مستقبل الأزمة السورية بين الصراع الداخلي والتصدير الخارجي

         وصلت أحداث الأزمة والصراع في الوطن العربي السوري ذروتها من التصعيد والمواجهة والشد والجذب على الصعيدين الخارجي والداخلي م بداية العام 2013م , ومع تفاقم الأزمة الإنسانية التي وصلت الى حدود الكارثة والإبادة البشرية , وتدخل أطراف دولية في الصراع الذي بدا كثورة داخلية تهدف للإصلاح والتغيير لتتفاقم نتيجة تدخل أطراف دولية فيها منذ البداية وكذلك سوء إدارتها الداخلية من قبل النظام السياسي السوري نفسه , مما حرفها في نهاية المطاف لتهدف الى تغيير النظام بأكمله, ثم تفاقمت لتمتد الى دول الجوار السوري على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية وحتى العسكرية .

         وللأسف الشديد , فقد نتج عن ذلك التصعيد في الأزمة السورية حتى الآن فناء ما يزيد عن 80 ألف إنسان , ودمار حضارة إنسانية عظيمة موغلة في عمق التاريخ البشري والإنساني , ووطن عربي لا يمكن تعويض مكانته الوطنية العربية ولا نهضته الإنسانية والتنموية , كما تشرد نتيجة لذلك الصراع المئات من الآلاف وخسارة المليارات من الثروات والممتلكات , بل وتسببت الأزمة والصراع في سوريا الى تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية والإنسانية على دول الجوار , هذا اذا أضفنا الى ذلك امتداد تأثير التصعيد العسكري المباشر للازمة الى الداخل اللبناني والتركي والعراقي والأردني , وربما تمتد الأزمة لتغطي معظم دول الشرق الأوسط.

         والمراقب لأحداث الأزمة السورية وانعكاساتها الداخلية والخارجية يجد أنها تسير في تصعيد وتصاعد مستمر دون أمل في حل سياسي مقبول ومرضي لكلا الطرفين-أي-المعارضة السورية والنظام السوري و-بمعنى آخر- لابد ان يتنازل احد أطراف الأزمة عن أهم أهدافه وهو النصر او الانتصار الكامل , ليقبل الطرف الآخر مبدأ المفاوضة والجلوس على طاولة الحوار مع ما تبقى من الطرف المتنازل , فمن جهة المعارضة السورية لابد ان تقبل بقاء الرئيس السوري كرئيس شرعي لسوريا حتى يقبل النظام المفاوضة معها , أما النظام السوري اذا ما أراد التهدئة والدخول في حوار مع المعارضة فانه لابد ان يقبل استقالة الرئيس بشار الأسد وتنازله عن الحكم , وهو أمر غير وارد حتى اللحظة الراهنة.

         وعليه واعتمادا على تصاعد وتيرة الصراع الداخلي وامتداداته على الخارج عسكريا وسياسيا كما هو واضح , ونتيجة لتباعد المرئيات السياسية المطروحة لحل الأزمة نظرا لتعنت الطرفين او لكم التراكمات النفسية والإنسانية وتحول الأزمة الى مسالة اقتصاص وانتقام شخصي ودولي , وحتى لا نخدع أنفسنا بالمباحثات الدبلوماسية والسياسية فإننا نرى – وهي وجهة نظر شخصية – ان نهاية الأزمة السورية لن يتم سوى بحلين لا ثالث لهما , وهي :

(1) تنازل الرئيس السوري عن الحكم بطريقة او بأخرى , وجلوس ما تبقى من النظام مع المعارضة برعاية دولية على تشكيل حكومة وطنية سورية مؤقتة .

(2) تصاعد الأزمة السورية لمرحلة قيام حرب تقودها أطراف دولية معارضة لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد ,وهو أمر سيترتب عليه الكثير من النتائج الخطيرة على المنطقة بأسرها , سنتناول نتائجها وانعكاساته في السطور القادمة.

