العنوان الأصلي للحوار: Percival Everett: ‘I’d love to write a novel everyone hated’
حاوره: أنتوني كومينز/ Anthony Cummins
ترجمة: د. هويدا صالح
الروائي الأمريكي بيرسفال إيفريت Percival Everett (65 عاما) يتحدث عن تنميطه للشخصيات البيضاء، واتساع نطاق التجربة السوداء في الأدب الحديث.
أصدر إيفريت 21 مؤلفا، بما في ذلك رواية ” الرمز” Glyph، وهي هجاء نشر في ثلاثة إصدارات مختلفة في وقت واحد: “الهاتف” عن مؤلف أسود غاضب من التوقعات بشأن ما يجب أن يتخذه الأمريكيون من أصل إفريقي، و “محو” Erasure، و”بافالوجي” My Pafology، وهي رواية شجاعة وساخرة (وناجحة للغاية).
وصفت جريدة النيويوركر إيفريت بأنه:” رائع، تحليلي، ومصر على أن يصنع خصوصية لنفسه…إنه يتفوق في كتابة خيال غير عادي”. كتابه الجديد “الأشجار” The Trees عبارة عن رواية بوليسية معقدة تركز على سلسلة جرائم القتل المروعة والخارقة للطبيعة للبيض في ولاية مسيسبي الحديثة. تحدث من لوس أنجلوس حيث يُدرّس في جامعة جنوب كاليفورنيا.
- ما الذي دفعك لكتابة رواية عن الإعدام خارج نطاق القانون؟
أكملت مخطوطة الرواية قبل أن تبدأ جائحة كورونا Covid مباشرة -كنت أعمل عليها لمدة عام- لكنها كانت تدور في ذهني طوال الوقت. كانت نواتها الأولى أغنية لايل لوفيت، مغني الريف، غنى الأغنية التقليدية “ليس أكثر من عكاز” Ain’t No More Cane وربطها بأغنية أخرى تسمى” النهوض” Rise Up. كنت أستمع إليها قبل أن ألعب التنس ذات صباح وفكرت، ها أنا وجدت روايتي: ماذا لو “نهض” جميع الموتى؟ كانت أقرب إلى فكرة الزومبي، لكنني لا أحب الزومبي، لذا فقد كتبتها بهذا الشكل. ورغم أنني نادرا ما أشرح ما تعنية رواياتي وما أقصده فيها، لكن هناك شيء واحد أحب أن أؤكد عليه، وأقصده من وراء كتابة هذه الرواية وهو أنه يجب التمييز بين الأخلاق والعدالة: قد لا نشعر دائمًا بالعدالة الأخلاقية، وهذه فكرة مخيفة.
- كيف ولماذا اخترت الحس الكوميدي لكتابة هذه الرواية؟
من السهل جدًا كتابة رواية كئيبة وجادة عن الإعدام “خارج نطاق القانون”، لكن لن يقرأها أحد؛ يجب أن يكون هناك عنصر الإغواء. الفكاهة هي أداة رائعة لأنه يمكنك استخدامها لجعل الناس يرتاحون ثم يفعلون أي شيء تريده منهم. كانت عبثية عدم الانتباه للموضوع هي القوة الدافعة لاختياري للكوميديا، لكن الرواية تغرق في الصور النمطية بقدر ما تسعى للكشف عن حقيقة الإعدام خارج نطاق القانون. يسعدني أن أقول إنني أغضبت الكثير من الناس لتصويري النمطي للشخصيات البيضاء. اعترض شخص ما في مقابلة وكانت إجابتي: “جيد، ما هو شعورك؟” عندما بدأت الكتاب، قلت لزوجتي [الكاتبة دانزي سينا]،”أنا لست عادلاً مع البيض”، ثم قلت، حسنًا، اللعنة: لقد بالغت كثيرا.
- توفر الرواية معلومات تاريخية للقراء غير المطلعين، هل ترى أن ذلك ضروري؟
على المرء أن يفعل ذلك: أمريكا لديها موهبة كبيرة لإخفاء خطاياها. فطلابي لا يعرفون إلا القليل جدا عن الحرب في فيتنام؛ إذا تحدثت معهم حول هذا الموضوع، لا بد لي من فك رموز هذه الفترة. أقوم بتدريس دورة عن فيلم الغرب الأمريكي. قبل عشر سنوات، كان كل طالب من طلابي يرى الغرب بطريقته الخاصة. الآن أعتقد أن كل طلابي يرون الغرب بالطريقة نفسها. هم لم يقعوا فريسة لكل الأساطير الثقافية التي سُطِّرَت عن الغرب مثل آبائهم، الآن هم يتعلمون الحقائق عن الغرب الأمريكي من جديد.
- سخريتك من ثقافة العنصرية في “محو” ما تزال لها تأثير قوي على الشباب السود، رغم من مرور عشرين عاما على إصدارها، مثل براندون تايلور، الذي أصدر مؤخرا عملا مشابها (الحياة الحقيقة)، هل هذا مخيف؟
تحدثت إلى كاتب تلفزيوني في يوم من الأيام، كان حزينا لحالنا، ويرى أن الصورة النمطية التي قدمتها في رواية “محو” لا تزال موجودة في السينما والتلفزيون.
