كازا نتزاكيس الفيلسوف الذي كتب أعظم الروايات

كازا نتزاكيس كاتب وفيلسوف يوناني ولد في فبراير من عام 1883 وتوفي في 26 أكتوبر 1956 اشتهر بروايته زوربا اليوناني التي تعتبر أعظم ما أبدع, اشتهر عالمياً بعد عام 1964 حيث أنتج فيلم زوربا اليوناني للمخرج ما يكل كاكويانيس والمأخوذ عن روايته وتجددت شهرته عام 1988 حيث أنتج فيلم الإغواء الأخير للمسيح للمخرج مارتن سكورسيس وهو مأخوذ عن رواية لكازانتزكيس أيضاً .

عندما ولد كازانتزكيس في عام 1883 في هيراكليون, لم تكن كريت قد انضمت بعد إلى الدولة اليونانية الحديثة, الني أنشئت عام 1832 وكانت لا تزال تحت حكم الإمبراطورية العثمانية من سنة 1902 .

درس كازانتزكيس القانون في جامعة أثينا, ثم ذهب إلى باريس في عام 1907 لدراسة الفلسفة, هنا سقط تحت تأثير هنري برغسون, وكان عنوان أطروحة له عام1909 فريدريش نتشه على فلسفة الحق والدولة, لدى عودته إلى اليونان بدأ ترجمة الأعمال في الفلسفة ,في عام 1914 التقى انجيلوس سيكيليانوس سافروا معاً لمدة عامين في الأماكن التي ازدهرت فيها الثقافة اليونانية المسيحية الأرثوذكسية, وتأثر إلى حد كبير  بالحماسة الوطنية ليسيلكليانوس .

تغرب في باريس وبرلين وإيطاليا, وروسيا وإسبانيا ثم في وقت لا حق في قبرص,ايجينا, مصر جبل سيناء تشيكوسلوفاكيا, نيس الصين واليابان, وأثناء وجوده في برلين اكتشف كازانتزكيس الشيوعية, وأصبح معجباً بفلاديمير لينين وقال أنه لم يصبح شيوعياً ثابت, ولكن زار الاتحاد السوفيتي والتقى المعارضة اليسارية والكاتب فيكتور سيرج وشهد صعود جوزيف ستالين, وأصبح بخيبة أمل مع الشيوعية على النمط السوفيتي في هذا الوقت, ثم استبدل بمعتقداته الوطنية القديمة تدريجياً أيديولوجية أكثر عالمية .

في عام 1945 دخل الحكومة اليونانية وزيراً من دون حقيبة, واستقال من هذا المنصب في العام التالي, في عام 1946 رشحت جمعية الكتاب اليونانية كازانتزكيس وانجليوس سيكيليانوس للحصول على جائزة نوبل للآداب, في عام 1957 خسر الجائزة لألبير كامو بفارق صوت واحد, وقال كامو في وقت لاحق أن كازانتزكيس يستحق الشرف مائة مرة أكثر من نفسه, وفي أواخر عام 1957 وعلى الرغم من معاناته من سرطان الدم, ذهب في رحلة إلى الصين واليابان, وسقط مريضاً في رحلة عودته, ثم تم نقله إلى فرايبورغ ألمانيا حيث توفي .

اختيرت الذكرى الخمسين لوفاته كفكرة لعملات اليورو عالية القيمة” عملة كازانتزكيس اليوناني التذكارية” ذات قيمة العشرة يورو والتي ُسكت في 2007, حيث تظهر في إحدى وجهي العملة صورته وعلى الوجه الآخر من العملة الشعار الوطني اليوناني مع توقيعه .

إبان فترة دراسة كازانتزكيس في باريس, تأثر بالفيلسوف والشاعر الألماني نيتشه, الذي غير نظرته كما يقول إلى الدين والحياة, ودعاه إلى التمرد على أفكاره ومعتقداته القديمة كلها, حتى نظرته إلى الفن تغيرت, وأدرك أن دور الفن يجب ألا يقتصر على لإضفاء صورة جميلة وخيالية على الواقع والحياة, بل إن مهمته الأساسية هي كشف الحقيقة, حتى لو كانت قاسية ومدمرة .

تطوع في العام 1912 في الجيش اليوناني في حرب البلقان, ثم عين في العام 1919 مديراً عاماً في وزارة الشؤون الاجتماعية اليونانية, وكان مسؤولاً عن تأمين الغذاء لحوالي 15 ألف يوناني وعن عودتهم من القوقاز إلى اليونان, لكنه استقال بعد ذلك من منصبه, عمل في السياسة لفترة قصيرة, ثم عين وزيراً في الحكومة اليونانية في العام 1945, ثم مديراً في اليونسكو في العام 1946 وكانت وظيفته العمل على ترجمة كلاسيكيات العالم لتعزيز جسور التواصل بين الحضارات, خاصة بين الشرق والغرب, استقال بعد ذلك ليتفرغ للكتابة .

كتب الأوديسة في ملحمة مؤلفة من 33333 بيتاً, وقد بدأها من حيث انتهت أوديسة هوميروس, وقد اعتبر هذا العمل ثورة في مجال المفردات اللغوية والأسلوب,  كما أظهر مدى عمق معرفة كازانتزكيس بعلم الآثار والأنثروبولوجيا, كما كتب وترجم العديد من الأعمال الأدبية الهامة نذكر منها رياضات روحية, الثعبان والزنبقة, الحرية أو الموت, فقير أسيزي, الأخوة الأعداء, زوربا اليوناني, الإغواء الأخير للمسيح, الأوديسة, التكلمة الحديثة, الكوميديا الإلهية لدانتي دون, كيخوتي ديلامانشا لثربانتس, هكذا تكلم زاردشت لنيتشه والإسكندر الأكبر .

تعرضت بعض أعمال كازتنزاكيس للرقابة ومنع نشرها في بعض دول العالم, إلا ان كتاب الإغواء الأخير للمسيح الذي نشر في العام1951 اعتبر الأكثر إثارة للجدل, منح كازنتزاكيس في 28 حزيران من العام 1957 جائزة لينين للسلام في مدينة فيينا, ترشح في العام 1956 لجائزة نوبل, لكنه خسرها بفارق صوت واحد في التصويت, وحصل عليها ألبير كامو .

 كان في آخر أيامه يطلب من ربه أن يمد في عمره عشر سنوات أخر ليكمل أعماله ويفرغ نفسه كما كان يقول, وكان يتمنى لو كان في إمكانه أن يتسول من كل عابر سبيل بع ساعة بما يكفي لإنهاء عمله, توفي في 26 تشرين الأول سنة 1957 في ألمانيا عن عمر 74 عاماً .

خصص له متحف صغير في جزيرته كريت فارفاري ميرتيا, واحتوى هذا المتحف على أشيائه الشخصية ومجموعة قيمة من المخطوطات والرسائل, بالإضافة إلى النسخ الأولية لكتبه, وصور ومقالات كتبت عن حياته وأعماله, تم إخراج أربعة أفلام أخذت عن رواياته, وهي الهوى اليوناني, وزوربا,  والإغواء الأخير للمسيح ومؤخراً فيلم مأخوذ عن كتاب الإسكندر الأكبر, تقول عنه زوجته إنه كان نقياً وبريئاً وعذباً بلا حدود مع الآخرين, أما مع نفسه فقد كان شديد القسوة, ربما لإحساسه بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه وحجم العمل المطلوب منه, ولأن ساعاته في الحياة محدودة .

فلسفة

عن الكاتب

أميرة الشناوي كيوان