تباين الأحكام القضائية في قضايا المظاهرات العمانية “جعلان, عبري, صحار”.

ننتظر في قادم الأيام البت في الطعن المقدم للمحكمة العليا في قضايا شغلت الرأي العام العماني والتي جاءت على خلفية مظاهرات وإعتصامات لم تشهد السلطنة مثيلا لها من قبل ولقد تخللت تلك الإعتصامات أحداث تخريب وتعطيل للسلطات ,وتم تجريم أكثر من ثلاثة وعشرين شخصا على خلفية هذه الإتهامات.

في الخامس عشر من ديسمبر من عام 2011 قام هؤلاء المدانون بإضراب مفتوح عن الطعام دام ستة وأربعين يوما لم ينتهي إلا بعد أن تم مقابلة لجنة حقوق الإنسان والمفتش العام للشرطة والجمارك وكان من المطالب الأساسية البت في الطعون من قبل المحكمة العليا والعفو من سلطان البلاد.

في هذا التقرير نسلط الضوء على التباين الواضح في مدة العقوبة رغم تشابه التهمة في قضايا الإعتصامات وما شابها في قضايا كل من جعلان وعبري وصحار.

أولا: في قضية جعلان رقم (19/2011) (الدائرة الجنائية ) ورقم (124/2011م) الإدعاء العام التي حكمت فيها محكمة الاستئناف بصور برئاسة القاضي ع ع س الهاشمي والتي كان نص حكمها في الصفحة 17 التالي:

– إدانة المتهم الخامس بجناية منع السلطات من ممارسة وظائفها باستعمال القوة وسجنه من أجلها مدة سنة.

إدانة المتهم الثالث عشر بالإقدام قصدا على إحداث تخريب في المنشآت العامة وسجنه من أجلها مدة ستة أشهر وتغريمه للحق العام بمائة ريال.

وبالنظر أيضا إلى قضية عبري رقم (29/2011م) بدائرة محكمة الجنايات والمقيدة برقم (234/ق/2011م) إدارة الادعاء العام بالظاهرة برئاسة القاضي م ع ن الفارسي والتي كان نص حكمها في الصفحة 34 التالي:

– إدانة المتهمين المذكورين ويبلغ عددهم إحدى عشر متهما بجناية منع السلطات من ممارسة وظائفها وحجزهم لحرية الموظفين ومنعهم من الخروج وقضت بالسجن ثلاث سنوات.

وبالنظر أيضا إلى قضية صحار رقم (70/2011م) بدائرة محكمة الجنايات والمقيدة برقم (47/ق/2011م) إدارة تحريات الباطنة برئاسة القاضي س ح السيابي والتي كان نص حكمها في الصفحة 33 على التالي:

– إدانة المتهمين المذكورين ويبلغ عددهم سبعة بجناية منع السلطات من ممارسة وظائفها وقضت بالسجن خمس سنوات.

بالنظر إلى هذه القضايا الثلاث يلاحظ التباين الواضح في العقوبة وتناهز فترة السجن من سنة إلى خمس سنوات مع أن التهمة واحدة ألا وهي تعطيل السلطات مع الأخذ في الاعتبار الفروق التالية:

  • متظاهروا صحار لم يحجزوا موظفين ولم يحدث أي تخريب من قبلهم, ومع ذلك هم نالوا أشد العقوبة.
  • الأحداث في صحار حدثت تحت مرأى عين وسمع الشرطة والجيش الذين كانوا يحيطون بالمكان ولم يتدخلوا لوقف هذا الأمر ومع ذالك نالوا أشد العقوبة.
  • الأحداث في عبري تم التدخل فيها من قبل الشرطة وتم توجيه أمر بالتوقف كما حدث في قضايا أهل عبري بالإشارة إلى شهادة ضابط الشرطة واستخدامه الميكرفون ومع ذلك نجد أن الحكم الأشد جاء على متظاهري صحار بخمس سنوات سجن.
  • متظاهروا صحار لم يقيدوا حرية أية موظف ولم يعتدوا على أي فرد كما أنهم لم يمنعوا خروج أي موظف ومع ذلك كان الحكم الأشد بالخمس سنوات لمتظاهري صحار!
  • التباين الواضح في مدة العقوبة بين قضية متظاهروا عبري” ثلاث سنوات” بينما الإكتفاء بسنة واحدة فيما يختص قضية متظاهروا جعلان مع أن التجريم والتسبيب متشابه بشكل كبير.

إلى ماذا يوعز هذا التناقض الكبير, وهل سيصحح حكم الطعن هذا التناقض, ننتظر ذلك في قادم الأيام.

العدد الثالث والعشرون سياسة

عن الكاتب

سلطان السعدي