سلطة النص وفضاء الخطاب

كتب بواسطة علي الكندي

خطاب ابن علوي نموذجًا.

الخطاب:

“بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جمعنا هنا اليوم من غير حول ولا قوة إلا بإرادته، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،

 إخواني 

استمعت إلى جميع المداخلات والخطب، وهي كلها إيجابية وأنا لن أزيد شيئا إلا أنني أؤيد هذه الخطب وأسنادها وأزكيها، هذه الخطب ترفع النفس وتقوي النظرة إلى المستقبل؛ لكنها لا تكفي. نحن اليوم في جامعة الدول العربية وهي مؤسسة عربية قوية؛ لكنها ليست مسجد، هي دار للسياسة والعمل بالسياسة. إن شاء الله سوف نتخذ قرارات تعبر عن حقائق الأمر وفي ذات الوقت تسعد أشقاءنا الفلسطينيين وهم في ساحات المظاهرات.

لا يكفي وليس من حسن التصرف أن نعبر عن مشاعرنا ونستنكر ما يقوم به الآخرون ولكننا لا نفعل شيئا ينبغي علينا أن نتصالح مع أنفسنا وإذا أردنا أن نطاع ينبغي علينا أن نتصالح مع العالم.

طرق السياسة كثيرة ونحن أهل حق وبالتالي السياسة ينبغي أن تكون ذات حق والحق لا ينكره أحد لا كبير ولا صغير، كلنا نقول نريد أن نخرج بقرارات أساسية وقوية، هذا شيء جميل؛ لكننا نحن الآن في هذه الساعة المتأخرة واللجنة المختصة عقدت اجتماع ثلاث ساعات ولم يخرج منها شيء وأصحاب المعالي الوزراء كانوا موجودين وبعضهم ليس موجودا الآن، لكن إذا كانت هذه الأربع ساعات أو ثلاث ساعات أو الساعتين أو حتى أقل من نصف ساعة لم نستطع أن تكون عندنا رؤية، فإذن ماذا نعمل نحن؟ على كل حال، هذا أمر لا يعالج بكثرة الكلام، أمريكا دولة كبرى دولة عظمى وكلنا ندرك أحوال هذا البلد في هذه الأيام ندركها ونعرفها ومطلعين عليها والكبار هكذا يعملون في تاريخ البشرية الحديث والسابق هكذا الناس يعملون؛ إنما ينبغي علينا أن نتلمس طريقنا في هذا العالم المضطرب، هم قادمون إلينا، هكذا أعلم إلا إذا كانوا سيغيرون توجههم، نائب الرئيس الأمريكي قادم إلى المنطقة، وهو قادم إلى المنطقة ليس سياحة ولدينا ولدى الأشقاء الفلسطينيين الوسائل التي يمكن أن تحول هذا الوضع إلى مكاسب، فهل نحن في هذا الاتجاه؟ أم نحن نكتفي بما قلناه فقط إذا كان نكتفي بما قلناه في هذا الاجتماع عسى في ذلك خير، وإن كنا نريد أن نساعد إخواننا الفلسطينيين في إسماع صوت العرب بجانب صوتهم، هناك قيل أيضا في خطب الزملاء بعض الاقتراحات التي يمكن أن تكون إيجابية، وهو أن نعمل مخطط خارطة طريق في عملنا خلال العام القادم كي نمنع العالم بالكلمة الطيبة وبالتعاون ألا أحد يذهب في هذا الاتجاه يعني… اعتبار الضفة الشرقية أو القدس الشرقية مكانا لسفارات الدول في إسرائيل، ينبغي أن تكون مكانا لسفارات الدول المعتمدة للدولة الفلسطينية.. أعتقد رأي قوي في هذا الجانب ولذلك أقول هذا الكلام وأنا جالس معكم حتى ينتهي الاجتماع وأرجو أن يكون الأمر واضح أن هناك مخطط سوف نتفق عليه وننفذه

 وشكرا لكم.”[1]

تمهيد:

إننا نسلم بأن اللغة نبض يضمن بقاء البشرية، وأنها روح تبعث التجديد وتحقق التواصل بين البشر، كما أننا نوقن بأنها تستمد قوتها من خلال التجاذب القائم بينها وبين فسحة الاستعمال، وأنّها تُنفذ سلطتها كنظام حافل من الوقائع والأحداث الصاخبة يحفّزها لأداء وظيفتها وتحقيق غايات متوخاة تحت كنف المقام الجامع لها، فاللغة وسيلة للتعبير وأداة للتفكير وحقل للتأويل والتفسير؛ أو بشكل أكثر دقة هي عقل إذ يفكّر وسلطان إذ يدبّر، وكلُّ ذلك يمثّله موضوع اللغة وهو الخطاب. ومن ثم، لا يمكن إدراك اللغة بمعزلٍ عن فهم الخطاب، ولا يمكن استعمال اللغة دون الخطاب؛ فهما متلازمان بالضرورة، على أنّ الخطاب قد يطغى على اللغة في مساحات محدودة لا تشكل فارقا كبيرا. فما مفهوم الخطاب؟ وهل الخطاب علمًا من حيث أنه موضوع اللغة؟ وكيف يفكك الخطاب ويحلل؟ وما أهمية تحليل الخطاب؟ واخيرًا، لماذا ندرس الخطاب ونفكّكه؟ …

المقدمة:

أثار الخطاب معتركًا احتدم فيه اللسانيون والسلوكيون وحتى الوجوديون، الأمر الذي جعل مفهوم الخطاب مفهومًا قصيّ الرصد عصيّ الضبط؛ لذلك نلمس تباينًا واسعًا في مفاهيم علم الخطاب، وتعالقًا مُطّردًا بينه وبين مفاهيم أخرى، لاسيما بعد ظهور المدارس الفكرية والمذاهب المنهجية الحديثة، فكلّ يرى معنى الخطاب من زاويته ونزعته، وينطلق في معالجته بحسب حدود إملاءات تياره أو مدرسته؛ فإذا كانت الألسنية سبّاقة في مقاربتها لمفهوم الخطاب، ومحاولة وضع أسس وضوابط لتحليله وتفكيكه؛ فإنّها وقعت في مآزق حرجة وفي مغالطات متعددة؛ فهي تحصر نطاق الخطاب تحت فضاء التركيب، وربما تعدت للتفرقة بين اللغة بوصفها نظامًا وبين الخطاب بوصفه كلامًا، كما يصرح (ديسوسير) ” إن اللغة والكلام عندنا ليسا بشيء واحد، فإنما هي منه بمثابة قسم معين وإن كان أساسيًا”[2] ف(ديسوسير) يلزم الخطاب حدود اللسان فكلُّ خطاب عنده لا يحتمل أن يندّ عن ثنائيتي اللسان والكلام[3]، وهو نحوٌ يوجهه(بول ريكور) لمفهوم الخطاب إذ يراه يتحقق بفيزيائية فعل اللسان[4]، على أنّ بول ريكور”وضع الخطاب بدلا من الكلام، ليس ليؤكد خصوصية الخطاب فحسب؛ بل ليفرق بين علم الدلالة والسيمياء؛ لأن السيمياء في رأيه تدرس العلامة، بينما علم الدلالة يدرس الخطاب أو الجملة”[5] في حين يرى هاريس فضاء الخطاب أرحب سعة من الجملة[6]، وعلى الأرجح أن تكون نظرة البُنويون متقاربة إلى حد كبير في تناولهم لمفهوم الخطاب، فهم يضعون نصب أعينهم مقومات أساسية للخطاب[7]، تأتي ملبية لمقتضيات منهجهم في تحليل اللغة بشكل عام والخطاب بشكل أخص؛ لذا، فإنّ النص والكلام والجملة مفاهييم ليس من الجدير إغفالها أو إسقاطها في غرفة عمليات تشريح مفهوم الخطاب؛ أي أنّ الخطاب يتغذى بالضرورة من هذه الجوانب الثلاثة.

