على طاولة المقارنة ” ضحالة الاختيار أم ضحالة الإعلام”

من هنا كانت البداية في برنامج “أرقام ومعلومات” الذي كان يبث لسنوات عدة في التلفزيون العماني ، استطاع أن يخلق بيئة لروح التنافس وإثراء الفكر وتقوية الذاكرة وزيادة الثقافة الذهنية ، العديد من الناس يسعى للمشاركة بهدف التميز بالمرتبة الأولى وجمع أكبر قدر من المعلومات فكيف لنا أن نقارن إن حق لنا المقارنة فيما يقدمه المذيع الإعلامي جورج قرداحي في برنامجه الشهير سابقا من “سيربح المليون” الذي استمر واشتهر لسنوات طوال وبرنامجه الأخر المعنون “مسابقة الجماهير” الذي يعرض الآن ربما يكون أروع كنز من كنوز الثقافة، التي تسهم في بناء علاقة وسيطة بين الجمهور وبين الكتاب .ولكن نطرح السؤال ولا نريد الإجابة أكثر مما نريد أن تصل الرسالة إلى الجهات المختصة فأين إعلامنا العماني في البرامج التثقيفية؟، هل غابت وانعدمت؟ أم لا يوجد من يبث هذه البرامج .؟!


 

عبقرية المرء وموهبته تدفعه إلى التفرد والامتياز، ويدفع به الذكاء إلى الوصول إلى مراتب النجاح وقمة الخصوصية ، فلا يجدر به إلا أن يكون في الدرجات الخاصة من هذا العالم الذي ربما يصفه المفكرين بالعالم الغريب. والقضية اليوم التي باتت تشكل نوع من الخوف، إلى فقدان الشباب الواعي حين يلجأ إلى البحث عن هويته العمانية في قنوات أخرى ، ربما قد تغير أسلوبه الإيجابي في الحياة إلى سلبي. هل هذا يعود إلى اختيار البرامج أم بسبب فقر في وسائل الاتصال و الإعلام بشكل عام.

سابقا كانت وسائل الإعلام تضج بمختلف المسابقات الفكرية والتثقيفية المتنوعة بين الأسئلة العامة والأسئلة المتخصصة في العلوم والتاريخ والأدب والحضارات والألغاز الفكرية ، التي تحرك الفكر وتثير العقل على الانفتاح والتشوق دائما إلى المعرفة ، بجانب خلق بيئة جماهيرية مفعمة بروح المنافسة بين المشاهدين والمشتركين وحتى المستمعين، ليس بهدف الفوز بالجوائز فحسب ،وإنما بهدف المشاركة أو الحصول على لقب مثقف أو شخص ذكي. الجميع ينتظر توقيت البرنامج بفارغ الصبر متشوقا إلى المشاهدة وفي بعض الأحيان من يؤجل زيارته ومواعيده الخاصة بهدف المشاهدة وعدم تفويت فرصة الاستماع للاستفادة.

من هنا كانت البداية في برنامج “أرقام ومعلومات” الذي كان يبث لسنوات عدة في التلفزيون العماني ، استطاع أن يخلق بيئة لروح التنافس وإثراء الفكر وتقوية الذاكرة وزيادة الثقافة الذهنية ، العديد من الناس يسعى للمشاركة بهدف التميز بالمرتبة الأولى وجمع أكبر قدر من المعلومات فكيف لنا أن نقارن إن حق لنا المقارنة فيما يقدمه المذيع الإعلامي جورج قرداحي في برنامجه الشهير سابقا من “سيربح المليون” الذي استمر واشتهر لسنوات طوال وبرنامجه الأخر المعنون “مسابقة الجماهير” الذي يعرض الآن ربما يكون أروع كنز من كنوز الثقافة، التي تسهم في بناء علاقة وسيطة بين الجمهور وبين الكتاب .ولكن نطرح السؤال ولا نريد الإجابة أكثر مما نريد أن تصل الرسالة إلى الجهات المختصة فأين إعلامنا العماني في البرامج التثقيفية؟، هل غابت وانعدمت؟ أم لا يوجد من يبث هذه البرامج .؟!

