هكذا تبدو الحقيقة !

فضفاضة

فضفاضةُ هي الحقيقة عندما نبصرها من علِ ؛ تستوعب كل الزوايا ، تتضخم ناصيتها لتكون رأي الصديق وعدوه والزاوية خاصتنا وعداها من الزوايا . يصبحُ لون الحقيقة متناهي مع غوغائية الجميع . لا يقين في قعر الحقيقة نلمسه فنسكتُ شبح الظن المستأسد في أعماقنا . منتهى الحقيقة عندي ربما انعكاسه منتهى الكذب عندك والنقيض يتساوى كذلك مع كل الاحتمالات! دعني لأصب احتمالك في كأسي حتى لا أتوه في احتمالي الوحيد ، ربما الإيمان بأن الحقيقة متوارية في الغالب ، وربما الخوف من قُصر بصيرتنا ما يجعلنا نفتح أرواحنا ،وبصائرنا على كل الاحتمالات … سأكذبني كثيراً إذا ما رفضتُ وجه الحقيقة كما يراه الآخر وأنا التي تؤمن بأن أفق بصيرتها سقفهُ دون انكشاف الصورة بزواياها المختلفة. وعلى الجانب الآخر تجذبني ثيمة الذات التي تأبى إلا وأن يكون لها نصيباً من صبغ لوحة الحقيقة !

انعكاسُ للاحقيقة !

الحقيقة القابعة في رأسه هي تماماً اللاحقيقة في جمجمة الآخر !

كم هي مشهدية متناهية في سخريتها– الأثنان قاصرو البصيرة . تهمسبصيرة في الجوار – بينما التناحر يقود مسيرة الأثنان ؟!

من قال أن الحقيقة ما نعتقد ؟! من أين نأتي بالاعتقاد الجازم … كيف يكون اعتقاداً لا ثاني له إذا كنا لا نرى إلا من زاويتنا وحسب !

الحقيقة واحدة … وكل واحد منهم يحاول حجبها ليدعي بأن رأيه هو الصواب  !

إلحاد

الحقيقة أطهر من غوغائيتهم لذا آمن بها وكفر بما سواها، فصرخوا : ملحد!

نُبقيها غافية حتى لا تُخدش كرامتنا

لم يقولوا وسمعتُ ضجيج أعماقهم … الحقيقة حسناء غافية نعلم مكانها ، وسيرتها ، وكل تفاصيل حياتها ولكننا نتجاهلها !

لماذا ؟

كي لا تشوه حقيقتنا نحن !

مفضوحة هي الحقيقة بداخلنا.  ضمير مستتر على استحاء على واقعنا ، ومجرد من ذاته الثكلى على واقعه . فنحن نشتهي الحقيقة  ولو كانت طيف رائحة تستيقظ ثم تخبو …

نفاق

ننافق الواقع فنؤمن ببعض الحقيقة ونكفر ببعضها الآخر وندعي أننا للحقيقة أئمة ورهبانا !

حقيقة الحياة : فعل ناقص . ناسخ . باهت

 ناقص هو فعل الحياة ؛ لأننا نمارسها دون الحقيقة التي ينبغي – الحقيقة القابعة في أحشائنا – ،نواري الحقيقة كسوأة نخجل من أن نفصح عنها. نتناساها. ولا تنسانا. نمثل وجوها عدة لنقيضها ولكنها تبقى ساخنة في داخلنا … تثور !

ناسخُ هو فعل الحياة ( اللعين ) ، روتينيّ مقرف ، ومثير للغثيان … يحتاجُ ليصحو ضمير آدمي تلسعه الحقيقة. تحرقه؛ فيدركُ بأنه طائراً ، لا بأس من أن يحلق خارج السرب إذا ما أبصروجهة جديدة ؛ ليطير إليها، وويلٌ له أن ظل مع القطيع  يكرر غثاؤه القبيح .

باهتُ فعل الحياة دون سطوع الحقيقة ، دون فعل يحييها فينا ، ميتة فينا الحياة يا حياة .

تُصيبنا بالقزم !

متداعٍ السور وعلى وشك السقوط ، ذلك السور الذي شيدناه ؛ ليعمي بصائرنا عن الحقيقة سيسقط يوماً ويصدمنا، لطالما شعرنا بالخزي ونحن نتجاهل صوت الحقيقة التي تنوح بداخلنا … حينما يسقط – عما قريب – ستسقط الأقنعة  ونعرف كم نحن أقزام !