لقد أفضت جدليات فلسفة مفهوم اللغة تفنيدات مثّلت فيما بعد منعطفات متداخلة كمفهوم للكلام أولا ثم مفهوم للجملة وصولا إلى مفهوم أكثر نضجا وهو مفهوم النص، والذي قامت على إثره نظريات عُنيت بتفسيره وتفتيت مكنونه وبيان خباياه، فإذا كانت اللغة مشيمة للجملة وللكلام وللنص فإن الخطاب يولد من رحم تتقاطع فيه هذه المشيمة فيتلون بها ويتحدد من خلالها، فالخطاب من المنظور اللساني قد يبدو قاصرًا إذا ما حُصر في الكلام وفصل عن مباحث الوحدة والانسجام؛ لكن اللسانيين استطاعوا إلى حد كبير أن يحللوا الخطاب بشكل من الأشكال، فبعض علماء اللغة المعاصرين دعا إلى كسر حاجز الضيق والجمود، والنظر إلى اللسانيات بطريقة أكثر رحابة وسعة[8]، فتشومسكي حدد واحدة من “الإشكالات الاستراتيجية الرئيسة عندما يتساءل عن المدى الذي يحرز هذا التضييق المعتمد كمصدر للتبصر العلمي العميق، وهل ينتفر بانتفاشه ثم عن المدى الذي يقلل به هذا التضييق إمكانيات الاكتشافات الهامة”[9]، كما نلمس عند (لويس يامسليف) تحررا من بعض قيود البنويين عندما يتعامل مع اللسانيات بمنطق رياضي؛ أي أنه يجعل “الدرس اللساني يتسم في رأيه بالانسجام والشمول والبساطة”[10]؛ إذ أنّ نظرته للخطاب تتجلى من قراءته النص والذي تحدث حوله في غير موضع وتعامل معه كقضية تعتمد آلية الاستقراء للغة كمنطلق أوليّ قبل الولوج في الخطاب. “ولابد من التمييز بين التعامل مع اللغة على مستوى النص والتعامل معها على مستوى الخطاب، فدراسة النص تستلزم دراسة كل الوحدات التبليغية المتماسكة من حيث التركيب البنائي، أما الخطاب فهو العملية المعقدة من التفاعل اللغوي بين المتحدثين والمستقبلين”[11].

غدت جليّة لنا سلطة النص بوظيفتها التبليغية وأصبحنا ندرك ضرورة اللغة لإنفاذ الغايات التواصلية، وأنهما مرتبطان لامحالة بحافز يستجلبهما تارة ويقصيهما تارة، والذي يُصطلح عليه في اللسانيات الحديثة بمبدأ الاقتصاد، فإذا كان النص وسيلة لتمرير القصد؛ فإنّ الخطاب”ينجز في ظرفية من ظروف التواصل”[12] وأنه يتشكل وفق مجريات تحددها سلوكيات التخاطب، وأنه يخضع لسطوة المقام، فهو سلطة في حد ذاته واستراتيجية من استراتيجيات السلطة[13]، وهنا يتجلى لنا هيمنة الخطاب السياسي كونه خطاب سلطوي نافذ.

أولا: الخطاب (البنية والشكل)

يأتي النص ضمن الهيئة العامة للخطابات السياسية؛ إذ يصدر من جهة رسمية متمثلة في وزارة الخارجية العمانية والتي يمثلها وزير الخارجية يوسف ابن علوي، وهذا الخطاب يتّسم بالعلنية التلقائيّة، ويُلقى في موعد سياسيّ محدد، وفي مكان معيّن تعارف عليه الأعضاء “بجامعة الدول العربية”، على أنّ مثل هذه الخطابات تأتي ضمن طوارئ تمس العالم العربي كصفة اعتيادية وكرأي يُعزى إلى الدول العربية المتزامنة في نفس مدار القضية المناقشة، فلإن كانت الخطاباتُ المندرجةُ في جامعةِ الدول العربية مضبُوطةً بهذه المقاييس فإنّ الطريف في هذا الخطاب أن تكون قضيّته طارئة السبق، وحريّةً بأن تجتمع لها الدولُ العربيةُ بعجالةٍ واضطرار؛ فالمتمعن في مستهلّ الخطاب يلمس ضرورة ملحةً لا مفرّ من خوضها ولا مناص عن جدالها؛ إذ نستشفُّ من العبارة اللسانية: “الحمد لله الذي جمعنا هنا اليوم من غير حول ولا قوة إلا بإرادته”[14] قصدًا مبطّنًا وراء المعنى الحرفيّ للحوقلة، فالسّياق العامّ للخطاب يفصحُ عن معنًى آخر إنجازيَا يتولّدُ من المضمون الدلالي للعبارة على سبيل الاستراتيجية التلميحية؛ وكأنّما أراد المتكلم أن يقول: إننا نجتمع هنا اليوم في هذا المكان رغم أنوفنا ودون إرادتنا…، أو بتأويلٍ مُقاربٍ هو يريد أن يحيل المتلقي(وزراء الخارجية) إلى ضرورة استشعار القضية، وأنّه لامتسع لإلقاء شعارات مرموقة، وخطاباتٍ منمّقةٍ، خاصةً عند نعتِه لها بالخطب الوعظيّة:”هذه الخطب ترفع النفس وتقوي النظرة إلى المستقبل…لكنها ليست مسجد…”[15]؛ إذ أضحت الخطبُ الوعظيةُ والدينية على السواء -في هذه الآونة- بمعزلٍ عن الخطابات السياسية؛ فهي لاتعدو أن تكون قولًا مَتلوًّا على الأفواه أو مرويًّا على المنابر تلهجه ألسنُ العامّة من الناس حتى يعفو الزمن عنه ويُنسى[16]، فمُنشِئُ الخطاب(ابن علويّ) يستمد خلق تصورات خطابه من حدثٍ سابق، ومن دأبٍ متكرر ألا وهو خصوبة الخطابات الاعتبارية وهوان سلطتها الإنفاذية؛ فهي أقوالٌ تحلو استنطاقًا على الأفواه ولا تُجاور الواقع بشيء، ونكتة هذا التوظيف تتبلور في فتح شفرةٍ عند المُتلقِين وإذابة حواجز بطريقةٍ غير مباشرة فحوى مضمونها أنّ المتكلّم يُومِئ بخروجه عن دورٍ مسرحيٍّ أُوعِزَ له في هذه المسرحية التي أدوارها نمطيةُ الخطابات، ونصُّها لطالما كان ثاويَ القصد، ولعلّ التصريح يتسلط علنًا في حدّ الخطاب:”يسعد أشقّاءنا الفلسطينين وهم في ساحات المظاهرات”[17] بل يفشي عن غاية يطمح إليها المُرسِل وهي إنفاذ الخطاب وإنجازه؛ إذ تأتي هذه العبارة اللسانية عقيب حدثٍ لم يتصادف فيه إنجازٌ للخطاب أو إنفاذٌ للأفعال الكلامية.

