فيلم “نخبة القتلة” و اكبر معركة في حرب ظفار!

غلاف فيلم نخبة القتلة

 أخيرا وصلت إلينا هوليود! ففيلم Killer Elite (نخبة القتلة) الذي صورته ستديوهات ينيفيرسال الامريكية تدور أحداثه بين عمان و بريطانيا  حيث يتكرر ذكر عمان و مرباط و معركة مرباط. و يدعي الفيلم انه يستند الى وقائع حقيقية و هو في الواقع يستند على كتاب السير رانولف فاينس المثير للجدل (رجال الريش) الذي يعد حاليا عملا من أعمال الخيال و ليس كتابا تاريخيا. و كان فاينس قد خدم في كتيبة مسقط كضابط معار لقوات السلطان المسلحة بين عامي 1968-1969 من حرب ظفار و نشر مذكراته عن هذه الخدمة في كتابه Where soldiers fear to tread ، (حيث يخشى الجنود من المسير). و قد أهداني نسخة من كتابه هذا أرسلها لي من بريطانيا اثر لقائنا في صلاله عندما أجريت معه مقابلة لتلفزيون سلطنة عمان عن بعثة استكشاف كان يرأسها و هي البعثة التي تمخض عنها الكشف عن موقع الشصر الأثري وبار الذي يقع على بعد  140 كيلومترا شمال مدينة صلاله.

و حتى كتابه هذا لا يخلو من النقد فالحادثة الرئيسية فيه لا يوجد لها ذكر البتة في مذكرات قائد كتيبة مسقط في الفترة نفسها العقيد (بيتر تويت) التي عنوانها Muscat Command ، (قيادة كتيبة مسقط). فأن يقوم فصيل من الكتيبة بقيادة فاينس نفسه بنصب كمين على مقربة من ستين مقاتلا من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير عمان و قتل قوميسار ( مرشد سياسي) رفيع المستوى و أن يغنم ما معه من أوراق يتبين لاحقا أنها ذات قيمة استخباراتية عالية أقول ما كان ذكر هذا ليفوت على العقيد تويت و هو قد ذكر ما دون ذلك من أحداث.

يحكي فيلم (نخبة القتلة) عن شيخ ظفاري يدعى أمير بن عيسى قتلت القوات البريطانية الخاصة SAS ثلاثة من أولاده في حرب ظفار ، احدهم قتل في معركة مرباط،  فيستأجر قاتلا محترفا لقتل ثلاثة من القوات البريطانية الخاصة يظن أنهم قتلة أولاده  فيقتل الأول في عمان و يقتل الثاني في بريطانيا فتتنبه له منظمة سرية تدعى رجال الريش مهمتها حماية رجال القوات البريطانية الخاصة فيقع في أيديهم بعد ان يجرح الثالث و هو رانولف فاينس نفسه! في النهاية يقوم عضو من رجال الريش بقتل أمير بن عيسى في بيته في عمان.هذا و قد صورت مشاهد عمان في دبي.

يختلف الفيلم عن كتاب فاينس في بعض التفاصيل. فعلى سبيل المثال في الكتاب أن الذي استأجر القاتل ليس شيخا ظفاريا بل تاجرا من دبي قتل ابنه في حرب ظفار  كما أن فرقة الاغتيالات في الرواية كانت خلية من الشيوعيين العرب تدعى the Clinic العيادة.

معركة مرباط

 

المنزل الذي تحصن فيه رجال القوات البريطانية الخاصة

وقعت معركة مرباط صبيحة 19 يوليو 1972 و شارك فيها من جانب المتمردين 280 مقاتلا بينهم امرأة تدعى فاطمة العمري قتلت لاحقا في كمين نصبته دورية من دوريات الفرق الوطنية قريبا من مدينة سدح.و قد تم حشد هذه القوة من مناطق مختلفة من السلسلة الجبلية التي كانت آنذاك تحت سيطرة مقاتلي ما كان يسمى بالجبهة الشعبية لتحرير عمان.

كان مقابل هذه القوة تجريدة من كتيبة جندرمة ظفار متمركزة في القلعة (البرج ) و تسعة من القوات البريطانية الخاصة متمركزون في احد البيوت القريبة من الحصن و عسكر الوالي المتمركزون في الحصن  و أفراد الفرقة الوطنية إضافة الى أفراد وحدة امن المدينة (الأمن ).

