حاوره: أمير علي مالكي
ترجمة: إسماعيل الموساوي
تيري بينكارد من مواليد 1947 فيلسوف أمريكي وأستاذ في جامعة جورج تاون، اشتهر بعمله في الفلسفة الألمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وخاصة في ديالكتيك هيجل، حصل على الدكتوراه من جامعة ستوني بروك في موضوع: “أسس المثالية المتعالية: كانط، هيجل، هوسرل”.
يعيد بينكارد النظر في هذا الحوار الذي أجراه معه الباحث أمير علي مالكي في مجموعة من الأفكار والمفاهيم الشائعة والخاطئة التي ارتبطت بالفكر السياسي الهيغلي، كفكرة دفاع هيغل عن تحقيق “الروح الآرية”، و فكرة دفاعه أيضا عن “العرق الألماني، و فكرة عدائه لـ”تحقيق الديمقراطية”.
هل تظنّ أن هيغل (1770-1831) في فلسفته عن التاريخ أراد أن تتحقق فكرة “الروح الآرية”، وأن تكوين العرق الألماني كان ضرورياً لظهور الحقيقة المطلقة في العالم؟
لقد تمت صياغة هذا السؤال بشكل سيء، لم يتحدث هيجل عن فكرة “الروح الآرية” على الإطلاق، ناهيك عن كونه قد “أرادها أن تتحقق”.
لم تأت فكرة الروح الآرية من هيجل نفسه ولكن من فريدريك شليغل Friedrich Schlegel، أحد معارضي هيجل، الذي أدخل هذا المصطلح في إحدى المنح حوالي عام 1819، وفكرة الجنس الآري بحد ذاتها لم تُستعمل في واقع الأمر إلا بعد فترة طويلة من وفاة هيجل، إن شليغل نفسه، مثل العديد من الرومانسيين الأوائل في ألمانيا حوالي عام 1800، قد استهوته فكرة “الشرق” المثالي الذي سيكون شيئًا مثل الجنة المفقودة، حيث شليغل، مع آخرين، أنه قد وجدها في الهند، وليس بلاد فارس، التي ظنّ كذلك أنها قد أفسدها الإسلام وأبعدها عن ثقافتها الأصلية، ففي التصور المثالي لشليغل، كانت الهند مناهضة للعقلانية وتمتلك البصيرة الدينية الأصلية التي تفتقدها باقي الأديان الأخرى، باستثناء المسيحية الكاثوليكية، لقد افترض شليغل كذلك أن العرق “الآري” الأصلي قد هاجر في وقت ما في فترة ما قبل التاريخ إلى ألمانيا، حيث أسقطت القبائل الجرمانية الإمبراطورية الرومانية في نهاية المطاف، على الرغم من أن شليغل لم يقدم القدر الكافي من هذا التفسير العرقي، إلا أن الأجيال اللاحقة كانت تستخلص منه استنتاجات عرقية.
لم يكن لدى هيجل أي فكرة عرقية، لقد عدّ عمل شليغل وأسطورة الأصل الآري للألمان بمثابة هراء، بالنسبة لأولئك القوميين الألمان الناشئين الذين أحبوا التظاهر بأن هناك شيئًا مميزًا حول “العرق” الألماني والذي كان بحاجة إلى إعادة إحياءه في “جيرماندوم “Germandom جديد، لقد رد هيجل عن هذا الأمر بأنهم كانوا فقط “ألمان أغبياء”.
إن فكرة القائلة أن هيجل قد ظنّ أن “العرق الألماني” كان مُقدراً على الجميع، لا أساس لها من الصحة، فهي تعبّر على الالتباس البسيط الذي يشعر به الكثير من الناس الذين لم يطلعوا على فكر هيجل، وكل ما يُقبلون عليه فقط ينحسر في نظرهم في العناوين الموجودة في جدول المحتويات في فلسفته عن التاريخ، يتحدث هيجل هناك عن “الجرمانيين” وليس “الألمان”، حيث كان الجرمان قبائل الشمال التي لم يغزوها الرومان على الاطلاق ولكنها تمكنت في القرنين الرابع والخامس الميلاديين من تفكيك الإمبراطورية الرومانية، فأصبحت مجموعة من هذه القبائل فيما بعد ألمانية، وأصبحت مجموعات أخرى جزءًا من الفرنسيين، والإسبان، واستقروا في مناطق واسعة من إيطاليا، وما إلى غير ذلك.
