البحر في زورق صغير وذهبنا إلى منطقة شيلة واستُقبِلنا استقبلاً طيباً، من الكرم والتضييف لدى عبدالله بن فاضل المخزومي وأخوته، سألنا هناك عن المخطوطات فقيل لنا: أنها كانت كثيرة غير أن أهل شيلة رموها في البحر جهلاً منهم بقيمتها. فخالجتني حينها الآلام والأحزان والحسرات والآهات…

في فجر يوم الخميس ركبنا سفينة خشبية كبيرة تسمى باللغة السواحيلية (جهازي) قاصدين جزيرة باتي، ومنهم من يسميها باته، لم نكن وحدنا في هذه السفينة، بل معظم من قصد باتي والمناطق التابعة لها ركب فيها، من رجال ونساء وأطفال، فكانت مملوءة بالناس والبضائع، بطيئة الحركة قديمة الصنعة، خرجنا في الساعة السادسة فجراً ووصلنا إلى ميناء متانكا واندا في الساعة التاسعة صباحاً، حينها كان البحر جزراً وهي المفاجأة التي كان يخشى منها الراكبون، فقد ضربت السفينة في الأرض قبل أن تصل ضفة الشاطيء، فاضطررنا النزول في البحر حاملين مئونتنا فوق رؤوسنا لأن الماء يصل إلى الصدر أو ما يقاربه، وعبرنا تلك المسافة بمشقة الأنفس، فما أشد ذلك الموقف.

وصلنا باتي ونزلنا في بيت طه كيني من أصل يمني، أي بيت الضيافة الذي وصفته في (نفض الغبار) لعدم وجود مسكن لنا أفضل منه.

جزيرة باتي

كنا متعبين ولم يكن طه لديه خبر بمجيئنا فأخذ ينظف الغرفة ويعدها من الساعة التاسعة والنصف صباحاً وإلى الثانية ظهراً، ولم ينته، غير أننا رقدنا في الأماكن التي انتهى من تجهيزها، ولما رأيت الوسادة الكريهة التي تحول لونها من البياض إلى السواد بسبب كثرة الاستخدام وانعدام التنظيف توجست في نفسي خيفة، من أن أقضي الليل بطوله في صراع معها، لكن ثاني الخصيبي فاجأني بفكرة بدرت في ذهنه، فأخذ يعطر الوسادة قبل النوم في كل يوم، فأعجبتني الفكرة وضحكتُ بكثرة، وقلت في نفسي: ليت هذه الفكرة واتتني في الرحلة الماضية لما عانيت من الأرق والسهاد في تلك الليلة المؤرقة.

سألنا في باتي عن المخطوطات، وممرنا بامرأة عربية عجوز لا تتحدث العربية ولا تقرؤها، فأخرجت لنا مخطوطة في المولد مع بعض سور القرآن، اختلط بعضها ببعض، فشكرناها ثم تركناها وذهبنا..

وقال لنا بعض أهل باتي: بأن المخطوطات كانت كثيرة جداً لكن الأوربيين أخذوها منذ زمن طويل.

وقال لنا معلم القرآن وهو رجل عجوز نبهاني من أصل عماني: بأن المخطوطات كانت كثيرة في بيت أبيه، بل كانوا يملكون غرفة مملوءة بالكتب المخطوطة ولضيق السكنى في البيت أُخِذت كل تلك المخطوطات ورميت في البحر!. فكادت مهجتي أن تسيل حزناً على تراث الأجداد وأسفاً على إرث حضاري ضاع من أيدينا.

في صباح يوم الجمعة ذهبنا إلى منطقة فازا، دون أية وسيلة نقل سوى المشي على الأقدام، وبعد المشي لمدة ساعة ونصف تقريباً صادفنا حافلة صغيرة، فحمدنا الله على ذلك، وتعجبنا من وجود سيارة في الجزيرة، فقيل لنا: أن بالجزيرة أربع حافلات فقط تنقل الناس من منطقة إلى أخرى، وصلنا فازا في الساعة الحادية عشر قبل الظهر، وسألنا أهلها عن المخطوطات فوجدناهم لا يعرفون عنها شيئاً، غير أن الأوربيين أخذوها، صلينا الجمعة وبعدها تناولنا وجبة الغداء، ومن ثمة ذهبنا إلى منطقة سييو..

وصلنا سييو عصراً، واستقبلنا نائب القاضي عبدالله بن محمد السقاف، كيني من أصل يمني، الذي أخرج لنا بعض المخطوطات من مكتبة مسجد بني سعد، فكان معظمها مصاحف وكتب مولد وأدعية، وقد تأثرت بنخر الدويبة لها من الداخل.

