جسدي

كتب بواسطة إبراهيم بن سعيد

نسختي الحية من تراب الأرض

أتأمل نموّك

عبر السنين

تأمل منحوتة فنية.

محمولًا على ظهر الأرض

كنت جنين الرحم وستغدو جنين التراب

وروحك هذه أتُراها تغدو

جنين الغيب؟

أزهرت عضلاتك وأعصابك بالحياة

نمت عظامك ومفاصلك أغصان شجرة بشرية

عشب شعرك الأسود في دورات تجدده

ورمال وجهك وأكفك وأقدامك

وسط رياح الزمن.

آه يا وطني الصغير

يا سماء الروح

محراب الأمل وصومعة الألم

دعني أغنيك في تعبك

جسد الشاعر المتألّم

يسكن لا شك بفن الكلمات.

تمرح جياد النفس في سهولك

على ضفاف أصلاب الظهر

تلك الجبال الراسية من حقب الأجداد

والذاهبة إلى غد الأحفاد.

أنت سفينة أحلامي وقارب أوهامي

شاحنة طموحاتي وهزائمي

ما تقبضني به الأرض

وتلمسني عبره السماء.

موضع بركتي ولعنتي

طهري ونجاستي

سجادة صلاتي وخطاياي

سبلة ملائكتي وشياطيني.

يا ملكي الأول أنا مِلكك الأخير

يا شفرتي الوراثية وتعويذتي الجينية

أنت حبسي إذا خرجت منك أموت

وأنا حريتك وأنت دوني جثة هامدة.

مركزي الأصيل في هذا العالم

سفينتي الفضائية

يقودها هذا القلب عبر أفلاك الكون

إلى أعتاب الحبيب.

أنا لك الوجود

وأنت لي الأرض

ونحن معًا هذا المثال الحيّ

منحوتة الله.

يا حامل أنوار القلب

أنا لك وطن النفس وأنت العقل المضيء

على ضآلتنا

ضممنا أجنحة الروح الهائلة.

خضنا العوالم وطرنا إلى القمم

قطعنا البحار

وغصنا في الأغوار السحيقة

والأعماق أعماقنا.

يا عرقي وضحكتي ودموعي

أنت الشمعة وأنا اللهب

أنت وقودي وأنا نورك

ونحن ميراث الطبيعة.

ربما خنتني وخنتك

ازدريتني في اسقامك

وازدريتك في رغباتي

حتى سقطنا إثر هذا وذاك

معًا

نتلوى من الألم.

الرحلات التي طبعتنا بالدهشة

بالغامض والجليّ

علمتنا صحبتنا الطويلة

من يكون الإنسان.

لما أشرفنا على الهاويات المميتة

بثباتٍ يهبنا الغبطة

رأينا في الحد الفاصل

قدرتنا وعجزنا.

نحن الذين ادعينا ملاحقة الجمال

وما كنا رأيناه

حتى عثرنا على آثاره

متجهة نحونا.

يا قصة أكتبها وتكتبني

يا نص الله

بالمرض عرفنا العافية

وبالأحزان أدركنا جمال الفرح.

ها نتبع الآن عقيدة حبنا

نجومًا في أعماق المياه

مستسلمين عن طيب خاطر

لتيار المياه التي أنجبتنا

وهي تتدفق بين جنبينا

أنهار حياة.

مصدر الصورة: https://2u.pw/VJ10o

أدب التاسع عشر بعد المئة شعر

عن الكاتب

إبراهيم بن سعيد