حوار مع الناشطة الحقوقية الأمازيغية مها الجويني

كتب بواسطة حبيبة الهنائي

الامازيغ هم من الشعب التونسي الذي عانى الاستعمار و الاستبداد و الظلم ، فلنقل كيف حال الثقافة الامازيغية بتونس بعد 23 سنة من نظام دكتاتوري و ثلاثين سنة من الدولة اليعقوبية الأحادية الرؤية و أربع سنوات من الانتقال الديمقراطي والارهاب وحكم الاسلاميين ؟ حرمان من الحديث باللغة الامازيغية و رفض الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية و رفض مطلب تأسيس مركز ثقافي وطني للأمازيغية علاوة على رفض تدريس اللغة في الجامعات و في أقسام التراث و التاريخ القديم إذ يغدوا المختص التونسي جاهل في ما يتعلق بلغة أسلاف تونس

الناشطة الحقوقية الأمازيغية مها الجويني : الثورة نزعت الخوف من قلوب التونسيين

banar
مقدمة:
كان أول لقاء جمعني بالكاتبة والناشطة الحقوقية الأمازيغية مها الجويني بالقاهرة في شهر يونيو من العام 2013 وذلك تلبية لدعوة منظمة نظرة للدراسات النسوية لحضور اجتماع يهدف الى عمل عصف ذهني لأجل دراسة مقترح فكرة مشروع يهدف الى تأسيس تحالف إقليمي نسوي للمدافعات عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وخلال احدى الاجتماعات تفاجأنا بحضور مها وهي ترتدي زي أمازيغي وبيدها علم يحمل الألوان الأزرق والأخضر والأصفر وفي وسطه شعار ما أحمر اللون، ومن ثم استأذنت الجميع لكي تقوم بتعريفنا بالأمازيغ وعن المجتمع الأمازيغي. وفي لقاءنا الثاني في فبراير 2015 قررت إجراء هذا الحوار معها.
البطاقة الشخصية ؟
شابة تونسية ، ذات 28 سنة ، حاصلة على الاجازة في اللغة و الحضارة و الادب الفرنسي ، و شهادة تقنية في الادارة وحاليا في طور الاعداد للماجستير. تعمل كمنسقة إعلامية لحملة وقف زواج الأطفال التي اطلقتها مفوضية الاتحاد الافريقي في 2014 . مقيمة بأثيوبيا ، مناضلة من أجل الحقوق الثقافية لشعوب شمال إفريقيا وسابقا كنت مستشارة إعلامية للكونغرس العالمي الامازيغي، و حاليا مسؤولة العلاقات الخارجية لدى الجمعية التونسية للثقافة الامازيغية.
من هم الأمازيغ ؟
الأمازيغ كما يعرفون بأنفسهم ، هم الأحرار ، و أمازيغ هي جمع لمازيغ و مازيغ هو الحر . وهم السكان الاصليين لشمال إفريقيا تنحدر أصولهم منها .
الى ماذا يرمز العلم الأمازيغي ؟
برز هذا العلم الزاهية ألوانه لأول مرة في السبعينات حيث يعود الفضل في ظهوره أو ابتكاره إلى الأكاديمية البربرية (أكراو إمازغن) والتي قامت بتقديمه إلى مجموعة من المنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق الشعب الأمازيغي. وفي عام 1998 قام الكونغرس العالمي الأمازيغي بتبني هذا العلم كعلم وطني للأمة الأمازيغية والذي يرمز إلى الشعب الأمازيغي المتعايش مع طبيعة أرضه ويعبر عن هوية وحضارة الإنسان الأمازيغي المتجذرة في التاريخ. ويتكون العلم الأمازيغي من ثلاث خطوط أفقية مقسمة بنفس العرض ويحمل الألوان الأزرق والأخضر والأصفر التي تمثل التنوع الطبيعي؛ بينما يتوسط العلم باللون الأحمر حرف الزاي أو (أزا) بالأمازيغية. ويرمز كل لون إلى عنصر من بلاد تمازغا في بلاد الأمازيغ أي شمال أفريقيا بحيث يرمز اللون الأزرق