الكاتب العراقي صموئيل شمعون: الجوائز الأدبية مفيدة لكن المشكلة تكمن في نزاهة لجان التحكيم.

كتب بواسطة فيصل رشدي

حاوره: فيصل رشدي

كاتب وشاعر عراقي، كتب سيرة روائية عرفه العالم العربي بها، فلم يقتصر الأمر فقط على القراء العرب، بل تجاوزت السيرة الروائية حدود الدولة العربية، لتجد لنفسها مكانا بين القراء الغربيين. حديثنا هنا أيها السادة القراء عن الكاتب العراقي صموئيل شمعون، الذي ولد عام 1956 بمدينة الحبانية بالعراق، رواده حلم السينما، فسافر حاملا معه حلمه بين عينيه.
كتب رائعة “عراقي في باريس” السيرة الروائية التي اقترن اسمها باسم صموئيل شمعون، فكانا وجهان لعملة واحدة، فعرفنا كم عانى وقاسى منتقلا بين البلدان، لاجئا بين المنافي. ترجمت “عراقي في باريس” إلى العديد من لغات العالم: الإنجليزية، الفرنسية، السويدية. يرأس الأستاذ صموئيل شمعون مجلة بانيبال، وهو محكم في عدة جوائز عربية.
من بين مؤلفاته: “عراقي في باريس” صدرت عام 2005.
وكان له معه الحوار التالي:

