الرواية العمانية في ميزان النقد الثقافي

كتب بواسطة خالد البلوشي

 

يأتي كتاب “الرواية التاريخية العمانية” ليجمع حصاد الندوة التي أقامتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء فرع البريمي بتاريخ 24سبتمبر 2014م. وقد قام بتحريره عامر العيسائي وخميس قلم وورد في مقدمته: “وحين استضافت الجمعية هذه الندوة الغنية غنى القائمين عليها، والمشاركين فيها، وهي تحمل عنوان (الرواية التاريخية العمانية)؛ كان الهدف من إقامة الندوة كشف الغطاء عن أهم الجهود العلمية التي تبنّتُ بأقلامها فكرة الرواية التاريخية في سلطنة عمان، والحال هو نقلة نوعية بالوثيقة التاريخية حينها يلفها الأدب بغلالته البريسمية الجميلة، ويأخذها محلقا بقطعياتها عبر أوديه الخيال، وبقية الفنون الأدبية وعلى رأسها فن السرد المتتبع لمجريات الحدث.”

 

وضمّن الباحث حمود الشكلي في ورقة عمله التي أعدّها عن التاريخ في الرواية العمانية:  “لكننا نكاد نؤكّد أنّ النصوص الروائية التي اتخذت أحداث التاريخ مرجعاً خاصاً لها نادرة بندرة الرواية العمانية، من هذه النصوص التي راوحت النظر والعودة إلى التاريخ نذكر نص (الشراع الكبي ) للمرحوم الأستاذ عبدالله الطائي، ونصًا آخر لسيف السعدي، جاء عنوانه (من الجانب الاخر) هذان هما الروائيان اللذان اشتغلا على توظيف جانب من التاريخ العماني في المتخيل من السرد الروائي، نفيد أن الكاتبين انقطعا عن الكتابة، الأول بسبب رحيله عن الحياة، والثاني أخذته صروف الدنيا، وشغلته عن مواصلة مشروعه الكتابي، كما يجوز اعتبار نصيها أول نصين استفادا من التاريخ في سرد مادتها الأدبية، بهذا قد نجد فيهما بعض ما لا نجده في النصوص اللاحقة.”

ثمّ أضاف: ” بعد هذين النصين اللذين صدرا قبل الألفية التي تجاوزنا عقدها الأول، لم يلتف إلا واحد من كتاب الرواية في عُمان إلى التاريخ، إذ أن الحاضر المعاش وفّر مادة للمحكي في النتاج الذي جاء بعد الألفية، مع هذا وذاك ثمة روايات صدرت مشيدة ومقيمة تاريخها الخاص، إذ ثمة أحداث تاريخية لم تدون تاريخيا، من هنا نجزم ان مدوني التاريخ ما عادوا يعبؤون بكتابة تاريخ مستقل، لذا رأينا بعض كُتّاب الرواية يستمدّون مرجعية التاريخ الغائب مما توفر لهم من مرجعيّات ولدت عوضاً عن التاريخ، أي أن المرجعية المعتمدة في تمثل أحداث الحكاية المسرودة عوّضت غياب التاريخ.”

 

وجاء في فصل “سؤال الرواية والتاريخ في رواية امرأة من ظفار لأحمد الزبيدي” الذي أعدّته عزيزة الطائي:  “يواصل الزبيدي سرده لتاريخ ثورة ظفار، ولكن هذه المرة على لسان امرأة ظفارية هي (مثال) فيحكي قصتها، بل قصة حياة شعب ما قبل وأثناء وبعد ثورة ظفار، التي بدأت منذ منتصف الستينيات، واستمرت لما يقارب العقد في جنوب سلطنة عمان. تتناول الرواية كثيراً من الأحداث التي وقعت في جبال الجنوب العماني في بداية النّصف الثاني من القرن العشرين، وتحكي غير حكاية تخص أشخاص ذاك التاريخ من قادة ومجاهدين وثوار، وتحفل بالكلام على عادات أناس ذلك الزّمن وتقاليدهم، وتصف معالم الأمكنة القديمة وما طرأ على الحياة من تغيرات. وهي بكل ذلك تكاد تكون رواية تاريخية، إلا أنّها تبقى مندرجة في المنظور الذي حكم رواياته السابقة من حيث تركزه على مفهوم الزمن وحركة التحول والتداخل، الأمر الذي يحملنا على ألّا نعتبرها رواية تاريخية بقدر ما هي رواية تستعين بالتّاريخ لتطرح السؤال نفسه عن الوجود ومعناه.”

 

 

وعن عمل التاريخ، وعمل الأدب في الرواية التاريخية العمانية فقد ذكر أ.د ضياء خضير في الفصل الخاص بذلك: “والروايات العمانية القليلة التي كتبت عن بعض مراحل الدولة العمانية وأئمتها وسلاطينها هي مجرد بدايات للرواية التاريخية. وهي أقرب للعمل التوثيقي الذي يحاول إعادة الحياة والاعتبار لمراحل وشخصيات تاريخية غائبة، ولكن حضورها ما زال، على نحو ما، فاعلا ومتصلا بواقع الحياة العمانية القائمة في الحاضر. وهي لا يمكن أن تكون نصوصا سردية مكتوبة عن الماضي إلا بالمعنيى الذي تصبح فيه النصوص السردية العمانية المكتوبة عن الحاضر روايات تاريخية باعتبارها تسجّل جوانب من التطور التاريخي الخاص بالدولة والتاريخ العماني بشكل عام.”

أدب الثالث والتسعون

عن الكاتب

خالد البلوشي