و مع طلوع شمس ذلك اليوم كانت جميع مجموعات الهجوم متموضعة استعدادا لبدء الهجوم حيث شن الهجوم من الشمال باتجاه حصن الوالي و القلعة (البرج ) و البيت الذي اتخذه أفراد القوات البريطانية الخاصة مقرا لهم  و شن هجوم من الشرق باتجاه مقر الفرقة الوطنية و متراس وحدة الأمن. و قد بدأ الهجوم بداية سيئة حيث أخطأت قنابل مدفعية المتمردين المتمركزة شمال المدينة أهدافها و سقطت على القوة المهاجمة من الشرق فقتلت و جرحت خمسة و عشرين مقاتلا.و الغريب أن القوات المهاجمة كلها لم يكن معها أي أجهزة اتصال لاسلكية. القوة المهاجمة من الشمال نجحت في تسور سور الأسلاك الشائكة و الاقتراب من القلعة (البرج) مسافة إلقاء القنابل اليدوية.

 

جاء الرد من صلاله سريعا حيث قامت طائرتان هيلوكبتر في طلعتين بإبرار ثمانين عنصرا  من القوات البريطانية الخاصة شرق المدينة حيث واجهوا مقاومة عنيفة من المقاتلين المتقهقرين فقتلوا ثلاثة منهم  و جرحوا ثلاثة خلفوا في ارض المعركة. لاحقا قامت الطائرات الحربية  طراز سترايك ماستر بالإغارة على المتمردين في الأرض المكشوفة مستخدمة الرشاشات الثقيلة و صواريخ سورا. كما قامت طائرة نقل من طراز سكاي فان بإسقاط عتاد و ذخيرة بالمظلات للقوة البريطانية الخاصة قريبا من البيت الذي تحصنوا فيه .

صورة جوية لحصن الوالي و بيت القوات البريطانية الخاصة

خسرت القوات الحكومية 26 قتيلا من بينهم اثنان من عناصر القوات البريطانية الخاصة عند متراس المدفع عيار 25 رطلا بجوار القلعة (البرج) أحدهم كان يذخر المدفع  بمفرده و يطلقه مباشرة باتجاه القوة المهاجمة بعد أن أصيب المدفعي العماني وليد خميس إصابة بالغة نجا منها.

هذا المدفع يعرض حاليا في بريطانيا في متحف المدفعية الملكية في (وول وك).

أما القوات المهاجمة فقد خسرت 29 قتيلا خلفت جثامينهم في ارض المعركة  و قد نقلت هذه الجثامين لاحقا على متن طائرة نقل سكاي فان الى صلاله حيث عرضت للجمهور في الساحة التي كانت تفصل بين قصر الحصن و السوق القديم. كما وقع 11 متمردا في الأسر بعضهم جرحى . و خلف المتمردون في ارض المعركة عتادا و ذخيرة. و نجحوا في إخلاء 25 جريحا أثناء انسحابهم بعضهم عولجوا في المستشفى العسكري في عدن في اليمن الجنوبية آنذاك التي كانت قاعدة لوجستية للجبهة الشعبية لتحرير عمان. و بخلاف ما ذكره اللواء انثوني جيبز   في كتابه SAS Secret War (حرب القوات البريطانية الخاصة السرية) لم يتوف أي من الجرحى الذين تم إخلاؤهم أثناء الانسحاب في حين يخمن جيبز ان نحو خمسين جريحا قد توفوا في الجبل جراء إصاباتهم و هو ما لم يحدث.و استنادا عليه تدعي الصفحة عن معركة مرباط في موسوعة ويكيبيديا ان عدد المتمردين الذين قتلوا كانوا ثمانين و أن المعركة كانت بين تسعة من القوات البريطانية الخاصة و ثلاثمائة مهاجم!

مدفع 25 رطل الذي استخدم في معركة مرباط

بالإضافة الى كتابه (رجال الريش) ألف  رانولف فاينس 18 كتابا منها كتب أدبية و أخرى غير أدبية. من بينها كتابه Atlantis of the Sands: The Search for the Lost City of Ubar  (اطلانطس الرمال: البحث عن مدينة اوبار المفقودة). و هو يتحدث عن آثار الشصر التي تقع مسافة140 كيلومترا شمال مدينة صلاله .

ملاحظة: ينشر بالتزامن مع جريدة الوطن.

السابع والعشرون سياسة

عن الكاتب

محمد عبدالله العليان

إعلامي عماني و عضو الرابطة الدولية للكتاب العلميين ISWA