نادي فنجاء والإستثمار الرياضي

في حادثة هي الأولى من نوعها في السلطنة  أعلن المهندس “حميَر بن ناصر الإسماعيلي” رئيس نادي فنجاء عن مشروع الاستثمار الكبير الذي سيمثل بعدا رياضيا واقتصاديا وسياحيا وسيحقق عائدا ماديا كبيرا لولاية بديد وللنادي، نظرا لضخامة المشروع والذي يعتبر الأول على مستوى أندية دول مجلس التعاون والذي تصل تكلفته الإجمالية إلى 300 مليون دولار، وذلك من خلال إقامة ما يقارب 13 مشروعا متنوعا ما بين الرياضية والتجارية والترفيهية الخدمية الأخرى، وقد أشار الإسماعيلي إلى أن إدارة النادي تنتظر الموافقات النهائية من الجهات المعنية خاصة أن الفترة الزمنية لهذا الاستثمار تمتد إلى 30 سنة وبعدها تعود ملكيته بالكامل للنادي.

إن خطوة كهذه تحسب لإدارة نادي فنجاء ويجب أن تذلل كل العقبات أمامها من الجهات كافة لأن الرياضة أصبحت الآن واجهة هامة من واجهات الدول وكذلك أصبح الإستثمار في المجالات الرياضية رافدا من روافد الإقتصاد مثلما نشاهد  الأندية الرياضية في أوروبا وأمريكا الجنوبية التي أصبحت مؤسسات تجارية تحقق أرباحا بالمليارات من خلال إحداث نقلة نوعية على مستوى المنشآت الرياضية وزيادة المداخيل، والأغرب أن أشهر الأندية الأوروبية يتسابق على شرائها مستثمرون وأثرياء عرب بدلا من ضخ أموالهم في الأندية العربية التي إذا لقيت ما تلاقيه الأندية الأوروبية من دعم ومساندة ستحقق الإنجازات والمداخيل نفسها إذ أن البيئة هي التي تساعد على تحقيق النجاح في أي مجال كان، ومن هناك فإن الاستثمار في الرياضة يلعب دوراً حيوياً في تطوير ورقي المستوى الفني للرياضة في أي مجال من مجالاتها وتتحول الأندية إلى قوة جذب للمستثمرين والإداريين واللاعبين والجماهير، حيث يستفيد المستثمرون والداعمون وهو عكس ما يحدث عندنا في السلطنة إذ أننا نشاهد في كل موسم أو موسمين ناديا يصعد إلى القمة ثم يهبط إلى القاع بسرعة البرق لأن جهد الدعم المالي انصب في موسم رياضي واحد فقط، يتحول فيه المتبرع إلى متسول ويترك الجمل بما حمل، وهي ظاهرة واضحة جدا على المستوى العماني عبر السنوات الماضية إذ أن الأندية ليست مؤسسات حقيقية إنما هي مسميات فقط تجاوزا تسمى أندية، وعند أول اختبار خارجي ينكشف المستور، وعلى المستوى الداخلي عندما يترك الرجل الداعم رئاسة النادي تجده ينهار، وهذا حدث مع السيد سامي رحمه الله وشقيقه السيد خالد مع فنجاء، وهذا ما حدث مع السيد فاتك بن فهر مع السويق، والشيخ خالد الوهيبي مع نادي مسقط، والسيد طلال بن طارق مع البستان قبل ذلك، والشيخ سالم العريمي مع العروبة والقائمة طويلة، لأن من حق الداعم أن يرى نتيجة دعمه ويجد مردودا عليه، والسلطنة بها مواهب ممتازة في المجالات كافة لو لقيت البيئة الصالحة للنجاح لنجحت ولنا أمثلة في كل اللاعبين الناجحين الذين شرفوا اسم السلطنة في الخارج، فهل من الصعب أن تصل الرياضة العمانية إلى العالمية؟

إن المشكلة الأساسية هي غياب الدعم، وعلى مدى ال42عاما الماضية لم تحقق الأندية أو الرياضة العمانية إنجازات ذات بال إلا فيما ندر، والسبب الأساسي يعود إلى غياب الدعم الثابث للأندية عكس ما يحصل في أندية العالم إذ أصبحت الرياضة مصدرا كبيرا للدخل للأندية وارتفعت قيمة عقود اللاعبين واستفادت الأندية من دخل المباريات والنقل التلفزيوني والإعلانات، بل هناك من الأندية تباع أسهمها عبر البورصات تحقق ارتفاعا وانخفاضا في الأرباح

وقصة نادي فنجاء مع هذا الاستثمار رواها المهندس “حميَر بن ناصر الإسماعيلي” لجريدة عمان وقال “إن استقطاب هؤلاء المستثمرين من خلال الشراكة العمانية – الكويتية جاء بعد جهد كبير ومشاورات متواصلة حيث سبق وان استقطبنا مجموعة من المستثمرين من قبل إلا أن ذلك لم يكتب له النجاح لبعض الظروف التي مرت بها المنطقة في مقدمتها الوضع الاقتصادي، إلا أننا هذه المرة تمكنا من الحصول على المستثمر الحقيقي وهو رجل أعمال خليجي كبير ومعروف ولديه نظرة رياضية واقتصادية مستقبلية التقينا به في أحد مشاركاتنا الخليجية وناقشنا هذا الموضوع بإسهاب وكانت هناك سلسلة من الزيارات والاجتماعات ووصلنا إلى الاتفاق النهائي الذي نأمل أن يرى النور في المستقبل القريب وخاصة مع بداية العام القادم 2013”.