يتركّب الخطاب من بنًى مترابطة في مصّابها، ومتداخلة من حيث فحوى مقاصدها؛ لكنها لاتخلو من عبطية التداخل؛ فهي لا تلتزم كثيرًا بالمنطق التعاقبي في تركيبها البنائي؛ بيد أنها تنضبط بالمقصدية المتوخاة عند المتلقي من قبل المرسِل؛ ولأنّنا بإزاء خطاب مكتمل العناصر إذ استمعنا له، وشاهدنا قائله وحركاته ونبرات صوته، ومكان إلقائه، قطعًا ستكون بنيته الكلية متهيكلة وفق مقتضيات المعنى الكلي للنص فالمعلومات التي يتضمنها أكبر من مجرد مجموع المعاني الجزئية للجمل والمقاطع التي تكوّنه[18] ويمكن استجلاء تلك البُنى فيما يلي:

  • البنية الأولى: تتمثل في مستهلّ الخطاب تحديدًا وهي الجملة المتضمنة معنى الحمد و معنى الحوقلة؛ وبالطّبع فإنّ المرسِل لم يشأ أن تكون مقدمة الخطاب جامدةً كدأب عتبات الخطابات العربية في الجامعة العربية، ولم يشأ قراءة الخطاب بمعزلٍ عن مناخ المقام الجامع له، وبمنأى عن خطورة الحوافز المستفزة لمثل هذه الخطابات لاسيما أنّنا بإزاء حافز مضطرب الأحداث وهو اعتبار القدس الشرقية مكانًا لسفارات الدول في اسرائيل، ومن ثم كان مناسبًا أن تكون هذه البداية مدخلا لخطاب صريح يسنح ويسوّغ عبارات منطوية على تصورات هي بطبيعة الحال تصورات راسية في أذهات المتلقي؛ لكنها لم تتجلّى في الخطبات إلا على هيئة التلميح الذي يغلب عليه طابع الحياء أو لايعدو جموده في جغرافية ألفاظه، فلإن كان مدخل الخطاب يوحي إلى أنّ أغلبية الخطابات جاءت مسلوبة الإرادة ومجبرة الإنشاء فإنّ متن الخطاب سيكون أكثر صراحة وتضمُّنًا لمحضورات هي عند أغلب المتلقين، وهذا ما تتيحه هذا البداية فهي بمثابة أسلوب نداء ينشئه المرسل ويفهمه المتلقي؛ لأننا نرى النداء صراحة بعد هذه الجملة “إخواني” قد سلب منه طابع التنبيه فالمتلقي تنبه أيّما تنبه بعد جملة مزدحمة بالإشارات التنبيهية المقصودة…
  • البنية الثانية: يمكن أن نعدّ متن الخطاب بنية مستقلة؛ فالمتن يشتمل على جملة من الموضوعات والعبارات التي يتحدد الخطاب بها، ويتوسع بحسب مدى فضاءاتها ومنازع مقاصدها؛ أشرنا سلفًا أنّ الخطاب جاءت موضوعاته مبتورة المنطق التعاقبي؛ لكنها تخضع للسياق العام وتنضوي ضمن منطوياته العامة، ومن أهم المحاور التي شملها المتن:
  • تزكية ما جاء ضمن نصية الخطابات التي ألقاها الوزراء المجتمعون بحسب كل دولة عربية.
  • التذكير بدور الجامعة العربية في معالجة القضايا السياسية، وبيان مفهوم السياسة -تزامنًا مع القضية الفلسطينية- وكيفية التعامل مع القضايا السياسية.
  • استنكار جمود الخطاب العربي السياسي، ومحاولة إيقاظ الإرادة السياسية العربية.
  • التذكير بدولة أمريكا وما لها من صلاحيات نافذة، ومحاولة الاستفادة منها في معالجة القضية الفلسطينية.
  • الإشارة إلى الجانب الإيجابي في خضم اضطراب القضية الفلسطينة من مخلال التذكير بزيارة نائب الرئيس الأمريكي إلى المنطقة.
  • الإدلاء ببعض الحلول التي من شأنها حل الأزمة الفلسطينة كنقل السفارات العربية للدولة فلسطين في الضفة الشرقية.
  • البنية الثالثة: الخاتمة، وهي فصل الخطاب، وتمام الكلام؛ إذ تأتي بعد تمهيد مقصود، مثّل  عصبة الخطاب العام، فلإن تحددت مقاصد الخطاب ومجاريه؛ فإن منتهى مسار الخطاب اللساني يتناسب أن يكون في الختام، والذي يخلقه المرسل بما تقتضيه اتساقات الخطاب وسياقاته، فبعد تنبيه مغاير في مقدمة الخطاب لما تفرضه القضية الأساسية لحوافز الخطابات الملقاة من مختلف الأطراف العربية، وبعد سَوقِ مناقشات كانت بمثابة أحكام تجاه نفاذية الخطابات وانفصامها الدائم عن مضامينها، يُصدّر المرسل حلّا جذريا للقضية الفلسطينة وهو اعتبار الضفة الشرقية مكانا لسفارات الدول المعتمدة للدولة الفلسطينية، بيد أن القضية لا تنتهي بإدلاء هذا الحل فحسب، أو بتضمينه في منطويات لسانيات نص الخطاب، فعلى الرغم من صرامة هذا المقترح الذي جاء في غير متوقعات المتلقي(الأعضاء المشاركون) وعلى الرغم من أنه تصريحٌ لانثواء التلميح والذي يعقبه سلطة يكتسيها خطاب ابن علوي تجعله مؤهلا للخروج من قيود النصية إلى النفاذيّة المتحققة؛ إلا أنّ المتلقي ليس توّاقًا لخوض غمار هذا المعترك، فطالما اكتفى ببوح غير ذي انجاز، وبقول خلا من التحقق، يكفي أن نقرأ خطابات المتلقي ونستشف منها ذلك، ولعلّ قول ابن علوي: “وأنا جالس معكم حتى ينتهي الاجتماع…” يثبتُ هذا الحكم…

شكلت هذه البُنى الثلاث أبعاد الخطاب، فقد امتهت فيما بينها لتعطي اتساقا عاما للنص، ثم غدى النص متماشيا في سياق منسجم يتعاضد فيه الجانب الشكلي والجانب التواصلي تحقّق قصدُ المرسل من خلاله، فغاية المُرسل تتجلى بوضوح في البنية الثالثة للخطاب والتي مثّلت خاتمته، في حين لا يتأتى إبداء هذه الغاية دون الولوج إلى استراتيجية تمهيدية لاسيما في مستهلّ الخطاب والتي لمسناها في جملة “الحمد”، ثم محاولة التعريض _باستراتيجة التلميح الخطابية_ للخطابات التي ألقاها الأعضاء ونعتها بأنها خاوية من المصداقية الفعلية، مما يتسنى للمُرسل أن يعيد تعريف حدّ السياسة وما لها وعليها بالتّذكير المفاجئ لمعنى “جامعة الدول العربية”؛ إذ يحيلُ إلى أسمى أهداف هذه الجامعة لاسيما عندما يعرّض إلى زيارة نائب الرئيس الأمريكي وبأن الجامعة العربية يمكن أن تعمل بمصداقية وتحول المشكلة إلى نقطة مكاسب ومنطلقا لصالحها، ثم يدلي المُرسل بدلوٍ كان بمثابة قاصمة للحياء الزائف وراء ستار المسكوت عنه…

