تسويق إيران كعدو بديل؟! أسئلة حائرة ومحاولة للفهم

س(2):إذا كانت إيران “تحتل” (3) جزر عربية إماراتية ويشكل ذلك لدى البعض ذريعة للعداء لها وحرق جميع أوراق المصالح والتقاطع معها ( تحت شعار اللا سياسة ) فهل إحتلال اثيوبيا لأ وجاد ين وتركيا للواء الاًسكندرون وعبث المرتزق الفرنسي بوب دنبارد بجمهورية القمر العربية لعقود وتركيا وإحتلال أسبانياً لمدينتي سيتة وقليلية المغربيتين ، وقبل كل ذلك نكبة فلسطين ، هل جميع الإحتلالات تلك برداً وسلاماً عدا الجزر الثلاث؟!!!

Mideast Iran Montazeri

تسوق الإدارة الامريكية لنا حاليا وبقوة وإلحاح إيران على أنها العدو الحقيقي والأول والوحيد للعروبة والإسلام ؟! مستغلين فينا رواج عقلية القطيع والأفكار والقناعات الجنينية التي لم يقدر لها النمو في يوم من الأيام؟! وكذا العقلية المشبعة بالهزيمة وطقوسها وثقافتها وإلى النخاع ؟! يضاف اليهما خطاب ما يسمى بالنخبة العربية الموتورة والمتوترة والتي تروج بوعي وبلا وعي لثقافة البؤس والفجيعة في محاولة لجلد الذات احياناً أو التشفي من هوان وشتات الأمة وتهويل عثراتها أحيان أخرى ؟! إعتقادأ منهم بأن ذلك هو المحرض والمحفز  الحقيقي لبعث أمجادها التليدة من جديد؟!!! ويراد من هذا التسويق بلا أدني شك جعل الكيان الصهيوني جزء مهما وأصيلاًً من نسيج الأمة عبر كامب ديفيد وأوسلو وأخواتها وجعل إيران عبر البرمجة العصبية النفسية العدو الحقيقي بعينه والذي يجب مواجهته وحربه والقضاء عليه؟!! وكما إعتدنا دائما على السياسات العربية . والتي تبني على ردود الأفعال وليست وليدة قناعات حقيقية أو مصالح حقيقية كذلك والتي تدور برمتها في دائرة ” اللامعقول ” منذ ولادة دولة الإستقلال اي منذ ستة عقود تقريبا ،فإننا لم نعد نستغرب من أي شيء بل نستغرب من عدم إستغرابنا تجاه ما هو غريب ومستهحن؟!!

لنصبح أبناء شرعيين لهذه الحقبة السيئة والرديئة بكل مقاييسها ؟! من هنا أتمنى ان نحاول إيجاد إجابات حقيقية وعميقة جملة من الأسئلة لنفهم ونعي ما يدور حولنا حتى وإن سلمنا فيما بعد مقاليد القرار والإدارة للاًخر بحجة إننا ” ضعفاء وشتات”؟!

س(1) : ماذا يعيب إيران اذا إمتلكت قيادة فاعلة وتبنت سياسات حيوية تجعلها رقما في المعادلات السياسية ، مراعية لمصالحها وأجادت اللعب بأوراقها السياسية بدهاء ، في ظل سبات عربي وإرتهان وخذلات وإعلام متباكي؟!

س(2):إذا كانت إيران “تحتل” (3) جزر عربية إماراتية ويشكل ذلك لدى البعض ذريعة للعداء لها وحرق جميع أوراق المصالح والتقاطع معها ( تحت شعار اللا سياسة ) فهل إحتلال اثيوبيا لأ وجاد ين وتركيا للواء الاًسكندرون وعبث المرتزق الفرنسي بوب دنبارد بجمهورية القمر العربية لعقود وتركيا وإحتلال أسبانياً لمدينتي سيتة وقليلية المغربيتين ، وقبل كل ذلك نكبة فلسطين ، هل  جميع الإحتلالات تلك برداً وسلاماً عدا الجزر الثلاث؟!!!

س(3): كيف لنا أن نفسر إعتراف الأزهر عام (73) بالمذهب الشيعي الجعفري على لسان إمامه العلامة محمود شلتوت كمذهب من مذاهب الإسلام الخمسة ومن إعتراف إتحاد علماء المسلمين ومجمع الفقه الاسلامي عام (2005) بالتشيع عموماً و د. على جمعة في فبراير الماضي بالشيعة ومن ثم نحذر جميعنا علماء وعامة من”إنتشار ” التشيع في صفوف أهل السنة؟!! فكيف نقبلهم كمسلمين ونحذر من فكرهم كمسلمين في ذات الوقت؟!!

