قصة إدمان الملايين على لعبة Wordle

كتب بواسطة فاطمة بنت ناصر

 
القصة وراء لعبة Wordle التي أدمنها الملايين من بيل جيتس وحتى نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس.
من هدية أهداها صديق لرفيقته إلى هوس يومي ينتظره مئات الألوف حول العالم.
مبتكر اللعبة هو مهندس البرمجيات جوش واردل Josh Wardle، والذي استلهم اسم اللعبة من اسمه،  حيث استلزم الأمر تغيير حرف واحد من اسمه ليتحول من واردل    wardle إلى وردل wordle ، ليكون اشتقاقا من word =  كلمة. وبهذا ضرب عصفورين بحجر واحد.
بداية القصة :
يعلم جوش واردل جيدا أن رفيقته  بالاك شاه Palak Shah  تحب حل ألغاز الكلمات، وفي أثناء جائحة كورونا قام جوش بتطوير هذه اللعبة ليتمكنا من التحدي على حل لغز لكلمة واحدة يوميا.  أتسعت بعدها دائرة اللاعبين فقام الثنائي جوش وصديقته بالاك بإرسال اللغز إلى أصدقاءهم وأهلهم عبر تطبيق الواتساب.  كان هناك شغف كبير باللعبة وهي متوفرة على موقع إلكتروني يحمل نفس الاسم، بدأت الزيارات تزداد لحل لغز الكلمة يوميا.  فالمميز في اللعبة هو أن هناك كلمة واحدة عليك أن تخمنها عبر ٦ محاولات فقط.  فبعد منتصف الليل يكون لغز اليوم جاهزا على الموقع.  فانتقلت اللعبة من لعبة بين شخصين إلى لعبة عائلية وإلى لعبة بين الأصدقاء إلى هوس ينتظره مئات الألوف يوميا، ومنهم بيل جيتس صاحب ميكروسوفت وغيرهم من المشاهير.
اللعبة وسيكلوجية الناس 
يعزي مصمم اللعبة والكثير من المختصين أن سبب هوس الناس باللعبة نابع من تقييد اللاعبين بعدد معين من المحاولات وكذلك لحصر حل اللغز بكلمة واحدة فقط يحاول تخمينها الألوف من الناس حول العالم.  فإن افترضنا أن اللعبة تمنح اللاعب عددا لا متناهي من المحاولات، بالإضافة إلى اختياره لعدد لا نهائي من الكلمات، فإن عجز عن تخمين كلمة جديدة يضغط ليحصل على لعبة جديدة بتخمين كلمة أخرى، ستصبح اللعبة بهذا الافتراض لعبة مملة وخالية من التحدي.
فبالإضافة إلى ما ذكر يقول عالم النفس Douglas Gentile من جامعة Iowa State University، أن هذه اللعبة تمكنت من دغدغة ألف باء النفس الإنسانية وهي :
– الاستقلال بالذات
– و الانتماء إلى مجموعة
– و المنافسة لتكون الأفضل