       المهم في الأمر ان الصراع والأزمة السورية “الدولية” اليوم تمر بمنعرج خطير جدا , وان أطراف الحل أنفسهم منقسمون على أنفسهم وعلى رؤيتهم لطرق الانتهاء وحسم الأزمة , فعلى الصعيد الداخلي هناك انقسام حاد وواضح في مرئيات المعارضة السورية على سبيل المثال , حيث لازالت منقسمة على نفسها وتتجاذبها العديد من الأطراف المؤثرة والمحركة للأحداث والتأثير على المشهد السياسي الداخلي , والذين يمكن لنا ان نقول أنهم من يملك جزء مؤثر من أزرار “الريموت كنترول”,كالولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول الأوربية كبريطانيا وفرنسا وكذلك تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية , والذي نتج عنه حتى اللحظة تباعد الأفكار والآراء وانقسامها .

         كما ان النظام السوري نفسه لا زال يؤكد عدم قبوله لأي مرئيات يمكن ان تمر عبر تنازل الرئيس بشار الأسد عن الحكم , يؤازره في ذلك العديد من الأطراف التي يمكن لنا ان نقول بأنها تقف في مواجهة المعارضة ومن يقف وراءها وعلى رأسهم روسيا والجمهورية الإيرانية , وأخيرا دخول حزب الله اللبناني على خط المواجهة المباشرة مع المعارضة السورية العسكرية .

نقاط التصعيد في ملف الأزمة السورية :

         نستطيع ان نؤكد بان الأزمة السورية وصلت الى نقطة اللاعودة , وان الأيام او الشهور القليلة القادمة ربما حتى قبل نهاية العام 2013م سنشهد حسما مؤلما للازمة , أكان ذلك بتخلي الرئيس بشار عن الحكم بطريقة ما , او بتصعيد الأزمة الى حرب مواجهة بين تحالفاتها الدولية والإقليمية , ومن أهم النقاط التي نجد أنها ستتسبب بتصعيد الأزمة السورية وتفاقم انعكاساتها الداخلية والخارجية النقاط التالية :

(1) دخول حزب الله اللبناني على خط المواجهة العسكرية في سوريا بشكل مباشر وتحالفه الصريح والمعلن مع النظام السوري وتعهده بمواصلة الحرب حتى نهايتها بالقضاء على المعارضة السورية , وما تبعه من تصعيد لهجة خطاب الولايات المتحدة الاميركية لحزب الله ومطالبتها لقواته الانسحاب الفوري من سوريا , والذي نعتقد انه–أي- ذلك التصعيد الكلامي سيستمر بالتصاعد حتى صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بانسحاب حزب الله من سوريا , والذي لا نعلم كيف ستواجهه روسيا او ستقف حائلا دون صدوره , وربما ضم حزب الله لاحقا الى قائمة الجماعات الإرهابية الدولية , وهو أمر خطير جدا وله من التبعات الخطيرة على الداخل اللبناني .

         من جهة أخرى فان حزب الله حينها سيكون في موقف حرج وخطير جدا , فبقاءه سيعرضه لتحديات لن يستطيع بحال من الأحوال تحمل تبعاتها المستقبلية لا هو ولا الدولة اللبنانية كما سبق واشرنا , وربما سيدخل في مواجهة مع النظام اللبناني كونه جزء من الدولة اللبنانية وتابع لها كما يفترض, , وكذلك انسحابه سيشكل وصمة عار في حقه وحق أمينه العام الذي تعهد بدعم الرئيس السوري حتى نهاية الطريق .

(2) تأكيد روسيا نيتها تسليم النظام السوري أربع بطاريات صواريخ أس-300 تشمل ست منصات إطلاق و144 صاروخا يبلغ مدارها 200 كلم بحسب اتفاق ابرم بينهما في العام 2010م , ونصب مثل هذا النظام للدفاعات الجوية كما هو معروف سيعقد أي مشروع للولايات المتحدة او حلفائها لشن ضربات جوية ضد نظام دمشق او إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا او التدخل لتفكيك أسلحة كيميائية او فرض طوق آمان حولها , من جهتها تعهدت إسرائيل بأنها ستقوم بضرب منظومة صواريخ “أس-300” حال وصولها إلى سوريا وهو أمر سيوسع دائرة الصراع وربما سيؤدي الى دخول إسرائيل في مواجهة مباشرة مع أطراف النزاع في الأزمة السورية واقصد النظام السوري وحزب الله في الداخل اللبناني.