لقد حصل هيجل على هذه الأفكار حول الجرمانيين من المؤرخ الروماني تاسيتوس Tacitus، الذي ألّف في حوالي عام 98 م كتابًا قصيرًا، جرمانياً، وصف فيه كيف أن هؤلاء البرابرة المتواضعين يحبون الحرية، كان تاسيتوس يُجري مقارنة غير مواتية مع زملائه الرومان، الذين شعر بأنهم قد أفسدتهم الكثير من الثروة والسلطة، أخذ هيجل وصف تاسيتوس للألمان ليُظهر أنهم كانوا عن طريق الحظ، الخلفاء المثاليين للدولة الرومانية الفاشلة آنذاك، والتي نصرت نفسها لكنها فشلت في فهم المعنى الحقيقي للحرية، كما فشلت في خلق عالم يكون فيه الجميع أحرارًا. لقد ظن الرومان أن البعض منهم فقط أحرارا؛ أي الأرستقراطيين، وخصوصاً الذكور من الجنسية الرومانية ولم يتمكنوا من تخليص أنفسهم من هذا الموقف. وهكذا، فإن البرابرة الجرمانيين، بحبهم للحرية الفردية، كانوا في وضع مثالي لتحقيق الحرية الرومانية. (أوضح هيجل كذاك أنه عدّ هؤلاء البربر الألمان على أنهم “مملين” و “مرتبكون” و “غامضون”، ربما أحبوا الحرية، لكن من الواضح أنهم كانوا في أمس الحاجة إلى أكثر من ذلك). ففي الغزوات المختلفة التي خاضها الجرمان (الذين قاموا أيضًا بتنصير أنفسهم إلى حد كبير)، كانت الظروف مهيأة بعد ذلك للتحقيق الكامل والمطلق لما كان متضمنًا فقط في الفكرة المسيحية لكرامة وحرية جميع الناس، لقد كان من المؤكد أن تكون كرامة كونية لجميع الناس من جميع الأعراق والأجناس في جميع البلدان هي النتيجة المنطقية، على الرغم من أن هذا الاستنتاج قد استغرق ما يقرب من ألفي عام ليتم استخلاصه بشكل واضح ودقيق، ولا يزال غير حقيقي بالكامل في الممارسة السياسية حول العالم.
ما رأيك في العلاقة القائمة بين نظرة هيجل إلى الدولة باعتبارها ظل الله على الأرض، والإيمان بالحرب كوسيلة لتوسيع الأخلاق في المجتمع، بما في ذلك المعارك والصراعات الأيديولوجية؟
لم يتحدث هيجل عن الدولة بوصفها “ظل الله”، أعتقد أنك تشير إلى المقطع الشهير في فلسفة الحق (1820) والذي من المفترض أن هيغل تحدث فيه عن الدولة باعتبارها “مسيرة الله” في العالم. أولاً، هذا المقطع لم يكتبه هيجل بنفسه، بل أضافه المحرر الذي حصل عليه من ملاحظات الطلاب. ثانيًا، يتحدث المقطع باللغة الألمانية Gang Gottes التي تعني طريق الله في العالم، وليس “مسيرة” الله. لقد استخدم كارل بوبر Karl Popper ترجمة “مسيرة الله” في نقده لهيجل، التي يجدها معظم القراء إلى حدود الآن. ومع ذلك، فإن تعامل بوبر مع هيجل قد تم دحضه من قبل والتر كوفمان Walter Kaufmann في مقالته الشهيرة عام 1951، “أسطورة هيجل وطريقتها”، وأعاد شلومو أفينيري Shlomo Avineri دحضها مرة أخرى في السبعينيات في كتبه ومقالاته، ولم تعد شيئًا بين علماء هيغل المعاصرين، ولكن الناس الذين ليس لديهم معرفة بهيجل يستمرون في الإشارة إليها كما لو كانت هذه الفكرة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، كما نجدهم يميلون إلى الأفكار التي تم دحضها منذ فترة طويلة، وذك بمبرر أنه ما يزال عدد كافٍ من الناس يرغبون بشدة في أن تكون هذه الأفكار حقيقية.
