“سفين ريجنر”.. كـ “البحث” عن شيء مفقود طيلة الوقت

كتب بواسطة شيرين ماهر


في روايته الجديدة “Glitterschnitter”، يعاود الموسيقي والكاتب الألماني ذائع الصيت “سفين ريجنر” استعراض العوالم المتلألئة في برلين الغربية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث الفن الجامح والحب والصداقة والخيانة والجنون، إذ جسدت الرواية حالة من الحنين الجارف تستحوذ عليه لتلك الحقبة، فإذا به يُمجِد- عبر شخوص روايته- المصطلحات الأدبية التي تبعث الفن البوهيمي فى ألمانيا من جديد، والذي كاد ينسلخ عن العالم، كظاهرة أفلتها التاريخ المعاصر قبل سقوط جدار برلين.
أجرى موقع “شبيجل أونلاين” حواراً مع “ريجنر” بمناسبة صدور روايته الجديدة، حيث يقارن “ريجنر” روايته الأولي “Herr Lehmann” برواية “دون كيشوت” للأديب الأسباني “ميغل دى سيرفانتس” من حيث الكواليس والملابسات التى أحاطت ببطلى كلتا الروايتن. كما يقارن- بهاجس أدبي- بينه وبين “سيرفانتس” و “توماس مان”. ترى كيف كانت أوجه هذه المقارنة؟
أجرى الحوار: فولفجانج هوبل
ترجمة: شيرين ماهر

سيد “ريجنر”، لقد باعت رواياتك أكثر من ثلاثة ملايين نسخة، والتي كانت تدور أغلب أحداثها في حي “كرويتزبرج” في برلين الغربية في فترة الثمانينيات. روايتك الجديدة “Glitterschnitter” تدور أحداثها هناك أيضًا. لماذا في رأيك يجب أن يهتم الناس بعمل روائي يتحدث عن شواغل الفن البوهيمي ونحن الآن في العقد الثاني من الألفية الثانية؟
حي “كرويتزبرج” وحقبة الثمانينيات بيئة خصبة، بل مثالية لترك أحداث رواية تضج بالموسيقي والفن والجنوح تنساب فى إيقاع متدفق. روايتي الجديدة”Glitterschnitter” تنتمي إلى فنون الرواية التاريخية، التي لا تتقادم أو يحكمها معيار زمني محدد، فهي توثق مرحلة فنية مهمة. تماماً مثل عازف جيتار يطلق نغماته فى بهو مدينة روما القديمة. أو كبطل رواية “دون كيشوت” لـ “سيرفانتس” الذي اتخذ من أسبانيا قبل قرون عديدة مسرحاً لتجربته المعيشة. هذا الضوء القادم من الماضي والمتسلسل إلى حاضرنا القاسي لا يعيب الرواية وإنما يخلق شغفاً لدى المهتمين.

هل ترى أن أهمية بطلك “فرانك ليمان” والنادلة “كريسي” وغيرهم من الفنانين النمساويين الذين تحدثت عنهم فى الرواية لا تقل عن أهمية “دون كيشوت” بطل “سيرفانتس” وغيره من أبطال الأدب العالمي؟
بالطبع، لكنني أجد المقارنة من الأصل غير منطقية وليست ذا جدوى. فلماذا أقارن أبطالي بأبطال أخرين؟ المقارنة هنا لا تنتصر لأي شىء ذات قيمة. وليس الغرض من الإبداع الأدبي المقارنة والتباري. أحيانًا نقرأ رواية متواضعة الحجم، لكنها تبدو فجأة أكثر إثارة من رواية حصدت شهرة واسعة مثل رواية “دون كيشوت”، على سبيل المثال. الأمر إذن يخضع لتقييم ذاتي بحت ولا يتعلق بجودة الكتاب من عدمه. الفن يمنحنا في كل مرة مولوداً جديداً لا يَجدُر مقارنته بآخر. تخيل أن هناك مَن يرى “سيرفانتس” أو “توماس مان” مملون في طريقة سردهما الأدبي. وهذا أيضاً، في رأيي، غير ذي دلالة بالمرة. الفنان والأديب ليس حقلاً للتجارب والآراء حوله، بالسلب أو بالإيجاب، ليست مُلزمة لأحد. وهو ما يجعل الفن يستأثر بمتعة خاصة، حيث أنه يتحرر من القواعد والثوابت، لكونه يسمح لأي شخص أن يقول ما يحلو له دون أن يتمكن أحد من إثبات العكس أو دحض رأيه، الآراء جميعها ليست مطلقة وليس هناك ما يجعلها كذلك على طاولة الفنون.