إلى لون الماء أو البحر إشارة إلى البحر الأبيض المتوسط من غرب النيل الي جزر الكناري وهو في حد ذاته يرمز إلى القبائل الأمازيغية القاطنة في المنطقة الشمالية لمملكة (تامزغا). ويرمز اللون الأخضر الى سلسله جبال الاطلس الممتدة على كامل شمال أفريقيا من سهول وهضاب والجبال الوسطى الخضراء ل(تمازغا) وله دلالة ضمنية إلى القبائل الأمازيغية الساكنة في المناطق الوسطى. أما اللون الأصفر فهو يرمز إلى الرمال الذهبية للصحراء الأمازيغية وهي تشمل القبائل الأمازيغية الصحراوية. أما بالنسبة لرمز الزاي بالأبجدية الأمازيغية (تيفيناغ) فيمثل الإنسان الحر أي الأمازيغي وهو باللون الأحمر الذي يرمز الى لون الحياة والمقاومة. علما بأن مبادئنا هي: حضارة واحدة وهي الحضارة الأمازيغية ، و لغة واحدة وموحدة وهي “تمازغت” ، و أرض واحدة وهي “تمازغا” ، و فكر موحد وهو الفكر الأمازيغي ، و هدف واحد وهو الحرية.
ما نسبة الأمازيغ مقارنة بعدد السكان في دولهم ؟
تقول التحاليل الجينية التي قام بها المركز الأمريكي أن أكثر من 80% من سكان تونس يحملون الجنينات الامازيغية ، و يؤكد المؤرخون و المختصين في الشأن الثقافي و الأنثروبولوجي أن الثقافة الامازيغية هي أساس الهوية التونسية المتنوعة و العريقة هناك. ومن يعرف الامازيغ بأنهم فقط من يتحدثون باللسان الأمازيغي، فأنا ضد هذا التعريف لان اللغة ليست وحدها المحددة للهوية، فمثلا هنا في إفريقيا الغربية يتحدثون الفرنسية و لكنهم أفارقة و ليسوا بفرنسيين. و يبلغ عدد المتحدثين اللغة الامازيغية في تونس قرابة 500000 و هي نسبة من 12 مليون تونسي يتحدث العامية التونسية التي هي مزيج بين التركي و الامازيغي و الفرنسي و العربية. لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الامازيغ في المنطقة أغلب الدراسات غير الرسمية تفيد أن عددهم التقريبي ربما كان في حدود 60% من مجموع السكان البالغ عددهم 30 مليون. وهذا يعني أنهم في حدود 19 مليون نسمة . و في الجزائر يشكل الناطقين بالأمازيغية كلغة أم نسبة 40 الى 50 بالمئة ، من مجموع سكان 35 مليون نسمة . و في ليبيا تفوق نسبة المتحدثين بالأمازيغية قرابة 20 بالمئة من السكان البالغ عددهم 5 ملايين و موريتانيا 4000 متحدث و لغتهم مهددة بالانقراض و مصر 28000 متمركزين بواحة سيوه و في الأزواد حيث يبلغ عددهم مليونين المعروفين بالطوارق (إيموهاغ) كما يسمون أنفسهم . تجدر الإشارة هنا أن الطوارق هم من أمازيغ الصحراء و هم جزء من الشعب الامازيغي و مصيره من مصيرنا .
كيف يتم معاملة الأمازيغ في دول شمال أفريقيا وبالتحديد في بلدك تونس؟
الامازيغ هم من الشعب التونسي الذي عانى الاستعمار و الاستبداد و الظلم ، فلنقل كيف حال الثقافة الامازيغية بتونس بعد 23 سنة من نظام دكتاتوري و ثلاثين سنة من الدولة اليعقوبية الأحادية الرؤية و أربع سنوات من الانتقال الديمقراطي والارهاب وحكم الاسلاميين ؟ حرمان من الحديث باللغة الامازيغية و رفض الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية و رفض مطلب تأسيس مركز ثقافي وطني للأمازيغية علاوة على رفض تدريس اللغة في الجامعات و في أقسام التراث و التاريخ القديم إذ يغدوا المختص التونسي جاهل في ما يتعلق بلغة أسلاف تونس . تهميش وعدم الاهتمام بالقرى الامازيغية بتونس ، غياب مراكز تعنى بهذا التراث المهدد بالضياع . عدم الاهتمام بالزوايا التي أتلفها و أحرقها الارهابيون بتونس، ملاحقة مناضلي الحركة الثقافية الامازيغية بدون استثناء.
