مقتطفات من كتاب العلاقات السياسية بين عُمان واليمن

كتاب العلاقات السياسية بين عُمان واليمن في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1932 – 1970م)

ترجع أهمية هذا الكتاب إلى ندرة الدراسات التي تناولت الموضوع في دراسة أكاديمية منفرده، لذا يحاول الإجابة عن العديد من الأسئلة، أهمها:

كيف كانت الأحوال السياسية في عُمان واليمن في بداية القرن العشرين؟ وما مدى تأثير هذه الأحداث في كل من عُمان واليمن على علاقتهما؟ وهل ثمة مشاكل حدودية بين الدولتين، وما مداها؟ ألم يكن للاستعمار البريطاني دوراً فيما يتعلق بالحدود بين عُمان واليمن؟ وما هو الدور الذي لعبه اليمن في ثورة ظفار، وما حجم المساعدات المقدمة للثورة، وما نتيجة  ذلك؟ وما هي أسباب قيام الثورة اليمنية في شمال اليمن؟ وما تأثيرها على عُمان؟

ويضم الكتاب مقدمة، وفصولٌ أربعة، وخاتمة، إضافةً إلى الملاحق، وينتهي بقائمة من المصادر الأولية والمراجع الحديثة.

==================================================

لقد ناضل اليمنيون للتخلص من الحكم الإمامي في شمال اليمن ومن الاستعمار البريطاني في جنوبه حتى تكللت جهودهم بقيام ثورة سبتمبر عام1962م في الشمال، والتي أعلنت قيام النظام الجمهوري، وشكلت المنطلق لاندلاع ثورة 14 أكتوبر عام 1963م وتحرير الجنوب اليمني من التسلط الاستعماري، وتحقق ذلك في 30 نوفمبر 1967م.

_________________________________

ومع بداية القرن العشرين وقعت السلطنة عدة اتفاقيات مع بريطانيا كانت أولها عام 1905م، وهي اتفاقية امتياز للبحث عن الإسفنج، وفي عام 1912م تم توقيع اتفاقية الرقابة على تجارة الأسلحة، بعد أن ضغطت بريطانيا على السلطان فيصل من أجل إنشاء مستودع للأسلحة في مسقط كخطوة مهمة للسيطرة على حركة الأسلحة، وتعتبر هذه الاتفاقية الشرارة التي أطلقت نار الثورة على السلطان تيمور بن فيصل عام 1913م، والتي كان من بين نتائجها تم انتخاب الإمام سالم بن راشد الخروصي إماماً على عُمان

______________________

ما يتعلق بقضية ظفار لم يكتف اليمن الجنوبي بمساندة الثوار سياسياً بل تعدى ذلك إلى الدعم العسكري في أحيانٍ كثيرة، فعندما قامت ثورة سبتمبر 1962م في اليمن الشمالي لاقت صداها في الجنوب، وبالتالي انتقلت لدعم الثورة الظفارية في مراحلها الثلاث؛ وذلك لخصوصية العلاقة بين الجانبين وبحكم مسألة الجوار؛ إذ أن الحدود مع اليمن الجنوبي مفتوحة من المنطقة الجنوبية الغربية لعُمان، كما أن قيام الثورة في جنوب عُمان كانت بعد انطلاقة ثورة 14 أكتوبر المسلحة عام1963م في جنوب اليمن بسنة وثمانية أشهر، فكان هناك تعاون وطيد بين الثورتين خاصة وأن ثورة عدن قد انتصرت وحققت الاستقلال، كما قام النظام الجديد في اليمن الجنوبي بمحاولة نشر أفكاره ومذهبه السياسي في أوساط الثائرين في ظفار.

___________________________

لقد كانت اليمن الدولة العربية الوحيدة التي استمرت في مساندة ثورة ظفار، بينما نرى الدول العربية الأخرى – وإن تعاطفت شعبياً- إلا أن الدعم الرسمي كان متفاوتاَ مع تفاوت سياسات الأنظمة. ومما لا شك فيه أن ثورة عدن قد مدت الثورة الظفارية بسلاح سوفيتي وصيني وأفكارٍ يسارية، وسنرى أن مساندة القوى اليسارية والشيوعية لثورة ظفار جاءت بنتائج سلبية حدت من نجاحها.

 

لقد مثلت نزاعات الحدود اليمنية العُمانية حالة متميزة إذا ما قورنت مع باقي حالات النزاعات الحدودية العربية العربية، وتبدو المفارقة أن هذه التطورات الإيجابية قد تمت بعد قيام الوحدة اليمنية في مايو عام1992م، والتي جمعت بين شطري اليمن، ففي حين كان الشطر الجنوبي من اليمن مسئولاً عن الحـدود مع عُمان كان الشطر الشمالي المعروف بالجمهورية العربية اليمنية (وقتئذ) مسئولاً عن الحدود مع السعودية.