لم يظن هيجل أن الحرب كانت مجرد “وسيلة لتوسيع الأخلاق في المجتمع”، لن تعثر عن أي نص يشير إلى هذا الأمر، لقد كان يظن أن الحرب لها عنصر أخلاقي، يتمثل حقيقة في أنه على بعض الدول أن تدعوا بعض أعضائها للمخاطرة بحياتهم من أجل الحفاظ على المجتمع، وهذا هو ما يعطي للحرب لونًا أخلاقيًا، لكن هيجل اعتقد أيضًا أنه في العصر الحديث، كان كل شيء غير عقلاني ما عدا الحرب الدفاعية، في الواقع، قال: أنه في عشرينيات القرن التاسع عشر إنه بالنظر إلى الكيفية التي أصبحت بها دول القرن التاسع عشر الأوروبية أكثر عقلانية في أعقاب الثورة الفرنسية، حيث كان مصيرها أن تكون ممالك دستورية توفر الحماية الكاملة لحقوق الإنسان ولكل أعضائها، لقد غدت الحرب بين الدول الأوروبية الآن مستحيلة، ولهذا كان من الواضح والسيء أنه كان مخطئًا في ذلك، كما أظهر القرن العشرين.
من الواضح أن هذا لا علاقة له بأي “معركة أيديولوجية” مفترضة، في الواقع، بالنسبة لهيجل، انتهى عصر المعارك الحقيقية، نحن نعيش الآن في مجتمع بيروقراطي موجه لتحقيق لحقوق معينة ومكرس لسيادة القانون، على النقيض من ذلك، كان القانون في حد ذاته، هو ما يكفل القوانين للآخرين ، لكنه لم يكن هو نفسه خاضعًا لأي شيء سوى أهوائه، في عالمنا البيروقراطي نحن محاصرون من جميع الجوانب، ولا يمكن لأحد أن يكون متميزاً في الوقت الحاضر. عالمنا، كما قال هيجل، أكثر واقعية، قد لا يكون مختلفاً مثل المجتمعات القديمة التي سبقته، لكنه أكثر عقلانية، وكما يعتقد أيضًا، فهو في النهاية أكثر إرضاءً للأفراد، شكل هذا الخط الفكري جزءًا كبيرًا من مناقشاته حول الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن في العصر الحديث، حيث لم يعد هناك أي احتمالات لملحمة جديدة تحملها الشخصيات البطولية، وفي أفضل الأحوال، كما ظنّ هيجل عصرنا هو عصر الشاعر الغنائي، الذي يغني من شخص إلى آخر، ولا يقدم ادعاءات كبيرة للتحدث بشكل موثوق عن المجتمع بأسره.
هل يرتبط هذا بفكرة هيغل عن الشمولية؟
إذا نظرنا في فكر هيغل لا نجد عنده أي فكرة عن “الشمولية” على الإطلاق، سأفترض أن الإجابة عن سؤالك يجب أن تكون لا. لقد كان هيجل يؤمن بسيادة القانون الدستوري، ونفس الأمر بالنسبة للحقوق الفردية، وكان دائمًا واضحًا جدًا بشأن ذلك،حتى القراءات البسيطة جدًا لفلسفة الحق في عام 1820 تكشف عن هذا الأمر، ففي محاضراته حول الجماليات في عشرينيات القرن التاسع عشر، أوضح أيضًا أن الأفراد لا يستطيعون أن يكونوا راضين بالكامل كمواطنين حتى في دولة عقلانية، لأن أي دولة تبقى محدودة ومرضية بشكل خاص فقط، لهذا السبب، يتعين على الناس أن يتجهوا إلى مجالات أعلى من الدولة لفهم الذات لدى الإنسان، أي الفن والدين والفلسفة،.لذلك كان بعيدًا عن كونه شموليًا بأي شكل من الأشكال على الإطلاق.
