قصص قصيرة جدا

كتب بواسطة بشائر السليمي

ما زال الله غاضبا مني، لأني كدت أطوف حول الكعبة بفستان قصير وشعر مسدول .. مدرب التنمية البشرية أوقع خيالي في ورطة دون أن يدري أنني لا أتخيلني على البحر بغير هذه الهيئة. أربكني بعدما طلب أن نغمض أعيننا ونتخيل البحر. كنت بخير حتى ذلك الحين إلى أن قال: (وأنتم تتنزهون على الشط تجدون الكعبة أمامكم فتطوفون سبعا). نفضتُني من هيئي تلك وحاولت أن ألبسني حجابا، لكن الفستان القصير أبى أن يترك جسدي أو يتمدد قليلا حتى ركبتي. طاف الجميع حول الكعبة بينما رحت أستتر بماء البحر فطاف بي دون أن أحرك ساقي!.

طـوَاف

ما زال الله غاضبا مني، لأني كدت أطوف حول الكعبة بفستان قصير وشعر مسدول .. مدرب التنمية البشرية أوقع خيالي في ورطة دون أن يدري أنني لا أتخيلني على البحر بغير هذه الهيئة. أربكني بعدما طلب أن نغمض أعيننا ونتخيل البحر. كنت بخير حتى ذلك الحين إلى أن قال: (وأنتم تتنزهون على الشط تجدون الكعبة أمامكم فتطوفون سبعا). نفضتُني من هيئي تلك وحاولت أن ألبسني حجابا، لكن الفستان القصير أبى أن يترك جسدي أو يتمدد قليلا حتى ركبتي. طاف الجميع حول الكعبة بينما رحت أستتر بماء البحر فطاف بي دون أن أحرك ساقي!.

 

مقص

ربطت ضفيرتها بجوربه الكحلي الثقيل ونامت. صحى متأخرا على العمل. ارتدى جوربا واحدا وظل يبحث عن الآخر، وعندما أخفض رأسه باحثا تحت السرير استوقفته ضفيرتها, وحين استيقظت، وجدت ضفيرتها بين فكي المقص تحت السرير.

 

إيفل

أراد هذه المرة أن تكون صورته مختلفة، فاقترحت عليه أن يكون في وضعية وكأنه ممسك بقمة ايفل المدببة، في اللحظة التي ضغطت هي زر الالتقاط وخزه الطرف المدبب للبرج فسال دمه.

 

خشوع

لم تحب مصليات النساء قط، لأنها كلما فكرت في الخشوع رأت نفسها تكنس أرضية المسجد وتمسح الزجاج.
جهنم الكتب

يعيش وحيدا. بيته المستطيل الصغير الذي استأجره من رجل عجوز حوله لمكتبة صغيرة، وما يلبث أن ينهي فريضة ويسلّم يمينا أو يسارا، إلا ويسرق بصره كتاب على رف، يكمل صلاته فسيرقه شيطان آخر على هيئة كتاب. كان يقرأ في التحيات ذات يوم من صلاة الفجر: “التحيات المباركات لله والدراسات في النقد والروايات” كان هذا عنوان الكتاب في الرف الذي أمامه فأعاد صلاته. يقلقه ضياع صلاته الخاشعة في هذا البيت المكتبي. زار (مطوعا) فقال له: إن هذه الكتب من مفسدات الصلاة، فإما أن تتخلص منها وإلا فستحشر يوم القيامة مع كتاب تهويان معا إلى قاع جهنم. فما عاد يصلي.

 

شفرات

يشد شعرها ممازحا: شعرك القصير ليس أطول من لحيتي. لم يعد يوفر لحيته ولم يعد يشد شعرها بعدما قطعته شفرات الكيماوي الحادة.

 

أرَضَة

تسأله قبل ذكرى مولده عن الهدية التي يرغب أن تقتنيها له، فيقول: كتاب. هو .. أَرَضَة كتب، وهي لم تهده كتابا إلا وسبق له أن قرأه أو اقتناه، ولكنه لأجلها يقرأ الآن (ماركيز) مرة أخرى.

 

تسعة وسبعون شمعة

لم أر بعد كعكة ب79 شمعة، بالكاد عرفت لون الكريمة من بين زحمة الشموع، لم تكن ذكرى مولدي، ولكنه أصر أن يتعب رئتي باطفاء ذلك العدد الهائل منها. حتى الصورة التي على الكعكة ليست صورتي! حين فتحت هديته كانت قرصا مدمجا، وعندما أدخلته في المسجلة غنت فيروز.
وعد

وعدها أن يكتب لها، لكن لا رسائل على صندوق بريدها الخاص في السكن الداخلي سوى ذبابة ميتة.

 

شال

لم أسامح قط ابن جيراننا الذي نظف ذات مساء سيارته المتسخه بشالي المفضل. شالي الذي لم أضع عليه مشبكا وهو على حبل الغسيل، خانني بعد أن كان مثقلا بالماء ورائحة (داوني) الزكية، وطار إليهم من سطح المنزل.

 

طوفان

غداؤنا يغرق
مطبخنا يغرق
بيتنا يغرق
الجميع يغرق
عاملة المنزل أغرقتنا بالماء من أجل صحن على شكل سمكة.

 

فتاة من ورق

قالت وعيناها ترمقان الصفحة البيضاء في يدها: “أريد بانيو ودوش وبنت .. بنتا بحجمي تستحم على الورق. خطوط متقطعة تهطل من الدوش وتنزلق بغزارة على رأس الفتاة فينساب شعرها الطويل على ظهرها”. خالها تزوج ذات يوم من امرأة من ورق. رسمها ومعها طفلان، بل ورسم نفسه على الزاوية. كانت ساقاه نحيلتين جدا، ورأسه يشبه الرقم خمسة. لم يكن متزوجا، لكنها حين سألته عن زفافه قال:”لقد تزوجتها سرا، أمعني النظر في صورتها. لم يرها غيرك”نسيت أمر الدوش في بانيو ورقتها بانتظار البنت..همست لأخيها أن يرسمها لها. سمعتها أمها فقالت بلهجة حادة وعينين أحد: “إياك أن ترسمي شيئا كهذا في حصة الفنون”. خاف أخوها من غضب أمهما فمسح البنت على عجل، لكنها رأت البنت تخرج مسرعة من بانيو الورق بمنشفة بيضاء قبل أن تكنسه الممحاة

 

جْلَح

منكبا على وجه أبيه النائم يرسم شاربين كثيفين ولحية غليظة. يسيل لعاب أبيه فيجرف معه الشعرات المرسومة بعشوائية. يجففه بمحرمة ويعاود الرسم. شخير الأب المزعج يوتره أحيانا فتصير الخطوط عوجاء ومموجة، فيضطر لثوان أن يسد منخري والده بإبهامه وسبابته لبرهة. رسم ذات ليلة لأمه أقراطا طويلة بعدما ألحت على والده أن يبتاعها لها وما كان يفعل، فما كان بعد رسمه ذاك إلا أن رآها سعيدة بالأقراط الطويلة صباحا. يتذكر وصف أقرانه لوالده يوم اجتماع أولياء الأمور في المدرسة بأنه(جْلَح)، على عكس آبائهم ذوي اللحى الطويلة، فيمد الخطوط حتى منتصف قميص النوم الذي يلبسه والده. على الفطور كان وجه أبيه صافيا ككل يوم، ولا أثر للحية التي رسمها، ولكنه بعدما أنهى فطوره وذهب ليغسل يديه وجد شعرا طويلا على المغسلة وموس حلاقة.

أدب الثاني والستون

عن الكاتب

بشائر السليمي