بأدمغة مغسولة معلقة بمشاجب النسيان على حبال الذاكرة نحن نمضي، نمضي كظل بلا جسد !!
شبح يمشي على قارعة التراب، يتكئ صبرُه على التعب، ندعي الفرح ونحن أبناء الحزن، نحن أبناء اللحظة، أبناء المواقف ورفاق المزاج!
نحن رهن الألسن، نتوجع لغمز عابر وتعكر صفاء أيامنا كلمة، نقف طويلا على العثرات، نفرح بلا مبرر وقد نضحك لنكتة سخيفة جافة من المعنى!
تارة نضحك، تارة نثور وتارة نهدأ، تارة نحضن العالم وتارات يحضن العالم بؤسه !
قد نقرأ الفرح في كتاب، وفي الكتاب ذاته يجلد الحزن نفوسنا، قد تتحكم بمشاعرنا شخصيات بعض الروايات وقد تثير سخطنا بعض شخوصها
نحن أوراق عشب ويتمان
وبؤس فيكتور هوجو
ومدن ديكنز، وقبو حزن دوستوفيسكي وتناقض بودلير وسوداوية كافكا.
نعم نحن خلاصة ما نقرأ، خلاصة ما نعشق .
نحن الذين سامرنا الأرق وعانقنا القلق، وأدمنا مضادات الاكتئاب ومهدئات الأعصاب وعقاقير السكر ومثبطات التجلط ومخفضات ضغط الدم وأقراص الأسبرين.
نحن بقايا ذاكرة محشورة في قرص مضغوط لأغنية غرام متقادمة، ونبكي أطلالها كلما تبادرت كلماتها إلى سماعة آذاننا.
نحن شجن عبدالحليم وطرب أم كلثوم وشمس صباح وشادي فيروز الذي غاب في الثلج ولم يعد..
نحن أصدقاء الليل، نقطف نجوم المساء ونخبئ القمر في ثيابنا ونزرع على ذيل الشهب وردة..
نحن حياة المريخ المفترضة واحتراق عطارد وصخور الأرض وعزلة نبتون.
نحن مجموعة من الأجرام اللاسماوية وفتات المذنبات الهاربة من الحكايات المروية، نحن مزيج من اللامعلوم واللا منطق بين قضايا العدم ومنطق الوجودية.