كان من نتيجة تحالف الإنسان مع الآلة أن خرجت عدة تطبيقات وتقنيات قدمت للبشرية خدمات لم تكن تخطر ببالها, ولم يفكّر هذا الإنسان بالوقوف طويلا أمام حروف الطباعة لجونتبرغ ومضى العقل البشريّ يبتكر الآلة بعد الآلة محاولا إيجاد طرقا سهلة لما يستجد من حاجات الإنسان في مجال الكتابة والنشر , وحلولا للمشاكل التي تحول دون تمكنه من مواكبة دوران العجلة التقنية التي لا يمكن وضع نقطة توقف أو سبات لها , بل هاهو قد وصل إلى مستوى حرق المراحل حتى أننا تجاوزنا حالة الاندهاش من مستجدات التقنية .
وهذا يمكن وصفه بأنّه نتيجة تحالف الإنسان مع الآلة التي أوجدها وسخرها لخدمته ولخدمة منجزاته.
أشياء كثيرة لم تعد خيارا في الوقت الراهن ومنها الصحافة الالكترونية وأدوات الأعلام الجديد التي يصفها الدكتور المعتصم البهلاني -رئيس تحرير مجلة الفلق الالكترونية- “بأنها قدر وليست خيارا”
فهي فكرة ترتبط بهذا العصر محترمة قدرات وإمكانيات هذا الجيل الشبكيّ الذي يعايش هذا العصر ويصنع أحداثه.
لعل من الجيد بمكان إبراز نشاط الصحافة الالكترونية التي لا ننكر جميعا أنها تساهم في استعادة الصحافة لمكانتها وأهميتها بعيدا عن قيود السلطة التي يعتبرها الطرف الآخر منظمة للعمل الصحفيّ لا مقيدة ومضيقة له,كما لا يجب إنكار أن الكثير من الصحف المطبوعة اليوم أصبحت تستقي معظم محتوياتها من الصحافة الالكترونية وأدوات الإعلام الجديد ,وصولا إلى فكرة أنّ الصحفي قد تجاوز أدواره التقليدية من مصدر للمعلومة إلى محرر ومراجع ومخرج لها.
هذه الصحافة يجب أن لا تكون هدفا بحد ذاتها إنما وسيلة لتحسين المحتوى وإلا ما الفرق بين الصحافة المطبوعة والصحافة الالكترونية ؟ ذلك أننا يجب أن نلامس الفرق فلا تكون الصحافة الالكترونية هي النسخة المطابقة للصحافة الورقية بحيث يصبح التحول هنا “موضة” بل يتعداها إلى التركيز على تحسين المحتوى والشكل و الرؤية والمستوى المهني للقائمين على الصحافة الالكترونية من حيث تطوير أدوارهم لتتكامل وتخرج لنا تجربة ناجحة في هذا المجال.
وتحسين المحتوى يعني أيضا تدعيم المواد التي تحتاج إلى وسائل لتوضيح الفكرة والرسالة التي تحملها وتنادي بها (صوت ,فيديو ,استبيان محدّث بشكل مستمر..إلخ(.
إن صحافتنا اليوم مهددة بدرجة تصل إلى تهديد الدور إن لم يصل مستوى فكر القائمين عليها إلى مرحلة الإيمان بضرورة تواجدها على أدوات الإعلام الجديد و تطوير مواقعها الالكترونية ,بل وتجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة بناء منصات الكترونية تفاعلية سواءً أكانت عبر منتديات حوارية أم التطبيقات التي يسهل بناؤها في أدوات الإعلام الجديد كالفيس بوك والتويتر.
ويكون لهذه المنصات دور في تغذية النسخ المطبوعة منها ورافدا لها لقرب هذه الأدوات من فكر الجيل الحاليّ الذي بات قادرا على التقييم والنقد عبر اكتسابه لهذه المهارات من فضاء الكتروني معرفي تفاعلي ومتجدد. مع أهمية وجود فريق تقني متخصص يتولى مسؤولية ضخ موادها وتنظيمها بحيث يكون له من الفكر المتجدد ما يساهم في تغيير شكلها وطريقة عرض المقالات وتبويباتها بين فترة وأخرى ,إضافة إلى قيامه بتهيئة آلية عرض وتصفح هذه المجلات الالكترونية عبر كل المتصفحات المتوافرة مراعيا اختلاف ذائقة واختيارات القرّاء,وصولاً إلى بناء نسخ الكترونية قابلة للتحميل على أجهزة القرّاء باختلافها من أجهزة الحواسيب والقارئات الكترونية والهواتف الذكيّة.