في رأيك، ما الذي يمكن أن يجعل رواية مثل “Glitterschnitter” مثيرة ومهمة في وقتنا الحاضر، ولا أقصد بذلك تقييم عملك الأدبي؟
تدور روايتي عن النمساويين والألمان في برلين وعلاقاتهم المختلفة والمتشابكة بالفن. فهي تغازل شغف الألمان الذين غالبًا ما يكون لديهم فضول لمعرفة ماهية هذا الفن. هنا يكون للكتابة تأثيراً استشفائياً. من ناحية أخرى، يبدو أن العديد من النمساويين مغرمون بالفن. والشغف هنا “غاية” لا يتسائل ولا يضع علامات الاستفهام، وصولاً إلى معرفة الجدوى منه؟ فقط يكفي إشباع ذلك الشغف. الشيء نفسه يحدث مع الأدب. إذا شعرت، أثناء قراءة رواية، أنك تستعذب أصواتها الأدبية وشخوصها يستحوذون عليك، وأبطالها يصطحبونك معهم بحيث تجتاحك رغبة في مواصلة القراءة، إذن لا يهم ما إذا كانت الأحداث تدور في أوائل الثمانينيات أو في روما القديمة أو فى وقتنا الحاضر. ترتبط القيمة الأدبية للعمل بالطريقة التى تُروى بها الأحداث أكثر من ارتباطها بالغاية منها أو بفحواها. إنه السحر الذي يسكن الكلمات ويقودك معها دون أن تسأل عن الوجهة. الأدب في حدّ ذاته حالة من النشوى ولا أقلل من دوره التوعوي ورسائله المجتمعية، لكنه شديد الشبه بالموسيقي في إشباعه للنفس وإمتاعها قبل كل شىء.

مع احترامي لرؤيتك، إلا أن العديد من النقاد الألمان يشيدون حالياً بالأدب “الآني” الذي يعالج ثيمات اجتماعية- وبالتالي يطبقون معايير أدبية إضافية، بحسب ما كتب الباحث الألماني “موريتز باسلر” مؤخرًا في مقاله الذي أثار نقاشات موسعة. فهل تعتقد أن الفكرة القائلة بأن الرواية يجب أن تتحدث عن الأزمات الحالية مثل جائحة كورونا أو أسئلة الهوية هي فكرة ليست صائبة؟
الأدب لا يجب تقييده أو كبح جماحه، فهو يسمح بفعل أي شيء وكل شىء. بالطبع يمكنك التحدث عن الأشياء الآنية وقضايا الساعة إذا كنت مهتمًا. لكن لا ينبغي لأحد أن يقول إن هذا العمل أكثر قيمة أو أهمية من عمل أي شخص آخر. كل الآداب والفنون تتلو التاريخ وإحداثياته على طريقتها وبصورة نسبية، وهو أمر يصل إلى ذروته فى السينما التى يمكنها المواكبة بشكل أسرع. فربما يستغرق تأليف كتاب عامًا، وربما ثلاثة أعوام. كـونك “مؤلف” تستشعر بالطبع أن لديك واجباً تجاه أحداث العصر الذي تعيشه وكأنك تقيس نبض الزمن وتوثقه، فالحياة قصيرة والفن دائم. ولكن لا ينبغي الخلط بين العمل الروائي و العمل الصحفي. القيمة الروائية تفوق دائماً قيمة الحدث المرهون بالوقت والذي يتقادم ويسقط من الذاكرة البشرية تدريجياً، وإلا ما كٌنا بحاجة إلى مكتبات حتى لا ننسى. في عالم الرواية يبدو عامل الزمن مطاطياً ولا يعوق إمكانية الفهم والاستمتاع بالأحداث. فلماذا إذن يهيم البعض بقراءة رواية “سيرفانتس”، التي كانت بمثابة روايته قديمة عندما تم نشرها وجرى سرد أحداثها عن شخص يعيش في ذهنه في ماضٍ آخر بعيد؟