إنّ النصّ لا يكون مُكتملًا إلا بعناصره اللغوية المتعددة، ولا تتركّب هذه العناصر إلّا بأدوات اتساقية تنضوي وفق منطقٍ يعمدُ إلى السياق والغايات أو إلى الحوافز والمقاصد المتوخّاة، وفي التحليل التداولي للخطاب _بشكل أعم_  يجب أن نتبين هذه الأدوات، وأن نتقصّى أثرها في مبنى النص وفضاء الخطاب، والتداولية تهتمُّ بالنص والقائل والمتلقي، وهي عناصرٌ تفشي عن بنية عميقة داخل الخطاب، “فلا يمكن فهم الكلام وفاعليته تبعا لتصوّرات لغوية عامّة، لا تراعي فاعلية الكلام وخصوصيّته[19]، ولا تأخذ بالاعتبار مشكلة العلاقة بين الخطاب ومشكلة المحيط الذي يتصوره كلّ من القائل والمتلقي[20]” فإذا كانت دراسةُ النصّ تؤدي إلى سبر أغوار معانيه، وتفتيت عصيّ دلالاته، واستجلاء أهم مقاصده، فإنّ المُناخ الذي تطبخ فيه هذه المعاني لتنتج لنا نصّا ما يستلزم منّا فحصه والوقوف عليه بتؤدة وتأنٍ، كما أنّ حالة مُرسل الخطاب ووضعية المتلقي تضفيان معنى آخر يتعاضد مع معنى النص ليعطي إيحاء قد لا يبدو إلا بتحليلنا لهذه الجوانب الثلاثة، “فأحيانًا يكون النص واضحًا وسهلًا في دلالاته ومعانيه، إلاّ أنّه يكونُ غنيًّا بأبعاد التلقي التي تخرجه من حدود ألفاظه لتجعل منه حلقة ربط واتصال ضمن الحيّز النفسيّ والاجتماعيّ وعلاقة الجدل بين الناصّ والمتلقي”[21]، وما الخطابُ إلّا حوار قائمٌ بين طرفين يختزنان في أذيالهما شحنة من الدلالات الرمزية[22] التي في حدّ ذاتها شفرات للغة التواصل بين المُرسل والمتلقي.

المتكلم(المُرسل): إنّ المتكلم في هذا الخطاب ليس بالمتكلّم المهذار، ولا يمكن تصوره بمعزلٍ عن مكانته السياسية والاجتماعية؛ فهو الوزير المخوّل من دولة عمان لشؤونها الخارجية، فلإن تحدّث فإنما يتحدث _في هذا المقام_  بلسان الدولة العمانية أولا ثم بلسان حذاقته السياسية، لذا سيكتسي كذاتٍ منشئة للخطاب بسلطة نفاذية على صعيد الألسنية واللغة المنطوقة كأقلّ تقدير، ثم تليها التحقّقات الإنجازية للأفعال القولية إن تأتّى لها التحفيزُ الميداني وتوافرت لها الظروف الموائمة، فالقائلُ تجاوز هنا حدود الفرديّة إلى الذّات الجمعيّة المتحدثة، ممّا يسنح له شحذ الخطاب تعبيراتٍ أكثر قوة وصرامة لا سيما عند التعريض لأحكامٍ تتعلّقُ بالمُتلقي؛ إذ نجده في غير موضعٍ يُكثّف نقد جوانب سلوكيّة لدى المتلقيّ خاصةً ما يصاحبُ التعبيرات الجامدة أو القوالب الجاهزة، التي لاتعدو جغرافيّة ألفاظها أو قيود أنماطها الشكليّة، فمثلا في عبارته: “لايكفي وليس من حسن التصرّف أن نعبّر عن مشاعرنا ونستنكر ما يقوم به الآخرون ولكننا لا نفعل شيئا…” إشارةٌ صريحةٌ إلى استنكار المُرسل هذا السلوك بل يتعدّى لجعله عتبةً يستندُ عليها لإصدار حكمٍ أكثر صراحة وهو وصف المتلقي بخلوّه من المصداقية _في القضيّة الفلسطينية_ عند قوله: “ينبغي أن نتصالح مع أنفسنا …وإذا أردنا أن نُطاع ينبغي علينا أن نتصالح مع العالم…” ؛ والعبارة هنا تُحيلنا إلى مدى صرامة قائلها؛ ولإنها جاءت في إطار ذا مقصدين كان لابدّ أن تكون بهذه الصراحة، فبمجرّد أن يستقبلها المتلقي تتبيّن له الثنائية المتمثلة في إيقاض المتلقيين من غفلة الصمت وكذبة اللاوعيّ المتصنّع، وبتنبيهه بمدى خطورة القضيّة وأن المتكلّم يعي ما يقول بل ينتظر نفاذ توصياته فور انقضاء خطابه “أنا جالسٌ معكم حتّى ينتهي الاجتماع…وأرجو أن يكون الأمر واضح…” .

 يتّضح لنا إذن، أن نفسيّة المتكلّم مُتأرجحةٌ بين وتديّ الصرامة والغضب، وبين ضبط الخطاب مع ما يُوائمُ من الألفاظ والعبارات النصيّة، وحتّى يستقرّ القصدُ عند المتلقي يجتهدّ المتكلم إلى إعمال الوسائل التبليغية من النبر والتنغيم وانتقاء المعاني وفق مقياس شديد الدقة تكون ملبية للحالة النفسية المسيطرة على الذات القائلة؛ لأنّ علاقة النص بقائله علاقة وثيقة، كعلاقة الأب بولده[23]وكما أنّ المعاني تولد من لحظتها المستمدّة من نفسيّة المتكلّم[24]، ينبغي علينا أن نجعل في الحسبان الجوانب النفسية والاجتماعية والسيكلوجية المجتمعة في الذات القائلة(المتكلم)؛ ذلك أنه يؤثر في سيرورة الخطاب ونفاذه، فقد يكون المتكلّم مؤديًا بذاته خطابًا قد يخفتُ دور النص فيه، وقد يكون النصُّ مشتملا على عناصره اللغوية كاملة إلا أن المتكلم لا ينسجم مع النص فيغدو الخطاب خافتًا يدعو للملل وعدم القبول[25].

الموضوع: 

إنّ موضوع الخطاب هو البؤرة التي تنضاف على ضفافها الوحدّات النصيّة ومستويات التعبير المتعددة؛ فهو الذي يلمّ شعثها ويزمّ عيدانها بدرجة التقايض بينها وبين المتلقي والمرسل، فموضوع الخطاب ما هو إلا إملّاءٌ يُلهمُ قائله إصدار الرسالة التي يرتضيها[26]، كما يجعل المتلقي متهيئا لهذه الرسالة، وذلك بالتعالق المشترك بين ما هو موجود في نفسية المتلقي ويقصده المخاطب[27]، فإذا كان موضوعُ الخطاب حلقة الوصل بين المتكلّم والمتلقي يلزم بالضّرورة رصده من معمعة النص؛ ففهمُ الخطاب وتفكيكه يبدآن من تحديد نمط النص ونوعه[28]، ومن ثم تحديد موضوعه باعتباره القضيّة الأساسية للفهم[29]، وبأنه يمثّل أيدلوجية تتحدد مكونات الخطاب على إثر نصّها[30].

