الأسبوع الماضي شهد أحداث الفيلم المسيء لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مع الذكرى ال11 لتفجيرات سبتمبر في أمريكا، وهي فترة قصيرة لا تسمح بظهور الحقائق كاملة عن الموضوع خاصة أن هناك تكتما شديدا من قبل الإدارة الأمريكية على تفاصيل التحقيقات، إلا أن هناك إشارات من هنا وهناك تشير إلى أن هناك شيئا ما قد أخفي عن الناس الذين طرحوا الكثير من الأسئلة حول تلك التفجيرات، من ذلك مثلا هل يُعقل أن تتم تفجيرات كتلك في دولة متطورة أمنيا مثل أمريكا دون أن تكون على علم بذلك؟ وهل أن تنظيما مثل القاعدة باستطاعته أن ينفذ عملية كتلك دون مساعدة من الجهات الأمريكية نفسها؟ هذا بخلاف الكثير من الأسئلة مثل التساؤل حول من هو المستفيد من العملية وهو السؤال الأول الذي يجب أن يطرحه المحققون حول أي جريمة!
ترى “سوزان لينداور” العميلة السابقة لوكالة الإستخبارات الأمريكية في حديث متلفز عبر برنامج “من الداخل” في قناة الميادين أن أمريكا استخدمت أحداث ال11 من سبتمبر لتبرير حربها على العراق، وأن الإستخبارات الأميركية كانت على علم مسبق بهجومٍ وشيك على مركز التجارة العالمي في نيويورك وأن سيناريو الهجوم كان معلوماً بالنسبة لهم، وتؤكد أنها كانت ممن أطلقوا إنذارات مُسبقة بشأن الـ11 من سبتمبر، وأنها عرفت بشأن الهجوم قبل 6 أشهر عن طريق مديرها في وكالة الإستخبارات الأميركية “د.ريتشارد فيوز” الذي قالت إن لديها سببا وجيها يجعلها تعتقد أنه عرف بالأمر من إسرائيل، وترى أن الهدف الأساسي لعدم التحرك الفعلي لإيقاف التفجيرات هو النية المبيتة لغزو العراق والقضاء على قوته، مؤكدة أن العراق كان يحاول التعاون لكن الرئيس بوش الإبن لم يرغب بأي تعاون عراقي، وأن ذلك كان أمراً حاقداً وشريراً بالمطلق لأن بوش “كان على استعداد للتضحية بحياة المواطنين الأمريكيين وبحياة مواطني أي بلد حول العالم في هذا الهجوم لأنهم كانوا قد قرروا أنه في حال كانت الأضرار أكبر حجماً وكان هجوماً كبيراً بما يكفي سيُتيح لهم ذلك بعقلنة عملية جرّ العالم بأسره في حرب ضد العراق وكان قرارهم بذلك مبتوتاً به”.
وتذكر لينداور أن موضوع التفجيرات كان محل بحث في كل إجتماعات الإستخبارات خلال تلك الأشهر وأن درجة اليقين بحصول الهجوم دفعتهم إلى تجنب زيارة نيويورك، وعرضت لحوار بين الرئيس بوش ورئيس عمليات وكالة الإستخبارات الأميركية “ريتشارد كلارك” في ال6 /8/ 2001، والذي سلم بوش مذكرة تصف هجوم الـ11 من سبتمبر (قبل حدوثه)، حيث ألقى بوش بالمذكرة جانباً، قائلاً: “الآن وقد برّأت ساحتك، ألست سعيداً بذلك؟ فلنذهب ونلعب الغولف”. وأكدت لينداور أن إيقاف الهجوم كان ممكناً وسهلاً، ورأت أن حدوثه كان نتيجة مزيج من “غض النظر” من قبل الإدارة الأميركية وبين التآمر.
وتذهب لينداور إلى أبعد من ذلك عندما أعربت عن إعتقادها أن الهجوم كان أشبه بخدع الساحر، حيث أن الجميع ينظر إلى الطائرات التي تُحلّق فوق المياه وترتطم بالأبنية، بينما كان الفعل الحقيقي الذي دمّر الأبنية بواسطة التحكّم عن بعد وبمتفجرات زرعت في المبنى كاشفةً عن تردد شاحنات غريبة إلى مركز التجارة العالمي ونقلها قنابل حرارية تُنتج حرارة عاليةً جداً وتحترق بشدة لدرجة أن بإمكانها أن تصهر الفولاذ، وآثارُ القنبلة الحرارية تلك قد عثر عليها في الغبار الذي جرى جمعه، وقد أدى تفجيرها فيما بعد إلى استمرار الحرائق في المبنيين بعد انهيارهما 4 أشهر كاملة، وتشير إلى نقطة هامة أخرى وهي أن الموساد الإسرائيلي كان على علم بالهجوم، وأن محمد عطا (أحد منفذي الهجوم) كان عميلاً لوكالة الإستخبارات الأميركية، مؤكدة أنها مؤامرة حيكت وصنّعت في أمريكا.
