ما الذي يحدث يا مصر ؟

قضية المحامي أحمد الجيزاوي لا أظنها إلا مرحلة من مراحل الصراع السياسي في مصر , ولها خلفياتها التي يجب أن توضح ,استوقفني في هذه القضية بضع نقاط , سأسردها على عجالة :-

النقطة الأولى :- أحمد الجيزاوي تقدم بطلب تأشيرة “عمرة ” للسفارة , ولو كان محكوما ( فرضا ) لما منح التأشيرة , فهو ليس أول شخص في العالم يشتم المملكة أو نظام الحكم في المملكة , وليس له من الأهمية التي تجعل المملكة تحتال لإحضاره .

النقطة الثانية :- هو من تقدم بطلب التأشيرة , وهو من ركب الطائرة , فالاحتيال عليه غير وارد , فهو وكما يقال ناشط سياسي ومحامي مسجل في النقابة , فليس من الغباء أن يحتال عليه أحدهم ويجعله يتقدم بطلب تأشيرة دخول .

النقطة الثالثة :- انتشار ” إشاعة ” الحكم عليه غيابيا في المملكة , ولا أعلم كيف يحكم على شخص غير سعودي , وليس مقيم في المملكة ؟ فهذا مخالف لأبسط القواعد القانونية المتبعة في المملكة وشواهد ذلك كثيرة , وكيف تناول الإعلام هذه الإشاعة ونشرها بحيث أصبحت في حكم الخبر المؤكد لدى الكثير . ولو كل من سب الحكومة السعودية حكم عليه , لأصبح لدينا ألوف من المحكومين.

النقطة الرابعة :- من المعلوم أن المدعى عليه يبلغ في مكان سكنه عن القضية المرفوعة ضده , أو تبلغ سفارته أو ينشر في الصحف إذا كان مجهول السكن , ولكن كل هذا لم يظهر , مما يضعف مرة أخرى إشاعة الحكم الغيابي .

النقطة الخامسة :- لو كانت حكومة المملكة ترغب في التخلص من هذا الشخص أو غيره , فلماذا لم تتخذ أساليب أخرى , أقل ضوضاء وهي كثيرة , ولماذا تختار حكومة محافظة مثل حكومة المملكة هذا الأسلوب الذي إن صح يدل على جهل كبير .

النقطة السادسة :- أحمد الجيزاوي وصل إلى مطار جدة وهو غير محرم ” أي لا يرتدي ملابس الإحرام” , ومعلوم أن من نوى العمرة من إخواننا المصريين يجب عليهم الإحرام من الطائرة قبل الوصول إلى جدة , و ينزل مطار جدة وهو محرم لأنه تعدى الميقات . وهذا يعلن عنه وينبه عليه في الطائرات أثناء الرحلة وقبل تجاوز الميقات , فلذا ما يقال أنه قادم لأداء العمرة غير صحيح , وحتى إن كانت تأشيرة دخوله للعمرة .

النقطة السابعة :- مهما صرح السفير المصري في الرياض , القنصل المصري في جدة , والقانونيون المصريون في السعودية , من أنهم التقوا أحمد الجيزاوي وأعترف لهم بجلب حبوب مخدرة ( جاهلا العلم بأنها ممنوعة ) فالإعلام ما زال يكرر الشائعة القديمة بأنه سب الملك، ولذا حوكم .

النقطة الثامنة :- هل هنالك سابقة عبر التاريخ أن هناك من سب الملك من خارج المملكة وتم عليه الحكم ؟ لا أظن أن هنالك أي واقعة حدثت سابقا .

دعوني أذكر القصة كما أراها , شخص مصري معادي لنظام الحكم في المملكة , يتقدم بتأشيرة للعمرة , ويركب الطائرة دون أن يحرم , ولم يحرم في الطائرة , إذن هو لم يقدم إلى المملكة بغرض العمرة . فما الذي قدم لأجله؟

  • هل اعترافه بجلب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة تعني أنه قدم للكسب وليس للعمرة ؟
  • هل قدم للمملكة كوسيلة لضرب العلاقات المتوترة بين السعودية ومصر في وقت حساس وهو الانتخابات الرئاسية ؟
  • لماذا روج الإعلام لشائعة حكم الجلد والسجن الغيابي . ومن أطلق هذه الشائعة ؟
  • لماذا يخرج بعض الشخصيات العامة يهدد ويتوعد المملكة , وهو يعلم أن تهديده ووعيده لا يمكن أن يقع ؟

أسئلة كثيرة , ولكن ما حدث في هذه الأزمة ,يثبت أن الشارع العربي والإعلام العربي للأسف يتأثر كثيرا بالشائعات . وأن صوت العقل لا يسمع في الإعلام أو الشارع العربي كثيرا ,

وأذكّر بالأزمة التي حدثت بين الجزائر ومصر , وبين قطر ومصر , وبين السعودية ومصر الآن , هل كلها تنبع من معين واحد ؟

اكتب هذا وأنا أشهد الله بأن كل قطر عربي لديّ بأهمية وطني , فكلنا في مركب واحد, ولن نصل إلا إذا حكمنا العقل .

وعلى طريق الحرية والكرامة نلتقي

الخامس والعشرون سياسة

عن الكاتب

صالح بن عبدالله السليمان

http://salehalsulaiman.com