الزلازل وانواعها، قراءة في زلزال ايران الاخير

بسم الله الرحمن الرحيم

حتى نفهم الزلازل وتوزيعها وأماكن حدوثها علينا أن نتحدث عن ديناميكية هذا الكوكب قليلا، فالأرض تتكون من أربع طبقات متباينة في درجات الحرارة والضغط، وينشأ عن هذا التباين حدوث تيارات حمل حرارية تتحرك من باطن الأرض إلى سطحها بمعدل حوالي 4 مليمترات سنويا، وكنتيجة لهذه التيارات تتباعد القشرة الأرضية عن بعضها البعض في أجزاء معينة وتتقارب في أجزاء أخرى، هذا التباعد والتصادم قد يؤديان لحدوث زلازل مدمرة خصوصا في مناطق التصادم بين صفائح القارات، حيث تمتلك مناطق التصادم القدرة على تخزين ضفط هائل على امتدادها قبل أن تبدأ بالحركة المدمرة ولذلك فإن أضخم مناطق الزلازل في العالم هي على إمتداد صدوع التصادم، وهذا ما يحدث تماما بين الصفيحة العربية من جهة والصفيحة الأوروآسيوية من جهة أخرى، فهاتين الصفيحتين القاريتين يتصادمان على خط امتداد صدوع زاجروس ومكران في جنوب إيران وباكستان، هذه الصدوع هي إحدى الصدوع المنتشرة في أجزاء الأرض، ولذلك يصف المولى هذه الأرض في سورة الطارق بأنها “ذات الصدع”، كذلك فإن القوة التدميرية للزلازل تختلف بمقدار عمقها من سطح الأرض وأيضا بنوعية الوسط الذي تتحرك فيه الموجات الزلزالية، فالزلزال القريب من السطح يكون أكثر تدميرا، بينما تنتشر موجات الزلزال العميق في منطقة واسعة وبالتالي يكون تدميره أقل حدة ولكن أكثر انتشارا.

Earthquakes in Arabia 2

وقد نشأ عن هذا التصادم بين الصفيحتين العربية والأوروآسيوية زلازل وبراكين كثيرة على مر التاريخ، غير أن كثيرا من هذه الكوارث لا يعلم عنها تفاصيل قوتها والتباعد بين فترات حدوثها بسبب ضعف تدوين مثل هذه الحوادث في السابق وبالتالي تصعب معرفة بياناتها الإحصائية حتى يتمكن من التنبأ بقوتها ومعدل تكرارها، وتشير الوثائق القديمة عن وصول موجة تسونامي هائلة إلى عمان بسبب حدوث زلزال عنيف على خط صدع مكران في نوفمبر من عام 1945 في بحر عمان، أدت هذه الحادثة إلى وفاة حوالي 4000 شخص في الهند وباكستان ووفاة عدة أشخاص في ساحل عمان الشمالي، كما أن المصادر التاريخية تروي حدوث زلزال وموجة تسونامي في قلهات في أواخر القرن الخامس عشر أدى إلى تدميرها بعد أن كانت واجهة عمان التجارية حينها، وقد تزامن ذلك مع الغزو البرتغالي لها بقيادة البوكيرك، كذلك فإن بعض المعلومات التاريخية تشير إلى تدمير مناطق أثرية في شمال عمان ربما بواسطة الزلازل، وبالرغم من أن أرض عمان لا تعتبر نشطة تكتونيا عموما وبالتالي لا يتوقع تكرارا مطردا لهذه الحوادث فإن أخذ الحيطة والحذر أمر واجب على مستوى الفرد والجماعة، فبالنسبة لمستوى الأفراد يجب أن يكون في كل أسرة من يدرك مبادئ الإسعافات الأولية وحسن التصرف في مثل هذه الحالات، كما أنه ينبغي استخدام أجهزة تحذير في الأماكن العامة والأبنية الكبيرة والشواطئ لإنذار الناس مبكرا بحدوث الطارئ، وينبغي أن نشير أن فترة التحذير لتسونامي هي في حدود 20 دقيقة لو تصورنا حدوث الزلزال البحري في خط صدع مكران، بينما هي قد تمتد لأيام في حالة الإعصار، وبالتالي ينبغي أن تكون أجهزة التحذير معدة للتنبيه الفوري في فترة قصيرة.

سلم الله عمان وأهلها من الكوارث.

د. محمد بن هلال بن ناصر الكندي

رئيس الجمعية الجيولوجية العمانية

السادس والثلاثون ثقافة وفكر

عن الكاتب

د.محمد بن هلال بن ناصر الكندي