         باختصار شديد فان دخول حزب الله وتسليم روسيا منظومة صواريخ أس 300 للنظام السوري سيعقد الأزمة السورية كثيرا مع ما يشوبها من تعقيدات أصلا , وسيعمق الخلافات الدولية , وسيكون له تأثير خطير على النظام الدولي من خلال النقاط التالية :

(1) أكد حزب الله انه دولة مستقلة لا تتبع للدولة اللبنانية ذات السيادة , وانه يستطيع ان يتصرف كيفما يشاء ويتخذ القرارات المتفردة متى ما شاء ودون الرجوع للدولة التي ينتمي إليها , ونسال هنا:ماذا لو وجه أمر دولي من قبل مجلس الأمن الدولي او تم الضغط الدولي على لبنان للتدخل المباشر لإعادة قوات حزب الله اللبنانية الى لبنان ورفض الأمين العام للحزب الانصياع لأوامر الرئاسة اللبنانية ؟

(2)ماذا ستفعل الولايات المتحدة الاميركية لو لم ينسحب حزب الله من سوريا , وما تبعات ذلك على مكانتها الدولية وهيبتها السياسية , خصوصا بعد تهديدها بشكل مباشر ؟ , وماذا سينتج عن ذلك لو دخلت الولايات المتحدة الاميركية بكامل ثقلها في مواجهة الحزب على الصعيدي السياسي , وربما العسكري بتمويل المعارضة السورية في مواجهة النظام السوري وحزب الله ؟ .

(3) ماذا لو سلمت روسيا منظومة الصواريخ لسوريا وضربتها إسرائيل ؟ وكيف سينظر النظام السوري بل والدولي لمكانة روسيا وتعهداتها ومكانتها الدولية لو لم تسلم تلك المنظومة ؟ وفي كلا الحالتين روسيا ستعمق أزمتها الداخلية والخارجية.

أزرار (ريمون كنترول ) الأزمة السورية بيد من ؟ :

          ان المتتبع للازمة السوري والمقصود بها هنا :الصراع الدامي بين النظام السوري بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد ومن يقف خلفه ويدعمه من جهة , والمعارضة السورية بشقيها المدني والعسكري بقيادة الجيش السوري الحر والائتلاف الوطني السوري ومن يقف وراءهما ويدعمهما كجبهة موحدة من جهة أخرى , يلاحظ  ان كلا أطراف الصراع والأزمة لا يملكان جميع أزرار”الريموت كنترول” الذي يتحكم ويسيطر على الصراع الداخلي ومنه تصديره الى الخارج – أي- أنهما لا يملكان القدرة على اتخاذ قرار مستقل دون تأثر ذلك القرار بالعوامل والمؤثرات الخارجية وعلى رأسها تأثير التحالفات الخارجية لكليهما علي قراراتهما حيال الأزمة وحلها , ومن أهم تلك التحالفات المؤثرة في الأزمة السورية , التحالفات التالية:

تحالفات النظام السوري:

         للنظام السوري حلفاء مباشرون – دول وأطراف داخلية فئوية- أعلنوا بكل صراحة دعمهم الصريح ووقوفهم السياسي وحتى العسكري معه وبقوة , كما فعلت الجمهورية الإيرانية من خلال دعمها السياسي ومساهمة الحرس الثوري الإيراني في النزاع العسكري , وكذلك حزب الله اللبناني كما اشرنا سابقا , وتقف روسيا كحليف استراتيجي له مصالحه الخاصة وأهدافه السياسية والاقتصادية والجيوسياسية المستقلة, وآخرون لم يعلنوا صراحة وقوفهم مع النظام السوري ولكنهم يقفون معه بطريقة غير مباشرة ,كما هو حال العراق والجزائر كدول والتحالفات الشيعية في كل أطراف العالم فئات داخلية .