أذكر المناضلة و المدونة و الباحثة في الثقافة الامازيغية هاجر بربنا التي كانت تلاحقها الشرطة الالكترونية في فترة حكم بن علي و تُغلق مدوناتها و تغلق حساباتها الإلكترونية لأنها كانت تكتب عن التاريخ الامازيغي المنسي بتونس ، هاجر التي تتعرض للإيقاف و المسائلة و الملاحقة لأنها تدافع على حقها الثقافي الذي كفلته لها دستاتير الجمهورية التونسية (دستور1959 و دستور2014).
ماهي مكانة المرأة عند الأمازيغ؟
المرأة عند الأمازيغ: تسمى المرأة عندنا بتمازيغت و تمازيغت هي أيضا اسم اللغة و اسم هوية الشعب الامازيغي ، المرٍأة عندنا هي النسب وهي اللقب وهي تيهيا تملودت ، برباتوا ، تمتوت ، تانيت ، السيدة المنوبية ، سوفينسبا بشيرة بن مراد نساء تونسيات أقترن ذكرهن بالبناء والتأسيس والذود عن الوطن و التضحيات و الثورة … فصح بذلك قول الطاهر الحداد “المرأة أم الانسان ” ، و تمتوت كانت على مدى التاريخ أم الإنسان التونسي منذ الفترة القبصية إلى اليوم . المرأة القبصية أول من سكن البلاد : هناك في منطقة تبعد 15 كلم عن محافظة قفصة الوسط الغربي التونسي ، اكتشف المؤرخ الفرنسي قوبار في سنة 1909 الحضارة القبصية و هي حضارة عرفتها تونس بين الألف الثامنة والألف السادسة قبل الميلاد تلك الفترة التي عرف فيها الإنسان بداية الاعتقاد و بداية الأعمال الفنية التي تتعدى المستلزمات المادية البحتة للحياة . و يعتبر المؤرخون أن الفترة القبصية هي من أنشط وأهم فترات التاريخ القديم إذ عرفت فيها ربوع المغرب الكبير كثافة سكانية لم يسبق لها مثيل . كما تنحدر أصول هؤلاء السكان من سلالة البحر الابيض المتوسط القدامى و هم أجداد الأمازيغ.
المرأة القرطاجية مواطنة فعلية: تأسست الحضارة القرطاجية في سنة 814 على يد التجار الفينيقين الذين دأبوا القدوم إلى تونس منذ الألف الأول قبل الميلاد و سقطت سنة 146 قبل الميلاد على يد الجيوش الرومانية، و أقترن ذكر قرطاج دائما باسم ديدون أو عليسة أو ألشت الاميرة الأرملة التي فرت من حكم أخيها بقماليون من لبنان لتجد ملاذ لها في أرض تونس وتبني مدينة لها اسمها قرط حدشت ، كما اقترن أيضا باسم صفينية التي كان لها دور مهم في الحرب البونيقية الثانية واشتهرت برجاحة عقلها وتضحيتها في سبيل وطنها ، وقد اكتشف الباحثين نقوش جنائزية و خاصة نذرية ممتدة من القرن الخامس إلى نصف القرن الثاني قبل الميلاد ، و هي تشير إلى أسماء ووظائف المتوفاة . و انطلاقا من هذه النقوش اكتشف الباحثون الآتي : أسماء 11 إمراه كانت تمارس وظائف دينية بينها 9 كاهنات و رئيستان للكهنة وتجدر الإشارة هنا أن وظيفة رئيسة الكهنة كان محتكرة من قبل الطبقة الأرستقراطية لأن الزوج او الأب قد يكون سبطا أو ربا ،في حين الوظائف الدينية ألأخرى و التجارية فكانت مفتوحة على بقية الفئات الاجتماعية . و هناك وثيقة واحدة تشير إلى “شبلت تاجرة المدينة ” و لكن الوثيقة لا تذكر أجدادها ولا بعلها فيحتمل أن تكون من أصل متواضع .