إنّ الموضوع الذي تحدّث به ابن علويّ يضمُّ فروعًا متعددة من الموضوعات، تتداخل فيما بينها لتشيكل وحدات تنسجم مع سياق النص كوحدة كليّة للخطاب وهي القضيّة الفلسطينية أي: اعتبار الضفّة الشرقيّة مكانا لسفارات الدول في إسرائيل، فإن تعرّض ابن علوي إلى قضايا جانبية كمفهوم السياسية ومفهوم جامعة الدول العربية وكذلك التذكير بهيمنة الأمم المتحدة إلى غير ذلك… إنما يأتي ذلك وفق تناسب يخدم القضيّة الأساس كوحدة كليّة لموضوع الخطاب، لذا يمكن أن نلحظ ترابطا في البنية الموضوعية لهذا الخطاب وأن نزيح الغشاوات المنبعثة من بعض الوساوس البدهيّة لمثل هذه الطوارئ كسؤالنا: “هل الخطاب منسجمٌ ومترابطٌ في ضلّ لسان متكلّمٍ مضطرب؟[31]” مع أنّ ابن علويّ لا تبدو عليه علاماتُ الاضطراب؛ إذ يلقي خطابه  شفاهةً وبعفويّةدون أن ينظر إلى النصّ المكتوب لاسيما عندما يقول: “ينبغي علينا أن نلتمس طريقنا في هذا العالم المضطرب…” وربّما لم يكن هناك نصّ مكتوب، وهذه دلالة تُدحض قبيل هذه الوساوس. لم تكن إذن ألفاظ الخطاب سخيّة من التنميقات الجماليّة والزركشات اللفظية، ولم تكن ذا إيقاعٍ سجعيّ بقدر ما هي ألفاظ منتقاة تتابع على ضابط مقصدٍ وموضوعٍ أراده المتكلّم أن ينصبّ بمنهجية معيّنة ستؤدي فيما بعد إلى طرق أوتارٍ طالما سكت عنّها المتلقي، ومن ثم، ينعطف مسار الخطاب إلى الغاية القصوى كما يريده المُرسل من المتلقي بكلّ صراحة ومن غير تسويف؛ لأنّ الموضوع لا يتحمّل أن يكون مصطدمًا مع انتهاء دافع القول، فالمتكلّم يطمع لموضوع الخطاب أن يرتقي إلى فعل إنجازيّ مشترك بين المتواصلين، وهو ما يؤهل المتلقيّ أن يكون حريًّا قادرًا على تخمين موضوعات التحاور الخفيّة أثناء العمليّة التواصلية[32].

المتلقي: 

يعدُّ المتلقي في أدوار الخطاب جزء لا يتجزأ من الحلقة البنائية له؛ إذ لايمكن تصّور سيرورة القصد بمعزلٍ عن تأثير المتلقي وتجاذبه، وما المقام إلّا بمثابة لغة تواصليّة تتوهج بمقدار نفسٍ  بين مخزونات المتلقي ومدى اجتهاد المتكلّم في إيقاظها، فهي رواسبُ ومعارفُ يختزنها المتكلّم ويتقاسمها مع المتلقي تؤدي إلى تحقّق المقاصد وبلوغ الغايات التي يجتهد المتكلّم في إيصالها[33]، وقد يثمر ذلك إلى تجلٍّ واضحٍ باستثارة مخزونات المتلقي وجعلها متماشية مع منشودات المتكلّم إمّا بالتصحيح، أو الإضافة، أو اصطفاء المعلومات الواردة[34]، في حين يفترض المتلقي هذه الاحتمالات لما للمقام من قوّة تجعل المتلقي متنبأ للآفاق التي يرمي إليها المتكلّم، وقد تكون هذه العلاقة المتبادلة أداة تّفصح عن احتمالية التعالق بين منشودات المتكلّم والمتلقي من عدمها؛ ومن ثم، يمكن أن نعدّها وظيفة تواصلية أُولى قد تساعد على تغيير مخزونات كلّ منهما في منعطفات الخطاب، ومن خلال الأرضيّة الجامعة بين ابن علوي وبقيّة الاعضاء المشاركين لمسنا شيئا من عدم التجانس لاسيما في التصعيدات المتعلقة بصميم القضيّة المناقشة، فالمتلقي ليس متّفقا في حدّ ذاته، إذ هناك من يجاور  المتكلّم في مسلّمات  قد انطوى عليها خطابه، وهناك من يبتعد عن هذه المسلّمات وإن بدى في ظاهر الأمر مجيزًا لها، وإلّا لما لجأ المتكلم إلى حشر عبارات تومئ بأنها ردة فعل؛ بل يتعدّى في عبارته: “أصحاب المعالي الوزراء كانوا موجودين وبعضهم ليس موجودا الآن” ليميّز المتلقي بمعيار تفاضلي بين من هو مهتّم في إيجاد الحلول وإبداء الإهتمام، وبين من حضر لأجل برتكول سياسي لا يتعدّى حدود قاعة المؤتمر؛ وهذا ما يحيلنا إلى وحدة متشظية في المتلقي، وأنّ المتكلّم واعٍ بهذا الشرخ؛ بل يجعله عتبة يستند عليها في إحلال التصريح بدل التلميح المُخيّم على أغلبية الخطب، فقوله: “هذه الخطبُ ترفع النفس….. لكنها لا تكفي…” إشارة بأنّ المتكلّم يريد توبيخ المتلقيّ في أساس العبارة، وأنه يعرف مدى إنفصام المتلقي عن إنجاز أقواله وعن بُعدها المعتاد من الواقع الفعلي…

ثانيًا: المضمون(وسائل السبك النصية)

يكتمل الخطاب بالنصّ عندما تنضاف عليه خصائصه ليغدو متناسقًا مع المغزى الخطابي وبفضله تُضمن الوظيفة التواصلية التي تحتضن المقاصد؛ فبنية النصّ تفرض سلطةً على المتكلّم في ترشيح الألفاظ المعجمية واختيارها بما يتناسب مع غايته التواصليّة[35]، فهو مضطّر إلى المواءمة بين بنية النص ومقتضى المقام ، وبين قواعد الشكل وفضاء المعنى، وقد أشار الجرجاني في غير موضعٍ إلى ذلك: “وترتّبها على حسب ترتّب المعاني في النفس….وعلى الوجه الذي اقتضاه العقل”[36]وقد أشار النقّاد إلى أبرز وسائل السبك، كالإحالة، والحذف، والاستبدال، والربط، والتكرار.

