المصارف الاسلامية

هي مبدأ نحتاج إلى من يعرضه بالصورة الصحيحة الناصعة

نحتاج للنهوض بالمصارف الإسلامية إلى عقول مبدعة وأفهام نيرة تقدمه للعالم كحل للكثير من المشاكل الاقتصادية الشائكة في عصرنا الحالي

نحتاج إلى مستثمرين جريئين في الاستثمار فيها لصالح المجتمع نعم هي تجارة ولكنها تحمل في طياتها رسالة فتسعى المصارف الإسلامية لتمويل مشاريع تساهم في رفعة الأمة لتكون الأمة بسببها مصدرة لا مستوردة

ولا يكن أكثر العمل في المضاربة التقليدية والمرابحة التي تجلب الربح السهل

فليكن الاستثمار في ما يوفر للأمة احتياجاتها الأساسية فالاستثمارات في الزراعة والصناعة والسعي لتمويل المشاريع العملاقة التي تحول البلد إلى مركز جذب واهتمام من قبل المستثمر الخارجي

بدأت عمان ولو متأخرة قليلا الدخول في مجال المصارف الإسلامية، وهذا المجال عموما شهد نموا سريعا خلال الفترة الأخيرة فارتفعت مساهمة البنوك الإسلامية فكان نمو المصارف الإسلامية في عام ٢٠١٢ قرابة ٤٤٥ بليون دولار أمريكي مقارنة بعام ٢٠١١ حيث كان الإجمالي ٣٩٠بليون دولار أمريكي ومن المتوقع حسب بعض الدراسات أن تنمو المصارف الإسلامية بنسبة ١٤٪ خلال العام الحالي . والجدير بالذكر أن المصارف الإسلامية لم تتأثر بالأزمة المالية الأخيرة تأثرا كبيرا، وهذا ما جلب الأنظار لهذا النوع من المصارف عالميا.

أنا بالنسبة للسلطنة فقد كانت البداية متواضعة قليلا حيث أن رأس مال المصارف الإسلامية في الربع الأول من العام الحالي قرابة خمسمائة مليون ريال عماني مقارنة برأس مال المصارف  التجارية التي وصل نحو عشرين مليار ريال عماني وهذا بحد ذاته يشكل تحديا كبيرا لهذه المصارف الوليدة لتكون في مجابهة الاقتصاد العملاق الذي يستطيع بسبب رأس ماله الضخم تجاوز العقبات والأزمات دون أن تولد ضررا كبيرا عليه ، على عكس المصارف الإسلامية التي تعاني أيضا من نقص الوعي بها ففي  عالم الاقتصاد والمال لا يكفي بأن تكون العاطفة هي المصدر للتوجه نحو هذا النوع من البنوك كما تشير بعض الدراسات فلا بد من تكثيف الوعي بهذه المصارف وبمميزاتها التي جعلت  من بعض الدول الغربية تغير في بعض قوانينها كي تكون حاضنا لهذا النوع من المصارف ، كما لا بد أن نركز على أن السوق المالية الإسلامية في عمان ينقصها الكثير من التنظيمات والأطر بل وحتى بعض البنى الأساسية التحتية لمثل هذا النوع من المصارف  فلابد من توفير سوق ما بين البنوك لإدارة الشريان الرئيس وهو السيولة ، ففي وجود هذه السوق يمكن للمصارف اللجوء إليها سواء في حالة فائض السيولة أو حالة العجز وهذا يشمل الإقراض قصير الأجل أو طويل الأجل ولكل منها تفاصيله الخاصة به ، كما لا يفوت أيضا التركيز  على وجود هيئة شرعية عليا تكون تابعة للبنك المركزي مهمتها وضع الخطوط العريضة للهيئات الشرعية في البنوك تحول دون التوسع والدخول في شبهة ربوية تفقد هذا المصارف مصداقيتها، وتكمن أهمية وجود هذه الهيئة في البنك المركزي أنها ستكون هيئة رقابية تشريعية لا هيئة استشارية فقط ، وتستمد سلطاتها من خلال السلطات الممنوحة للبنك المركزي في سلطته على البنوك العاملة ، كما أن وجود سوق ثانوية يمكن للمصارف اللجوء إليها لتوفير السيولة اللازمة أو لتسييل موجودات في حالة الطلب مهم جدا لبقاء المصرف يعمل بكفاءة عالية ، لاسيما مع وجود متطلبات بازل ٣ والتي رفعت من سقف السيولة الواجب توافرها في المصارف إلى ثلاثين يوم في حالة وجود أزمة قد تضر بالقطاع المصرفي.

فبما أن تجربة الصيرفة الإسلامية ما تزال حديثة في السلطنة فإنها فرصة لنبدأ حيث انتهى آخرون لا أن نكرر نفس الأخطاء التي وقعت فيها المصارف الإسلامية خلال تجربتها من سبعينيات القرن الماضى حتى يومنا الحالي ، وهذا بطبيعة الحال لا يكون إلا بتوفير كل الإمكانيات سواء القانونية أو التشريعية التي تضمن بيئة تنافسية نزيهة وتضمن مراقبة مستمرة لعدم الحياد عن الخط المرسوم لهذه المصارف.

ومن جانب آخر على البنوك إن تراعي عدم الإفراط في المرابحات التي يكون فيها الخطر شبه معدوم لإن القاعدة الشريعة تقول ” الغنم بالغرم”، وهنا لابد أن تسعى هذه المصارف لتحقيق رؤى الجيل المؤسس من خلال إنها تكون سببا لرفعة الأمة لا فقط مجرد تاجر لا يهمه إلا ربحه فقط ، فلا بد من الدخول في عقود المضاربات والتي خطرها كبير ولكن في الجهة المقابلة ربحها أكبر.

    كما يجب على هذه المصارف عدم الإيغال في استيراد النظم البنكية من البنوك التقليدية ومن ثم محاولة إضفاء الشرعية لها من خلال إدخال إجراءت شكلية فقط ، وهذا يتطلب دورا يقضا من اللجان الشريعة في تلك المصارف، وفي نفس الوقت على هذه المصارف في ظل النقص الحاد في الكوادر البشرية المؤهلة التي يمكنها التعامل مع النواحي الشرعية وتفهم بوضوح الإجراءات البنكية إن تسعى جاهدة في الاستثمار في هذا الجانب ، وأيضا أن ترعى البحوث التي تساهم في حل المشكلات التي تعاني منها هذه المصارف، فالبحوث العلمية ستوفر لها حلولا شرعية عملية إلا جانب الابتكار ، فالسوق لا يقبل التقليد ، فبالتقليد لا توجد هناك فروق بين النظامين المصرفيين.

 

العدد التاسع والثلاثون ثقافة وفكر

عن الكاتب

مصطفى بن ناصر الناعبي

متخصص مصارف إسلامية وتمويل