كذلك وجود ما يقارب من 6000 نقش أغلبها نذرية فيها من 86 بالمئة نسائية و 14 بالمئة رجالية و هذا الرقم بليغ جدا إذ يظهر أن عددا مهما من النساء كن يولين أهمية للكتابة حتى يخلدن القرابين أو يسجلن الوفاة ، كما أشارت النقوش ايضا إلى الزواج الأحادي في قرطاج ، و هكذا فإن المرأة بقرطاج كان بإمكانها أن تعمل و أن تمتلك و تتصرف في أملاكها على قدم المساواة.
المرأة في الفترة الرومانية : يرسم الشاعر “مالينويس” في كتابة أسترونوميك لوحة عن المجتمع الافريقي في القرن الأول للميلاد حيث تظهر فيه مختلف الانشطة النسوية من العاملة البسيطة إلى بائعة الزهور مرورا بالتجارة وتحديدا تجارة بيع الملابس . و ذكر الروائي الامازيغي الروماني ابوليوس ” في رواية “الحمار الذهبي” أكثر من مرة مهن النساء مثل خادمة ، صاحبة حانة، ممرضة وغيرها . هذا و جاء في بعض النقوش في تونس أسماء ثلاث قابلات و طبيبة و يلقبن بأبو بستريس اذ كن يساعدن النساء في الولادة و في كل ما يخص الامراض النسائية و يقال انه كان يتم الالتجاء لهن في امتحان البكارة وهذا ما اورده القس سيبريان القرطاجني :” تطلبون منا ان نعطيكم رأينا في البنات الابكار اللواتي بعد ان صممن على المحافظة على العفة و أخيرا عثر عليهن بعد ان ضاجعن رجالا من بينهن كاهن ,, أن يد القابلة و عينها غالبا ما يخطئان في شأنهن ” و كانت معرفتهن متسعة لمواجهة الولادات العسيرة أو إيقاف الحمل متى تعرضت الأم للخطر، وتجدر الاشارة هنا ان فعل الاجهاض عمل لا يستهجنه المجتمع التونسي منذ القدم طالما هو في مصلحة المرأة.
في الفترة الرومانية أيضا حين كان المجتمع الأفريقي محافظ ويتميز بولائه لروما، لم يمنع ذلك من ظهور من يتصدى لأحكام روما القاسية، مثل القديسة بارباتو وفليسيتا الامازغيتان اللواتي اعتنقتا المسيحية وعبرن عن ايمانهن دون الخوف من تهديدات السلطة آنذاك. ورفضت بارباتوا الاعتذار لروما واختارت ان تأكلها الحيوانات الضارية في مسرح على أن تنكر ايمانها و كانت بذلك القديستان أول شهيدات المسيحية في القرن الثاني للميلاد. . الموت من أجل القضية و المبدأ ظاهرة رافقت نساء بلادي منذ القدم و يؤكد ذلك صمود تيهيا تملودت من دعاها العرب بالكاهنة أمام جيوش حسان ابن النعمان في حربه على إفريقية و قيامها بسياسة الأرض المحروقة حتى لا يجد الغزاة موطئ قدم في أرضها و عليه كانت رمزا لحب الوطن و لحفظ العهد . باختصار هذه مكانة المرأة الامازيغية في تاريخ تونس القديم .
متى بدأتِ بممارسة العمل الحقوقي ؟
خلال الفترة من العام 2006 الى 2009 كنت مناضلة في الاتحاد التونسي للطلبة. في تلك الفترة كنت أشارك الاعتصامات و كنت ممثل طلبة الاتحاد في المجلس العلمي و كنت أساهم في كتابة و توزيع منشورات الاتحاد التي كانت تُطبع و تنشر من مال الطلبة الخاص. في تلك الفترة كان الأمن الجامعي والبوليس السياسي يراقب مناضلي و مناضلات الاتحاد داخل الحرم الجامعي و خارجه ، بعد عام 2009 اتجهت نحو العمل الجمعياتي والحقوقي فكنت أشارك في