مَاسَايُو كْوِيكِي …قَصَائِدُ مُخْتَارَةٌ

كتب بواسطة محمد حلمي الريشة

ترجم القصائد: د. محمَّد حِلمي الرِّيشة

شاعرة وروائية من اليابان، ولدت في طوكيو في (17/7/1959). فازت بجائزة تاكامي جون في العام (2000) عن “الغرفة الأكثر حسية”، وجائزة مقال كودانشا في العام (2001) عن “دعوة إلى السطح”، وجائزة ياسوناري كواباتا للأدب في العام (2007) عن “تاتادو”، وجائزة توزابورو أونو في العام (2008) عن “بابا، باسارا، سارابا”، وجائزة ساكوتارو هاجيوارا في العام (2010) عن “كلكتا”، وجائزة كيوكا أيزومي للآداب في العام (2014) عن “أمهات”.

 سِلَعٌ غَيْرُ مُبَاعَةٍ

فِي بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ فِي الجَنُوبِ الأَمْرِيكِيِّ،
وَفِي مَكْتَبَةٍ لِبَيْعِ الكُتُبِ المُسْتَعْمَلَةِ، عَلَى مُنْحَدَرٍ،
وَفِي رُكْنِ الشِّعْرِ
وَجَدْتُ طَبْعَةً مِنْ قَصَائِدِ (إِمِيلي دِيكِنْسُونْ)
صَغِيرَةً بِمَا يَكْفِي لِتُنَاسِبَ كَفَّ اليَدِ،
وَعِنْدَمَا فَتَحْتُ الكِتَابَ
وَجَدْتُ قُصَاصَةً مِنْ صَفْحَةِ العُنْوَانِ فَقَطْ
مَشْقُوقَةً بِشَكْلٍ قَاسٍ لَمْ تَزَلْ خَارِجَهُ،
وَتَمْزِيقًا مُسَنَّنًا يَجْرِي بِانْحِرَافٍ قُطْرِيٍّ.
كُلُّ مَا فِي الإِمْكَانِ
مَعَ الحُبِّ،
أَوْ
لَكِ مَعَ الحُبِّ،
أَوْ
إِلَى حَبِيبِي،
أَوْ
نَذَرْتُ الحُبَّ الَّذِي لَا يَنْتَهِي،
أَوْ
مَعَ التَّفَاني مِنْ مُرْسِلٍ مَجْهُولٍ،
وَسِرٌّ، وَجُمْلَةٌ لَا تُنْسَى كُتِبَتْ هُنَا،

وَالتَّفْكِيرُ فِي الخُطُوطِ الضَّائِعَةِ.

أَعَدْتُ المَجْمُوعَةَ إِلَى الرَّفِ،
وَأَشِعَّةُ شَمْسِ الشَّتَاءِ الضَّعِيفَةِ مِنَ النَّافِذَةِ
تُدْفِئُ الغُبَارَ عَلَى الغِلَافِ الصَّغِيرِ
لِكِتَابِ (دِيكِنْسُونْ) ذِي الدُّولَارِ الوَاحِدِ
كَيْ يَبْقَى غَيْرَ مُبَاعٍ،
أَكَانَ هذَا دَوْرُهَا السِّرِّيُّ؟
مِثْلَ الطَّيْرِ الَّذِي لَا يَطِيرُ
لأَنَّ جُزْءًا مِنْ جَنَاحِهِ مَفْقُودٌ.

الزُّقَاقُ

الزُّقَاقُ الصَّغِيرُ
لُمِحَ مِنْ قِطَارٍ سَرِيعٍ،
وَأَتَسَاءَلُ: إِلَى أَيْنَ يُؤَدِّي؟
رُبَّمَا
فِي حَيَاتِي كُلِّهَا
فِي هذَا الزُّقَاقِ الَّذِي لَمْ أَعْبُرْهُ أَبَدًا
هُنَاكَ

