الإمارات محبتي

emirate2

ليس الحديث عن الإمارات حكومة وشعباً كالحديث عن أي حكومة أو شعب ، إذ أن ذلك يعني الحديث عن نموذج إنساني استثنائي لمستوى الالتحام الأخوي وروابط الدم والتداخل بين شعبين تجمعهم الكثير من المقومات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، فالإمارات وعُمان ضفتا نهر يسير بسلام آمن متصالحاً مع ذاته باتجاه تحقيق حاضرٍ إنساني متناغم ومتجانس يتباهى في شموخ قلّ أن يكون له مثيل ، في الوقت الذي تتحرق فيه الكثير من الشعوب الحالمة بذلك النوع من الوئام والانسجام إلى تحقيقه وهي تعيش هماً مزمناً لحالات الاغتراب والتيه الحضاري وصدام المصالح الجامحة ، والفضل بعد المولى تعالى يعود إلى الفكر التنويري لأصحاب الجلالة والسمو قادة البلدين الذين ستذكرهم الأجيال بالكثير من التقدير والإعجاب .

ومنذ أن اعتلى سلطان البلاد المعظم قابوس بن سعيد حفظه الله العرش العماني ما فتيء يؤكد على ضرورة بل وحتمية انتهاج سياسة حسن الجوار ، فها هو يعلن في 18/11/1972 أن ” انتهاج سياسة حسن الجوار مع جيراننا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة ” هو مبدأ أصيل لا تراجع عنه ، ولا تقف دلالات مبدأ حسن الجوار عند حدود النص السياسي بل هي تشكل نسقاً مفاهيمياً متوازناً يختزل في داخله الكثير من القيم الإيحائية الهامة كاحترام سيادة الدول ونبذ صور التلفيق السياسي والتعاطي مع القضايا المشتركة ضمن الفضاءات القانونية ، ولذلك سجل التاريخ لجلالة السلطان قابوس أيده الله مواقف محورية في عدة قضايا مصيرية للمنطقة تشكلت على إثرها ملامح الوحدة والاستقلال والنهوض السياسي ، ولا يزال لجلالته حضور توفيقي لقضايا الشأن العربي ، وجاء الواقع ليثبت أن ذلك النطق السامي إنما هو وعي سياسي متوهج لمرحلة مفصلية ، فجاء البيان الإماراتي العماني المشترك بعد أشهر قليلة يعرب عن التقدير الإماراتي لذلك الوعي السامي والجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ، جاء ذلك في 31/3/1973 نشرته جريدة عمان بعنوان عريض ، تقول : ” تقدير دولة الإمارات العربية لجهود جلالة السلطان في تأمين الوحدة الوطنية للبلاد وصياغة أمنها واستقرارها ” ، وهذا الموقف الإماراتي الذي تزعّمه صاحب السمو المغفور له بإذن الله الشيخ زايد ، صاحب القامة التاريخية ، إنما يؤكد تطابق الرؤى والمنطلقات والأهداف لهذين البلدين نحو السلام والاستقرار للمنطقة .

وبقدر دهشة الجانب الإماراتي من إعلان خبر تفكيك خلية تجسس إماراتية كانت دهشة الجانب العماني وجزعه وألمه لهذا التحول الصادم والمفاجئ والذي دفع بالموقف السياسي العماني إلى الخروج عن صمته وهدوئه المعهود في تاريخه السياسي الطويل ، وقد ظل سمة غالبة عليه في حكمته لإدارة المواقف الصعبة والأزمات الحادة ، إلا أننا على يقين بأن قادتنا قادرون على لمّ حبات العقد المنفرط ، فهم يدركون تماما بأنهم أمام التزام تاريخي يجعل العلاقات الطرية والنـَـديّة للشعبين خارج الخصومات السياسية ، كما يجعل أمن واستقرار المنطقة ثابت كلي لا مزايدة عليه.

خالد الكندي – مسقط

Kindi.kh@gmail.com

العدد الثاني عشر سياسة

عن الكاتب

خالد بن سعيد الكندي

كاتب عماني