ثم جاء صدّيق السعدي كيني من أصل عماني وابن أخيه أحمد بن محمد السعدي فذهبنا معا إلى مكتبة المدرسة القرآنية ووجدنا فيها مخطوطة في فقه النكاح على المذهب الشافعي غير مكتملة.

ورجعنا إلى باتي، وجلست مع الشاب شيخ بن علاء الدين بن محمد النبهاني كيني من أصول عمانية وأراني بعض المخطوطات في مكتبة أبيه، وهي مصحف وتفسير الجلالين، وكتاب في الفقه الشافعي.

ولما رجعنا البيت أراد شخص من أهل باتي أن يحتال علينا لأخذ مبلغ منا، لكوننا غرباء، وكان يظن أننا لا نعرف اللغة السواحيلية، صحيح أن أحمد لا يفقه من اللغة إلا اليسير لكن ثاني الخصيبي كان يتحدثها وبطلاقة لأنها لغته في كينيا، فاستطار ثاني غضباً، وهب في وجهه يرد عليه رداً مسكتاً، وأحضر جماعة المسجد الذين يعرفون ثاني، وبينه وبينهم معرفة قديمة، حينها تفاجأ الرجل المحتال، وافتضح أمام الرجال، وقدم لثاني الاعتذار والإجلال..

وفي فجر يوم السبت رجعنا أدراجنا إلى لامو قاطعين المسافة مشياً على الأقدام من باتي إلى ميناء متانكا واندا، وممرنا بعد انبلاج الفجر على طفل عربي يبلغ من العمر تسع سنوات تقريباً ، يُعِدّ قاربه الصغير ومجاديفه قرب الشاطيء، ليركب البحر مع قرنائه، وليعود قبيل الظهر بصيد يسير يقدمه لأهله البائسين المساكين، لقد أدهشني هذا المنظر وأثار عاطفتي، فتدافعت في نفسي حينها عدة مشاعر، التعجب والألم، والحزن والفرح، والإكبار والإجلال لهذا التصرف الدال على الاعتماد على النفس والذات.

وصلنا الميناء، وأخذنا ننتظر السفينة للرجوع إلى لامو، وكانت نفس السفينة التي أتينا فيها، وحين الانتظار ازدحم الميناء من كثرة الناس المسافرين، فتعجبت!، فسألت بعضهم: هل كل هؤلاء الناس سيركبون في هذه السفينة؟

 فقال لي أحدهم: نعم.

 فقلت: وهل ستسعهم؟

 فقال: لو جاء أناس آخرون الآن وبنفس العدد لركبوا فيها معنا.

 فقلت: سبحان الله!. ووسعت تلك السفينة الجميع، لسعت قلوبهم اتجاه بعضهم بعضاً، ولكني لا أظن لو جاء نفس العدد ستسعهم، لأنهم كانوا متزاحمين متراصين.

ركبنا عصر يوم السبت في لامو زورقاً صغيراً قاصدين حفلة لطلبة مدرسة القرآن في شيلة، وتعرفت في الزورق على شاب يتقن العربية والسواحيلية معاً يدعى أحمد بن محسن جمال الليل كيني من أصل يمني ومعه أخوه عيدروس، وهما من ضمن الذين يشرفون على مكتبة الرياض، فأخبرني أحمد جمال الليل بأنه رأى صباح اليوم مخطوطة في مكتبتهم وهي لعماني ولعلها تتحدث عن التاريخ العماني في لامو، فاتفقنا أن يريني المخطوطة بعد رجوعنا من الحفلة، ففتح لنا الرفوف المقفلة على مصارعيها، ونظرت إلى بعض المخطوطات التي لم أرها من قبل، وكان من بينها المخطوطة التي أخبرني عنها، فأجلّتُ السفر لأجلها..

كان ينبغي أن يكون سفرنا صباح يوم الأحد، وقطعنا تذكرتين من مكتب حافلة توكل، غير أني خسرت تذكرتي بسبب المخطوطة، ففي تلك الليلة نظرت إلى المخطوطة على وجه السرعة، وكنت أظنها عمانية كما ظنها أحمد جمال الليل، كُتِب على الورقة الأولى منها بالخط العربي (هذا الكتاب الاعانة في ملك حمود بن سعيد بن محمد بن سليمان القصابي العماني) ثم كتب حرره (إبراهيم بن…) اسم الأب والجد للمحرر غير واضحين، فقلت لهما: هذه مخطوطة عمانية. وحاولت أن أشتري منهم المخطوطة غير أنهم رفضوا، فقالوا نسمح لك بتصويرها صباح الغد.

صورتُ في تلك الليلة الصفحة الأولى منها والتي تحتوي على اسم المؤلف والمحرر وأخذت قبل النوم أقلب الصورة، وأتهجى حروف كلماتها، وأساهر كواكبها ونجومها، إلا أني لم أصل إلى نتيجة، وفي صباح يوم الأحد سافر ثاني لموعد مسبق، وبقيت وحدي في لامو، ولا وحدة بين أولئك الأخلاء.