س(4): كم منا نحن أهل السنة يعلم الفرق ما بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي؟! أو حاول فك طلاسم ما إستشكل عليه بالعودة الى الأصول والسياقات والمؤثرات التأريخية لكل فكر او ثقافة أو دين ؟!

س(5): لماذا نربط بوعي وبلا وعي ما بين إيران والتشيع ؟!  ونخلط ما بين التعاطف المذهبي والمواطنة؟!

س(6):لماذا نحرم على إيران اذا أردنا ان نرفع سقف وعينا – سنن التمدد والإنحسار في التاريخ ؟! وهل توقف المنطق والوعي والتأريخ وسننه في أذهاننا ذريعة لإدانة الدول والممالك الفاعلة من حولنا ؟!

س (7):إذا تجردنا وتنكرنا لكل ما قبل عن الشيعة من مراجعنا ومؤتمراتنا وأعتبرنا كل ما قيل من  باب الوعظ السلاطيني لا أكثر وتقديم المفسدة على المصلحة وسد الذ رائع؟!

فهل لأحد منا ان يعيد تصنيف الشيعة ليسهل علينا التعامل معهم فيما بعد ؟! أي هل هم أهل كتاب لنجادلهم بالتي هي أحسن أم  أتباع أديان وضعية لنعاملهم كبشر وبإنسانية ام جماد وغبار لنعاملهم وفق قوانين البيئة؟!

س(8): هل توقف عاقل فينا عند طباعة (127) عنوان ( وبالملايين)تهاجم  الشيعة بكل طوائفهم ودرجات وعيهم وفي صحيح عقائدهم وتخرجهم من ملة الإسلام والإنسانية معاً إبان الحرب العراقية الايرانية وبصم الايرانيين “بالفرس المجوس” هل توقف لما قل منا عند الأثر النفسي  والثقافي والديني لذلك العداء المجاني والذي قدم لأعداء الأمة على طبق من ذهب؟!!

9- إذا كانت إيران تقود التشيع في صفوف أهل السنة ، وإذ سلمنا بأن ذلك هو الخطر بعينه وغضضنا النظر عن التنصير بأشكاله الدينية والثقافية وأهدافة الإستعمارية وكذلك الأفكار المضللة للقاديانية والبهائية وغيرهم وأعتبرنا سعي إيران ذلك ” حماقة وأطماع ” فما الذي يمنعنا كسنة من نشر الفكر السني في أوساط الشيعة؟! ولماذا  يوجد في إيران ( 20) مليون سني ؟! علماً بأن الشيعة في إيران لايشكلون أكثر من 30% من شيعة العالم إذا كانت حجة البعض بأن إيران “لاتسمح ” لأهل السنة بممارسة معتقداتهم سواء للذين بداخلها أو الساعين للدخول إليها كذلك ؟!

10- إيران عبر التأريخ تسعى إلى عراق ضعيف للسيطرة عليه او درء مخاطره فماذا عملنا لنصرة العراق قبل وبعد إحتلاله لتفريط ذلك عمل الأطماع الإيرانية ؟! الم نفتح أراضينا واجواءنا وبحارنا وخزائننا لإحتلال العراق والتنكيل به؟!

11- هل توقف عاقل فينا عند عبارات رايس سابقاً وكلينتون حالياً والمشبعة بالبرمجة العصبية بإتجاه كراهية إيران وتمثيلها وتشبيهها بالشيطان في المنطقة مثل :” العالم لن يسمح لإيران بإمتلاك السلاح النووي؟! ” والشرعية ” الدولية بدأت تضيق بالأطماع الايرانية؟! وإيران تشكل خطراً  على “جيرانها”؟!  فهل سابقني الذكر مخولتان بالحديث عن العالم والشرعية الدولية والجيران ومعنيتان بمصالحها ؟!

12- قد يقول أحمق منا بأنه لا خوف من السلاح النووي للكيان الصهيوني على إعتبار إنه بيد دولة ديمقرطية !! مقابل دولة من الملالي!!

فيرد عليه العقل والمنطق : ومنذ متى كانت الديمقراطية رادعأ للخراب و الدمار وإستباحة الشعوب ونهب ثرواتها ؟! اليست جميع حروب الكيان الصهيوني قذرة؟! اليست جميع حروب أمريكا قذرة كذلك؟! اليست قنابل ترومان على نجازاكي وهيروشيما قذرة؟! أليست أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دوليا كذلك تنتجها دول ” ديمقراطية”؟! الم تمرر كل القذارات وحروب الإستعمار و الإمتهان والإرتهان من تحت قبب البرلمان وعباءة الديمقراطية المزعومة …. إلخ. جملة لاتنتهي من الإدانات لمدنية الغرب الخائفة ومن لف لفها ويرتل طقوس ثقافتها البائسة !!