ندوات ونشاطات منتدى الجاحظ و منظمة العفو الدولية و المعهد العربي لحقوق الانسان و الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الانسان . وبعد الثورة 2011 كانت الانطلاقة الفعلية لي في العمل الحقوقي لان قبل ثورة تونس كان عملنا يقوم على المعارضة السياسية لنظام بن علي الدكتاتوري ونقده و تعرية انتهاكاته ومقاومته . بعد 2011 تغيرت المعطيات و غدى الوطن أرحب و قررت حينها التوجه للعمل الجمعياتي مع الجمعيات الشبابية و الثقافية و الجمعيات النسوية وساهمت بقلمي في نشر فكر حقوق الانسان و الثقافة الديمقراطية و التزمت منذ أربع سنوات بكتابة مقالات عن التعدد الثقافي بتونس و عن حقوق الاقليات و عن الحقوق الاجتماعية للمرأة ، كتبت في كل الممنوعات و تجاوزت كل الخطوط الحمراء لدرجة أنني كنت أسمى تارة بالكاتبة الوقحة و طورا بالكاتبة الشجاعة.
ما الذي دفعكِ الى هذا التوجه ؟
حُلمي بأن أكون إنسانة حرة وصاحبة رسالة وسط مجتمع تغيب فيه ثقافة حقوق الإنسان و تسيطر فيه العقلية الذكورية التي لا ترى كرامة للنساء . أردت أن أكون فاعلة في مجتمعي ، سعيت لأصبح إنسانة أعيش إنسانيتي من خلال مواقفي الواضحة و الأمينة تجاه الشأن العام و الشأن الخاص، لأني لا أعتبر أن السياسة و الشأن العام من اختصاصات الرجال فقط. من حقي كمرأة أن أكون حرة و فاعلة و صاحبة رأي.
ماهي الصعوبات التي تواجهينها عند ممارسة العمل الحقوقي ؟
الصعوبات عديدة و يصعب حصرها ، واجهت خلافات كثيرة مع أسرتي لانهم لم يكونوا يقبلون بعودتي متأخرة ليلا بعد كل اعتصام و أنا منهكة القوى و على جسد آثار الغبار و التعب و الخوف، وفي بعض الأحيان أكون قد تعرضت للعنف من الأمن عقب مظاهرات في الجامعة فتكون على جلدتي بعض الكدمات و الخدوش و الجروح ؛ بالإضافة للسمعة التي تحيط بكل أمراه سياسية و معارضة، بمعني أنهن بنات يجالسن الرجال و يسهرن و يلاحقهن الأمن وووو. عايشت السخرية من بقية الطلبة لانهم يرووننا “جماعة بتاع عنف” و يروني شاب يلبس زي فتاة بحكم اني ناشطة سياسية وعلى استعداد دائم للتظاهر و تبادل العنف مع الأمن الجامعي ، حسب رأي هؤلاء مثل هذا النشاط السياسي لا يليق بالنساء . تعرضت كغيري للرفض من المجتمع و للإقصاء و للتشوية لأني أعتبر مارقة في نظر القوانين الاجتماعية .
ماهي أهم القضايا التي تواجهها المرأة الأمازيغية في الوقت الحاضر؟
المرأة الامازيغية ، الريفية تواجه التهميش ، نقص التنمية ، الفقر و الضغوطات الاجتماعية عليها ، أذكر الأمازيغيات بجبال الدويرات و بمرتفعات كسرة و قرى قابس و قرى جربة و غيرها من المناطق الداخلية ، لا يجدن الدعم المادي للقيام بمشاريع تنموية تنهض بوضعهن و تساعدهن في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي المهدد بالاندثار.
ما مدى تأثير الثورة التونسية للتونسيين وبالتحديد للمجتمع الأمازيغي ؟
للثورة دور كبير في المجتمع التونسي ، الثورة نزعت الخوف من قلوب التونسيين وأهدمت في أذهاننا صنم وزارة الداخلية المخيف للتونسيين . لقد واجه الشباب التونسي بشجاعة أعتى نظام دكتاتوري عرفته المنطقة ، الثورة أعادت لنا الوطن الذي كان سجين دكتاتورية ظالمة. أثرت الثورة على الحراك الثقافي الامازيغي من خلال حرية تأسيس الجمعيات و حرية التنظيم و حق التظاهر. هذه الحقوق المدنية التي كانت ممنوعة على الشعب التونسي ، لقد كانت “تاغراولا ان نتيلي” أي ثورة الحرية كما تسمى باللغة الامازيغية .