  • الإحالة: أشار بوجراند إليها عندما حدّد معايير النصيّة وقواعدها، وعدّها جزء أساسا في نضج النصّ وبلوغه[37]، فهي التي من شأنها أن تُماهي النصوص مع مفهوماتها[38]، كما هي الأداة الرابطة بين معان النص، وهي الأداة التي تجعل النص رزينًا خاليًا من زخم التكرار[39]، وتتجلّى هيئات الإحالة في الإشارة والإضمار وكذلك في الإحالات السياقية والمقامية.
  • الأحالة الإشارية: ورد في خطاب ابن علويّ ثلاث إحالات إشارية تمثلت في: العناصر الإحاليّة: “هذا”، و”هذه”، و”ذا”، وكلّها تحيل إمّا على سياق سابق لها، أو إلى تركيب تالٍ لها، على أنها لم تخرج من التقسيمات التي وضعها النحاة كالإشارة إلى الشخصيات والأماكن[40]، أو إلى القريب والبعيد[41]، ففي مستهلّ الخطاب يذكر ثلاث إحالات إشاريّة، تأتي الإحالة الإشاريّة “هذه” مكررة في عبارة واحدة: “إلا أنني أؤيد هذه الخطب… هذه الخطب ترفع النفس وتقوي النظرة إلى المستقبل…”، ففي المرّة الأولى تحيل إلى كلام سابق لها يدور حول “الخطب” التي ألقاها الأعضاء، ثم تتكرّر مرّة أخرى لتؤكد على حديث تالٍ لها يفهمه المتلقي من الإحالة الأولى فيثبت تأكيده في الثانية، وفي الإحالة الثالثة: “ذا” ارتباط تعاقبيّ مع الإحالتين السابقتين في مستهلّ الخطاب، فعندما يقول: “سوف نتخذ قرارات تعبّر عن حقائق الأمر وفي ذات الوقت تُسعد أشقّاءنا الفلسطينين…” إحالةٌ إلى غاية تأتي بعد الإحالة إلى الخطب وهي تنفيذها إجرائيّا من خلال القرارت المتّخذة من صميم فحواها، وفي موضع آخر من الخطاب تتكثّف الإحالات الإشاريّة مُضفية أبعادًا موضوعيّة كما في: ” فإذن نحن ماذا نعمل؟ هذا أمر لا يعالج بكثرة الكلام…أمريكا دولة كبرى …وكلّنا ندرك أحوال هذا البلد في هذه الأيّام…” فالمتمعّن في العبارة يجد هذه الإحالات مرتبطة بموضوعات محدّدة ففي الإحالة الأولى من العبارة تأكيدٌ على حكم أطلقه المتكلّم إزاء المتلقي وهو كثرة الكلام أي ثواء الأفعال واستتارها وراء قيود الأقوال، ثم يعمدُ المتكلّم من خلال الإحالتين التاليتين إلى تبرير دوافع حكمه وإعمال التأويل بذكره دولة أمريكا ومالها من قوّة وسطوة نافذة وأنّه لا مُتّسع  لديها للهذر القوليّ لاسيما في الإحالة الثالثة فهي تأكيد لمعنى مُبطّنٍ تحت أغلفة السياق ومنطويات المقام؛ فأمريكا في ضلّ حكومتها الحالية ليست كسابقتها من الحكومات، وقد تتفاوت الإحالات الإشاريّة في حيثيّات اشتمالها في الخطاب، فمثلًا _ليس حصرًا_ نجد في: “ألا يذهب أحد في هذا الاتجاه يعني اعتبار الضفة الشرقيّة مكانا لسفارت الدول في اسراءيل..” إحالة إشارية تجمع بؤرة الخطاب الأساسيّة والتي استجلبت انعقاد هذا المؤتمر، ومن ثم، مجيء الخطابات المتعددة، ومن ضمنها خطاب ابن علوي.
  • الإحالة الضميريّة: تواردت الإحالات الضميريّة في الخطاب وربّما طغت عليه؛ لكنّها شكلت أهمية في بنية النصّ، ولإنّها تربط النص بمنوالٍ حصيف، ستُحقّق انسجامًا يُقصي اللبس[42] الذي يمكن أن يتسلل بين ثنايا بنية النصّ، وقد رصدنا هذه الإحالات وصنّفناها كما يلي:
  • ضمير المتكلّم المتصل(ت، نا): “استمعتُ إلى جميع المداخلات…” و”في عملنا خلال العام القادم”  ، “لم نستطع أن تكون عندنا رؤية…”، و”لدينا ولدى الأشقّاء الفلسطينين…”، شكّل ضمير المتكلّم هيمنة على بنية الخطاب؛ فالمتكلّم هنا يسند الأفعال إلى الضمير مباشرة حتى تصطبغ بالأحداث وتكون وقّادة يقظة في مخيّلة المتلقي، ومن ثم، يتفاعل المتلقي بإزائها ومقتضاها، على أنّ الضمير يحيل إلى سابقه والذي يحيل المتلقي إلى اهتداء مقاصد المتكلّم.
  • ضمير المتكلّم المستتر: نجد ضمير الجماعة “نحن” هو السائد على الضمائر المستترة في الخطاب، فمن ذلك: “سوف نتّخذُ قرارات تعبّر عن حقائق الأمر…”، و”نريد أن نخرج بقرارات أساسية…”، و”ينبغي علينا أن نتصالح مع أنفسنا…”، و” أن نعمل مخطط خارطة…” في حين هناك ضمير مستتر واحد يعود إلى المتكلّم وهو: “أرجو أن يكون الأمر واضحًا…” ولعلّنا نفسّر كثافة ضمير الجمع لفرضيّة المقام؛ إذ المؤتمر قائم على خلاصات جمعيّة، وعلى خطابات متعددة من مختلف الأعضاء المشاركون؛ لذا كان من الجيّد سيادة هذا الضمير الجمعي، لاسيما أنّ المتكلّم يتجاوز الحدود المتوقّعة عند المتلقّي، لذا سيلجأ إلى دغدغة نفسيّة المتلقي واستمالتها من خلال فضاء ضمير الجمع الذي سيشمل المتلقّي مع ما يبغيه المتكلّم، وكأنما المتلقي مشترك مع نفس المقاصد ومُطالبٌ بها، مع أننا نعلم بأنّ المتلقي _في غالبيّته_ متكاسلٌ عمٌا يرمي إليه المتكللّم .
  • ضمير المتكلّم المنفصل: يشتمل الخطاب كذلك على ضمائر منفصلة في البناء، ومتّصلة بطبيعة الحال بالسياق مثل: “نحن اليوم في جامعة الدول العربية..”، و”نحن أهل حقّ…”، و”لكننا نحن الآن في هذه الساعة المتأخرة…”، هذه العبارات جاءت متضمنة ضمير الفصل “نحن” وهو ليس ضميرا ينبأ عن الذات الجمعيّة للمتكلم؛ إنّما هو ضمير الجماعة الذي يؤدّي بهذه العبارات مغازٍ مقصودة كالتّنبيه الاستدراكيّ بإحالته التذكيريّة للجامعة العربية، وبتأكيده لأحقيّة دعوى المؤتمر، في حين يأتي في العبارة الأخيرة لإحالة أمر تالٍ وهو جدّية الدعوى؛ إذ لا وقت لتبادل مهاترات خطابيّة جانبيّة. والجدير بالذكر أن الخطاب لا ينحصر في ضمير الجمع؛ بل هناك عبارات جاء فيها ضمير الفرد: “أنا لن أزيد شيئا…”، و”أنا جالسٌ معكم حتّى ينتهي الاجتماع…” ففي هاتين العبارتين ضمير الفرد المتكلّم، ومن الطريف أن يكون أحد العبارتين في صدر الخطاب والأخرى في عجزه؛ بيد أنّهما يتّزنان بمنطق لا يُستبعد من ابن علوي أن يحشره عمدًا، فإحالة العبارة الأولى بعدم الزيادة في الخطب إنما يقتصر على مضمونها المنصوص لا على إنفاذها في الساحة الفلسطينية؛  فهو يزيد عليها من جانب مغاير ومن سبيل مجاور، وهو التعجيل بتصديقها وإبعادها عن شبح الإنفصام، الذي سيتأكّد في إحالة العبارة اللّاحقة، بنصّها أن ابن علوي جالسٌ حتّى يرى جانبًا من جوانب الإنجاز.
  • ضمير المخاطب: يكادُ ينحصر الخطاب على ضمير مخاطب واحد في: “أنا جالس معكم…” وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على أنّ قاعة المؤتمر لا تتحمّل تكثف ضمائر المخاطب؛ إذ لا سعة للأمر فالقضيّة طارئة والمتكلّم لا يريد أن يصرّح علنًا ما يعتبه من المتلقي إلا ما كان ملامسًا للقضية الأساس.
  • ضمير الغائب: تتنوع ضمائر الغائب في الخطّاب بتنوع إحالاتها، ففي العبارتين: “هي كلّها إيجابية …” و”هي دار للسياسة والعمل” إشارةٌ إلى سياق يستمد وهجه من حدث سابق، ومن دأبٍ مطّرد؛ إذ لم تكن الإحالة مقتصرة على الخطب التي ألقيت في المؤتمر؛ إنما إلى خطب غلّفها سالف الزمن كانت تصطبغ بلون جمعيّ جمّدها كهيئة يمكن أن يحيل إليها المتكلّم بمجرد حشره ضمير الغائب “هي”. أمّا الإحالة الأخرى لا تندُّ عن سابقتها فالمتكلّم يحيل إلى صلاحيّة الجامعة العربية وما يترتب عليها من أمر. في جانب آخر من الخطاب نجد إحالات للضمير الغائب مثل: “هم قادمون إلينا…”، و”هو قادم إلى المنطقة ليس سياحة…”  لكّنها تحيل إلى مضمون آخر، وهو وضع النقاط على الحروف أي أنّ أطراف القضيّة الفلسطينية من الجانب المعادي آتون لا محالة إلينا لأجل تنفيذ ما اتّخذوه “بصفقة القرن” لا لأجل الزيارة والاستجمام. وفي آخر الخطاب نجد إحالة للضمير الغائب: “وهو أن نعمل مخطط خارطة طريق…” تجري مجرى مختلف عن سابقاتها أي أنها تحيل إلى حلّ مناسب للقضية الفلسطينيّة. وتبقى الإحالة بمختلف أنماطها حبلا يعقدُ الكثير من الحقول المعرفية والمخزونات الثقافية في مقتنيات الخطاب.