لقد جاءت شهادة “سوزان لينداور” متطابقة مع معلومات أخرى نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية يوم الخميس الماضي في مقال كتبه “كورت برونستاين” وهو مؤلف كتاب “500 يوم – أسرار وأكاذيب في حروب الإرهاب” حيث أكدت مصادر أمريكية أن الرئيس بوش تلقى يوم 6/8 وثيقة بالغة السرية تؤكد أن تنظيم القاعدة سيشن هجوما قريبا علي الأراضي الأمريكية ولكنه أهمل هذا التحذير، وأن الإدارة الأمريكية اعتبرت الوثيقة التي أكدت الهجوم الوشيك علي أمريكا مجرد تهديدات عابرة ولم تأخذها مأخذ الجد، وأن ابن لادن “المهووس” بالاستعراض يخطط لضرب أمريكا لتشتيت الإدارة الأمريكية وصرف انتباهها عن صدام حسين.
وسواء كان الهجوم على أمريكا بمؤامرة داخلية – وهي فرضية لا ينبغي تجاهلها -، أو كان إهمالا من الإدارة الأمريكية – وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها – فإن المسألة كان يجب أن لا تمر بتلك السهولة التي مرت بها، إذ لم نر من يحاسب المتسبب في ذلك التقصير بما في ذلك الرئيس بوش نفسه والذي تضافرت كل الآراء لتظهره كمشارك في تلك المؤامرة أو كغاض طرفه عنها قبل حدوثها، لذا ترى “لينداور” أن أمريكا مستعدة لمعرفة الحقيقة عن الـ11 من سبتمبر إلى حدٍ معين، لكن الفكرة وراء كون حكومة الولايات المتحدة قد فعلت ذلك بنفسها أمرٌ يزعج الأميركيين بعمق، حتى أنهم أحياناً يستشيطون غضباً إن وضعت الحقائق أمامهم ويشعرون بانزعاج شديد.
ويجدر بي أن أشير أن “سوزان لينداور”, دخلت السجن بحجة أنها عميلة للعراق أيام الرئيس صدام حسين قبل أن تبرأها المحكمة من تلك التهمة، لأنها كانت ضد الحرب وكانت تعلن عن رأيها صراحة، وهناك مقابلة مطولة معها في “اليوتيوب” تشير فيها أنها طوردت واعتقلت وسجنت دون أن يسمح لها بالدفاع عن نفسها ولا مقابلة محاميها، ثم اتهمت بأنها تعاني من اضطرابات عقلية.
إن الحقائق ستتكشف يوما ما وستكون معروضة للجميع ولكن للأسف بعدما يكون العرب قد دفعوا ثمنا غاليا لثقتهم في أمريكا ولتبعيتهم الكاملة لها أو لسذاجتهم، ولا يستطيع أي قاريء متابع ومنصف إلا أن يقول إن الأمة العربية تدفع الآن الثمن الغالي لتلك التفجيرات فقد أصيبت في مقتل، وها هي السلسلة تستمر وتتواصل من تدمير العراق إلى كل ما يجري الآن من إضعاف للأمة حتى تنفرد إسرائيل بالساحة وقد انفردت بالفعل.
وفي أمر التاريخ هناك أحداث تقع ويخفى على الناس حقيقتها حينها إلا أن التاريخ يظهر ولو بعد حين ما خفي عنهم، ولعل الموقف الحالي فيه بعض التفاصيل، فقد صدر كتاب عن دار الجمل للألماني “ماتياس بروكرز” تحت عنوان ” المؤامرات، ونظريات المؤامرة، وأسرار 11 سبتمبر” ذكر فيه أحداث ال 7 ديسمبر 1941 حيث وقع فيه هجوم ياباني مفاجيء كالصاعقة على قاعدة بيرل هاربر الأمريكية، وذهلت أمريكا لهذا الهجوم، واليوم يؤكد المؤرخون بعد اطلاعهم على الوثائق أنّ الرئيس “روزفلت” علم بأمر الهجوم قبل وقوعه، بل إنّه استفز اليابانيين للقيام به، إذ كان حريصًا على دخول الحرب العالمية الثانية، بينما كان أكثر من 80% من الأمريكيين قبل الهجوم يعارضون دخول الحرب، بمعنى أن الرئيس روزفلت استفاد من ذلك الهجوم لتحقيق مآربه ومآرب السياسة الأمريكية في ذلك الوقت، والشيء نفسه حدث في 11 سبتمبر 2001 حين وقع هجوم غامض مفاجئ بالطائرات على مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاجون في واشنطن، الأمر الذي أثار غضب أمريكا، وفور الحادث مباشرة أُعلن أنّ “أسامة بن لادن” وجماعة “القاعدة” هم المسؤولون عن الهجوم، وأعلن بوش حربًا عالمية ضد ما أسماه بالإرهاب الدولي، وهي حرب لم تكن تجد مساندة قبل ذلك، ونحن اليوم قد نقيس قصة الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم بالقياس نفسه بما حصل في قاعدة بيرل هاربر وما حصل في نيويورك واشنطن.
Zahir679@gmail.com