هل كان هيجل، كما زعم بوبر، عدواً لتحقيق الديمقراطية؟
لم يكن هيجل ديمقراطياً بالمعنى الحديث للكلمة، لقد كان يظن بالفعل أن الديمقراطية هي شكل عظيم من أشكال الحياة، لكنه ظن أيضًا أنه من الممكن فقط في المجتمعات الصغيرة وجود نوع من الحياة الأخلاقية المشتركة التي تعطي أهمية أساسية للمواطنين والأفراد، وهكذا، فإن الديموقراطية، مهما كانت جيدة، لم تكن ممكنة إلا في سياق الحياة اليونانية القديمة، ومع ذلك، كانت الحياة اليونانية القديمة نفسها محكوم عليها بالسقوط والانهيار، نظرًا لتناقضاتها الداخلية الخاصة، نذكر منها على وجه الخصوص، تلك التي كانت بين متطلبات الدولة المدينة اليونانية ونوع الفردانية التي كانت في طور نموها، ظنّ هيجل -كما فعل روسو-، أن الدولة الحديثة التي يديرها البيروقراطيون المحنكون ستكون غير متوافقة مع أي نوع من الديمقراطية التمثيلية.
لقد كانت الديمقراطية بالنسبة لهيجل تعني الديمقراطية المباشرة، أي تصويت الناس بأنفسهم على جميع الأمور السياسية ذات الأهمية بالنسبة لهم، وهذا يتطلب من الناس أن يكونوا مشاركين بشكل كامل في القرارات السياسية التي يتخذها المجتمع، ولكل شخص رأيه الخاص في النقاشات حول ما يجب على المجتمع أن يلتزم به، لن ينجح هذا إلا في الدول الصغيرة نسبيًا، ويتطلب التزامًا منها يتمثل في خدمة مجتمعاتها، عالمنا الحديث لا يمكن أن يعمل بهذه الطريقة، بل يتطلب تنظيمًا مركبا و أكثر دقة وبيروقراطية للعمل بشكل جيد، لذلك لا يمكن للديمقراطيات الحديثة أن تكون بأي شكل من الأشكال مثل الديموقراطية اليونانية القديمة، حيث كان الناس يحكمون أنفسهم، بل الأبعد من ذلك، سيكون الشعب هو الذي يختار من يحكمه، وهذا يعني أن الديمقراطيات الحديثة معرضة لإطاحة بها من طرف الأطراف السياسية المتصارعة، أو قيادة يسيطر عليها الديماغوجيين، وبهذه الطريقة كما أوضح جان فرانسوا كيرفيجان Jean-François Kervégan كان هيجل أكثر من مجرد ليبرالي استبدادي نموذجي في القرن التاسع عشر: كان يؤمن ببعض الحقوق الأساسية التي يجب الدفاع عنها، لكنه لم يظنّ أن الديمقراطية التمثيلية مناسبة للقيام بذلك، إذا لم يكن هناك شيء آخر، فإن مواقف الأقليات في الديمقراطيات الحديثة ستكون دائمًا مهددة من قبل الأغلبية التي تحركها عواطفها الخاصة وليست المصالح المشتركة.
لذلك لم يكن هيجل عدوًا لتحقيق مُثل الديمقراطية، بل كان متشككًا في إمكانية تطبيق الديمقراطية التمثيلية في العالم الحديث، وبالرجوع إلى الماضي، فقد وضع الكثير من الثقة في قدرة البيروقراطية المحكمة في تدبيرها للمجتمع، والتي نجد فيها الموظفون المدنيون يؤدون جميع مهامهم بحيادية، لكن هذا لا يعني بأنه كان يعادي تحقيق المُثُل الديمقراطية.