  1. كيف أصبح صموئيل شمعون كاتبا؟
    أشعر بالارتباك عندما يُطلق عليّ صفة “كاتب”. نعم، لقد نشرت كتابا بعنوان “عراقي في باريس” وحصل على شهرة كبيرة في العالم العربي، وصدرت عدة طبعات في بيروت والقاهرة والجزائر والدار البيضاء، وترجم إلى الإنكليزية، الفرنسية، السويدية، الكردية وأخيرا العبرية. لقد بدأت بنشر القصص القصيرة في الصحف الأردنية في بداية العام 1979. ولاحقا بدأت بكتابة الشعر، ونشرت قصائدي في مجلة محمود درويش “الكرمل”، ثم صدرت القصائد في منتصف الثمانينات في ديوانين “أولد بوي” و”مطر فوق رسائل أمي” عندما كنت أعيش في باريس.
    كنت أتمنى لو أتيحت لي الفرصة لكي أنجز كتابي الثاني “الفدائي الآشوري” وهو عن السنوات التي أمضيتها في حركة المقاومة الفلسطينية في بيروت. إن شاء الله تتاح لي الفرصة قريبا لكي أجلس وأكتب هذا الكتاب الذي “أعوّل” عليه كثيرا لكي أتخلص من مشاعر الارتباك وأستطيع القول، نعم أنا كاتب.
  2. عرفك القراء العرب من خلال “عراقي في باريس”، حتى أصبح اسمكم مقرونا باسم الرواية، فما قولك في الصدى والانتشار الذي حققه الكتاب؟ وما تأثيره على حياة صموئيل شمعون؟
    فعلا نال هذا الكتاب شهرة واسعة جدا جدا. تصلني إيميلات ورسائل من بعض القراء من خلال صفحتي في الفيسبوك، يسألونني متى ستكتب رواية بعنوان “عراقي في لندن”؟! رغم أنني أعيش في لندن منذ أكثر من ربع قرن، إلا أنني لا أفكر في الكتابة عن حياتي في هذه المدينة، لأنني أعرف مسبقا بأن الكتاب سيكون مملا. بينما كتابي عن بيروت سيكون شيئا مختلفا تماما، رغم أنني عشت في بيروت فقط أربع سنوات، ويا لها من سنوات.
  3. يبدو واضحا من خلال عنوان الكتاب أنه يتطرق لموضوع علاقة الشرق بالغرب، فهل صموئيل شمعون الشرقي يمكنه اليوم أن يحدد علاقته بالغرب بعد حياة حافلة في أوروبا وتنقله بين دولها؟
    كتاب “عراقي في باريس” هو سيرة ذاتية روائية. في البدء كتبت عن الجزء المعنون “عراقي في باريس” وكان عن سنوات التشرد في شوارع باريس طيلة إحدى عشر عاما. لكنني رأيت، بأنه سيكون من المفيد للقارئ لو أضفت فصلا أو جزءا آخر عن طفولتي في العراقي. وهكذا كتبت الجزء المعنون “البائع المتحول والسينما” وقليلا قليلا أضفت جزءا آخر، عن كيفية الخروج من العراق وجاء تحت عنوان “الطريق إلى هوليوود”. إذن، أنا لم أفكرـ، لا في الشرق، ولا في الغرب. كنت أفكر في القارئ. في الشخص الذي سيقرأ كتابي. وأشعر بأنه يتوجب عليّ أن أكون صادقا وكريما. أي أن أكون أمينا فيما أكتبه، وسخيا في المعلومات. أغلب النقاد قالوا إن كتاب “عراقي في باريس” يحتوي على روايتين. أو هو روايتين في كتاب واحد. وهذا صحيح. لأنني أردت أن يكون الكتاب على هذا الشكل. تماما مثلما يحصل في هذه الأيام في السوبرماركت، عندما تجد لائحة تقول buy one and get one free “اشتر واحدة وخذ الثانية مجانا”.
  4. راكمت خبرة واسعة بموضوع الجوائز الأدبية العربية من خلال ترؤسك لجنة تحكيم جائزة البوكر، وعضويتك في مؤسسة “بانيبال للأدب العربي”، التي تمنح سنويا جائزة الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، فما قولك في قضية الجوائز الأدبية العربية التي تثير كثيرا من اللغط؟
    الجوائز الأدبية مفيدة جدا في الحياة الأدبية، والمشكلة تكمن في نزاهة لجان التحكيم. وقد لاحظت في الفترة الأخيرة (وهذه صارت موضة) أن أغلب أعضاء لجنة التحكيم يصوتون لأدباء من بلدهم أو طائفتهم أو عشيرتهم، ولا يصوّتون للكتب الجيدة. انظر الى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، دورة العام 2021 ودورة هذا العام وسوف تتأكد مما أقوله. المشكلة ليست في الجوائز بل في المثقف غير الشريف.
  5. أصدرت مجلة “بانيبال” في طبعة ورقية، كما أسست موقع ومجلة “كيكا” الإلكترونية للأدب العالمي، واليوم تشهد موت مجلات ورقية كثيرة، أو تحولها إلى إصدارات إلكترونية، فما رأيك في مستقبل المنابر الثقافية العربية؟
    مجلة بانيبال، أصدرناها، زوجتي مارغريت أوبانك وأنا. وأعترف أن نجاح هذه المجلة واستمرارها طيلة 25 عاما لم يكن ممكنا بدون مارغريت. لقد لعبت المجلة دورا هائلا في ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، ومن الإنجليزية إلى لغات أخرى. في العام 2002 أسست موقع كيكا الأدبي، ولا أريد أن أتحدث عن الدور الذي لعبه في المشهد الأدبي العربي طيلة سنوات عديدة… في العام 2013 قررت أن أصدر مجلة كيكا (ورقيا)، وبالفعل أصدرت 13 عددا، ثم توقفت. بانيبال كانت تترجم الأدب العربي إلى الإنجليزية، فيما كانت مجلة كيكا تترجم الأدب العالمي إلى العربية.
    كل المشاريع التي أطلقناها، كانت بجهودنا الفردية، مارغريت وأنا، مشاريع مستقلة وحرة، بلا أجندة، ولذلك لاقت نجاحا كبيرا.
    لقد تغيّرت الأحوال، يا عزيزي، اليوم هناك العديد من المواقع الثقافية – السياسية، وهي ممولة من أطراف مختلفة.
  6. تجتهد في سبيل التعريف بالأدب العربي، كمكوّن هام للثقافة الكونية الإنسانية، من خلال منابرك وكتاباتك، فما هي رسالتك التي تريد أن توصلها للعالم؟
    في صيف العام 1997، عندما فكّرنا، مارغريت وأنا، في تأسيس مجلة أدبية تعنى بترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية، استندنا على ثلاث ركائز أساسية، وهي “أولا، أن الأدب العربي جزء أساسي من الثقافة العالمية والحضارة الإنسانية، ثانيا، لتعميق الحوار بين الثقافات المختلفة، وثالثا، لمجرد الابتهاج والانفعال بقراءة الأعمال الأدبية العربية من قصة وشعر ورواية”. وبعد ربع قرن من صدور المجلة، أستطيع أن أقول وبكل ثقة، أن المجلة نجحت حقا في أن تجعل الأدب العربي جزءا أساسيا من المشهد الأدبي العالمي.
  7. أكيد أن لك شغف كبير بالسينما هل فكرت يوما بتحويل”عراقي في باريس” إلى فيلم سينمائي؟
    أتمنى أن تتحول رواية “عراقي في باريس” إلى فيلم سينمائي. طبعا، هذا حلمي. من يدري ربما يتحقق هذا الحلم ذات يوم. هنا، دعني أخبرك عن المشروع الذي أعمل عليه هذه الأيام، وهذه أول مرة أتحدث عنه علنا. أعمل حاليا على كتابة سيناريو لفيلم روائي– تسجيلي، يتحدث عن قصة مجلة بانيبال، ومن خلالها، قصة الأدب العربي الحديث. سوف أستفيد من أشرطة الفيديو التي صوّرتها في السنوات الخمس والعشرين الماضية، أشرطة فيديو تحتوي على مقابلات وقراءات أدبية، لقطات من المهرجانات الأدبية ومعارض الكتب العربية والعالمية، وهذا هو الفيلم الذي أحلم بانجازه.
أدب العدد الأخير العدد الثلاثون بعد المائة ترجمات ثقافة وفكر حوارات

عن الكاتب

فيصل رشدي