(1)
في منتصف الخشبة
وحيدةً كانت تبدو
كقمرٍ في طوق نجاة
بين كل الغارقين
الذين لم يلحَظ أحدهم
أنها كانت محض دميةٍ مُعلقة
بخيط العنكبوت
(2)
كان وجهها ريشة
من ذيل طاووس
تُنافس الهواء
على اجتذاب الأنفاس
ثم تتابع سَيرها على الأرض
بقدميّ مالك الحزين
(3)
ذات ليلة
حين ضحِك المرمرُ عَلى خدّها
و برَق اللجينُ في عينيها
فقدت قدرتها على التمييز
بين قمر الأعالي
و حَلقة المَعدن الفضية
حول سَاق الصبيّة
التي سبقتها بخطوة
(4)
أخذت تنقضُ غزل الجذور الشائكة
بين الوردة و السّكين
فطالبتها الأرضُ
التي لم تحظَ بصكِّ ملكيتها
بـ ديّة البُرعم المَيت
(5)
بين الستارة و النافذة
كانت أصَابعها
تُحاكي في الفراغ
رقصَة الفراشة
بينما تتعثر موسِيقى القلب
بحفيفِ السّدرة
التي نبتت مَحل قدميها
(6)
روَت لعُصفورِ النافذة
الفصول الناقصَة من سَرد الغياب
سقتهُ ندى الفراغات الصغيرة
في شقوق الغيمة
قبل أن تُمطر
فكان العُصفور حُضورها الحُر
في غيابها المُتماهي مع البَعيد الأبعد
(7)
تُرخي حبل “الضرورة الحتمية”
عَن عنقها لوهلةٍ
تنصِت للمَرة الأولى
إلى تنهيدةٍ
تجر حرفها المُوسيقي الأخير
إلى قاع السُلّم
حيث الأنا الغارقة
في ثُمالة الروح
تُراقصُ السّماء
بكل ما أوتيت
من ظمأٍ و بُكاء
(8)
لم تكن الجذور و الحِبال تدرك معنى
أن تكون طِفلة المشيئة المُدللة
أن تكون الهِبة و الهَباء
أن لا تجسِر على كسْر سقفِ المسرح
الذي كانت فيه الدمية المعلقة
بخيط العنكبوت
(9)
في نهَاية المسرحيّة
لم يكن خيط العنكبوت يُبصر
كيف تُصافحهُم
و يمرّ جُرحها النازف
على جلودهم
دون أن يُلوثها بنقطة دمٍ
و كيف تعَانقهم
دُون أن ينفض ذراعَاها الشاسِعان
ذرة غبارٍ واحدة من على أكتافِهم
و كيف يغيب صوتها المبحوح
بين ضجة أكفهّم المُصفقة لها
و صليل أصفادهم المُتكالبة عليها.