هل تعرضتِ لأي تهديدات بسبب عملك الحقوقي ؟
التهديدات كثيرة أولها من أصحاب الفكر المتشدد، من يرسلون العديد من الرسائل في صفحتي على الفيسبوك فيها :اللعن و الشتم و الوعيد بجهنم و ينشرون صوري عليها عبارات مثل الصهيونية والكافرة والملحدة مها الجويني، بالإضافة لتلقي تهم لم يأتي الله بها من سلطان ، تعرضت ايضا للتهديدات الامنية ، كما تعرضت للقلق في شغلي السابق بحكم اني أمثل قضية لا تروق لأصحاب التوجه العروبي، ممن يرون في تونس الجانب العربي فقط منكرين الجوانب الأخرى.
ما هي أهم القضايا التي قمتِ بالدفاع عنها ؟
رسمت بقلمي المظالم الي تتعرض لها النساء و الأقليات في تونس ،أذكر مقالاتي حول : وضع المطلقات ، وضع البنات الغير عذراوات ، وضع المُغتصبات و نظرة المجتمع لهن ، وضع الأمهات العازبات من يحملن خارج إطار الزواج و كتبت عن التحرش في شوارع العاصمة … كل هذه الكتابات لا تأتي على هوى مجتمعي و لاسيما أصحاب الفكر المتشدد يمينا و يسارا وبالتالي تعرضت للتكفير والاتهام بالصهيونية لأني تحدثت عن حقوق الأقليات اليهودية و المسيحية و البهائية و حقوق السود في تونس ، اتهمت بالخيانة الوطنية و بالمس من السيادة الوطنية لأني نقدت نموذج الدولة اليعقوبية الذي اعتمدته حكومة ما بعد الاستقلال ولأني دافعت عن الثقافة الامازيغية كمكون أساسي للهوية التونسية وعليه تعرضت عدة مرات للإيقاف وللمسائلة و الملاحقة .
ما هي أهم الدورات الحقوقية التي شاركتِ فيها ؟
تلقيت العديد من الدورات التكوينية في مجال الإعلام و حقوق الإنسان ، مجال الآليات الدولية للدفاع على حقوق الإنسان ، حقوق المرأة و الجنس ، حقوق الأقليات و إدماجها في الدستور ، التدوين و التصوير الفوتوغرافي و فكر الوحدة الإفريقية و عمل الاتحاد الإفريقي، مما مكنني من عمل خطة منسقة إعلامية لحملة مكافحة زواج الأطفال بالقارة الافريقية منذ أربعة أشهر . إذ يهدف عملي في الحملة الى التنسيق بين منظمات المجتمع المدني بالقارة السمراء مع المفوضية السامية بالاتحاد الافريقي وحث الدول الافريقية لسن قوانين تناهض زواج الأطفال و تجرمه .
هل لديكِ نية بالتوقف عن ممارسة العمل الحقوقي ؟
ليس لدي النية في التوقف على ممارسة عملي الحقوقي لان الدفاع على حقوق الإنسان و ثقافة حقوق الإنسان غدت جزء من شخصيتي و من حياتي ، حتى عند كتابة النثر فإني أكتب لنساء العالم المهمشات و عند اللباس فإني ألبس لباسي التقليدي الأمازيغي كجزء مني و من هويتي و عند العزف على القيثارة هوايتي المفضلة فإني أغني لجبالنا الشامخة . لا استطيع التخلي عن العمل الحقوقي كما تقول جوليا بطرس “أنا بتنفس حرية لا تقطع عني الهواء .”

لبنان 26 فبراير2015

الروابط الخارجية:
http://h-azawad.com/ar/?p=17169

عزة سلميان الشاهدة التي تحولت الى مذنبة

الثامن والخمسون سياسة

عن الكاتب

حبيبة الهنائي

كاتبة عمانية