خمسُ سونيتَّات

إدنا سانت فنسنت ميلاي

ترجمةُ: د. محمَّد حِلمي الرِّيشة

ولدت الشاعرة والكاتبة المسرحية “إدنا سانت فنسنت ميلاي” Edna St. Vincent Millay في “روكلاند” Rockland بولاية “مين” Maine في (22/2/1892) في العام (1912) دخلت قصيدتها “النهضة” في مسابقة شعر العام الغنائي، حيث فازت بالمركز الرابع، ونشرت في المختارات، وقد أدى ذلك إلى استحسانها الفوري، ومنحة دراسية في كلية “فاسار” Vassar، حيث واصلت كتابة الشعر، وانخرطت في المسرح. في العام (1917) وهو عام تخرجها، نشرت كتابها الأول “النهضة وقصائد أخرى”. وبناءً على طلب قسم الدراما في “فاسار”، كتبت أول مسرحية شعرية لها بعنوان “المصباح والجرس” The Lamp and the Bell (1921) وهو عمل عن الحب بين النساء. نشرت قصائد في “فانيتي فير”، “المنتدى” Forum، أثناء كتابة القصص القصيرة والهجاء تحت الاسم المستعار “نانسي بويد” Nancy Boyd. نشرت “تين قليل من الأشواك” A Few Figs from Thistles (1920) وهو مجلد شعري لفت الانتباه كثيرًا لأوصافه المثيرة للجدل حول الجنس الأنثوي والنسوية. في العام (1923) حصلت ميلاي على جائزة “بوليتسر” Pulitzer عن “أغنية القيثارة” The Ballad of the Harp (1922)إضافة إلى نشر ثلاث مسرحيات شعرية. توفيت عن عمر يناهز الثامنة والخمسين في (18/10/1950) في “أوسترليتز” Austerlitz، نيويورك.

 الوقتُ لَا يجلبُ الرَّاحةَ

الوقتُ لَا يجلبُ الرَّاحةَ؛ لقدْ كذبتُمْ كلُّكمْ

مَن قالَ لِي إِنَّ الوقتَ سيخفِّفُ مِن أَلمِي!

أَفتقدهُ فِي بكاءِ المطرِ؛

أُريدهُ عندَ تقلُّصِ المدِّ؛

تذوبُ الثُّلوجُ القديمةُ مِن كلِّ جانبٍ جبليٍّ،

وأَوراقُ أَشجارِ العامِ الفائتِ دخانٌ فِي كلِّ طريقٍ؛

لكنَّ المحبَّةَ المُرَّةَ فِي العامِ الفائتِ يجبُ أَنْ تَبقَى

لقدِ انهالتْ علَى قَلبي، وأَفكاري القديمةُ باقيةٌ.

هناكَ مئاتُ الأَماكنِ الَّتي أَخشى

الذَّهابَ إِليها— فهيَ مَع ذِكراهُ المليئةِ بالحوافِّ.

والدُّخولُ بارتياحٍ إِلى مكانٍ هادئٍ

حيثُ لمْ تَسقطْ قَدمهُ مطلقًا أَو يشرقُ وجههُ

فأَقولُ: “لَا توجدُ ذِكرى عنهُ هُنا!”

لِذا أَقفُ مكروبةً، ولِذا أَتذكَّرهُ.

 “منتبهةٌ لكَ الأَرضُ الرَّطبةُ فِي الرَّبيعِ”

منتبهةٌ لكَ الأَرضُ الرَّطبةُ فِي الرَّبيعِ،

وكلُّ الأَزهارِ الَّتي تَنمو وقتَ الرَّبيعِ،

والطُّرقُ المغبرَّةُ، والأَشواكُ، والارتفاعُ

البطيءُ للقمرِ المستديرِ، وكلُّ الحناجرِ

الَّتي تغنِّي خلالَ الصَّيفِ، وكلُّ جناحٍ مغادرٍ،

وكلُّ الأَعشاشِ الَّتي تُظهرها الأَغصانُ العاريةُ،

وكلُّ الرِّياحِ التَّي تهبُّ فِي أَيِّ طقسٍ،

وكلُّ العواصفُ الَّتي تجلبُها الفصولُ الأَربعةُ.

لَا تذهبْ بعدَ الآنَ علَى قدمَيْكَ المبتهجتَيْنِ

فِي المساراتِ الَّتي لمْ يَعرفْها سِوى الضَّبابُ والصَّباحِ،

أَو تشاهدِ الرِّيحَ، أَو تستمِعْ إِلى ضرباتِ

جناحَيِّ طائرٍ مرتفعَيْنِ جدًّا فِي الهواءِ بحيثُ لَا يمكنُ مشاهدتهُما،—

لكنَّكَ كنتَ شيئًا أَكثرَ مِن كونِكَ شابًّا ولطيفًا

وعادلًا،— والعامُ الطَّويلُ يذكرُكَ.