ما الذي يمكن أن يساعد الموسيقيين أبطال روايتك “Glitterschnitter” على الاستمرار؟
أشعر بقوة تسكن رواياتي استجلبها من الماضي، فأنا انخرط في التفكير ملياً عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 عامًا والقرارات التي يتعين عليهم اتخاذها. انتصر للكيفية التى أداروا بها كفاحهم للعثور على مكان وسط عالم الكِبار الذي دخلوه للتو والذي لم يضعوا قواعده، بل فُرضت عليهم. ربما لأنني أتذكر ذلك بوضوح شديد بحكم بعض تجاربي الشخصية. وتحضرني هنا جملة “بيتر هاندكه”: “قَول كل شيء، لا يكشِف عن أي شيء”. لذلك، تشغلني تلك الحيرة التي تنطوي عليها حقيقة أن هؤلاء الشباب لا يعرفون بالضبط ما الذي سيحدث بعد ذلك، هم منشغلون في ذلك الحماس الذي يتحدثون به باستمرار عن أنفسهم، والذي يغنون به أغنيتهم، والذي يشكلون به صورة لأنفسهم. على صعيد شخصي، وبعيداً عن كوني روائياً، أحب أن أدع الأخرين يخبرونني كيف أصبحوا على ما هم عليه. وعندما أستمع إليهم، أفكر دائمًا في نفسي وتتدفق فى رأسي الأفكار التى تغذي -بطريقة لا شعورية- أبطال رواياتي.

في محاضرتك الشعرية في “كاسل” قلت إن الأدب يكفل التوافق بين الناس وذواتهم لفترة قصيرة. كيف ذلك؟
البشر “حيوانات حزينة” تدرك موتها وحقيقة فنائها، ومن ثم عليها التعامل- بطريقة ما- مع هذه الحقيقة. ومن أجل التصالح المؤقت مع تلك الحقيقة، من الجيد تمامًا قراءة رواية كروايتي الأخيرة التى تدور أحداثها في برلين الغربية عام 1980 وتتعلق بأشخاص يصنعون الموسيقا بآلات تخلو من تعقيد التكنولوجيا ويتصرفون بطريقة تجريدية بحتة مع الحياة، والسؤال، لماذا يكون لرواية كهذه تأثيراً على البعض؟ الواقع أن هذا لا يرجع فقط إلى أن لديهم اهتمامًا تاريخيًا بالوقت أو الرغبة في خوض تجربة الأشخاص الموجودين أنفسهم في الرواية، ولكن الأهم من ذلك أنهم يرون أنفسهم بطريقة مختلفة من خلال ما يُقال عن الناس في تلك الحقبة وفي هذه الكواليس. هنا تتلبسك كينونة الآلهة اليونانية التي تنظر إلى بعضها بعضاً ولا تنبث بكلمة. فقط تراقب في صمت. يا له من هراء نقوم به جميعًا في فضاءات الرواية! لكنه في النهاية يصفع قسوة الواقع ولذوعة الحقيقة.