النَّاسُ الَّذِينَ لَمْ أَمُرَّ بِهِمْ،

وَصَفٌّ مِنَ المَسَاكِنِ لَمْ أَرَهَا مُطْلَقًا،

وَطَهْيُ السَّمَكِ لَمْ أَشُمَّ رَائِحَتَهُ،
وَوَاحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى
اصْطَفَّتْ كُلُّ هذِهِ الأَشْيَاءِ المُسْتَحِيلَةِ بِجَانِبِ بَعْضِهَا البَعْضِ،
ثُمَّ، فَجْأَةً، وَبِشَكْلٍ وَاضِحٍ
مَعَ شُعُورٍ بِالأُلْفَةِ أَقْوَى مِنْ أَيِّ اتِّجَاهِ مَمَرٍّ آخَرَ
يَرْتَفِعُ هذَا الزُّقَاقُ قَبْلِي
الآنَ،
وَيُرَافِقُنِي بِحُزْنٍ مُؤَكَّدٍ
ذلِكَ أَنَّنِي حَمِيمَةٌ مَعَهُ.
يُحَوِّلُ ذَاتِي إِلَى عَوْدَتِي الدَّائِمَةِ هُنَاكَ،
فَتَنْزِلُ مُنْحَدَرَ الزُّقَاقِ
مَطَارِدَةً شَمْسَ الغُرُوبِ،
وَعَابِرَةً جِسْرًا بَعْدَ جِسْرٍ،
وَتَخْتَفِي بِسُرْعَةٍ، فَتَظْهَرُ ذَاتِي أَصْغَرَ،
وَمِنْ نِهَايَةِ الزُّقَاقِ حَيْثُ أَجِدُ ذَاتِي أَخِيرًا
ثَمَّ بُكَاءُ طِفْلٍ وَلِيدٍ كَمَا لَوْ تَمَّتْ إِزَالَةُ الغِطَاءِ عَنْهُ
فِي يَوْمٍ حَارٍّ مِنْ يُولْيُو؛
اليَوْمِ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ
حَيْثُ يَتَلأْلأُ المَاءُ المَرْشُوشُ عَلَى الطَّرِيقِ.

 مَرْثِيَّةٌ

فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ فِي لَيْلَةٍ مِثْلِ هذِهِ
يَقْتَرِبُ الصَّيْفُ مِنْ نِهَايَتِهِ
أَمَامَ الخُضَرِيِّ

الَّذِي يُلَوِّحُ بِالخُضَارِ،
وَيَعْلُو ذِرَاعُ المَرْأَةِ الشَّابَّةِ

أَمَامَ مَحَلِّ وَجَبَاتٍ سَرِيعَةٍ
تَعِدُّ تَغْيِيرَهَا،
وَشَخْصِيَّتِهَا الحَزِينَةَ.
كُلُّ شَيْءٍ اسْتَحَمَّ فِي الضَّوْءِ،
وَبِهدُوءٍ

وُضِعَ فِي المَاضِي.


الأَوْرَاقُ العَالِيَةُ عَلَى الشَّجَرَةِ، فَحَسْبُ، تَتَأَرْجَحُ خَضْرَاءَ؛
مَا هِيَ تِلْكَ الطَّاقَةُ،
وَلِمَاذَا لَا تَتَوَقَّفُ فِي الصَّيْفِ؟
إِنَّهَا مَهْجُورَةٌ بَيْنَ الأَعْشَابِ.
تَبْدأُ الأَعْشَابُ بِالنُّمُوِّ بَيْنَ عَجَلَاتِ دَرَّاجَةٍ هَوَائِيَّةٍ
نَحْوَ ذِرَاعِي المَكْشُوفَةِ،
وَأَضْغَطُ
شَفَتَيَّ
مَرَارَةً
مَرَارَةً رَهِيبَةً.

■ الظَّبْيُ
كَانَ الخَرِيفُ لِسَنَتِي الخَامِسَةِ عِنْدَمَا صَادَفْتُ الظَّبْيَ
فِي مُنْتَجَعِ اليَنَابِيعِ الحَارَّةِ العَمِيقَةِ فِي نِطَاقِ جِبَالِ (هُودَاكَا).

اقْتَرَبَ الظَّبْيُ بِصَمْتٍ
عَبْرَ البُخَارِ، وَنَظَرَ إِلَى جَسَدِي العَارِي،
وَأَنَا حَدَّقْتُ فِي الظَّبْيِ.

لَقَدِ انْفَصَلَ الظَّبْيُ عَنِ القَطِيعِ،

وَأَنَا وَحْدِي تَمَامًا.