 سوفَ أَنساكَ الآنَ، يَا عَزيزي

سوفَ أَنساكَ الآنَ، يَا عَزيزي،

لذَا حقِّقْ أَقصَى استفادةٍ مِن هذَا، يومِكَ القليلِ،

وشهرِكَ الصَّغيرِ، ونصفِ عامِكَ الصَّغيرِ

الَّذي نسيتُهُ أَنا، أَو مُتْ، أَو ابتعدْ،

وانتهَيْنا إِلى الأَبدِ؛ وقريبًا

سوفَ أَنساكَ، كمَا قلتُ، لكنِ الآنَ،

إِذَا توسَّلتَ إِليَّ بأَجملِ كذبةٍ

سوفَ أَحتجُّ عليكَ بنَذْري المفضَّلِ.

أَودَّ حقًّا لوْ أَنَّ هذَا الحبَّ كانَ أَطولَ عمرًا،

ولمْ تكنِ النُّذورُ هشَّةً جدًّا كمَا هيَ،

لكنَّ الأَمرَ كذلكَ، وقدْ نجحتِ الطَّبيعةُ

فِي الكفاحِ مِن دونِ انقطاعِ حتَّى الآنَ،—

سواءٌ وجدَنا مَا نَسعى إِليهِ أَمْ لَا

فهوَ خاملٌ، تتكلَّمُ [الطَّبيعةُ] بيولوجيًّا.

 الحبُّ ليسَ كلَّ شيءٍ

الحبُّ ليسَ كلَّ شيءٍ: إِنَّهُ ليسَ لحمًا، ولَا شرابًا،

ولَا قيلولةً، ولَا سقفًا ضدَّ المطرِ؛

ولَا حتَّى صاريًا عائمًا لرجالٍ يغرقونَ،

ويرتفعونَ ويغرقونَ، ويرتفعونَ ويغرقونَ مرَّةً أُخرى؛

الحبُّ لَا يستطيعُ أَنْ يملأَ الرِّئةَ المتضخِّمةَ بالنَّفَسِ،

ولَا ينظِّفُ الدَّمَ، ولَا يضبطُ العظامَ المكسورةَ؛

ومَع ذلكَ، فإِنَّ الكثيرَ منَ النَّاسِ يصادِقونَ الموتَ،

حتَّى وأَنا أَتحدَّثُ، لقلَّةِ الحبِّ وحدَهُ.

قدْ يكونُ الأَمرُ كذلكَ فِي ساعةٍ صعبةٍ،

مثبَّتًا بالأَلمِ والأَنينِ لإِطلاقهِ،

أَو منزعجًا منَ الرَّغبةِ فِي قوَّةِ القرارِ السَّابقِ،

وقدْ أَكونُ مدفوعةً لبيعِ حبِّكَ مِن أَجلِ السَّلامِ،

أَو أَستبدلُ ذِكرَى هذهِ اللَّيلةِ مِن أَجلِ الطَّعامِ.

قدْ يكونُ كذلكَ. لَا أَعتقدُ أَنَّني سأَفعلُ.

 أَعلمُ أَنَّني لستُ سِوى الصَّيفُ لقلبِكَ

أَعلمُ أَنَّني لستُ سِوى الصَّيفُ لقلبِكَ،

ولستُ كاملَ الفصولِ الأَربعةَ منَ السَّنةِ؛

ويجبُ عليكَ التَّرحيبُ مِن جانبٍ آخرَ

فتِلكَ الأَمزجةُ النَّبيلةُ ليستْ لِي، يَا عَزيزي.

لَا وزنٌ كريمٌ للفاكهةِ الذَّهبيَّةِ للبيعِ

أَملكُهُ، ولَا شيءٌ حكيمٌ وشتويٌّ؛

وقدْ أَحببتُكَ كلَّكَ لفترةٍ طويلةٍ كمَا يجبُ

لأَجلِ أَنْ أَحمِلَ بهدوءٍ صدرَ الرَّبيعِ الجميلِ العاليَّ.

لذلكَ أَقولُ: أَيُّها الحبُّ، بِما أَنَّ الصَّيفُ يرحلُ

يجبُ عليَّ أَنْ أَرحلَ، وأَسرقَ إِيابًا الإِيقاعاتِ الصَّامتةَ،

فقدْ تُحيِّي مجدَّدًا الطَّائرَ والوردةَ

حينَ أَعودُ إِليكَ مَع حلولِ الصَّيفِ.

وإِلَّا سوفَ تبحثُ، فِي وقتٍ ليسَ بعيدًا،

حتَّى فِي صيفِكَ، فِي مناخٍ آخرَ.

أدب

عن الكاتب

إدنا سانت فنسنت ميلاي