التباينات في الموضوع والصورة كورونا في صور مختلفة

كتب بواسطة رشاد الوهيبي

فالوجه مثل الصبح مبيضٌ

والفرع مثل الليل مسودٌّ

ضدان لما استجمعا حَسُنا

والضِدُّ يظهر حسنه الضِدُّ

القصيدة اليتيمة – دوقلة المنبجي

هذان البيتان من القصيدة اليتيمة التي حلف أربعون من الشعراء على انتحالها. كان الشاعر دوقلة المنبجيظ قاصداً أن يخطب محبوبته ”دعد“، وفي طريقه لمقصده قابله أعرابي فسأله عن وجهته فذكر له مقصده، فقال الاعرابي: مهر دعد قصيدة لم تشهدها العرب، فألقاها دوقلة على الأعرابي. فما كان من الأعرابي إلا أن حفظ القصيدة وقتل دوقلة، وتوجه إلى دعد، وبعد أن عرفها بنفسه ألقى القصيدة. 

عرفت دعد أن كاتبها ليس الذي أمامها، فصاحت: اقتلوا قاتل بعلي!.

يقول دوقلة: والضِدُّ يظهر حسنه الضِدُّ. وفي فن التصوير الفوتوغرافي دائماً ما كان التباين هو أحد أهم الخصائص التي لابد من امتلاك المهارة في إظهارها من خلال تباين الصور الفوتوغرافية. يعتقد البعض أن التباين يبرز في اختيار وتكوين الإضاءة في الصورة فحسب؛ لكن ذلك يمتد إلى صلب الفكرة بطريقة تمكن المصور من الولوج إلى ذهن وقلب المتلقي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. 

خلال هذه الجائحة التي يمر بها العالم منذ  نهاية عام ٢٠١٩، تعرضنا للكثير من المشاهد البصرية التي وثقت تفاعل الانسان بمختلف حالاته ومشاربه مع هذه الجائحة من جوانب طبية وصحية وأمنية وانسانية وغيرها. 

هذا المقال هو محاولة لقراءة مجموعة من الصور المؤثرة التي تعكس حجم التباين والتناقض الذي يعيشه العالم مع جائحة كورونا من خلال ١٠ صور فوتوغرافية. 

رويترز / السبت 28 مارس 2020

راجيش بابو، ضابط شرطة، يرتدي خوذة تصور فايروس كورونا، وهو يطلب من راكب الدراجة أن يبقى في المنزل خلال فترة إغلاق مدتها 21  يومًا على الصعيد الوطني للحد من انتشار المرض، في تشيناي في الهند. ( 28 مارس. /تصوير: رافي كومار). تكمن جمالية الصورة في الأسلوب الذي يظهر به رجل الشرطة؛ لمحاولة اقناع مرتادي الطريق وتوعيتهم بخطورة عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي وتقليل التنقل، في أسلوب يبعد كل البعد عن جدية الحالة وعمق تأثيرها. 

في المقابل تظهر الصورة الثانية مشهدا مختلفا من نفس المنطقة الجغرافية (الهند)، وأسلوب يختلف هذه المرة في التعامل مع الجمهور، إذ يظهر ضباط الشرطة وهم  يستخدمون هراواتهم ضد متسوق في أحد الشوارع كعقاب على خرق القواعد بعد أن أمرت الهند بإغلاق عام لوقف انتشار فيروس كورونا لمدة 21  يومًا في نيودلهي في الهند. ( 25 مارس ، 2020. رويترز  / تصوير: عدنان عبيدي)

تظهر الصورة 3 عمال الرعاية الصحية يقفون في الشارع في احتجاج مضاد على مئات الأشخاص الذين تجمعوا للمطالبة بإلغاء أمر البقاء في المنزل في دنفر ، كولورادو. ( 19 أبريل ، 2020. رويترز / تصوير: أليسون مكلاران)

يتزامن ذلك بين ما يمثله العلم والحقيقة الطبية من جانب، والاندفاع غير المكترث الذي ساد أوروبا لاسيما مع تعزيز نظرية “القطيع” التي تتصارع مع فكرة “التباعد المجتمعي”. وفي الوقت الذي يحارب فيه الأطباء والعلماء في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة، فإن فئات أخرى من المجتمع اختارت الخروج من منازلها ومواجهة الإصابة المحتملة بالفايروس. 