ب-الربط: 

عدّ البلاغيون الواو أساس ربط الكلام بعضه ببعض، واصطلحوا على ذلك بالوصل أي وصل الجمل وربطها بأداة واضحة، والواو في حدّ ذاتها أداة من أدوات الإتساق وسبق النّص؛ إذ يكاد لا تنعدم من تداوليات الألسن، فهي تسبك النص حتى يغدو جملة واحدة[43]، وقد يتساءل البعض في أيّ خارطة نضع أدوات الربط الثانية كالفاء وسائر حروف العطف؟ أليست هي أدوات ربط؟ والجواب على ذلك بأننا يمكن أن نعزيها إلى جانب واو العطف؛ فالواو لا يرتبط مدى تأثرها في السبك على سبيل العطف فحسب؛ بل تأتي للاستئناف والحال[44]، وفي خطاب ابن علوي استخدمت واو الربط في عدّة هيئات:

-واو العطف: والتي استخدمت بأنماطها المتعددة كعطف الاسم المفرد على الاسم، مثل: “نخرج بقرارات أساسية وقوية” والتي تؤكد من خلال الصفة على نوعية هذه القرارت المتخذة من قبل أعضاء المؤتمر، وهناك عطف الفعل على الفعل أو الجملة على الجملة، مثل: ” والحق لا ينكره أحد لا كبير ولا صغير” وهذا عطف يفيد التعدد في شموليّة الحقّ من أنه جليّ واضح.

-واو الاستئناف: نجدها في مستهلّ الخطاب عند قوله: “والصلاة والسلام على سيدنا محمد…” فهو ابتداء لانتهاء، وتمهيد لمعركة من الأحكام ونداء من حيث أنه طلب؛ إذ الثقافة الاسلامية تتطلب من المتلقي رد السلام، ومن ثم، يكون في أقصى مراحل اليقظة لما سيقوله المتكلّم.

-واو الحال: جاءت في غير موضع في الخطاب، مثل: “أقول هذا الكلام وأنا جالس معكم” فهي تصور حالة المتكلّم وتفرض أفقا للتأويل لدوافع هيئة المتكلّم.

ج- الحذف: يقول الجرجاني: “فإنّك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة…”[45] معنى ذلك أنّ الحذف أدة للربط متى ما كان خارجا عن التكرار[46]؛ لأنّ التكرار قد يوصل إلى الملل، لاسيما إذا كان في غير موضعه وسياقه، وفي هذا الخطاب نلمس بعض المواطن التي فيها حذف كحذف المسند في: “لا كبير ولا صغير” إذ الأصل أن يقول: “لاكبير ينكره ولا صغير ينكره” بيد أنّه عمد إلى تقنية الحذف لينتشل النصّ من غثّ التكرار، وفي: “لا يكفي وليس من حسن التّصرف أن نعبّر عن مشاعرنا…” حذف جملة كانت ينبغي أن تأتي بعد الفعل ينبغي فأفاد الحذف اجتماع الفعلين في جملة المصدر المؤول.

د-الاستبدال: يذهب اللغويون المعاصرون إلى جعل الاستبدال مصدرا من مصادر اتساق النصوص[47] فهو يؤثر في الوظائف التركيبية للنصوص، إذ يمكن معرفة الوظيفة النحوية من خلاله[48] وفي هذا الخطاب يكاد ينعدم الاستبدال فالخطاب السياسي ينبغي أن يكون دقيقا ودبلماسيا؛ ولأنّ ابن علوي حذق إلى حد كبير في اختيار مفرداته ووضعها في أماكنها الصحيحة.

الخاتمة: 

عند تحليلنا لخطاب ابن علويّ لمسنا فيه جملة من القضايا الجدليّة، والتي شكّلت محكّ الخطّاب؛ فهي بمثابة البؤرة الدافعة لتضاعيف البنى القوليّة والمنطوقة؛ ولمّا كانت قضيّة الخطاب وليدة حدث سياسيّ تمثّل في نقل سفارات بعض الدول إلى إسراءيل كان لا بدّ أن نلفي عبارات سياسية ومصطلحات دبلوماسيّة؛ هي بطبيعة الحال من شكّل البنى الرئيسة للنص، ثم احتمالية التأويل تبعًا لاتّساع فضاءاتها، ولعلّ أبرز سمة اتّسم بها الخطاب، المصداقيّة التامة أي حرص المتكلّم أن تكون أقواله مطابقة لأفعاله في المستقبل القريب، وهذا ما وصفناه في البحث بالإجراء الإنجازي للفعل القولي الذي طالما شكّل في الخطاب تداخلا منسجما مع بقيّة المطالبات.

يتّضح أن المتكلّم كان واعيًا بما يقول وقاصدّا له؛ فقد ظهر بهيئة ارتجالية في إلقاء خطابه، ومن خلال مشاهدتنا له وفر شروعه في الإلقاء كان متّزنا بعيدا كلّ البعد عن الإضطراب مع أنّ القضية تدعو للإضطراب والتوتر، في حين، كان المتلقي متشتتا وغير منسجم؛ فقد تفاوت في تفاعله مع المتكلم وربما غادر بعض الاعضاء المؤتمر علما بأنهم ليسوا مستعدين بعد لما يرمي إليه ابن علوي.

ظهرت في النص ملامح الاتساق وحاولنا أن نبيّن أهمها ووجدنا الإحالة النصيّة نالت نصيب الأسد من معايير السبك النصيّة ثم تأتي الواو الرابطة بعدها ويليها الحذف، في حين ينعدم الاستبدال والمصاحبات المعجميّة لما للخطاب من صبغة دبلوماسية جعلته ينأى عنها.

المراجع: 

