انهيار خَافِت

كتب بواسطة عهود الأشخري

 

تصوير: أنس إبراهيم

 

إلى بسام حجَّار

لأن الغرفة قضيتنا الأزلية التي لا تهمّ أحدًا

 

امرأة ميتةٌ تومِضُ في سريرك القديم

هذا كل ما أعرفهُ عن الحزن

وخزٌ يعبر جرحك الأول

فاتحًا أمامي جِراح الأبدِية

من أنا؟

كيفَ وُجِدتُ هُنا؟ – مستسلمةً للريح –

لي وجهٌ كأنه العُبور في حقلٍ موحش

تركني الغريبُ أمام الباب, ومضى

لم يكُن لديّ أكثر من هذا النشِيج الخَفيف

 

لا يعنيني ما يحدث

كلُّ الأبواب أُوصدت في طريقها إلى الليل

ذهبت الصغيرات وراء الأحلام

وأمهاتنا إلى فِكرة اليقَظة

كان الجوار يتبددُ بالعشب والأسى.

هلَّا قلت لنا

ماذا تفعل خلف الحاجز السماوي؟

والمجاز يتسَرب من التماعة عصفور وحيد

ولِماذا يطحنُ الزّمن ما تبقى من شجنٍ شفيف أسفل عيوننا ؟

 

أعرفُ أنكَ ضَجِرٌ من كل شيء

من الوقت الذي يتبدد كالكلام الرّطب,

والنافذة التي تُطِلّ على أغنيةٍ ناقصة

ضَجِرٌ.. من المسافةِ بين الشيء واللاشيء

من نظرتك نحو المجهول.

-أنا ضَجرَةٌ أيضا –

كنتُ أحتضر قبل اللغة

وأودّ لو أن لي صوتًا مُشبعًا بالماء

لأعرفَ الطريقَ إلى اسمي.

 

سريرك يشبه الأفق

والستائر أوجاعٌ ناعمة

سريرك جسر إلى الزرقة البارِدة

إغماضة الجسدِ المنهك

جسدك الذي ما زال

يكتبُ القصائد لغرباء يمرون سريعًا

كأنَّ الأرقَ يتمشى في حقائبهم

وكنّا نحن نستقبله

بالكثيرِ من الليل وبكؤوسٍ شبه فارغة .

 

تموتُ وحدك

لا أحدَ ينتبه

تذهب بعيدًا إلى احتمالات مُكَررة

تمرّ حافلات الظهيرة مسرعةً بجوارك

أنت لا تنتبه

لا أحد ينتبه إليك

شجرة ليمونٍ تلمع في عيني المرأة التي أحبتك

نظراتها تخلق رائحة لاسعة

كل هذه الرّغبات لا تُخرجك من هُناك

تموتُ دفعةً واحدة

شجرةً آمنت لوهلة بالجفاف

أوراقها لم تعرف الأبد

جفافها كان حدثًا طارئًا في وجه القدر.

 

توقفتَ عن الحلم

الحنينُ على الشرفاتِ لا يعرفه أحد.

أما أنا فلا أنتبهُ أنني نَسيتُ دَمِي

في ثِياب الغَريب

مرّ الوقتُ سريعًا

يكفيني أن أحِبَ مرةً واحدة

يكفيني أن أُبصِر مرةً واحدة.

 

يا صديقي المتكدس في آثام البارحة

قلوبنا مبعثرةٌ أكثر مما نحتمل

هذه الرؤى طريقنا إلى أشياء أكثر حِدة

عُد إلينا

لم نحلم بأكثر من استعارةٍ تأخذنا للنبع

وجودٌ أزلي  تحت ظل الملَاك.

لم نعُد نحلم بشيء

أقفلنا الباب على أوهامنا

السقفُ بعيونه الثاقبة ينظرُ إلينا

رُدني إلى اسمي الأول

هباء متناثرا أمام احتمالات الريح

كومة غُبارٍ على طرف النافذة.

 

 

أدب الأول بعد المئة

عن الكاتب

عهود الأشخري