في المقابل، تظهر في الصورة الأخرى إمرأة تغادر مستشفى جبل سيناء في مانهاتن، ملتفتة إلى رسائل الشكر المكتوبة على الرصيف في نيويورك. ( 7 أبريل. رويترز / تصوير: مايك سيغار)

الصورة رقم (٥) لأحد العاملين في مجال الرعاية الصحية على الرصيف وهو يستخدم جهاز سيجارة الكترونية أثناء فترة استراحة خارج أحد المراكز الطبية خلال تفشي فيروس كورونا في بروكلين، بمدينة نيويورك. ( 7 أبريل ، 2020. رويترز / تصوير: يريندان ماكديرميد). هل يفضي الفعل بحق لوصفة طبية لكسب المناعة ضد الفايروس وتمكين الجسم من مقاومة المرض والآثار الجانبية له؟ أم أنها محاولة مؤقتة ويائسة للهروب من ضغوطات العمل؟ 

في الصورة رقم 6 يواجه ”قناع وجه واقٍ“ يرتديه ضابط شرطة ”قناع وجه آخر في كرنفال البندقية“ يرتديه أحد المشاركين. المهرجان الذي تم إلغاؤه بسبب تفشي فيروس كورونا، في البندقية بإيطاليا بتاريخ 23 فبراير. وبينما تتشابه الأقنعة إلا أن القناع الطبي يفرض سيطرته هذا العام، حيث تأثر الكرنفال السنوي الإيطالي الشهير كما الكثير من الفعاليات العامة حول العالم بحملات التأجيل والإلغاء، واستبدل أهالي البندقية ومحبي المهرجان الاقنعة الجميلة والملونة والبراقة بأقنعة طبية تفيهم انتقال العدوى. وتظهر الصورة الأخرى قناع الاحتفال وقد استبدل بالقناع الواقي ( 23 فبراير. رويترز / تصوير: مانويل سيلفستري).

في عملين بصريين مدهشين يظهر النصب التذكاري للحرب ”بوابة الهند“ في 17 أكتوبر 2019 ، وذات النصب التذكاري بعد أن بدأت مستويات تلوث الهواء بالانحسار خلال إغلاق لمدة 21 يومًا على مستوى البلاد في نيودلهي في الهند. ( 8 أبريل 2020. رويترز / تصوير:أنوشري فادنافيس وعدنان عبيدي)

في هذه الأثناء ظهرت الكثير النقاشات التي اعتبرت أن الجائحة لم تكن سوى وسيلة كوكب الأرض المتبقية لإعادة الاعتبار لحماية الكوكب، وتنظيف مستوى التلوث والضجيج الذي أحدثه الانسان. مصانع متوقفة، حركة مرور شبه منعدمة، عوادم سيارات تلاشت، ومصانع أغلقت، إنه الوضع المثالي لكوكب يتنفس بعيدا عن تشويش الانسان وتدخلاته المستمرة. 

تستحوذ فكرة التباعد الاجتماعي وتمثلاتها اليوم على أذهان الجميع. وخلال شهر رمضان المبارك يبدو أننا الأكثر استحضارا لأهمية الجماعات والزيارات العائلية والتقارب الإنساني. 

في هذه الصورة المؤثرة، الفلسطينية ريم أبو عياش تذكر غياب زوجها عن مأدبة رمضان هذا العام بعد أن انقطع عن منزله لعلاج مرضى كورونا وتجنيب عائلته العدوى، بينما تستعد ريم لتناول وجبة الإفطار مع ابنتها في منزلهما بالقرب من الخليل في الضفة الغربية المحتلة ( 28 أبريل 2020. رويترز / تصوير: موسى قواسمة). 

السابع بعد المئة ثقافة وفكر

عن الكاتب

رشاد الوهيبي