تم اختيار روايتي” الأشجار” The Trees، وأعرف أن الأمر يتعلق بالعرق. وثمة اهتمام كبير بالتجارب السوداء تنعكس فيما يتم نشره. عندما نشرت روايتي الأولى “سودير” Suder (1983) عن لاعب بيسبول، أذكر أنني قرأت مقالا يقول: “أين الكتاب السود الآخرون. الكتاب الذين ارتبطت بهم جميعا أكثر من 15 عاما أمثال: تشارلز جونسون Charles Johnson وجون إدغار وايدمان John Edgar Wideman وكلارنس ميجور Clarence Major؛ لذلك أظن أننا كنا قليلين جدا حين كنا نكتب عن عالم السود، الآن عندما أرى أعمال الكتاب مثل: مات جونسون Mat Johnson وفكتور لافال Victor LaValle، أرى أن هناك مجالا أوسع للكتابة عن السود. لكن تذكر أننا نتحدث عن الخيال الأدبي في الولايات المتحدة.
إذا كنت كاتب تبيع 20000 نسخة من كتابك، فهذا رائع؛ أما إذا كنت موسيقيًا وقمت ببيع 20000 نسخة من أغنيتك أو موسيقاك، فالأفضل لك أن تعتزل الموسيقى. إن الطريقة التي يتم بها تمييز الثقافة [كونك كاتبا] مختلفة تمامًا عن الموسيقي مثلا، وهذا محزن.
- كتبت كورتيا نيولاند Courttia Newland أنها لم تجد رواياتك بسهولة، حيث لم يتم نشر معظمها في المملكة المتحدة، فما رأيك؟
لقد كانت إنفلكس برس Influx Press في المملكة المتحدة رائعة في بيع الكثير من أعمالي. قال وكيل أعمالي إنهم عبارة عن منصة صحفية صغيرة تعرض الكتب بشكل جيد ويبدو ذلك جيدًا بالنسبة لي؛ أنا أحب المقابل المادي مثل أي شخص آخر، لكنني أفضل أن تتمتع الكتب بحياة جيدة.
حينما قامت إنفلكس بتوزيع جيد لرواية “محو” وحينما اكتشف فابر Faber الذي نشر الرواية في الأصل في المملكة المتحدة في عام) 2003(أن هناك أي نوع من الاهتمام بها، قرروا إعادة طبعها مرة أخرى. وكان هذا تصرفا سيئًا، لأنهم لم يتصلوا بي منذ عشرين عاما، ثم عندما رأوا أن هناك فرصة لفعل شيء ما بها، فعلوا ذلك. أتمنى لو قاموا بدفع حقوقي المادية.
- ماذا كنت تقرأ مؤخرا؟
أعود دوما لرواية “طريق كل جسد” The Way of All Flesh لصمويل بتلر، وهو أحد أطرف الكتب التي قرأتها على الإطلاق، وقد أعدت مؤخرا قراءة “مغامرات هكلبري فين” لمارك توين. لا أقرأ الكثير من الروايات الخيالية، (من أجل المتعة)، يجب أن أقرأها طوال الوقت وأشعر بالتعب. روايات تشيستر هايمز Chester Himes البوليسية رائعة.
لقد قرأت للتو كتابا رائعا عن تطوير الآلة الكاتبة للغة الصينية بعنوان “مملكة الحروف” Kingdom of Characters بقلم تسو جينغ والذي يؤكد على أهمية، ليس فقط اللغة، ولكن التواصل، وخاصة التواصل الأدبي.
- لقد قابلت الكاتب التجريبي روبرت كوفر في جامعة براون في الثمانينيات، هل كان له تأثيرًا عليك؟
لم أدرس معه أبدًا، رغم أننا أصبحنا أصدقاء وما زلنا كذلك؛ لا يزال يعمل رغم أنه [في سن 90] ويتحرك باستمرار، أعني فكريا، وهو مصدر إلهام مستمر بالنسبة لي. كثير من الروائيين التجريبيين يجربون من أجل التجربة، لكن إذا لم يضيفوا معنى جديدا، فليس لدي اهتمام بهم؛ السبب الوحيد الذي جعلني أكتب هذا الشكل الفني هو أنني مهتم باللعب بكيفية تكوين المعنى. قال وكيل أعمالي:“يمكنك كسب الكثير من المال إذا كتبت نفس الكتاب عدة مرات.” لكنني لست قادرًا على ذلك: هناك الكثير من القراء لي يحققون الرضا لأي كاتب، عن نفسي أحب كتابة رواية يكرهها الجميع. فليقولوا مثلا:”هل قرأت رواية بيرسيفال الجديدة؟” “يا رجل، لقد كرهته “، ويرد آخر: “أنا أيضا!”
نشر الحوار في صحيفة الجارديان بتاريخ 12 مارس 2022، على هذا الرابط