         والحقيقة التي لابد من التطرق إليها هنا , هي ان جبهة التحالف مع النظام السوري سالفة الذكر أقوى وأكثر صراحة وصلابة وشجاعة من الجبهة التي تقف مع المعارضة , وبالتالي فان النظام السوري اليوم مرتهن بتلك التحالفات ويستمد قوته منها , بل ونؤكد على ان بقاءه مرهون بإصرارها على الدفاع عنه والوقوف معه , وان نهايته ستكون باستسلامها وتخليها عنه وعلى رأسها الجمهورية الإيرانية التي نعتقد أنها صمام الأمان والحياة للنظام الرسمي السوري.

تحالفات المعارضة السورية :

         يقف وراء المعارضة السورية بشقيها المدني والعسكري اليوم تحالف أوسع وأقوى بكثير في حقيقته مما يقف وراء النظام السوري , ولكنه اضعف واقل شجاعة وإرادة على الحسم والتعاطي مع الأزمة السورية بوجه عام , ومع المعارضة على وجه الخصوص حتى اللحظة الراهنة على اقل تقدير , وابرز أولئك الحلفاء الذين أعلنوا صراحة وقوفهم مع الجبهة المعارضة للنظام السوري تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وبريطانيا حتى الآن ,أما الولايات المتحدة الاميركية والتي وبالرغم من مرئياتها التي هي اقرب للمعارضة السورية نستطيع ان نقول بأنها لازالت متململة وغير قادرة على حسم موقفها النهائي وإعلانه بشكل صريح .

         كما ان هناك العديد من الدول العربية والخليجية تقف مع المعارضة السورية ولو بطريقة غير معلنه , ولكنها تحاول ان تنأى بنفسها عن دائرة الصراع العسكري المباشر كما هو حال مع مصر وليبيا وتونس – أي – دول ما أطلق عليه بالربيع العربي على سبيل المثال لا الحصر, كما يجب ان لا نتجاهل وقوف العديد من الجبهات المستقلة والأحزاب السياسية وخصوصا السنية منها في العديد من الدول العربية مع المعارضة السورية من مبدأ طائفي أكثر منه إنساني , كما تفعل نظيراتها الشيعية مع النظام السوري كما سبق واشرنا .

         وقد اضعف هذا التعدد في الجبهة المعارضة للنظام السوري واختلافات مرئياتها وأهدافها ومصالحها الجيوسياسية وتنازع المصالح والتوجهات قوة وتوحد المعارضة السورية المدنية – ونقصد بها – الإئتلاف الوطني السوري , كما ان الخلافات الداخلية بين أطراف المعارضة السورية نفسها حول ما بعد سقوط النظام السوري وأهداف الدولة السورية القادمة كان له ابرز الأثر في سلبية المعارضة وتوحدها وقوة مرئياتها ,هذا اذا ما أضفنا إليه تفاقم اختلافات المعارضة المدنية الممثلة بالائتلاف الوطني والمعارضة السورية العسكرية ممثلة بالجيش الحر , والذي يصر على ان يكون له 50% من التمثيل الرسمي حول أي اتفاق سياسي في المستقبل لحل الأزمة السورية.

 الأسئلة المحيرة “نواقيس لابد ان تقرع ” :

         قبل ان نضع تصوراتنا التحليلية للسيناريوهات المتوقعة والمحتملة لحسم الأزمة السورية نود ان نطرح الأسئلة التالية , والتي ستساعدنا على وضع وتوضيح بعض التصورات لتلك السيناريوهات , ومن ابرز تلك الأسئلة المحيرة والتي لابد ان تطرح , الأسئلة التالية :

(1)هل يمكن للجبهة التي تقف مع الرئيس بشار حتى الآن ان تستمر في دعمه الى مالا نهاية وخصوصا الروس؟ وهل يمكن ان تدخل روسيا في مواجهة سياسية مفصلية حاسمة مع الولايات المتحدة الاميريكية وحلفاءها الأوربيين المناصرين للمعارضة للانتصار للنظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد ؟