غَرَفْتُ مَاءً سَاخِنًا مِنْ مُنْتَجَعِ المِيَاهِ المَعْدَنِيَّةِ بِكَفِّ يَدِي،
وَنَثَرْتُهُ عَلَى الظَّبْيِ.
إِنَّهَا تَحِيَّةٌ بَدَلًا مِنَ اللُّغَةِ، وَلكِنْ
بَدَا الظَّبْيُ قَلِيلَ الدَّهْشَةِ
عِنْدَمَا رَأَيْتُ فَرْوَ صَدْرِ الظَّبْيِ مُبَلَّلَةً بِالمَاءِ السَّاخِنِ،
وَشَعَرْتُ كَمَا لَوْ كَانَتْ عُزْلَةُ الظَّبْيِ قَدْ تَبَلَّلَتْ.

اجْتَاحَتِ الرِّيحُ عَبْرَ
الأَوْرَاقِ عَلَى الأَشْجَارِ المُهْتَزَّةِ،
وَاسْتَدَارَ الظَّبْيُ بِصَمْتٍ أَخِيرًا،
وَبِصَمْتٍ نَاشِئٍ عَادَ إِلَى الجِبَالِ

إِلَى مِيَاهِ اليَنْبُوعِ المَعْدَنِيِّةِ فِي أَحْلَامِي،
وَفِي جوْفِ اللَّيْلِ، وَبِلُطْفٍ، وَضَعْتُ أَصَابِعَ قَدَمَيَّ فِي المَاءِ السَّاخِنِ،
وَمِنْ خِلَالِ انْعِكَاسِ البُخَارُ يُمْكِنُ أَنْ أَسْمَعَ خُطُوَاتٍ خَافِتَةً
أَنَّ الظَّبْيَ
يَعُودُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.

لَا يَبْحَثُ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ بِعَيْنَيْهِ الوَاسِعَتَيْنِ الكَوْنِيَّتَيْنِ،

وَقَطَرَاتٌ مِنَ المَاءِ عَلَى صَدْرِهِ الفَرْوِيِّ
تَسِيلُ قَطْرَةً قَطْرَةً.

 عَادَتْ كَلِمَاتُهَا

 
لَدَيَّ قَلِيلٌ مِنَ الأَصْدِقَاءِ،
وَمِنْ بَيْنِ أَصْدِقَائِي القَلِيلِينَ الآنِسَةُ (جُوغَاسَاكِي)
المُشْرِقَةُ بِحُبٍّ، وَالسَّهْلَةُ الفَهْمِ،
وَالمُزْهِرَةُ مِثْلَ الجَرْبَارَةِ.

قَالَتْ: مَا مِنْ جَانِبٍ مُظْلِمٍ،
وَأَنَا لَسْتُ (مِينُو مُونْتَا*)، وَلكِنْ
لَا يُهِمُّ كَمْ بَلَغَتْ مِنَ العُمْرِ.
أَرَدْتُ أَنْ أُنَادِيَهَا “السَّيِّدَةَ الشَّابَّةَ”،

وَذَاتَ مَرَّةٍ فِي مَكَانِ عَمَلِنَا مَارَسَ كَثِيرٌ مِنَّا لُعْبَةَ عُمْقِ عِلْمِ النَّفْسِ-

قِرَاءَةِ البَخْتِ،

وَكَانَ كُلُّ مَوْضُوعٍ صُورَةً وَسُؤَالًا، وَعَلَيْكَ أَنْ تَكْتُبَ

تَعْلِيقًا وَجَوَابًا،

وَيَتِمُّ الكَشْفُ عَنْ مَعَانِي الصُّوَرِ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،
وَعَلَى سَبِيلِ المِثَالِ؛ عَبَّرَ عَدَدُ الزُّهُورِ عَنِ العَدَدِ الآتِي-

قَدْ يَكُونُ أَحَدُ الأَطْفَالِ.

إِنَّهَا مُجَرَّدُ لُعْبَةٍ غَبِيَّةٍ، وَلكِنْ كلُّ مُتَفَاجِئَةٍ حَصَلَتْ عَلَى مِتْعَةٍ،

وَعَادَةً مَا كَانَتْ تَقِفُ بَعِيدًا عَنِ الأُخْرَيَاتِ، وَتَكُونُ هَادِئَةً، وَشَخْصًا سَاكِنًا، وَلكِنَّهَا
انْضَمَّتْ إِلَى اللُّعْبَةِ بِشَكْلٍ مُفَاجِئٍ.

