في كهف الجنون تبدأ الحكاية

اسم الكتاب :

 رواية (في كهف الجنون تبدأ الحكاية)

اسم الكاتب :

زوينة الكلباني

مقتطفات

رواية فانتازية تحلق بالقاريء إلى عالم مفعم بالمفاجآت والطقوس الغرائبية والأحداث غير المتوقعة الرواية تدور أحداثها حول ثلاثة طلاب جامعيين يقومون برحلة علمية إلى جبال الحجر الشرقي يضيع خط سيرهم ليجدوا أنفسهم في مواجهة كهف.. ثمة خيط في هذه الرواية يربط بين سلسلة الجبال والجنون والبرج وأهواله،وبين سعي الإنسان الدائم نحو الحرية والسلام.

الرواية تقع في 180 صفحة صادرة عن المؤسسة العربية للنشر -بيروت وستتواجد في معرض مسقط القادم.

وهي الرواية الثانية للكاتبة زوينة الكلباني فلقد صدرت لها 2011م (ثالوث وتعويذة)

مقطع من الفصل الرابع في رواية (في كهف الجنون تبدأ الحكاية)

“….المكان مُشرَّبٌ بتمارين الجنون.. جنون مكثف يُحاصِره من كلِّ الجهات.. ثمَّة قُوًى خفيَّة وروحٌ غامضةٌ تُوزِّع ومضات الجنون وتنثر صنوف الهذيان في فضاء الكهف..هيجانٌ محمومٌ وتشنُّجاتٌ وهلوساتٌ مصحوبةٌ بضحكات وقهقهات متوالية.. الضَّحك خمرُ المجانين، فلا أدري لِمَ يبدو – في نظر الناس- الذي يضحك بلا سبب مثيرًا للتَّوجُّس أكثر من الذي ينتحب..!.

من عمق الجنون انتبه فارس إلى شابٍّ بجانبه، وجهُهُ مصبوغٌ بالصُّفرة،وجمجمتُه كجمجمة ميِّت، كان يُردِّد:

–      الأموات لا يأكلون، وأنا ميِّت، إذن عليَّ ألا آكل!.

قاطعه رجل آخر يحمل فانوسًا.. وقف فارس كالمشدوه يتأمَّلهما.. شكَّلا دائرة هو مركزها، دارا حوله دورات وهما يُردِّدان بهدوء وتأنٍ وبصوت واحد:

–      “الفراش يطير حول المصباح حتَّى الصباح.. يمرح بدلال.. طمعًا في الوصول إلى الكمال.. ضوء المصباح علَّم الحقيقة والوصول إليه كنه الحقيقة”.

  منطق رائع يسخر من منطق أعظم الفلاسفة، لقد أسكرته حكمتهم.. وأسهمت بشكل أو بآخر في إشعال جذوة شعوره المُتشكِّك المرتاب فيما حوله.. ولولا رائحة البصل الكريهة المنبعثة من تحت إبطيهما للازمهما ما شاء الله له من الوقت.

  دقائق وأقبل فريقٌ مهرولٌ تُجلِّله اللِّحى الشَّعثة في تلك اللَّحظة شيءٌ من الرُّعب تلبَّسه. أدرك أن تخلِّيه عن أصحابه يعد سقوطًا في هاوية الجنون، وأنه جازف بدخوله دنيا الاختلاف أو الأرض التي يتبادل فيها الجنون واللاعقل لغتهما البدائية، وتسرح فيها كائنات حرة لا عقل يُقيِّدها، ولا اضطراب ذهني يُربِكها، لقد جزم الآن بأنه لم يبق سوى لحظات ويتخلى عقله عنه.

  ليلٌ هذا المكان ما هو إلا عواءٌ وعويلٌ وصراخٌ وخطواتٌ أثقلتها الأصفاد والقيود، أفواجٌ من الجنون وقوافل من المجانين استوطنت هذا المكان القصي، ضحك لا ينتهي.. وحشود كالنمل تتكوَّم في كهوف ضيِّقة لا تليق بوحوش ضارية.. مجانين يُساقون إلى حظائرهم بسلاسل تُطوِّق أعناقهم وهم غرقى في نوبات سخط.. مجانين سكارى..ومجانين خاملون كالموتى..وآخرون بلا ذاكرة!.

 هنا مفردات ا ل ج ن و ن….!

 هنا أقصى درجات الهوس والهذيان..”.

أدب العدد الثالث والعشرون

عن الكاتب

زوينة الكلبانية