“أنا أتساءل ما إذا كان انفتاح فلسفي كهذا الذي بيننا قد وجد من قبل”
المقولة التي قالها فريدريك نيتشه مخاطبا لو سالومي في العلاقة الشهيرة التي ربطتهما.
نيتشه نفسه القائل ” لا تذهب لملاقاة امرأة إلا والعصا في يدك يبدو أنه نسيَ عصاه ذات شغف وعشق فالتقطتها لو سالومي كما هو ظاهر في الصورة الثلاثية الشهيرة التي تُظهر سالومي وهي ممسكة بالعصا وأمامها نيتشه وبول ري.
يبدو أن المرأة التي سعى نيتشه لقهرها قد قهرته، وتجلى ذلك واضحًا في شخصية لو سالومي التي قهرت عباقرة عصرها، وقادت نيتشه للجنون، بل قد رفضت حبه.
تقول سالومي بكل برود عن إحدى علاقاتها التي كانت تعيشها بمنتهى الحذق والحرص والتصيد كما فعلت مع الشاعر النمساوي ريلكه، والتي كانت تكبره بأربعة عشر عاما، غير أن جاذبيتها المشتعلة فوق حدود العمر وقاموس الأعراف واستراتيجية المنطق فقد أحبته أو بالأحرى أغوته وهي متزوجة، إلا أنها عللت علاقتها به قائلة “دخل حياتي كالضرورة وزارني الحب بكل هدوء وطمأنينة، زارني دون تحدٍ أو إحساس بالذنب كما لو أننا نكتشف شيئا مباركًا بفضله العالم”.
تلك الشقراء المهندمة ذات الملامح المتناسقة والعينين الخضراوين لم تكن لتنقصها الفلسفة أو الثقافة أو الدراية بالأدب والشعر لتكتمل أسباب ركوع العظماء وأنبه الرجال وأذكاهم تحت قدميها.
كان ممن ورطتهم بعشقها أنجب تلاميذ سيجموند فرويد (فيكتور توسك) الذي هام بها وذاب، ومن فرط الهوى انتحر بعد مدة قصيرة.
لم تكن بالمرأة التقليدية ولم تكن ذات سيرة عادية فامرأة حديدية مثلها ألهمت الشعراء والكتاب والفنانين وقفزت فوق أسوار الاعتيادية فاستحوذت بواقعيتها على عقول الوجوديين والعدميين معا تُثبت تماما أن لا سوط فوق جاذبية المرأة ووعيها ولا عصا.