وَأَحَدُ المَوَاضِيعِ
كَانَ الكَلِمَاتِ المُرْفَقَةَ
“أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ”،
وَكَانَتْ هذِهِ مُخَبَّأَةً عَنِ المَجْمُوعَةِ، وَلكِنَّهَا
كَانَتْ فِي الوَاقِعِ مَوْضُوعَ قِيَاسِ مُحَرِّكِ الجِنْسِ لِلْوَاحِدِ،
وَعِنْدَمَا كُشِفَتْ
أَغْلَقَتِ الآنِسَةُ (جُوغَاسَاكِي) عَيْنَيْهَا تَمَامًا، وَفَقَدَتْ حُضُورَ عَقْلِهَا،

وَظَهَرَ حَرَجٌ شَدِيدٌ،

وَشَعَرْنَا كَأَنَّنَا ارْتَكَبْنَا خَطِيئَةً فَظِيعَةً.

تُوُفِّيَتِ الآنِسَةُ (جُوغَاسَاكِي) بَعْدَ فَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ بِسَبَبِ سَرَطَانِ الرَّحْمِ،

وَأَفْتَرِضُ أَنَّ عُمْرَهَا بِضْعُ سَنَوَاتٍ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ،
وَقدْ بَقِيَتْ وَحِيدَةً، وَلَمْ تَكُنْ تُعَانِي فِي حَيَاتِهَا مُطْلَقًا، لِذلِكَ
بَدَتْ دَائِمًا أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَنِ الخَامِسَةِ وَالعِشْرِينَ.

أَحْيَانًا
تَأْتِي كَلِمَاتُهَا إِليَّ
بِطَرِيقَةٍ عَادِيَّةٍ كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَسِيَ تَسْلِيمًا
مِرَارًا وَتَكْرَارًا، وَكَمَا لَوْ أَنَّ كَلِمَاتِهَا لَمْ تَكُنْ فِعْلًا هُنَاكَ
مِنَ العَالَمِ الآخَرِ،
وَوُصُولُهُمْ بِخِفَّةِ آهٍ، وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ، وَبَعْدَهَا، عِنْدَمَا أَكُونُ هَادِئَةً
مِثْلَ نَشَاءِ البَطَاطَا المَحْلُولِ فِي المَاءِ
فَإِنَّ الحُزْنَ يَسْتَقِرُّ بِبُطْءٍ فِي القَاعِ،
وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ سَطْحَ هذَا العَالَمِ يَكْبُرُ أَكْثَرَ، وَأَكْثَرَ شَفَافِيَةً،
وَأَنَا أَيْضًا، مَعَ عَيْنَيَّ الخَاشِعَتَيْنِ،
وَبِحَمَاسَةٍ 
أَنْتَظِرُ
شَيْئًا لِيَعْبُرَ مِنْ خِلَالِي.

(*) شَخْصِيَّةٌ تَلْفَازِيَّةٌ مُخَضْرَمَةٌ حَقَّقَتْ شُهْرَةً كَبِيرَةً فِي البَثِّ التَّلْفَازِيِّ النَّهَارِيِّ. اعْتَادَتْ مُعَالَجَةَ النِّسَاءِ مِنْ جَمِيعِ الأَعْمَارِ مِثْلَ “السَّيِّدَةِ الشَّابَّةِ.” (الشَّاعِرَةُ).

 الحَمَّامُ

هَادِئٌ حَمَّامُ (دَايْكُوكُويَا) فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنَ اللَّيْلِ،

وَثَمَّ امْرَأَةٌ مُتْعَبَةُ العَظْمِ،
حَتَّى عُرْيُهَا عَاجِزٌ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنَ الأَوْسَاخِ.
تَصْخَبُ البَابَ،
وَتَدْخُلُ
مِنْ فُوَّهَةِ الحَمَّامِ عِنْدَ الصُّنْبُورِ المَفْكُوكِ،