(2) اغلب الظن ان وقوف إيران وحزب الله مع النظام السوري هو وقوف مصالح طائفية وسياسية أكثر منها قناعات إنسانية او انتصار لشخص بشار , وهو ما سيتأكد خلال الفترة الزمنية القادمة , وعليه هل يمكن في حال دخلت أطراف دولية على الأرض في مواجهة النظام السوري الحاكم ان تصعد إيران مساحة مواجهتها للمواجهة عسكرية مع تلك الدول المتحالفة على النظام السوري ؟ وهل يمكن ان لا تنفذ هي او حزب الله اللبناني قرارات مجلس الأمن الدولي في حال حسم الأمر نحو حظر جوي على سوريا , وما نتيجة ذلك في حال لم تقبل او رفضت تنفيذ ذلك القرار؟

(3)هل ستقف روسيا كقوة معارضة في حال صدور قرار يضع حزب الله في اللائحة الدولية السوداء للإرهاب من قبل مجلس الأمن الدولي بعد وضع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في نفس اللائحة وبالتالي ماذا سيترتب على ذلك على الواقع السوري واللبناني ؟

(4)هل ستقبل الجهات التي تقف وراء المعارضة السورية كتركيا والسعودية وقطر وبريطانيا وفرنسا استمرار الصراع وتأزم موقف المعارضة او ربما إبادتها والقضاء عليها , وهل ستقف مكتوفة الأيدي في مواجهة تدخل حزب الله بكل صراحة في الشأن السوري ؟ اذا ماذا سيكون موقفها وردة فعلها؟

(5)في حال انتصار بشار او النظام السوري وحلفاءه , ماذا سيكون موقف جامعة الدول العربية , وحلفاء المعارضة الصريحين وما هي صورتهم وموقفهم بعد كل هذه الفترة من الدعم المادي والمعنوي والعسكري للمعارضة السورية ؟

(6)كيف ستكون علاقة تلك الدول المتحالفة مع المعارضة او التي تقف وراءها تجاه الولايات المتحدة الاميركية في حال سقطت المعارضة وفشلت في الإطاحة بالنظام السوري ؟ وهل سيؤثر ذلك في علاقتها السياسية والاقتصادية معها ؟

(7)هل ستضرب إسرائيل منظومة الدفاع الروسية في حال تسليمها للنظام السوري , وماذا سترتب على ذلك على الصعيد الإقليمي والدولي؟وماذا ستكون ردة فعل النظام ؟ وردة فعل الروس أنفسهم , وكيف ستقف الولايات المتحدة الاميركية مع إسرائيل بعد الضربة ؟

(8)اذا لم تضرب إسرائيل منظومة الصواريخ الروسية , ونتج عن ذلك تهديد النظام السوري ضرب كل الطائرات العابرة أجواءه بعدها بتلك الصواريخ , وبالتالي استحالة إقامة حظر جوي على الأجواء السورية ؟ وما يتبع ذلك من زيادة قوة النظام السوري وربما انتصاره في نهاية المطاف ؟ كيف ستتعامل روسيا وأمريكا مع تلك الصواريخ , وما تأثير ذلك على العمق الاستراتيجي الإسرائيلي ؟

(9) كيف سيتعامل النظام الدولي مع بشار الأسد لو انتصر؟ وكيف سيكون موقف حلفاء المعارضة من نفس النظام الدولي ؟

(10) ماذا سينتج لاحقا عن انتصار النظام السوري على المشهد السياسي السوري الداخلي ؟ وهل ستنقسم سوريا بين شيعة وسنة ؟ وهل سنشهد حالات تصفية طائفية ؟ ونطرح نفس السؤال في حال انتصرت المعارضة السورية .

الى أين تتجه الأزمة السورية “سيناريو النهاية “؟

         كما توقعنا سلفا بان نهاية الأزمة في سوريا لن تنتهي او تحسم سوى بتنازل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة بشكل نهائي , فهو نقطة الحسم والفيصل بالنسبة للمعارضة بشقيها , او الاتجاه الى تصعيد عسكري خطير سيؤدي الى حرب كارثية تمتد الى معظم الخارطة الشرق أوسطية , وستؤثر بشكل مباشر وخاص على دول الجوار السوري وخصوصا لبنان والعراق وتركيا, وعلى الأردن ودول الخليج وبقية المنظومة الدولية بشكل عام , لأننا نتصور بان الأزمة السورية قد أخذت منحنى شخصي انتقامي أكثر منه سياسي , بل ومسالة كرامة وهيبة دولية لبعض الدول وأطراف الصراع الخارجي بعد كل هذا الوقت والجهد والخسائر المادية والبشرية أكثر منه محاولة لاحتواء أزمة سياسية او إنسانية , حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب السوري .

