ثيمة الدّين في السينما المصرية

   تناولت السينما عبر تاريخها الطويل الذي تجاوز مئة عام العديد من القصص والمآسي والأحداث الواقعية، واستطاعت أن تعبر عن كثير من الشخصيات، والمهن، والوظائف، لدرجة تجعلنا نقول إنها لم تترك أمرًا إلا وتناولته، حتى أصبحت سمات الاختلاف والتجاوز والتفرد في بعض الأفلام؛ ناتجة عن كيفية التناول الفني، والتجديد في رسم الشخصية، والتكوين والكادر…، إلخ. وتناولت السينما شخصية رجل الدين أو الداعية من ناحية، وطبيعة العلاقات الاجتماعية بين أصحاب الديانات المختلفة داخل المجتمع من ناحية أخرى في العديد من الأعمال الحديثة، وتم تناول مثل هذه العلاقات منذ فترة مبكرة من تاريخ السينما، وبالتالي يبقى التناول المختلف والأحد هو المحك الحقيقي للأفلام الحديثة.     

   تناولت السينما أوائل الألفية الثالثة عبر خمسة أفلام إشكالية الدين بطرائق متباينة ومغايرة لما اعتاده المشاهد سواء بالنسبة لشخصية الداعية، أو الشيخ -بحسب المعنى الدارج- أو في تناول أبعاد هذه الإشكالية وموقعها من العلاقات الإنسانية تجاه الآخر/ المسيحي، وتجاه الآخر/ المسلم. والمتأمل لهذه الأفلام يجد أنها تشكل اتجاهًا جديدًا في التعبير السينمائي عن هذه الإشكالية. والأفلام الخمسة هي “لا مؤاخذة” (2014) من تأليف وإخراج عمرو سلامة، و”مولانا” (2016) من تأليف إبراهيم عيسى وإخراج مجدي أحمد علي، و”شيخ جاكسون” (2017) من تأليف وإخراج عمرو سلامة، و”يوم الدين” (2018) من تأليف وإخراج أبو بكر شوقي، و”قابل للكسر” (2020) من تأليف وإخراج أحمد رشوان.

   قاربت هذه الأفلام ثيمة الدين عبر بُعدين أساسيين، أولهما تمثيلات شخصية “الشيخ” على الشاشة، وآخرهما: كنه العلاقة الاجتماعية بين المسلمين والمسيحيين. تختلف هذه الأفلام عمّا قدمته السينما المصرية من قبل في هذا الاتجاه، باستثناء فيلم “الشيخ حسن” الذي عرض عام 1954، من إخراج وبطولة حسين صدقي، ويعتبر من أكثر الأفلام جرأة وأجدرهم ريادة في موضوعه، إذ تناول قبل نحو 70 عامًا تعقيدات العلاقات الاجتماعية الناتجة عن الدين، من خلال علاقة عاطفية بين رجل دين مسلم وفتاة مسيحية تنتهي بالزواج، وأغضب الفيلم المسلمين والمسيحيين حينذاك، وطالبوا بوقف عرضه للمرة الثانية بعد أن رفضته الرقابة بسبب اسمه الأول “ليلة القدر” الذي تم تغييره إلى “الشيخ حسن”.

   كانت تلك هي المرة الأولى التي تتجرأ فيها السينما على إنتاج فيلم صادم اجتماعياً، ولم تنتج بعد ذلك أفلاماً يكون فيها رجل الدين مثيرا للجدل أو موضع اتهام، فقد سادت النظرة الكلاسيكية بأنه رجل متزن دينيًا وأخلاقيًا ويمثل القدوة والمثُل في المجتمع، ويجب التعبير عنه وفق هذا المنظور، لذلك جاءت صورته في أغلب كلاسيكيات السينما معبِّرة عن شخصية ملائكية تستمد أفكارها السامية وميولها الأخلاقية التي تجنح إلى الحق والعدل من علاقتها بالخالق.

   على هذا الأساس جرى تنميط الشخصية بطرائق محددة، فتم تجسيدها فنياً في صورة الشخصية السويّة المحبة للخير التي لا يمكن المساس بها، بل يتوجّب إظهارها بصورة مؤطرة بهالة من النور، فظهرت الصورة على هذا النحو في أفلام “جعلوني مجرما” (1954)، و”شيء من الخوف” (1969)، و”الأرض” (1970) على سبيل المثال لتعبر عن شخصية المصلح الاجتماعي المحب للحق. وتختلف الأفلام الخمسة المعنية بالدين والتي عُرضت بين عامي 2014 و2020، عن نظيرتها التي عالجت موضوع التطرف والإرهاب وانتشاره في المجتمع، مثل “دم الغزال” 2005، و”عمارة يعقوبيان” 2006، و”حسن ومرقص” 2008، وكذلك فيلم “الآخر” (1999) من إخراج يوسف شاهين. وعبرت الأفلام الخمسة عن بُعدين رئيسيين -كما أشرنا – يمكن التوقف عندهما على النحو التالي:

أولًا: تمثيلات شخصية الشيخ على الشاشة

  يتناول فيلم “مولانا” شخصية الداعية في القنوات الفضائية من خلال علاقته بالدين والمجتمع، وما يقال في الإعلام وما لا يجب أن يقال، أي المباح والمحظور وفقًا لحدسه وبحسب الظروف السائدة في الدولة التي تشكل علاقته بها جزءًا أساسيًا من معادلة الإنتاج والنجاح، لاسيما من حيث الحفاظ على جودة هذه العلاقة التي تقيه مخاطر السلطة. ويقترب الفيلم إلى حد ما من التجارب المحدودة التي قدمتها السينما عن شخصية الشيخ الذي يعمل وفق مصالحه الشخصية، فيجمع بين رضا المسؤول ورضا الناس مما يذكر بشخصية الشيخ الثانوية التي قدمتها السينما في عديد من الأعمال، بينما يطرح “مولانا” الذي يتمحور حول شخصية داعية بقناة فضائية، الإشكالية بخطوط درامية عميقة، فيواجه مشكلة التطرف، والفرق الإسلامية، والطائفية، والفتن، كما يتناول تأثير رجال الدين على المجتمع مستغلين فكرة الدين، كما يستعرض الحياة المترفة التي يعيشها بسبب ما يدر عليهم من أموال.

   ويناقش الفيلم الضغوط التي يواجهها نتيجة لبعض الخلافات التي تبدو من حين لآخر وتهدد الاستقرار العام، مثل الاختلاف بين الأقباط والمسلمين، والاختلاف بين الشيعة والسنة، وبعض الفتاوى التي يطلقها آخرون من أجل الشهرة ولفت الأنظار وتسبب حالة من الحيرة والفوضى في المجتمع، فضلاً عن الدور المنوط به إعلامياً في خدمة الدولة باعتباره أحد أدواتها، وعليه الإذعان للساسة والرضوخ لمطالبهم.

   يكشف الفيلم في ذلك عن صناعة الداعية، تلك الصناعة التي تحركها مصالح الدولة وتنتج خطاباً دينيا وأيديولوجياً مؤدلجاً، فـ”الشيخ حاتم الشناوي” (عمرو سعد) يبدو كلاعب السيرك الذي يقفز هنا وهناك ويرضي الجميع من أجل مصالحه الشخصية، ودون أن يصاب بمكروه، فيقول للمقربين أشياءً وأحكاماً دينية لا يستطيع ذكرها في القناة الفضائية، ويبرر ذلك بضعف الراتب الذي يحصل عليه من وظيفته كخطيب في الأوقاف، وصوره الفيلم على درجة من الذكاء تجعله يستطيع التعايش على هذا النحو.

   عمل الفيلم على توضيح بعض الأمور الدينية المبهمة مثل مشكلة التبني والأبوّة، والفتاوى الغريبة، وبعض الأحكام. ويكشف عن الطريقة التي تنتهجها بعض القنوات الفضائية في إدارة برامجها الحوارية، والكيفية التي تتعامل بها الأجهزة الأمنية مع رجال الدين، وغيرها.

   أما فيلم “شيخ جاكسون” فيعد أحد أهم الأفلام التي تناولت الصراع النفسي لشخصية الرجل المتدين، بل يكاد يكون الفيلم الوحيد الذي تناول صراع النفس البشرية سواء في صراعها الداخلي القائم على الحيرة والتردد، أو في صراعها مع الآخرين، كردة فعل حتمية لتحول نفسي وأيديولوجي ناتج عن تغيّر في المكوّن الثقافي أدى إلى تحول فكري تعسفي بسبب تراجع الأب عن دوره تجاه الابن واستبداله بالخال الذي هو رجل دين أو شيخ، مما يؤثر في تكوين شخصية خالد (أحمد الفيشاوي). وتعبر شخصيته عن شاب في مرحلة المراهقة يعيش في الإسكندرية أوائل حقبة التسعينات، ويميل مثل أبناء جيله لمغني البوب الشهير مايكل جاكسون، فيرقص ويغني مثله، لكن خلافاته مع أبيه (ماجد الكدواني) تحول دون أن يتواءما على العيش معاً، فينتقل للعيش مع خاله الشيخ (محمود البزاوي) في القاهرة، ثم تنقلب حياته رأساً على عقب ويتحول سريعاً إلى حياة التدين. وقد قدم الشخصية في مرحلة المراهقة أحمد مالك، وفي مرحلة التدين أحمد الفيشاوي.