  1. الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز، شرح وتعليق: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل، بيروت، ط1، 2004م.
  2. الجرجاني، عبد القاهر(ت471)، دلائل الإعجاز، مطبعة المدني، القاهرة، ط3، 1992م.
  3. ابن هشام الأنصاري أبو محمد عبدالله جمال الدين(ت708)، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، وعه كتاب منتهى الإرب بتحقيق شرح شذور الذهب، محي الدين عبد الحميد، دار الطلائع القاهرة، 2004م.
  4. دي بوجراند، روبرت، النص والخطاب والإجراء، ترجمة: تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، 1998م.
  5. روبول آن موشلار، جاك، التداولية اليوم: علم جديد في التواصل، ترجمة: سيف الدين، محمد الشيباني، دار الطليعة، بيروت، ط1، 2003م.
  6. دايك، فان، النص والسياق، استقصاء البحث في الخطاب الدلالي والتداولي، ترجمة: عبد القادر قنيني، أفرقيا الشرق، الدار البيضاء، ط1، 2000م.
  7. براون، ويول، تحليل الخطاب، ترجمة: محمد لطفي الزنيطي، ومنير التريكي، منشورات جامعة الملك سعود، الرياض، ط1، 1997م.
  8. بحيري، سعيد حسن، دراسات لغويّة تطبيقية، في العلاقة بين البنية والدلالة، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، ط1، 1999م.
  9. الزين، محمد شوقي، تأويلات وتفكيكات: فصول في الفكر الغربي المعاصر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط1، 2002م.
  10. عبد الرحمن، عبد الهادي، سلطة النص: قراءات في توظيف النص الديني، مؤسسة الانتشار العربي، لندن وبيروت، ط1، 1998م.
  11. عفيفي، أحمد، العربية بن نحو الجملة ونحو النص، مقالة منشورة، كلية الآداب جامعة الكويت، 1991م.
  12. ياكبسون، رومان، قضايا الشعرية، ترجمة: محمد الولي ومبارك الحنون، دار توبقال، الدار البيضاء، ط1، 1988م.
  13. ابن عقيل، بهاء الدين عبدالله(ت796)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تأليف محمد محي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة، (د.ط)، 2004م.
  14. غصن، أمينة، قراءات غير بريئة في التأويل والتلقي، دار الآداب، بيروت، ط1، 1999م.
  15. العمري، محمد، في بلاغة الخطاب الإقناعي: مدخل نظري زتطبيقي لدراسة الخطابة، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط1، 1986م.
  16. 16.         خطاب، محمد، لسانيات النص: مدخل إلى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط2، 2006م.
  17. عبد اللطيف، محمد حماسة، بناء الجملة العربية، دار غريب، القاهرة، 2003م.
  18. 18.         العيد، يمنى، في معرفة النص، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط1، 1983م.
  19. أبو زيد، نصر حامد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 1999م.
  20. عصفور، جابر الصورة الفنيّة في التراث النقدي والبلاغي عند العرب، دار التنوير، بيروت، 1983م.
  21. فضل، صلاح، بلاغة الخطاب وعلم النص، الشركة المصرية العالمية، مصر، لونجمان، ط1، 1996م.
  22. 22.         الزين، محمد، الحجاج في الخطاب السياسي، 2017م.
  23. 23.         عودة برهومة، عيسى، تمثلات اللغة في الخطاب السياسي، مجلة عالم الفكر، الكويت، 2007م.
  24. فوكو، ميشيل، المعرفة والسلطة، ترجمة: عبد العزيز العيادي، مجلة المؤسسة الجامعية للدراسات، ط1، 1994م.
  25. 25.         المومني، قاسم، علاقة النص بصاحبه، المجلد 25، العدد3، عالم الفكر.
  26. التجديني، نزار، إنتاج النص في نظرية زيغرفيد شميث، المجلد11، العدد41، مجلّة علامات النقد.
  27. 27.         ربابعة، عبد الرحيم، دراسة في تحليل الخطاب السياسي،المجلد42، العدد 3، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية.
  28. يوسف الطعاني، اللغة كأيدلوجية، مجلة الفكر العربي المعاصر، لبنان.
  29. تغزاوي، يوسف، نظرية التواصل وإشكالية المعرفة المشتركة.

[1] حرر بالتصرف من تسجيل مرئي  للخطاب الذي ألقاه ابن علوي في جامعة الدول العربية لمناقشة تداعيات قرار ترامب بشأن القدس

[2] مقال أحمد يوسف مجلة نزوى

[3] أنظر مقال ربابعة

[4] نفسه

[5] تمثلات اللغة في الخطاب السياسيص،ص120

[6] الحجاج في الخطاب السياسي، ص115

[7] يتوخى البنويون تحليل اللغة من جوانب عديدة مثل: المستوى الصوتي، والمستوى التركيبي، والمستوى الصرفي، والمستوى الدلالي، والمستوى المعجمي، وحتى المستوى البلاغي. وينطلقون من النص أي أنهم يدرسون النص في ذته ولذاته، وهي نظرية مستوحاة من رؤية ديسوسير وهاريس للغة.

[8] مقال أحمد يوسف

[9] ينظر يوسف الطعاني، اللغة كأيدلوجية، مجلة الفكر العربي المعاصر، لبنان، ص75

[10] مقال أحمد يوسف

[11] دراسة في تحليل الخطاب السياسي، يوسف عبد الرحيم ربابعة

[12] نفسه

[13]، ص9 المعرفة والسلطة

[15] نفسه

[16] *نحن نقصد في هذا الطرح القضية الفلسطينة والتي تبنتها منابر المساجد منذ ظهورها وبكتها مقل العرب حتى جفت الدموع؛ ولكنها لم تحدث أي تغيير أو تأثيير، أمّا خطب الإرهاب التي لبست ثوب الدين واستشفعت بالمنابر تختلف عن هذه فهي نافذة بتزكية الغرب لها ومباركته لها.

[18] ينظر، فضل، بلاغة الخطاب وعلم النص، ط1، ص330.

[19] ينظر: عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب، ط1، ص97

[20] ينظر: ياكبسون، قضّايا شعرية، ط1، ص78

[21] ينظر: غصن، قراءات غير بريئة في التأويل والتلقي، ط1، ص56

[22] ينظر: الزين، تأويلات وتفكيكات: فصول في الفكر الغربي المعاصر، ط1، ص117.

[23] ينظر: المومني، علاقة النص بصاحبه، دراسة في نقود عبد القاهر الجرجاني الشعريّة، الجلد 25، العدد3، عالم الفكر، ص118.

[24] ينظر: عبد الرحمن، سلطة النص: قراءات في توظيف النص الديني، ط1، ص39.

[25] ينظر: العمري، في بلاغة الخطاب الإقناعي: مدخل نظري وتطبيقي لدراسة الخطابة، ط1، ص29.

[26]ينظر: عبد الرحيم ربابعة، دراسة في تحليل الخطاب السياسي، مجلّة العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد42، العدد 3، ص755.

[27] ينظر: التجديتي، إنتاج النص في نظريّة زيغفريد شميث، المجلد 11، العدد 41، مجلة علامات في النقد، ص379

[28] ينظر: أبوزيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، ط5، ص33. 

[29] ينظر: براون، تحليل الخطاب، ص87.

[30] ينظر: العيد، في معرفة النص، ط1، ص67.

[31] ينظر: براون، تحليل الخطاب، ص90.

[32] ينظر: دايك، النص والسياق، استقصاء البحث في الخطاب الدلالي والتداولي، ط1، ص379.

[33] نظر: عبد الرحيم ربابعة، دراسة في تحليل الخطاب السياسي، مجلّة العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد42، العدد 3، ص756.

[34] ينظر: تغزاوي، يوسف، نظرية التواصل وإشكالية المعرفة المشتركة.

[35] روبور، آن موشلار، التداوليّة اليوم، علم جديد في التواصل، ط1، ص208

[36] الجرجاني، دلائل الإعاز، ص51

[37] دي بوجراند، النصّ والخطاب والإجراء، ص103-106

[38] نفسه، ص33

[39] ينظر: عفيفي، العربية بين نحو الجملة ونحو النص، مقالة منشورة، ص2/529

[40] ينظر: ابن عقيل، شرح ابن عقيل، (د.ط)، ص119.

[41] ينظر: بحيري، دراسات لغويّة تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة، ط1، ص172.

[42] ابن هشام الأنصاري، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، ص169.

[43] نظر: عبد الرحيم ربابعة، دراسة في تحليل الخطاب السياسي، مجلّة العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد42، العدد 3، ص761.

[44] نفسه

[45] الجرجاني، دلائل الإعجاز، شرح وتعليق محمد عبد المنعم خفاجي، ط1، ص131.

[46] نظر: عبد الرحيم ربابعة، دراسة في تحليل الخطاب السياسي، مجلّة العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد42، العدد 3، ص761

[47] ينظر: خطاب، لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، ط1، ص19.

[48] ينظر: محمد حماسة عبد اللطيف، بناء الجملة العربية، ص11

السابع بعد المئة ثقافة وفكر

عن الكاتب

علي الكندي