أيدهشك شراء الكثير من الناس مؤلفاتك حالياً؟ وهل تكترث لذلك؟
حتى لو جرى قراءة ثلاثة ملايين نسخة من قبل ثلاثة ملايين قارئ، فلا يأخذك الزهو ولا تتملكك الدهشة: الفن، عكس السياسة، يتعلق الأمر فيه دائمًا بأقليات صغيرة للغاية وليس بالأغلبية. سأشرح لك، لقد جرى تداول واقتناء هذه النسخ فيما بين سكان ألمانيا والنمسا وسويسرا. لكن على أرض الواقع هذه النسبة لا تشكل سوى ثلاثة بالمائة كحد أقصى من إجمالي السكان. وهذا يعني أن الـ 97 بالمائة الباقين من السكان لا يهتمون بهذه الكتب أو لا يعرفون عنها شيئًا. لكنني في الواقع لا أهتم بهذه المسألة. عليك أن تدرك أن الرفض هو القاعدة الأساسية في الفن والإجماع عليه ليست غاية يمكن إدراكها. السؤال الافتراضي الصعب الذى غالباً ما يتشكل أمام كل كاتب من جانب قُرأه : “لماذا يجب أن أقرأ هذا الكتاب؟”. إنه السؤال الأكثر شيوعًا على الإطلاق، سأسوق لك موقفاً: “يظن البعض أنهم يخبرونني بشيء مثير عندما يقولون بعد انتهاء أداء فرقتنا الموسيقية Element of Crime: “حسنًا، حفلتك الموسيقية اليوم لم تكن موفقة”. من الواضح تمامًا أن هناك أشخاص لا يحبون موسيقانا، وهذا لا يغضبنا. هذا ينطبق على جميع الموسيقا وليست موسيقانا تحديداً، حتى السيمفونية التاسعة لبيتهوفن، التي تعد من أعظم سيمفونياته، ربما تجد 99 % من الناس لا تستهويهم وليست مقطوعتهم المفضلة. الرفض ليس ذنباً في الفن ولا يتلازم معه الشعور بالحرج على الاطلاق، حيث أن الرفض هنا لا يقترن بالقيمة الفنية أو عدمها، بل بالذائقة.

هل ترى أن سؤال “لمن تكتب؟” سؤالاً سخيفاً وغير ودي؟
لا، بالطبع. قال “سيغفريد لينز” عن أحد مؤلفاته أنه كتبها للغواصين في ميناء هامبورغ من باب لفت الانتباه إلى وضعهم. هذا جيد للغاية، أن يكون لك جمهور مستهدف تخاطبه أو تبث إليه كتاباتك. لكنني في الواقع لست مُهتمًا بنهج “سيغفريد لينز”. أريد فحسب أن أمارس الفن كما يروق لي دون أن أضع في حساباتي عوامل تقيدني. أنا مثل هؤلاء الذين دائمًا ما يضربون صخرة ما حتى يخرج من جوفها الصَلب شيء غير معلوم، ليصبح بعدها له وجود من العدم. وإذا سألني البعض: “ما الذي يفترض أن يكونه هذا الشىء؟”، لا يمكنني إلا أن أقول: أنا لا أبالي بالشىء نفسه بقدر ما أهتم بوجوده الذي صنعته بيدي. كهؤلاء الرسامين الذين يرسمون بغضب صورة تلو الأخرى، ولا يكترثون كيف ستنتهي اللوحة. لقد ظل الرسام العالمي “كلود مونيه” يرسم الزهو دون غيرها لمدة عشر سنوات. يمكنك أن تقول: “لماذا يجب أن أطالع لوحة لـ “كلود مونيه”، بينما كان يرسم الزهور فقط؟ هذا ليس بيت القصيد عند النظر إلى لوحات “مونيه” يمكن إدراك الشيء نفسه -أي الزهور- لكنها ليست نفسها في كل مرة، كل لوحة تلمسنا بطريقة مغايرة.