وفي الساعة التاسعة صباحاً ذهبت إلى المكتبة وجلسنا أنا وأحمد وعيدروس وعمر النوفلي الكيني ننظر في المخطوطة قبل تصويرها، وقد نخرت الدويبة بعض أطرافها، فحنوتُ عليها حنو المرضعات على الفطيم، وأخذت أتتبع أبوابها، وأقرأ مقدمتها وخاتمتها وبعض فصولها وفهرستها، فعرفت أنها مخطوطة في الفقه الشافعي، شرح لكتاب إرشاد الغاوي في مسالك الحاوي لابن المقري، وتحتوي على أكثر من 800 صفحة من الحجم الكبير، وفي خاتمتها كتب (وقد وقع الفراغ من نسخة هذا الكتاب وقت الظهر من يوم الأربعاء وثاني من شهر رمضان سنة 1283 بقلم العبد المذنب سليّم بن سعيد بن محمد القصابي).

وكانت هذه المخطوطة سبباً في توثيق العلاقة والرابطة الأخوية بيني وبين الأخوين جمال الليل أحمد وعيدروس، وكان منهم الكرم والضيافة في ذلك اليوم وتبادلنا الحديث حول المخطوطات والدعوة والعلم والتاريخ والفكاهات المضحكة..

حينما كنا نبحث عن المخطوطات، جاء بعدنا بيوم مباشرة فريق من الأوربيين يبحثون عن المخطوطات، يحملون معهم كل العدة من آلات التصوير والنسخ والترميم وغيرها، وذهبوا إلى نفس الأماكن التي قصدناها، وعرضوا على القائمين على مكتبة الرياض بمعهد الثقافة بلامو ترميم وتصوير جميع مخطوطاتهم، وحمل الصور إلى بلدانهم لتبني مشروع طباعة وعرض هذه المخطوطات.

قالا لي عيدروس وأحمد: نحن نتمنى أن يقوم بهذا المشروع أنتم، لأنكم أصحاب هذا التراث في الشرق الأفريقي، ولأننا أصحاب دين واحد ولغة واحدة، وتراثنا وتراثكم واحد.

 فقلت لهم: جئت بجهد فردي شخصي، وأولئك أتوا عن طريق مؤسسات وحكومات تدعمهم.

ما زالت الآمال ماثلة، وما زالت الثقة بالله صامدة، وما زال التفاؤل مبتهجاً على وجود مخطوطات عمانية في أعماق هاتين الجزيرتين، وذلك لكون الباحث لم يطلب مستحيلاً، ولم يذهب بعيداً، بل يبحث في باطن جزيرتين كانتا يوماً ما عمانيتين، وما زال التاريخ يحفظ صفحاته عبر الطراز المعماري العماني للامو وباتي، وما زالتا تتحليان بالثوب العماني والدين الإسلامي، واللسان العربي، بيد أنه قد يكون التقصير مني في طريقة البحث والاستكشاف، ويبدو أن المستقبل لمعرفة وجود المخطوطات يرسمه أبناء الوطن، بالنفس العالية المحبة للبحث والإطلاع حيث لا تخضع لحوادث الدهر ولا لمشاق السفر..

وفي فجر يوم الاثنين بتاريخ 14/ شعبان/ 1431هـ/ الموافق 26/ 7/ 2010م، ودعت لامو، وركبت زورقاً إلى مُوكْوِي ومن ثمة ركبت حافلة توكل وتوكلت على الله إلى ماليندي، حيث تقطن الجالية العمانية هناك، وكان طريق الرجوع صعباً ومتعباً
معظمه غير معبد، ووصلت ماليندي في الساعة الثانية عشر ظهراً، وفي تلك الليلة حينما سكنت الحركات، وهدأت الأصوات، راودتني أصناف من المشاعر القلبية والنفسية نحو الجزيرتين، فكان منها حرقة الشوق وسلوى الحزن وآلام الحسرة وهموم الندم وهدهدة الرحمة والشفقة وعاطفة الود والإخاء فسال القلم بهذه السطور الصادقة.

وعثرت على مخطوطة واحدة في أحد المساجد والمعروف بالمسجد الإباضي الكبير بماليندي، وهي خطبة في عيد الفطر، ألقيت زمن الإمام سيف بن سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي، فرجعت بصورة منها، وأما الأصل فما زالت موجودة هناك، إذ رفض جماعة المسجد إعطائي الأصل.

ومن بعد ذهبت إلى ممباسة ثم الرجوع إلى أرض الوطن الحبيب.

العدد الثالث والعشرون ثقافة وفكر

عن الكاتب

أحمد بن مبارك النوفلي

كاتب عماني