حماية المستهلك و جهاز أمن البلاد أمام المحك

حماية المستهلك و جهاز أمن البلاد أمام المحك .
خبر الأرز الفاسد الذي يُطعَم به الشعب العماني ، يضع كل المؤسسات الرسمية المعنية بأمن الوطن و مواطنيه ، أمام المحك في مصداقيتها و أهليتها لتحمل المسؤولية ، فالخبر إما أنه كاذب و غير صحيح من أساسه ، و هذا يستوجب محاسبة من قام بنشره و الإعلان عنه

خبر الأرز الفاسد الذي يُطعَم به الشعب العماني ، يضع كل المؤسسات الرسمية المعنية بأمن الوطن و مواطنيه ، أمام المحك في مصداقيتها و أهليتها لتحمل المسؤولية ، فالخبر إما أنه كاذب و غير صحيح من أساسه ، و هذا يستوجب محاسبة من قام بنشره و الإعلان عنه ، لأنه خلق حالة من الشوشرة و الرعب بين صفوف المواطنين قلَّ نظيرها لما لها من تداعيات خطيرة  على الصحة و الحياة … و إما أنه صادق لا غبار عليه ؛ و حينئذ يجب أن يكون عقاب هذه الفئة المسؤولة عن هذه الجريمة النكراء المستخفة بعقول و أرواح البشر ، يجب أن يكون عقابها من جنس العمل الشنيع الذي اقترفته عن سابق إصرار و تعمد .
لقد عايش الشعب العماني حالات كهذه من الغش و الخداع و التدليس الذي مس أمنه الغذائي و سلامة حياته ، و رأى كيف أن المجرمين فلتوا من العقاب الحقيقي الرادع ، و خرجوا من القضايا التي اقترفوها خروج الشعرة من العجين ، و عادوا يمارسون فعالهم القبيحة بكل أمان و اطمئنان مستفيدين من تجربة انكشافهم في المرة الأولى ، فسدوا الثغرات التي جاءتهم منها بعض الرياح المزعجة ، فهم عارفون بقوانيننا الشبيهة بقانون العقوبات اليوناني القديم الذي كان يعاقب الجاني على انكشاف فعلته لا على قيامه بها ، في مثل هذه القضايا .
و يبدو لي أن هيئة حماية المستهلك دخلت في المناطق المحظورة للطبقة الأوليجارية المتحكمة في الاقتصاد العماني  (  ويكيليكس: هيكل الاقتصاد العُماني بين قبضة الأوليجارية وبين الحكومة _ مجلة الفلق الإليكترونية ) … الأولى كانت مع حلوى الأطفال الفاسدة ، و قطع الغيار المغشوشة… و الآن مع الأرز المنتهي الصلاحية … و لا نقول سوى: كان الله في عون هذه الهيئة الوطنية الشريفة، التي ستدخل، فيما يظهر، معركة كسر عظم مع هذا الأخطبوط الرخوي الذي ليس له عظم ، بل له أطراف فتاكة متربصة للاقتناص و الفتك بكل من يحوم حول حماه المحرم وُلُوجه لأي كان، سوى أصحابه من الكمبرادور و أهل السطوة و النفوذ . و كانت أولى أطرافه قد تحركت، و بسرعة لافتة ، في وزارة الصناعة و التجارة بإبراز مراسلة، تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، تمت بين مدير شركة كيمجي رامداس مؤرخة في 17/3/2015 و مديرة دائرة ضبط الجودة بالوزارة ، بنفس التاريخ المذكور 17/3/2015(!! ) يشار فيها إلى أن المديرية العامة للمواصفات و المقاييس هي من أعطت الإذن و السماح  لشركة كيمجي رامداس بعدم وضع تاريخ انتهاء الصلاحية على حاويات الأرز، و الاكتفاء بكتابة تاريخ الانتاج (و كأن هذه السلعة، من بين كل السلع، ليس لها عمر افتراضي تنتهي صلاحيتها عنده ) و هذا أول الغيث في محاولات طمس هذه القضية ، فإن ثبت ذلك، فقد تتحرك الذراع الأخرى لهذا الأخطبوط ، و تلتف هذه المرة على عنق رئيس هذه الهيئة الموقرة، الدكتور الجليل سعيد الكعبي ، فتزيحه من منصبه لتريح نفسها و أقرانها من نكده .

على كل حال، كما قال طرفة بن العبد:
” ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً …. و يأتيك بالأخبار من لم تزود ”
و لكن ثمة أمر على الجهات المعنية بالأمن في البلاد ألا يغيب عن بالها ، ألا و هو أنه رغم ممارسة و تطبيق السلطة للاستراتيجيات العشر في السيطرة على الشعوب التي عبر عنها المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في كتابه ” أسلحة صامتة لحروب هادئة ” و التي منها :
– استراتيجيّة الإلهاء لجعل الشعب مشغولاً دائماً ليس لديه متسع من الوقت للتفكير.

  • و استراتيجية ابتكار المشاكل من قبل السلطة ، و تقديمها للحلول التي تريدها هي أن يقبل بها الشعب .
  • و استراتيجية مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار ، ليبقى دائما بعقلية الطفل في فهمه للأشياء .
  • و استراتيجية إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة ليسهل عليها أخذه بالناصية
  • و استراتيجية تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة ، ليصبح عنده كل فعل ردئ مقبولاً و مستساغا
  • و استراتيجية تعويض التمرّد لدى الشعب بالإحساس بالذنب ، لئلا تقوم له قائمة تحت أي ظرف كان .
    أقول رغم كل تلك الاستراتيجيات المطبقة في التعامل مع هذا الشعب ، إلا أن سحرها قد يبطل، و مفعولها قد ينتهي بأية لحظة من اللحظات الفاصلة في عمر الشعوب، فالمثل الشعبي يقول” الضارب ينسى، و لكن المضروب ما ينسى” و الصفح و الصبر الذي يتحلى به هذا الشعب ، شأنه شأن أي شعب حر، له حدود ، فسيبتلع المعالجات السطحية لمثل هذه الأمور المصيرية ، و وسيتجرع على مضض التراجعات الحكومية الأخيرة في كثير من الأمور التي مست صميم حياته ، و هددت كينونته ، و لكن ليس إلى ما لا نهاية ، بل إلى حين . فقانون الجدل العلمي يقول ” التراكمات الكمية ، تؤدي في نهاية المطاف إلى تحولات كيفية “

فحذر الجهات المسؤولة في البلاد واجب من التمادي في تجاهل إرادة هذا الشعب ، و إصدار القرارات المجحفة في حقه ، لأنه شعب يؤكد تاريخه الطارف و التليد بأنه لا يقبل الضيم و الظلم، رغم ما يتصف به سلوكه من نزعة الحكمة و التسامح . و أن من الخير لجميع لسكان هذا الوطن تجنب المنافذ التي تأتي منها الأعاصير التي لا يعلم، غير الله،  حجمها و الآثار المترتبة عليها . و إن العدل و الإنصاف أساس الاستقرار و المُلك بأي أرض.

الحادي والسبعون سياسة

عن الكاتب

زهران بن زاهر الصارمي

abu-shamsan@windowslive.com
99206716