        وبعد موافقة النظام السوري مبدئيا بضغط إيراني / روسي علي المشاركة في مؤتمرا جنيف الثاني حول الأزمة السورية ، والذي من المتوقع عقد ه في يونيو 2013م  , ها هي المعارضة السورية ترفض المشاركة فيه نتيجة اتساع هوة الصراع والمواجهة المسلحة بينها وبين النظام بدخول حزب الله للأراضي السورية وإعلان أمين الحزب السيد حسن نصر الله مشاركة الحزب بشكل علني في الدفاع عن النظام السوري , هذا مع عدم تناسي وجود الحرس الثوري الإيراني ومشاركته الصراع بطريقة غير معلنة ورغبة روسيا تسليم النظام السوري لمنظومة صواريخ أس 300 .

         ونتيجة لذلك اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف المعارضة السورية بنسف مؤتمر السلام الدولي، جنيف 2، من خلال فرض شروط “غير قابلة للتحقيق” , وقال لافروف : لدينا انطباع بأن الائتلاف الوطني والجهات الإقليمية الراعية له يقومون بكل ما في وسعهم لمنع بدء العملية السياسية ، والحصول بكل الوسائل على تدخل عسكري، بما في ذلك من خلال دعاية غير نزيهة لدى الرأي العام الغربي” , ووصف لافروف الشروط التي وضعتها المعارضة السورية للمشاركة في المؤتمر الدولي بأنها “غير قابلة للتحقيق” وفي طليعتها اشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد , – كما سبق واشرنا – وقال إن “الائتلاف الوطني غير مستعد للمشاركة في المؤتمر بدون شروط مسبقة , وهذه الشروط غير قابلة للتحقيق.

         المهم في الأمر ان السيناريوهات المتوقعة لدينا او المحتملة نتيجة لما أفرزته النتائج السياسية والعسكرية حتى اللحظة الراهنة من وجهة نظرنا الشخصية طبعا هي السيناريوهات التالية :

 (1) نهاية النظام السوري ممثلا بالرئيس بشار الأسد بالتنحي والرحيل بإرادته او بإلزامه بالقوة او بدخوله في صراع دولي يؤدي الى نفس الوضع او الى اغتياله في نهاية المطاف , وهذا السيناريو هو الوارد لدينا والأقوى تحقيق خلال المرحلة الزمنية القادمة نظرا لعدم وجود حسم سلمي يمكن ان يقنع المعارضة السورية في ظل بقاء النظام الرسمي .

(2)نهاية المعارضة السورية بشقيها المدني والعسكري والقضاء عليها بشكل نهائي من قبل النظام السوري وحلفاءه في إيران وحزب الله , وهو أمر استبعده سوى بإبادة جماعية او صراع طويل المدى .

(3)استمرار الأزمة السورية الى ما لا نهاية , – وبمعنى أخر- , بقاء النظام السوري والمعارضة بشقيها في حالة من الصراع والاقتتال الدائم , وهو أمر مستبعد وغير وارد مهما بلغت مساحة المصالح بين أطراف الصراع الداخلي والخارجي .

الثامن والثلاثون سياسة

عن الكاتب

الأستاذ محمد بن سعيد الفطيسي

• رئيس تحرير صحيفة السياسي الالكترونية , التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية منذ مطلع العام 2009 م وحتى الآن.
• رئيس تحرير صحيفة الساعة الالكترونية السورية في الفترة من 2007 - 2008م.
• صحفي مستقل , وباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية.
• كاتب مقال أسبوعي بصحيفة الوطن بسلطنة عمان – صفحة آراء السياسية.
• باحث في الشأن الروسي الحديث – روسيا القرن الحادي والعشرون.
البريد الالكتروني : azzammohd@hotmail.com
الهاتف النقال : 0096899844122