عمان وإيران و مكتسبات السلام

كتب بواسطة طفول زهران

صرح رجال أعمال بأن اهتمام المستثمرين بسلطنة عمان تنامى منذ أن استضافت دولة خليجية صغيرة “سلطنة عمان” محادثات سرية بين أمريكا وإيران في عام 2013 أدت إلى اتفاق مؤقت بشأن البرنامج النووي الأخير.  بلغ حجم التجارة بين البلدين حوالي ستمائة مليون دولار في عام 2013 ، ما يعادل ثلاثة أضعاف حجم التجارة في 2010. وإذا ما تم رفع العقوبات بشكل كامل عن إيران، فإن ذلك سيعود بالنفع على عمان.

مثلت سلطنة عمان – التي يبلغ عدد سكانها 3.3 مليون نسمة –  وسيطا بين الولايات المتحدة وإيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979 التي أدت إلى انقسام الحلفين السابقين. لم تواجه عمان صعوبة في التعامل مع الطرفين ، كونها دولة خليجية صديقة لأمريكا، إلى جانب كونها جارة بحرية لإيران التي لا تبعد عن مضيق هرمزإلا بحوالي 39 كم. وبرغم العزلة التي فرضتها العقوبات على إيران، فقد أكد سلطان عمان بأن إيران تلعب دورا هاما كقوة إقليمية.

لاحت لعمان فرصة لجمع الطرفين في عام 2009، عندما اختطف ثلاثة سائحين أمريكيين في إيران، حيث أرسل السلطان قابوس مبعوثا للتوسط لهم وأفرج عنهم بكفالة تبلغ قدرها مليون دولار. بعدها عرض العاصمة مسقط لإجراء محادثات بين الطرفين، وعلى الرغم من أن المحادثات بدأت في منطقة القرم حيث يعيش النخب، فقد ظلت اللقاءات سرية.

كان للدور الذي لعبته السلطنة صدى جيدا في الداخل ، ما جعل المواطنين فخورين بذلك ، وما أدى بدوره إلى احتواء الاستياء الشعبي عندما اندلعت احتجاجات في مجموعة من المدن العمانية عام 2011. بثت موجة الاحتجاجات الطائفية في سوريا والعراق والبحرين الفزع لدى العمانيين، إذ ينتمي أكثر من نصفهم إلى المذهب الأباضي ، الذي يختلف عن المذهبين السني والشيعي. ويرون بأن إعادة إيران إلى المصاف الدولية من شأنه أن يحد من رغبة طهران في السعي إلى التأثير السلبي من خلال الصراع وبث الخطاب المعادي لإيران نحو عدوها اللدود السعودية.

ولعله من الأهمية بمكان ، وبعد مئات السنين من تاريخ البلاد كونها بلد تجاري، تعلم العمانيون أهمية السلام من أجل التجارة. استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة المجتمع الإيراني والتجارة غير الرسمية، لكن وفي الوقت الذي كانت  تقوم في شمال عمان أعمال صغيرة وعمليات تهريب للنفط ، فإن البلاد بدأت في علاقاتها التجارية غالبا من الصفر.

صرح محمد بن محفوظ العارضي قائد سلاح الجو العماني السابق والذي يجلس على كرسي مجلس إدارة البنك الوطني العماني ” لا أظن أن جلالة السلطان قابوس قام بهذه الوساطة لقاء منفعة أو مصلحة تعود عليه منها”.  ولكن ومنذ أن أصبحت المحادثات علنية ، ارتفع سوق العقارات وأقبلت مجموعة من الاستثمارات الأجنبية وأظهرت إيران المزيد من الاهتمام في مجال الاستثمار.

 تتنقل الآن الكثير من الوفود التجارية بين البلدين، ففي شهر يناير فازت شركة إيرانية بعقد لإدارة ميناء خصب في سلطنة عمان. كما صرح السفير الإيراني في العاشر من فبراير بأن طهران ستستثمر 4 مليارات دولار في سلطنة عمان، بما في ذلك الدقم، المنطقة الاقتصادية التي سوف تحتضن ميناءً و مرافق تصدير للغاز ومطار إضافة إلى منطقة صناعية إلى جانب الفنادق والمنتجعات. ومن المقرر أن يمتد خط أنابيب بين البلدين لتبيع إيران الغاز إلى عمان، والتي تمتلك طاقة إنتاجية فائضة لشحن الغاز الطبيعي المسال إلى مناطق أبعد من ذلك. كل هذا من شأنه أن يخفف من أزمة الميزانية لطهران و يمكن عمان من التصدير إلى  كوريا الجنوبية واليابان فضلا عن تلبية الطلب المحلي.

المقال نشر في مجلة الإيكونوميست بتاريخ 3 مارس 2013 (الرابط)

السابع والأربعون سياسة

عن الكاتب

طفول زهران

أديبة ومترجمة عمانية