من ١٢ ألف إلى ٢٠٠٠ فقط!
قامت رفيقة مصمم اللعبة بالاك شاه باقتراح تقليل عدد الكلمات التي يتم تخمينها من ١٢ ألف كلمة إلى ألفين فقط.  وأعتقد أن على اللاعبين الذين يتذمرون بشكل شبه يومي بأن الكلمات بعضها يصعب تخمينه جدا، أن يشكروا الله أن عدد الكلمات التي يحاولون تخمينها اليوم هي من بين ألفي كلمة فقط ، وليس ١٢ ألفا  كما كان ينوي مصمم اللعبة.  وعلى الرغم من أننا نعتقد أن الألفي كلمة عدد صغير جدا ، إلا أنه بتقسيم هذه الكلمات بواقع كلمة واحدة لكل يوم،  يجعل اللعبة مستمرة لمدة ٧ سنوات تقريبا .
نيويورك تايمز .. الصحيفة واللعبة
قد نظن أن ما يربط القراء بالصحف المرموقة هي الأخبار التي تنقلها، وهذا غير صحيح، فبعض الصحف تصبح محط الأنظار والمتابعة بسبب وجود مقال لكاتب معين ينشر حصريا لها. ولقد استغلت الصحيفة المرموقة نيويورك تايمز وهي من الصحف التي تجاري السوق واستطاعت الصمود في هذا الزمن وتقنياته السريعة، بعقد صفقة خيالية لشراء اللعبة، ورغم عدم التصريح بالمبلغ الدقيق لهذه الصفقة، ولكن ما نعرفه أنه أقل بقليل من ٧ خانات، وهذا كافٍ لمعرفة حجم ذلك المبلغ الخيالي.
هي ليست بصفقة خاسرة كما قد يعتقد البعض، فصحيفة النيويورك تايمز محتواها حصري لمشتركيها حيث يبلغ سعر الاشتراك الشهري بها ٥ دولارات في الشهر و ٤٠ دولارا في السنة، ولكم أن تتخيلوا تحول مئات الألوف من لاعبي اللعبة إلى متابعة صحيفة نيويورك تايمز، وترقبها يوميا لحل اللغز اليومي لهذه اللعبة.
كما من المهم أن نضيف أن صحيفة نيويورك تايمز لم تغامر بشراء هذه اللعبة، فهي صحيفة معروفة بشهرتها في امتلاك أهم ألعاب ألغاز الكلمات فلعبتها soelling Bee  ذات شهرة كبيرة وهي لعبة دشنت لأول مرة في ٢٠١٤، ولازالت ضمن الألعاب التي تقدمها الصحيفة بشكل يومي. وبسبب هوس الملايين بهذه الالعاب، أنشأت الصحيفة ضمن موقعها صفحة خاصة لمن يلعبونها لتكون بمثابة المنتدى الذي يناقشون فيه اللعبة والمواضيع التي تشغلهم بشأنها.
خاتمة : كلماتهم وكلماتنا
أشعر بالغبطة الشديدة من اللغة الإنجليزية والتي لا زال هناك عشاق حقيقيون لم تغيرهم أحوال الزمان. وعشاقها كل زمانهم شباب لا يهرمون ولا يموتون، على عكس عشاق العربية الذين يحيون ذكرى موتها كل عام بتخصيص يوم للغة العربية كأنها تكريم لبطل غابر. من المحزن أن نعجز رغم الأموال التي تمكنها من الذهاب للفضاء وبناء أعلى ناطحات السحاب، من أن نبتكر ألعابا لألغاز الكلمات يحيي شغفنا اتجاه اللغة. فالألعاب وسيلة يمكنك من خلالها جذب الصغار والكبار على حد سواء. فلم لا؟!
ولا أريد أن أحزنكم بالحال الذي وصل إليه عجزنا. وإننا بالفعل رغم ثراءنا المادي على كل الأصعدة عاجزون عن صنع الأدمغة وإشعال الشغف فيها. ولكن لنذكر لعل الذكرى تنفع أحدا.
تمكنت اللغة الإنجليزية ذات ٦٠٠ ألف كلمة، أن تحيا وتعمر الأرض وتوحد الناس، ولكن ما هو حال العربية صاحبة أكثر من ١٢ مليون كلمة ؟
دعوة
هذه دعوة مني لمن يرغبون بإحياء اللغة العربية وإنعاشها من الموت لتشكيل فريق متكامل: من  مهندسي البرمجيات والمختصين في التسويق وغيرهم من الشغوفين الذين يعتقدون أنهم قادرون لابتكار شي قد يحرك عقولنا وقلوبنا نحو العربية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

https://www.dailymail.co.uk/news/article-10367489/amp/Taking-WORDLE-British-software-engineers-online-word-game-attracts-thousands.html

https://www.chron.com/culture/article/story-behind-wordle-16825701.php

https://www.google.com/amp/s/www.cnbc.com/amp/2022/02/15/bite-sized-fun-the-psychology-behind-your-sudden-wordle-obsession.html



https://www.chron.com/culture/article/story-behind-wordle-16825701.php

https://techcrunch.com/2022/05/04/wordle-new-york-times-user-growth/

ثقافة وفكر قراءات

عن الكاتب

فاطمة بنت ناصر

كاتبة ومترجمة