ترجمه عن الإنكليزية
أماني لازار
(1)
بورتريه لسيدة1
سيدة شابة، فتاة ربما لها من العمر عشرين عاماً، جالسة في كرسي وتقرأ كتاباً. أو كانت تواً تقرأ بجدية، وهي تتأمل الآن فيما قرأت. يحدث هذا في كثير من الأحيان، أن على الشَّخص الذي يقرأ أن يتوقف، عندما تخامره بحدة أفكار متنوعة تتعلق بالكتاب. القارئة تحلم، ربما تقارن موضوع الكتاب مع تجاربها حتى الآن، هي تفكر ببطل الكتاب، فيما تكاد تتخيل نفسها بطلته. لكن الآن إلى الصورة، إلى أسلوب رسمها. الصُّورة غريبة، والرسم فيها مرهف ورقيق، لأن الرسام، في جو من الجرأة الجميلة، تجاوز حدود المألوف وشق طريقه إلى الحرية عبر واقع منحاز. في رسم بورتريه السيدة الشابة، يرسم أيضاً غرقها السري في تخيلاتها الأنيسة، أفكارها، وأحلام يقظتها، خيالها البهيج والسعيد، طالما أنه رسم تماماً فوق رأس القارئة، أو دماغها، في مسافة أكثر رهافة ونعومة، كما لو أنه كان بناء لفانتازيا، مرجاً أخضر محاطاً بحلقة من أشجار كستناء مترفة وعلى هذا المرج، يستلقي في سلام عذب مشمس، راع متمدداً، يبدو أيضاً أنه يقرأ كتاباً طالما أن ليس لديه شيء آخر يفعله. يرتدي الراعي سترة بلون أزرق داكن، والخراف والحملان ترعى حول هذا المتبطل القانع بينما عالياً في هواء الصَّباح الصيفي تحلِّق طيور السُّنونو عبر السَّماء الصَّافية. يمكن للمرء أن يلمح الرؤوس المتوهجة لعدد من الحرائق تلوح عالياً عبر القمم المدورة والمترفة للأشجار المورقة. خضرة المرج وفيرة ودافئة، وتتحدث لغة رومانسية ومغامرة، وكامل الصورة الخالية من الغيوم تلهم تأملاً هادئاً ويقظاً. الراعي المرئي في البعيد على مرجه الملون بالأخضر سعيد بلا شك. هل ستكون الفتاة التي تقرأ الكتاب سعيدة أيضاً؟ بالتأكيد كان من حقها أن تكون. كل مخلوق وكل شيء حي في العالم ينبغي أن يكون سعيداً. لا ينبغي لأحد أن يكون تعيساً.
هذا النص من الكتاب ترجمة ليديا ديفيس إلى الإنكليزية.
(2)
أبولو وديانا
أذكر أني كنت أعمل في مصنع البيرة في بلدة تون. حدث هذا قبل عشر سنوات تقريباً وكنت محظوظاً إذ سمح لي أن أقيم في منزل قديم وفسيح وجميل يقع مباشرة إلى جانب القلعة المهيبة، في أعلى تلة القلعة.
شربت كمية كبيرة من البيرة-بالتأكيد عملي في صنع البيرة شجَّع على هذا-وذهبت لأغطس في تيارات نهر آر السَّريعة، غالباً ما ذهبت سائراً نحو الريف المحيط بالبلدة، وحدقت عالياً بإعجاب نحو الجبال: عمالقة تتسامق نحو السَّماء أمامي مثل قلاع وحشية. عشت ذات يوم مغامرة صغيرة ساحرة مع صاحبة المنزل الذي أقيم فيه، زوجة كاتب عدل المقاطعة، بسبب صورة معلَّقة على جدار غرفتي. كانت هذه الغرفة عين الدفء والراحة والألفة. لن أنسى مطلقاً هذه الغرفة الفاتنة، لون النعناع الذي لجدرانها، ولا أشعة الشَّمس التي ابتسمت لهذه الحجرة الصَّغيرة البعيدة عن الأنظار بجاذبية شديدة لكن بحذر أيضاً. لكن بالعودة إلى صاحبة المنزل: أخذت صورتي-صورة فوتوغرافية للوحة أبولو وديانا للفنان كراناخ2 (الأصلية معلقة في متحف القيصر فريدريك في برلين) – ورفعتها عن الجدار حيث كانت تمنحني البهجة وتنعشني، ثم وضعتها على طاولتي مقلوبة على وجهها بخجل، على نحو موبِّخ. لدى عودتي إلى البيت، لاحظت في الحال بعيني اليقظتين على الدَّوام، هذا التصرف المفسر على أنه أخلاقي زوراً، قافزاً بجرأة في المعركة، استوليت على قلمي الموضوع في المتناول كالعادة، ودبجت الرسالة العاصفة التالية: “السَّيدة المحترمة، ربما تسببت لك هذه الصُّورة، وأنا مولع بها لأنها تتكون من جمال أصيل كلياً، بقدر من الأذى فشعرت أنك مرغمة على إزالتها عن الجدار؟ هل تجدين الصّورة قبيحة؟ هل تعتبرينها غير لائقة؟ اذن ببساطة أطلب منك بكل تواضع ألا تنظري إليها. في هذه الأثناء، بالنظر إلى ما تتحلين به من لطف وأنا على ايمان تام بهذا، ستسمحين لي بالتأكيد أن أعيد الصُّورة إلى مكانها السَّابق. سأعيد في الحال تثبيتها على الجدار مقتنعاً أن أحداً لن يرفعها ثانية”. قرأت صاحبة المنزل الرسالة واحتفظت بها. كم كنت وغداً بقولي هذه الكلمات القاسية لامرأة ودودة جداً. لكن يا له من أثر محبَّب ذلك الذي امتلكته هذه الكلمات القليلة. منذ ذلك الحين، عاملتني صاحبة المنزل بعذوبة شديدة. ويا لها من طريقة ساحرة ومبهجة تلك التي تصرفت بها. لدرجة أنها طلبت مني أن أعطيها بنطالي الممزق كي ترتقه من أجلي، مالكة منزلي هذه، زوجة كاتب عدل المقاطعة.
ترجمته عن الألمانية سوزان بيرنوفسكي
• الهوامش:
- كارل فالزر، بورتريه لسيدة، 1902.
- لوكاس كراناخ الأب أبولو وديانا في منظر طبيعي مشجر 1530.