   مثّل رحيل مايكل جاكسون نقطة تحول مرت بها الشخصية وأدت إلى حالة من الحيرة بين التدين وحالات الخشوع التي يعيشها، في مقابل مغريات الحياة التي أحبها من قبل وتمثلت في الرقص والغناء، وقد أدت هذه الحيرة إلى عدم الاتزان النفسي في بعض الأوقات. واستطاع الفيلم أن يعبر عن لحظات الضعف الإنساني لشخصية عاشت بنزق، واختلاف، وتفاؤل، وتحدي، وإقبال على الحياة، إلى شخصية أخرى تعيش الموت وتشعر بالتقصير لهواجسه، رغم ما تبديه من إيمان، لذلك يطرق الفيلم أبواب العلاقة بين الحياة والموت ويطرح عديدا من التساؤلات حول هذه الثنائية.

   تتأثر الحالة النفسية لخالد ويبدو مشتتاً وهو يتنقل بين حالات نفسية متناقضة، فتهاجمه الأفكار والهواجس باستمرار بما في ذلك أوقات ممارسة الشعائر الدينية داخل المسجد، فيتخيل مايكل جاكسون يرقص، وهي الصورة التي لاقت اعتراضات الإسلاميين في مصر إبان عرض الفيلم وطالبت بوقف عرضه.

   مع التطور الدرامي وتصاعد الأحداث التي ترصد دراما النفس البشرية وتحولاتها وحيرتها إزاء الخوف من الموت، وفي الوقت نفسه تخضع لنوستالجيا جارفة تجاه مرحلة سابقة محفورة في الذاكرة، لأنها مهما ابتعدت لا تقوى على النسيان، لذلك فحينما يعود إلى الشقة القديمة وحبيبته والملهى وأشيائه البسيطة التي تمثل ذكرياته، وبما يمثل عودة إلى الحياة ورفض هاجس الموت، فإنه يرقص بثوبه الأبيض وحيدًا داخل البيت رقصة جاكسون التي أحبها. شكل فيلم “شيخ جاكسون” طفرة فنية من حيث الموضوع، حيث يتناول حياة شيخ وإمام مسجد تهاجمه الكوابيس والأحلام ويعيش حالة نفسية غير واضحة فتتملكه الحيرة والتردد بين الإيمان والتدين، وحياة الرقص والمغنى.

ثانيًا: أثر الدين على العلاقات الإنسانية

   تناولت السينما أبعاد العلاقات الاجتماعية بين المسلمين والمسيحيين داخل المجتمع المصري وبيّنت أثر الدين على هذه العلاقات في أفلام “لا مؤاخذة”، و”يوم الدين”، و”قابل للكسر”، وطرحت الأفلام الثلاثة معالجات مختلفة لإشكالية الدين، فتناول الأول علاقة طفل مسيحي بزملاء ومعلمين مسلمين لم يدركوا أنه مسيحي، وارتكز الثاني على علاقة طفل مسلم يتيم برجل مسيحي، فيما توقف الأخير عند علاقة عاطفية بين شاب مسلم وفتاة مسيحية. تناولت السينما المصرية والدراما التلفزيونية من قبل العلاقات الإنسانية بين المسلمين والأقباط داخل المجتمع المصري لكن بشكل هامشي، بينما اختلف التناول في الفترة الأخيرة وأصبح محوريًا في بعض الأفلام.       

   يتوقف فيلم “لا مؤاخذة” عند ثقافة المجتمع من خلال رصد سلوك وأفكار مجموعة من التلاميذ والمعلمين في مدرسة حكومية ويناقش بعض القضايا التي تتعلق بوعي المجتمع، ومنها إشكالية الدين بوصفها من الأمور الشخصية التي تعبر عن العلاقة بالله، وأن الإنسان بحسب علاقته بالآخر بغض النظر عن دينه. ويأتي التطور الدرامي من خلال الطفل الذي يمثل الشخصية المحورية لكثير من المواقف والعلاقات، فيكشف عن كثير من المفاهيم الخاطئة. فالطفل هاني (أحمد داش) تضطره ظروف وفاة والده إلى أن ينتقل من المدرسة الدولية إلى مدرسة حكومية، فيظن الجميع أنه مسلم بسبب اسمه “هاني عبد الله” وتقع مفارقات عديدة بسبب هذا الالتباس. لكن الفيلم يؤكد على معنى الإنسانية في مواجهة العنصرية التي يفرضها بعضهم بسبب الدين. 

   يتناول فيلم “يوم الدين” هامشًا من حياة المجذومين ويجعل منه متنًا رئيسيًا من خلال شخصية بشاي (راضي جمال) الذي يقيم في مستعمرة للمجذومين على الرغم من شفائه، إلا ان آثار المرض موجودة على وجهه ويديه، فالشفاء من المرض لا يعالج مظاهر الإصابة، مما يترتب عليه نبذ المصابين اجتماعيًا.