ألم تكن معتقدات جيوفاني جنتيل Giovanni Gentile “فيلسوف الفاشية” الذي فسر كل شيء في دائرة نفوذ الدولة بسبب تأثير هيجل عليه؟
عدّ جنتيل أنه عندما تحدث هيجل عن الدولة باعتبارها الغاية الكبرى في الحياة الأخلاقية الحديثة، فقد قصد أن الدولة لها سلطة مطلقة في جميع جوانب الحياة، كان هذا تفسيرًا سيئًا بشكل كارثي لفكر هيجل في عدد كبير من الاعتراضات التي وجهت له، رأى هيجل أن الدولة هي العنصر “الأعلى” في الحياة الأخلاقية الحديثة لأنه كان يظن أنه فقط في دولة منظمة دستوريًا مكرسة لسيادة القانون، يمكن لأشياء مثل الحياة الأسرية الحديثة وأي شيء مثل السوق الحديثة أن تعمل بطريقة ما تعطي للأشخاص قيمة حقيقية داخل المجتمع الذي يعيشون فيه، لقد شرح هذه النقاط في محاضراته حول هذا الموضوع في عشرينيات القرن التاسع عشر، لقد خلط جنتيل ببساطة بين عالمية المواطنة في الدولة، وهو ما أثار اهتمام هيجل، بفكرة أن للدولة سلطة مطلقة في جميع جوانب الحياة، بالنسبة إلى الأمم، حيث طمس “مطلق” هيجل كل الاختلاف في وحدة كبيرة وموثوقة، لكن هيجل نفسه أطلق على مثل هذا المفهوم المطلق “الليلة التي تكون فيها جميع الأبقار سوداء”، وعارض فلسفته الخاصة بهذه الفكرة، التوحيد هو وجهة نظر خاطئة عن المطلق يأتي مع عواقب وخيمة عندما يحاول شخص ما وضعها موضع التنفيذ.
إن الأشخاص الذين قالوا إن الدولة لا ينبغي أن تتدخل في السوق، حيث أن السوق سوف يصحح نفسه على المدى الطويل – مؤيدو عدم التدخل في الاقتصاد- رد هيجل بإظهار كيف أن فكرة أن كل شيء سوف ينجح ببساطة على المدى الطويل يجب التخلص منها إذا كان يجب التمسك بالمثل الأعلى للمواطنة المتساوية، تمامًا كما قال ج.م كينز J.M. Keynes ساخرًا في القرن العشرين من خبراء الاقتصاد في سياسة عدم التدخل “على المدى الطويل نحن جميعًا في عداد الأموات”، أخبر هيجل طلابه في عام 1824/25 أن الأمر أشبه بقول وباء “على المدى الطويل سيكون كل شيء” فقط اذهب بعيدًا، عندما يكون الأمر يتعلق حقًا بما هو عملي وبالممارسة فـ”سيموت مائة ألف.. قبل أن يتم إصلاح كل شيء مرة أخرى”، وبالمثل فإن عدم التدخل في الاقتصاد، يحكم ببساطة على “مئات الآلاف بالموت”، وقال إن الأمر متروك للسلطة للتدخل في هذه الأمور، لذلك كان هيجل أيضًا بعيدًا عن أي شيء مثل ما نسميه الآن وجهة النظر الليبرالية الجديدة للعلاقة بين الدولة والاقتصاد.
كيف يرتبط إيمان هتلر بقوة وإرادة الفرد للحفاظ على الدولة بفكرة هيجل عن الدولة؟
لم يحب النازيون هيجل، بل كانوا يظنون أن فلسفته كانت متأثرة “بالأفكار اليهودية”، كما لا توجد علاقة من أي نوع بين هتلر وهيجل، يكاد يكون من المؤكد أن هتلر لم يقرأ الكثير من كل ما كتب هيجل على الإطلاق، المرة الوحيدة التي ذكرها هتلر على الإطلاق كانت ليقول كيف وقف هتلر إلى جانب شوبنهاور الذي (كما قال هتلر) دمر تمامًا ما يسمى “البراغماتية الهيغلية”، وهذه مقارنة بسيطة، يقول هيجل في موسوعته للعلوم الفلسفية (§ 393Z، 1817) إن “الأصل لا يوفر أي أساس لمنح أو إنكار الحرية والسيطرة على الإنسان، لأن هذا الأخير في نفسه عقلاني، وهنا تكمن إمكانية المساواة في الحقوق لجميع الناس وعدم التمييز الصارم بين الأعراق التي لها حقوق وتلك التي لا تملك أي حقوق”، فهتلر والجهاز النازي كلهم وقفوا على العكس تماما من ذلك.
[1] مصدر الحوار:
- · Philosophy now, a Magazine of Ideas, issue 146, October/November 2021