كأسك يا سقراط – المشهد الثامن والأخير

سقراط : مطأطئا ً قلبي

مضيعا ًدربي

محدودبا ً مكتهل الجسد

لكي أرى

في آخر المطاف

أن عمري لم يكن

إلا بدد … إلا بدد

socrates

المشهد الثامن

{ سقراط مع (أفريطون) في الشارع }

أفريطون   : أهرب من حكم الموت القادم

أهرب …أهرب

سقراط      : أأغادر أشجار(أثينا) ؟

أزهار (أثينا ) ؟

ساحات (أثينا) ؟

ماذا أفعل في نفسي

إن غادرت (أثينا) ؟

أفريطون   : ثمة في (تساليا)

سترى الريح

تروح تجيء بلا أصفاد

لا تمنح رأسك للجلاد

يا سقراط

انج بنفسك

سقراط      : ماذا لو جاءت

كل قوانين (أثينا)

كي تسألني :

{ تدخل مجموعة القوانين بثياب سود.. يختفي أفريطون }

مجموعة القوانين: افتح عينيك وحدثنا

سقراط      : عن ماذا ؟

مجموعة القوانين: جئنا بك للدنيا

أطعمناك وأنشأناك وأعطيناك

كما أعطينا الباقين وأكثر

سقراط      : ماذا تبغون الآن ؟

مجموعة القوانين: عليك تحمل

لسع سياط

الوطن النابت

في خاصرة الوقت كسكين

{ المجموعة تتدافع مع القوانين …

تحاول أن تبعدها عن سقراط }

المجموعة : مسكين من قبّل

خنجر قاتله

مسكين

أنقذ رأس الحكمة

كي لا يتمرغ بالطين

{ القوانين تدفعها وتحيط بسقراط }

القوانين    : أتريد أن تعلن

فوق رؤوس الأشهاد

بأن يرحل من شاء

إلى حيث يشاء

المجموعة : أفضل من أن يبقى

طول العمر

أسيرا ً في الظلمات سجين

مسكين من قبّل

خنجر قاتله

مسكين

القوانين    : أنسيت بأنك

أمضيت لنا عقد وفاء؟

سقراط      : أمضيت ُ

وما زلت ُ على

ذمة ذاك الإمضاء

المجموعة : أنقذ نفسك

من حكم الجلاد

انشر شمسك

في أفق آخر

فالوقت بواد

وأنت بواد

سقراط      : لن أخذل إمضائي

فوق رؤوس الأشهاد

أفريطون   : كن رجلا ً معقولا ً

سقراط      : لو أنني فررت من أثينا

أيّها الصديق

القوانين    : سوف تعيش هكذا

مشردا ً إلى الأبد

يلفظك البلد

في أثر البلد

سوف تعيش ذائبا ً

على الضفاف

مثلما الزبد

سقراط      : مطأطئا ً قلبي

مضيعا ًدربي

محدودبا ً مكتهل الجسد

لكي أرى

في آخر المطاف

أن عمري لم يكن

إلا بدد … إلا بدد

أفريطون   : لا تتلكأ

المال لدي ّ وفير

وسأحضر في الحال جوازا ً

من رجل ٍ مشهور بالتزوير

سقراط      : ليس عسيرا ً

أن نهرب من وجه الموت

ولكن العسر أشد العسر

بصون النفس من الهفوات

أفريطون   : ولكن ؟

سقراط      : الإنسان سجين

لا حق له أن يفتح باب السجن

أفريطون   : نموت إذن

سقراط      : أبغي أن أتحرر من بدني

أسمو فوق اللذة

أتحرر من أذنيّ وعينيّ

لأشهد ضوء العقل

{تحيط الشرطة بسقراط … يقيدونه….

يجثو على ركبتيه كمن يتهيأ للإعدام …

صوت سفينة ….   أجراس كنيسة  }

سقراط      : أؤثر موتا ً

حيث أشاء أنا

عن أن أحيا عمرا ً

حيث يشاء لي الحاكم

{ تدخل زوجته وأبناؤه الثلاثة ….

يتهاوون عند أقدامه }

سقراط      : يا زوجتي

أيتها المعذبة

أبنائي الصغار

يا طيوري المحببة

لتغفروا مرارتي

تلك التي جرعتكم إياها

بمحنتي

لا تسلّموا قلوبكم للحزن

لأنني سأمضي

إلى جوار عالم رحيم

الزوجة     : لكننا سنمضي

للبؤس والفجيعة

بين وحوش الأرض

سقراط(لتلاميذه): ألتمس إليكم

إن شبّ صغاري

فأذوهم إن قالوا

إنا شيء

في وقت كانوا فيه لا شيء

ولده الكبير(للشرطة): بأي حق

تحرمون بيتنا الجريح ؟

من عطفه .. حنانه

ولطفه

المجموعة : بأي حق

تحرمون العالم الذبيح

من ظله الفسيح ؟

{ العرافة تعود للظهور }

العرافة    : قبل امتلاء الكأس

بالسم الزعاف

اسمعوا نبوءتي

المجموعة : ستلتظي النيران في أثينا

ويهرب التاريخ من سطوره

من شدة الحياء

وتصرخ الوحوش في العراء

منشدة أغنيتي

قبل امتلاء الكأس

بالسم الزعاف

اسمعوا نبوءتي

سقراط      : مشيرتي …

تلك التي عهدتها تردني…

عن سيئ الأمور في دخيلتي

لم تعترض ….

حين تركت داري الصباح

هذا دليل خير

يخطئ من يظن الموت شر

{ يدخل أعضاء المجلس (ميلتوس) …

يقدمون كأس السم لسقراط الذي

يحيط به تلامذته }

التلاميذ     : ابتدأ الليل

بقتل الإنسان
أخاه الإنسان

أمام عيون الغربان

وعلى مر فصول التاريخ

ظلّ الجوهر

لم يتغير

وتبدلت الأشكال

واليوم

تسيل دماء الشمس

على إسفلت الظلمات

بكل مكان

فيا سقراط

الوجع المصلوب

على جدران(أثينا) كأسك

جئنا الليلة

نحضر عرسك

{ يدخل المحامي  ….. صوت فاكس}

المحامي    : خبر بـ(الفاكس)

لقد وصل الآن

سقراط      : هل شبّت نار الثورة

في كل مكان ؟

المحامي    : غرقت(ديلوس)

وغاصت ما بين الأطيان

{ يخفت صوت السفينة تدريجيا ً….

يخرج رجال الشرطة وأعضاء المجلس….

يشكل التلاميذ هرما ً

يقف (سقراط) على قمته…. }

{ ظـــــــــــــــــــــــــلام }

{ يسدل الستار }

أدب العدد الثامن

عن الكاتب

عبدالرزاق الربيعي

كاتب وأديب عماني