وَيُصْدِرُ المَاءُ صَوْتَ تَقْطِيرٍ،
وَتَسْرِقُ بُرُودَةُ اللَّيْلِ حَافِيَةَ القَدَمَيْنِ بِهُدُوءٍ،
وَمِنْ كُوَّةٍ عَالِيَةٍ
يَرْتَجُّ المَاءُ،
وَيَفِيضُ عَلَى حَافَّةِ الحَمَّامِ،
وَأَنَا
لَا أُمَرِّرُ حُكْمًا
كَسِجِلٍّ.
أَلْقَيْتُ نَظْرَةً عَلَى أَجْسَادِ الإِنَاثِ،
وَرَأَيْتُ
ظُهُورًا عَارِيَةً، وَأَوْرَاكًا، وُمُؤَخَّرَاتٍ،
وَأَجْزَاءً خَاصَّةً،
وَيَتَدَفَّقُ المَاءُ عَلَى أَجْسَادِهِنَّ

مُتَسَاقِطًا مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ،
وَالعَدِيدِ مِنْ تَجْوِيفَاتِ الجَسَدِ الأُنْثَوِيِّ،
يَتَجَمَّعُ المَاءُ هُنَاكَ
وَيَقْطُرُ أَسْفَلَ،
وَأَشْعُرُ كَمَا لَوْ كُنْتُ أَبْحَثُ فِي هذهِ
لِسَنَواتٍ مِرَارًا وَتَكْرَارًا،
كَذلِكَ رَأَيْتُ الجِدَارَ الفَاصِلَ بَيْنَ حَمَّامَاتِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ،
وَأَخَذْتُ وَقْتِي لِلتَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّهُ
مِثْلَ الوَحْشِ البَرِّيِّ،
وَلَا أَحَدَ
يَقْفِزُ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوَ حَمَّامِ النِّسَاءِ،
أَوْ بِطَرِيقَةٍ أُخْرَى
مُدْهِشَةٍ.

قَصِيدَةٌ قَصِيرَةٌ عَنِ الفَجْرِ


فِي أَمْرِيكَا، وَفِي مِرْحَاضٍ فِي (سَانْتَا فِي)

عِنْدَ الفَجْرِ
كُنْتُ أَتَبَوَّلُ بِهُدُوءٍ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ جِدًّا
فِي العَالَمِ كُلِّهِ،
وَشَعَرْتُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَى هذَا الصَّوْتِ وَنَفْسِي
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ حَقِيقَةِ أَنَّنِي كُنْتُ أَفْعَلُ الضَّوْضَاءَ،
وَمِنَ الغَرِيبِ أَنَّهَا بَدَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قَادِمَةً مِنَ الخَارِجِ،
كَمَا كُنْتُ أَتَوَاسَى بِهَا
مِثْلَ قِصَّةِ امْرَأَةٍ عَجُوزٍ لَا تَنْتَهِي،
وَكُنْتُ
فِي انْتِظَارِ أَنْ تَنْتَهِيَ،
لكِنْ لَنْ،
وَالوَقْتُ الَّذِي لَا يَنْتَمِي
إِلَى أَيِّ شَخْصٍ
فِي أَيِّ مَكَانٍ

لَمْ أَكُنْ هُنَا،

وَأَنَا لَسْتُ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ،
وَبُوُسْعِي أَنْ أَقولَ حَتَّى هذِهِ:
لَقَدْ تَوَقَّفَ الصَّوْتُ الآنَ
فِي هذِهِ الغُرْفَةِ الَّتِي اشْتَدَّتْ بُرُودَةً بِسُرْعَةٍ،
وَخُلِقَتْ رُوحٌ صَامِتَةٌ فَجْأَةً.
هَلْ هذِهِ لِي، هِيَ لِي؟
حَرَارَةُ الحَيَاةِ غَادَرَتْ بِشَكْلِ دَائِرَةٍ مَرْئِيَّةٍ.
أَكُنْتُ هُنَاكَ؟
أَكُنْتُ هُنَاكَ فِي تِلْكَ الغُرْفَةِ؟
كُنْتُ
أَنَا عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ
قَبْلَ فَتْرَةٍ طَوِيلةٍ، ثُمَّ وَصَلَنِي صَوْتُ الاسْتِجْوَابِ.

أدب

عن الكاتب

محمد حلمي الريشة