   مع ذلك فإن الطفل اليتيم أوباما (أحمد عبد الحافظ) الذي يقيم في ملجأ الأيتام القريب من مستعمرة الجذام يرتبط بشكل كبير ببشاي، على الرغم من أن أوباما مسلم، وعلى الرغم من أن بشاي يكبره بسنوات، إلا أن الإثنين وجدوا في بعضهما القلب الطيب والصديق والأخ، ولذلك خرجا معًا في رحلة إلى صعيد مصر بحثًا عن عائلة بشاي. واستطاع الفيلم أن يتناول إشكالية الدين بسلاسة وأن يتجاوزها في نظير الاهتمام بقضية إنسانية أكبر من مشكلة اختلاف الأديان. وتبنى الفيلم في ذلك نظرة إنسانية وإسلامية أيضا، حيث يؤكد الحديث الشريف (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صورِكم ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالِكم) فيؤكد الفيلم على قدر الترابط بين الصديقين، فالصبي لا يقوى على الابتعاد عن صديقه الوحيد الذي أظهر بدوره حنوّا أبويّا عليه في مرضه، وتسوّل من أجله على الرغم من أنه يبغض ذلك، وأيضا عندما أُغشي عليه إثر وقوع العربة، هرع به إلى المشفى لإسعافه. كل هذه المواقف وغيرها كشفت عن قدر العلاقة بينهما.

   وعلى الرغم من أن بشاي توصل إلى عائلته، إلا أنه فضّل العودة إلى المستعمرة والعيش فيها مُكرمًا، على العيش خارجها منبوذًا، أما الطفل أوباما فهو غير مشغول بالبحث عن ذويه بعد أن آوته دار للأيتام وكبر بها، وفي الوقت نفسه لا يستطيع أن يعيش بعيدًا عن صديقه الذي ارتبط به بشكل كبير، ويعدّه بمنزلة الأب والأخ والصديق.

   أما فيلم “قابل للكسر” فيرصد أدق التفاصيل التي تمرّ بها البطلة خلال فترة استعدادها للهجرة خارج مصر، فيتناول الفيلم عددا من القضايا والعلاقات الإنسانية أبرزها علاقة نانسي (حنان مطاوع)، وكريم (عمرو جمال) وتعتمد نانسي على كريم في مساعدتها على قضاء كل متعلقاتها قبل السفر.

   يطرح الفيلم رؤية جديدة ومختلفة في تناوله لإشكالية الدين، من خلال تجاوز الدين باعتباره همًا شخصيًا لا يجب أن يؤثر في العلاقات الإنسانية أو يتحكم بها، فبرغم وجود خلافات بين نانسي وبعض الشخصيات في الفيلم، إلا أن اختلاف الدين لم يذكر وكأنه غير موجود، حتى في أمور الحب والعلاقة العاطفية، ولذلك يمكن النظر إلى خطاب الفيلم من حيث موضوع الدين بأنه خطاب غير مباشر، مما يقوّض المفاهيم الاجتماعية السطحية الخاصة بالدين والنظرة القاصرة له خاصة في العلاقات الاجتماعية. 

والفيلم من الأفلام القليلة التي عالجت إشكالية الرومانسية في ارتباطها بموضوع الدين بصورة جديدة غير مباشرة، حيث تتصاعد الأحداث من خلال علاقة كريم ونانسي اللذان يرتبطان بعلاقة صداقة حقيقية، إلا أن هذه الصداقة تخفي حبًا كبيرًا بينهما وعلى الرغم من أنها مسيحية وهو مسلم ، إلا أن الدين لا يمثل عائقًا في استمرار علاقة الحب بينهما (بحسب الفيلم)، لكن إصرار نانسي على الهجرة هو السبب الرئيسي، وينتهي الفيلم بمشهد رومانسي بديع تعبيرًا عن نهاية مفتوحة على احتمالات وتأويلات شتّى، ففي لطريق إلى المطار لتوديعها تتلامس الأيدي ويتبادلان نظرات حانية تكشف عن مشاعر صادقة، بينما السيارة منطلقة في طريقها إلى المطار. ويلاحظ من هذه العلاقة أن الفيلم سعى أن يطرح معالجة مختلفة في تجاوز مسألة الدين بجعلها هامشًا لا يعوّل عليه في علاقات الحب والصداقة الحقيقية، فيكون التجاوز بالإهمال بنية فنية لها مدلولاتها التي تجعل من الدين أو اختلاف الأديان مسألة هامشية لا ضرورة للتوقف عندها، على اعتبار أن العلاقة الإنسانية هي الأسمى.

مصدر الصورة: https://2u.pw/7TDSX

العدد الأخير العشرون بعد المئة سينما وأفلام

عن الكاتب

طارق إبراهيم حسان