من دونها لذة الصفاقة

البعض يستلذ دون الحقيقة ، ويستند على الأكاذيب بطمأنينة ساذجة ؛ لأنه يخشى فتنة الحقيقة! الفتنة التي ستكشف الفجر وتدك دياجير الظلام . تخيفه !

إذن لا بأس من فعل الحياة الناقص . الناسخ . الملعون .

ونصيحة  أخيرة … ليدفن نفسه فذلك خيراً له من أن يكلف الآخرين مواراة جيفته النتنة .

حقيقة ماهيتها

الحقيقة شفافة . طيبة . دافئة لا لون ولا رائحة ولا طعم لها سوى آدميتك . إن أخبروك بغير ذلك فقد كذبوا عليك .

الحقيقة ليست صورهم الزائفة . ليست لون مذاهبهم ولا الطعم الذي يستسيغون .

متاهة

الحقائق تتشابك كلولبات متناهية الصغر، متشابكة نهاياتها وبداياتها، ومركزها كجب عميق لا قرار له ؛ لذا تحتاج لفارس مغوار. كقطز .كدون كيشوت ؛ كي يغامر بفك أسرها، الحقيقة ليست لعبة عشواء ولكنها قوة عاتية حينما تقرر أن ترمي نفسك في ساحة معركتها عليك أن تكون على استعداد لتحمل كل نتائجها. فهي قد تكلفك حياتك المزيفة / وتهب لك حياتك الحقيقة !

و يا للمفارقة الغريبة أن تكون هي ذاتها / أي الحقيقة ، واهبة وحارمه في ذات الوقت .

فهي تسلبك حياتك التي تزعم أنت أنها حياة في حين تمنحك حياة حقيقة لا ستار يخفي خلفه قوى تحركك كأرجوزة غبية !

ولذا فقط من كرهوا الحرمان قرروا أن يستنجدوا هبة الحقيقة .

نفيسة لذا الثمن باهض

سماسرة الحقيقة كُثر والسواد الأعظم منهم مرابون ودجله . وأنت آدميتك ساخنة ولم يتنجسُ فؤادك بالخبث بعد … طريقك طويل وتحتاج أن تصلي كثيراً لتصل . تحتاج أن تربي قلبك ؛ كي يُبقي على آدميته وطهارته في حين أن كل ما يتدفق من الجوانب إلى شرايينك مياه آسنة ومياه مجاري عدا ساقية عذبة غريبة و وحيدة تتدثر في محرابك.  ستتعب. ولكن حسبك وإن خانك عمرك في الدرب إلى هناك فأنت منتصر / حر .

مغيبة؛ لتضارب المصالح

آدميتنا تبرد بالمصالح ولكنها لا تموت .

بعض عباد الرب تخونهم ضمائرهم ، فيحاولون تغيير لون الحقيقة لكن ذلك لا يعني ألبته أنهم أبالسة. تطوقنا المصالح تلبسنا الحرير ونغلو في انغماسنا ضد الحقيقة. يتباهى بنا الأبالسة لكنها مجرد لوثة عابرة ، تلعب بأحجية المكر والمفر / الرواح والغدو ما لم تتمكن منا … وحالما نأوي إلينا ونتعرى أمام أرواحنا ندرك تماماً بأننا ملوثون / لا نشبهنا !

ولكن – لنضع نصب أعيينا – إن داومت اللوثة على الانتصار علينا فهزمتنا وتمكنت منا . فسلام علينا وعلى رفات طهارتنا الذي كان .

اختبار

الله يعلم حبنا للحقيقة وضعفنا في السبيل إليها، أرضنا تتشابه ولكن مآربنا تختلف ، ونبقى آدميون. لا أبالسة بيننا / لكن الأبالسة داخلنا !

حِكم الرب مستترة / كامنة بالركن الجواني من صدورنا – يرتل المؤمنون -.

الحقيقة ليست ما نريد .

ليست ما نشتهي .

لا وجوه عدة لها .

لها وجه واحد فقط !

صراع أبديّ

في الميثولوجيا وفي الفانتازيا فقط يصل البطل الأسطوري لنهاية .

فقط هناك .

هنا حيث الدُنيا، لا الخيال ولا الحياة العُليا / الخالدة… سنبقى في صراع دونها!

السلف لم يدركها وإن ظن غير ذلك . وها نحن نواصل بحثنا عنها …

سر 

فقط استفتي قلبك ومن ثم وجه بوصلة روحك وصلي لله واسأله أن يجندك لها .  إن كنت لا تريد أن تدنس آدميتك.

وتذكر: الوطن الأول لا يليق إلا بالأطهار .

أدب السابع والعشرون

عن الكاتب

مريم العدوي

كاتبة عمانية