ومن هناك فإن مشروعا كهذا يجب أن يرى النور وأن تُزال كل العقبات أمامه حتى وإن تطلب الأمر أن يرفع إلى المقام السامي حفظه الله، ويجب أن يكون هذا المشروع فاتحة خير لكل الأندية العمانية حيث تتحول إلى مؤسسات تعتمد على نفسها بدلا من الاعتماد على الدعم السنوي الذي تتلقاه من الدولة، ولا يكاد يكفي أقل المصاريف في البطولات الخارجية وبسبب ذلك اختفى إسم السلطنة من منصات التتويج

ولا بد من الإشارة هنا أن السيد “سامي بن حمد” رحمه الله كان يرى أن للأهالي والمؤسسات الأهلية دورا غاية في الأهمية في دعم الرياضة، وقد سعى أن يكون لنادي فنجاء مقر متكامل بمنشئاته ومرافقه، وكان في طريقه إلى تنفيذ مشروعه بعدما نجح في الحصول على قطعة الأرض التي سيقام عليها المشروع الحالي في السيح الأحمر في فنجاء، وتركزت منشآت المشروع في الأساسيات التي تمثل استادا لكرة القدم ومبنى إجتماعيا وآخرا إداريا وبعض الملاعب، لكنه رحل قبل أن يرى المشروع النور والذي كان في حينها حلما للأندية العمانية، وقد جاء السيد “خالد بن حمد” رئيسا للنادي خلفا لأخيه وكان في باله أن يصنع أي شيء – مهما كلف الأمر – ليجسد ويترجم طموحات شقيقه الراحل، لذا أدخل إضافات كثيرة على المشروع الحلم، ولكنه مع مرور السنين نسي المشروع ونسي النادي، بل تعامل معه معاملة فيها جفوة أقرب إلى العداوة، وعلى الإدارة الحالية أن تجاهد لتحقيق هذا الحلم، معل علمنا أن الإدارة تحملت فوق طاقتها على مدى السنوات العجاف التي مر بها النادي، ولكن هذا هو قدرها

 لقد تعاقبت على مسؤولية الشباب في السلطنة الإدارات الكثيرة والتي كانت تقدم  تأكيدات بأن هناك خطة لبناء مقر للنادي أسوة بكل الأندية حتى المغمورة منها والتي لا يدخلها أحد ولم تحقق أي إنجازات، إلا أن تلك الوعود كانت تذهب أدراج الرياح مع ذهاب أصحابها، مما ترك إحباطا لدى الفنجاويين وعسى الآن أن يكون للنادي ملعب يتدرب عليه ويقيم فيه مبارياته التي تحضرها الجماهير الغفيرة، وهو المشروع الذي طال انتظاره  أكثر من 37 سنة منذ إشهار النادي الذي مرت عليه أيام صعبة كادت تؤدي إلى إغلاق أبواب النادي قبل أن تتحرك مجموعة من الشباب أعادت النادي إلى مكانه بفضل جهود شخصية جبارة

عندما يكون نادي فنجاء في القمة فإن الرياضة العمانية تكون في القمة، وها هو فنجاء يعود الآن إلى الساحة بعد غياب طويل وتبدأ الحياة في العودة إلى ملاعبنا،  والمحافظةُ على القمة ليست سهلة إلا أن على إدارة النادي أن تأخذ في حسبانها دائما ما قاله جلالة السلطان المعظم حفظه الله لبعثة نادي فنجاء وهي عائدة من البحرين وتحمل كأس مجلس التعاون عام 1989 إذ قال ( مبروكين .. وما قصرتم .. وموفقين دائما إن شاء الله ) وهو تقدير سامٍ من جلالته وتثمين للنادي، ويجب أن يكون ذلك دافعا قويا لأبناء نادي فنجاء للعودة إلى البطولات والمحافظة على القمة، ونبارك مقدما للنادي – إداريين ولاعبين ومشجعين – هذا المشروع ونتمنى أن يتحقق ويرى النور وأن لا يكون مجرد حلم مثل حلم السيد سامي رحمه الله، والكرة الآن في ملعب الجهات المخصة لتذليل كل العقبات

الحادي والثلاثون ثقافة وفكر

عن الكاتب

زاهر بن حارث المحروقي

كاتب وإعلامي عماني
Zahir679@gmail.com