وان قاد بنا الحديث عن الجانب الأخر لتلك البرامج الحوارية والمواضيع المطروحة على طاولة النقاش المباشر بين الجمهور المستمع أو المشاهد على حد سواء، التي تمس بقضايا الأسرة والمجتمع والشباب المراهق انعدمت في الآونة الحالية حيث تشكل فجوة وفراغ في الإعلام العماني وخاصة التلفزيون، فعلى سبيل المثال برنامج في “دائرة الضوء” الذي كان صداه للصغير والكبير شكل نجاحا بارعا من حيث المشاهدة، فأعتبر نفسي كأحد متابعي التلفزيون العماني نحن بحاجة إلى مواضيع تمس شريحة الشباب بشكل خاص ، وطريقة تفكيرهم بمستوى متطور من الثقافة الإلكترونية وشرائح من المجتمع كالأسرة والأطفال بشكل عام ، نحن لا نريد أن نحيل اللوم على الإعلام العماني وإنما نطالب ونرجى من الإعلام العماني أن ينظر ولو قليلا إلى ما يقدمه أو يصارح نفسه هل الرسالة التي كُلف بها تصل إلى الجمهور المستهدف أم أن هناك خلل في ماهية البرامج المطروحة، والمعروضة، نحن نفتقر إلى هذه البرامج فقرنا للعلم وللمعرفة فالحاجة ماسة ومتزايدة إلى حوارات تستهدف الحياة العصرية بجميع متطلباتها مقترنة بإعادة الروح التأهيلية والتدريبية من خلال هذه البرامج المفتوحة.وهذا يعزز روح المتابعة والاهتمام بالمشاهدة وعدم اللجوء إلى قنوات أخرى.

لا زلنا نعيش في حالة من العصف الإعلامي ، فلا بد للإعلام العماني أن يفكر عن طريقه تمكنه من تفجير الطاقات البشرية لكي يرتقي بالإنسان بفكره وليس بالتكنولوجيا فحسب، وإنني على ثقة تامة بأن الإعلام بحاجة إلى من يعيد صياغته ويحتم عليه مراعاة ما يدور في خيالات المبدعين الشباب الذي يدعي الثقافة أكثر مما تعنيه هذه الكلمة ومما تحتويه من دلالات مختلفة ومتشابكة، فلا بد أن يكون هناك ربط بين ثقافة الحوار وبين ثقافة المجتمع المستهدف، فنحن لا نريد أن تصل أو تصبح المواد الإعلامية مواد ترفيهية فقط ،لا تضيف إلى العقل سوى ضحالة سلوكية ،إن جاز لي التعبير فغياب المفيد والبرامج التثقيفية والحوارية من القنوات الفضائية بشكل عام هو ما يصرف الناس عن بعض هذه القنوات، ولأنها هي الوسيلة المؤثرة فيجب أن تستثمر لبقاء هذه البرامج فما الفائدة من مخاطبة مجموعة قليلة من الناس عبر فضائية تشاهدها ملايين ومن المؤسف أن الجهل بما يجري في العالم من تطورات وأحداث هو نتاج لما تبثه قنواتنا الفضائية وقلة اهتمامها بالمشاهد العربي رغم وجود جيل جديد من الشباب الإعلامي الواعي .علينا أن نعيش لكي نتعلم مما نرى ومما نسمع ومما نتحاور من أجله، فمن هنا يكمن دور الإعلام في ترسيخ فكرة الثقافة ومبدأ الحوار، وأن يكون الإعلام العماني لغة ثقافة وحوار وتوعية.

العدد الرابع عشر ثقافة وفكر

عن الكاتب

فاطمة الشكيلية

كاتبة عمانية في العلاقات العامة