من المتوقع أن يكون للكُتاب الذين حصلوا على جائزة “بوشنر”، أحد أهم الجوائز الأدبية الألمانية، أهمية فنية وسياسية واجتماعية. هل تعتقد أن هذه الأفضلية ليست عادلة؟ وهل أنت من المعارضين لفكرة الجوائز الأدبية؟
الجوائز دائمًا ما تسبب الحرج، فعلى سبيل المثال، هناك جائزة نوبل للآداب. هل يعتقد أي شخص حقًا أن الخبراء في الأكاديمية السويدية أذكى بأي شكل من الأشكال من جمعية Villingen-Schwenningen الأدبية؟ بالطبع لا، ليس هناك أي دليل على الإطلاق على أن أكاديمية ستوكهولم لديها أفضلية أكثر من هيئات المحلفين الأدبية الأخرى. فلماذا يتسابق العالم كله من أجل نيل جائزة نوبل للآداب؟ هذا في رأيي ليس فقط لأهميتها ووزنها الأدبي، ولكن لأنها تجلب أكبر قدر من المال، ما يقرب من مليون يورو. إذا جلبت “جائزة بوكر” أو “جائزة بوشنر” مليوني يورو، فستكون آنذاك هي الجائزة الأهم “ضاحكاً” . ومع ذلك، فإن الجميع يصنعون صخبًا كبيرًا حول الأدب والفن عندما يتعلق الأمر بجائزة نوبل. وعن كوني معارضاً أم مؤيداً لفكرة الجوائز، أريد فقط أن أقول أن عالم الفن، مثله مثل البحر. لقد انحدرت من وسط موسيقي، أحد أكثر الفنون تجريدًا، حيث لا يوجد شيء يمكنك التمسك به، كالذى يبحث على شيء مفقود طيلة الوقت، عند الوقوف على هذا القناعة، تكتشف أنك تقف على أرض صلبة، رغم كونك في أعالي البحار المتمايلة طوال الوقت. الفن محير ومربك، وقد يدفع الناس إلى الجنون عندما يقترن بالإثابة المادية. لكن لحسن الحظ أنه لا يصيب الشخص الخطأ أبدًا. سواء كان “ألفريد جيلنيك” أو “بيتر هاندكه” أو “هيرتا مولر” أو “بوب ديلان”.

في الوقت الحالي، يبدو أن النقد الأدبي أصبح لا داعي له، لأن المزيد من الكُتاب يقيمون أعمال بعضهم البعض. حتى في «الرباعية الأدبية»، حيث كنت ضيفًا، تم التخلص تقريباً من النقاد الأدبيين.. ما تعليقك على ذلك؟
هذا يمثل إشكالية كبيرة. أظن أن النقاد والكُتاب يقفان على مسافة متوازية ولا يمكن أن يتبادلا المواقع؛ فإذا كان الكُتاب وحدهم يقومون بتحكيم أعمالهم، فإما أن يمدحوا بعضهم البعض أو يقوموا بالمغالاة في نقد زملائهم. و كلا الأمرين غير لائق. فدائمًا ما سينطوي الأمر على دلالات تثير الحرج وتطعن الحيادية. المديح عادة ما يكون مثل الوحل، الذى قد يثير الغيرة والأحقاد وقد يجعل العملية النقدية نفسها تنحرف في مسار أخر لا يخدم القيمة الأدبية بقدر ما يحط منها نزولاً على رغبات شخصية.

إذا لم تكن منبهرًا بالثناء أو النقد أو الجوائز، فما الذي تراه –كونك مؤلف – بمثابة تأكيد على الجودة الأدبية؟
أظن أن كل ما قمت بتأليفه ينطوي على لمحة حزن. بالطبع، تمنحنا الفكاهة وروح الدعابة أحيانًا فرصة لاكتساب القليل من المسافة، والحصول على المتعة انطلاقاً من توفير الجهد العاطفي الزائد مع الحزن، كما يقول فرويد. لكن في الواقع، عليك أن تتلبس ذلك الشعور، وهو : “لا أحد من أبطال رواياتي الذين أتحدث عنهم كان سهلاً حقًا، فجميعهم ينتمون إلى فرسان النمط الحزين”. هذه هي الحالة المثالية بالنسبة لي عندما أجد مَن يرى شخوصي وأبطالي بعيني وبطريقتي. كما أنني أطمح دائمًا أن يخرج أحد الحضور في إحدى حفلاتنا الموسيقية ويقول: “لقد غادرت المكان وأنا أكثر سعادة مما كنت عليه”. لا يمكنك أن تطمح إلى المزيد كـوني “فنان”، عندما توقد جذوة السعادة والرضا في قلوب متابعينك، هذه هي عين الإثابة.

رابط الموضوع :
https://www.spiegel.de/kultur/literatur/sven-regener-die-idee-von-kunst-ist-dass-du-dich-blamierst-a-3bb72c74-0002-0001-0000-000178959765

أدب العدد الأخير العدد السادس والعشرين بعد المائة ترجمات حوارات

عن الكاتب

شيرين ماهر