_______________________

وعلى أية حال فقد قامت بريطانيا بإرجاع جزر كوريا موريا إلى حكومة السلطان سعيد بن تيمور عام 1967م؛ نظراً لعدم أهميتها الاستراتيجية لبريطانيا، وكان الاقتراح البريطاني أن يتم تقديم هذه الجزر على شكل هدية؛ وذلك لأن أسلاف السلطان سعيد قدموها كهدية للملكة فكتوريا عام 1854م.

_____________________

كانت بداية انتقال القضية خارج النطاق المحلي عندما تقدم الإمام غالب بن علي الهنائي بطلب إلى الجامعة العربية لقبول عُمان كعضو في جامعة الدول العربية وقد تسلم عبدالخالق حسونة – الأمين العام لجامعة الدول العربية – رسالة من الإمام غالب مرفقاً بها طلب الانضمام للجامعة العربية([1])، والاعتراف بإمامة عُمان كدولة مستقلة ذات سيادة وذلك عام 1954م، وقد أُحيل الطلب إلى اللجنة السياسية التي أوصت بانتظار نتيجة ما تقوم به الأمانة العامة لتقصي الأوضاع حول تلك القضية مستعينة في ذلك بالدول الأعضاء.

____________

وقد عقدت الوفود العربية في الأمم المتحدة عدة اجتماعات انتهت إلى اقتراح مشروع قرار- على غرار ما أصدرته الجمعية العامة في ديسمبر عام 1966م، وذلك لعرض القضية على الجمعية العامة، وقد اتخذت الجمعية العامة عدة قرارات في 12 ديسمبر عام1967م منها:

1) توافق على الفصل المتعلق بإقليم عُمان في تقرير اللجنة الخاصة بعُمان والداعمة لمنح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة.

2) تعيد الجمعيـة العامة تأكيد الحق الثابت لشعب عُمان في تقرير المصير والاستقلال، وتعترف بشرعية كفاحه للحصول على حقوقه المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والإعلان بمنح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة.

3) تأسف الجمعية العامة لرفض المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال ايرلندا تنفيذ مواد قراري الجمعية العامة رقم  2073 في الدورة (20) ورقم 2238 في الدورة (21) الخاصين بعُمان.

4) تأسف كذلك لسياسة المملكة المتحدة التي تنتهك قرارات الجمعية العامة في هذا الشأن بمساندتها للسلطان دون اعتبار لحقوق الشعب الأساسية.

5) تؤكد من جديد أن الموارد الطبيعية للإقليم من حق شعب عُمان، وأن الامتيازات الممنوحة للاحتكارات الأجنبية بغير رضا الشعب تشكل إخلالاً بحقوق شعب الإقليم.

6) تعتبر أن الوجود العسكري للمملكة المتحدة في الإقليم وبقاء القواعد العسكرية فيه يشكلان عقبة رئيسية في سبيل ممارسة الشعب لحقه في تقرير المصير والاستقلال، وأنه مهدِد للسلام والأمن في المنطقة.

7) تدعو حكومة المملكة المتحدة إلى أن تتخذ- دون تأخير- الإجراءات الضرورية لتنفيذ مواد القرار رقم 1514 في الدورة رقم (15) وكل قرارات الجمعية العامة في هذا الشأن.

8) تدعو كذلك حكومة المملكة المتحدة أن تنفذ فوراً الإجراءات التالية في عُمان:

(أ) سحب القوات البريطانية وإزالة القواعد العسكرية من عُمان.

(ب) وقف جميع أعمال القمع ضد شعب عُمان.

(ج) إطلاق سراح المسجونين والمعتقلين السياسيين، وإعادة المنفيين السياسيين إلى الإقليم.

9- تناشد جميع الدول الأعضاء تقديم كل مساعدة ممكنة لشعب عُمان في كفاحه لبلوغ الحرية والاستقلال.

10- تطلب إلى اللجنة الخاصة الاستمرار في بحث الموقف في عُمان، وبحث إنشاء لجنة فرعية أخرى.

11- تطلب من السكرتير العام أن يتخذ – بالتشاور مع اللجنة الخاصة – الإجراءات المناسبة من أجل تنفيذ قرارات الجمعية العامة في الموضوع ، وأن يقدم تقريراً بذلك إلى الجمعية العامة في دورتها الثالثة والعشرين.

__________________________________

[1]– عادل رضا، في المعركة، عُمان والخليج العربي، قضايا ومناقشات، دار الكتاب العربي، 1969م، ص69.

العدد الحادي والثمانون سياسة

عن الكاتب

يونس جميل النعماني