13- وقد يقول اًحمق أخر بأن الخوف من التسرب النووي من المفاعل الإيراني وارد ومتاح لدول الجوار ، خاصة في ضل ” لتخلف “التقنية والفنية لديهم ؟!  فيرد عليه العقل والمنطق : بأن ذلك الخوف وتلك  الهواجس يجب ان ترافق كل عاقل تجاه أي منشأة نووية فهذا أمر طبيعي ومتاح ، ولكن يجب الايسقط من حسابات تفكيرنا مفاعل ديمونة كذلك؟! فليس هناك خطر بديل عن خطر فجميعها أخطار الامر الثاني : إن أنفجار وتسرب الإشعاع من مفاعل تشرنوبل عام 1986م برهن بأن لاكبير في الأرض يستطيع مواجهة هذا الخطر الذي يحدق بالبشرية فقد إستنجد الإتحاد السوفيتي بجميع خبرات العالم لمساعدته على السيطرة على هذه الكارثة التي دفعت ولا تزال تدفع ضريبتها البشرية جمعاء ؟! وللعلم فقط فلا يزال التسرب من هذا المفاعل إلى يومنا هذا في المياه الجوفية وطبقات الجو؟! الامر الذي يبرهن بأن هذا السلاح مأساة في إمتلاكه وإستخدامه والخلاص منه كذلك . لذا فقنبلتي اليابان  كانتا الحالة الأولى والأخيرة لإستعماله لفجاعة تأثيره  فأصبح سلاح ردع وتخويف فقط وإن كان يستخدم في حروب الغرب  القذرة على شكل يورانيوم منضب وليس كسلاح تدمير شامل. يضاف إلى ذلك فقد هزمت امريكا النووية من قبل الفيتناميين والسوفيت من قبل الأفعان كذلك وتدور الأمثلة في حزب الله وحماس لكيان نووي كذلك، من هنا أتت القناعة وترسخت إلى عدم جدوى السلاح النووي والإتجاه نحو الطاقة السلمية.

14- إذا كان علماء النفس وعلمأ الإجتماع يقرون بأن كل حرب تترك آثاراً سلبية عميقة لدى (3) أجيال على الأقل !! فهل تخيل أحدنا (وأنا هنا أخاطب العقلاء فقط) حجم المأساة لتي خلفتها الحرب العراقية الإيرانية في نفوس الإيرانيين تحديداً والذين جيشت الأمة جيوشها وخزائنها وأقلامها لحماية “البوابة الشرقية” وخوض معركة “القادسية” الثانية ورمزيتها ودلالتها التأريخية !! مقابل نظام جديد أسقط عرش شرطي الخليج وحامي حمى الغرب والصهيونية ، ورفع علم فلسطين على مبنى بعثة الكيان الصهيوني ، وكادت اللغة العربية أن تكون اللغة الرسمية !! وأعلن التقريب بين المذاهب الإسلامية !! وفوق هذا وذاك يعيش مرحلة إرباك هائلة في الداخل ويلملم أوضاعه ويقلب أولوياته من جديد ويحاصر من العالم أجمعه؟!

وفي الأخير يمكننا القول بأن الحديث في هذا الشأن هو حديث ذو شجون وسجون في آن واحد، والمراد في هذه العجالة هو الدعوة الى كره ما يحب ان يكره في الإنسان وحب ما يحب ان يحب فيه كذلك، أي عدم تعميم الكراهية أو المحبة بالمطلق، طالما سلمنا بأنه لا يوجد في هذه الحياة خير مطلق ولاشي مطلق، يضاف إلى ذلك الإحتكام إلى لغة العقل والمنطق في أحكامنا على الاخرين وفي عاملنا معهم وإلماس الحجة والدليل  في جميع أمورنا التي نسعى من خلالها إلى إطلاق الأحكام أو إستصدارها. وألا نكون إمعة فنجعل من عقولنا مجرد أوعية لأفكار الأخرين ونكون نحن أدوات لتنفيذ مآربهم وأهدافهم، وإلا نجمع الأضداد في آن واحد والتي لم تجتمع في يوم من الأيام أصلاً وإن نعيد الأمور إلى سياقاتها وأسبابها الحقيقية لنقف على النتائج  ونحللها بعمق فيما بعد.

والله أسأل أن يجمعنا على ما فيه الخير والسداد وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه نعم المولى ونعم النصير.

العدد الثامن سياسة

عن الكاتب

علي بن مسعود المعشني

خبير في العلاقات الدولية