هل سنرى الرئيس مرسي في القفص ..؟

يبدو أننا أمام حدث تاريخي كبير إذا لم تتم التغطية عليه ووأد القضية برمتها حتى لا تكبر وتطال رؤوسا كبيرة أو تتشابك مع مصالح الدول الكبرى، والقضية ببساطة هي ظهور تفاصيل عملية “الكربون الأسود” بقوة الآن في مصر، بعد أن ظلت لسنوات مغيبة عن الناس، ولكن كما يبدو فإن الكشف عن تفاصيل هذه العملية سيُظهر حقائق مروعة وصادمة للمصريين وللإخوان المسلمين بل وللعرب أجمعين، وكما يرى الكاتب “حسنين كروم” فإن من يتابع بدقة ما يحدث وما ينشر عن العملية وردود الأفعال من كل طرف، سوف تتكشف أمامه ملامح الصورة، وهي باختصار أن قادة جماعة الإخوان سيكونون في الأقفاص التي يشاهدون فيها الرئيس “مبارك” وقادة نظامه وباتهامات أشد خطراً وهي الخيانة والتواطؤ مع جهات أجنبية، وهو ما سيؤدي إلى تدمير حقيقي  لسمعة الجماعة أمام رجل الشارع العادي الذي وثق بها.

وتفاصيل العملية تتعلق بالمهندس المصري “عبد القادر حلمي” الذي تخرج في الكلية الفنية العسكرية عام 1970، وتخصص في أنظمة الدفع الصاروخي وحصل في هذا التخصص على درجتي الماجستير والدكتوراة في تطوير هذه الأنظمة، هذا العالم المصري الذي عالج الخلل في منظومة الدفع الصاروخي لمكوك الفضاء “ديسكفري” وشارك في تصنيع وتطوير قنابل الدفع الغازي، وهي بمثابة قنابل نووية تكنيكية ومن دون تأثير إشعاعي، عندما فكر المشير الراحل “محمد عبد الحليم أبو غزالة” وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية في تطوير قدرات قواته، من خلال مشروع طموح لإنتاج الصواريخ الباليستية، اختار العقيد “حسام خير الله” الملحق العسكري بالنمسا للإشراف على الشبكة الاستخباراتية للحصول على المعلومات، وأيضاً اختار العالم المصري ابن المؤسسة العسكرية د. “عبد القادر حلمي”، الذي كان يعمل بشركة “ببلدين” الدفاعية بولاية “كاليفورنيا”، وكانت العملية تحت إشراف المشير “أبو غزالة” شخصيا، وقد نجح د. “حلمي” في الحصول على نسخة كاملة ونهائية من برنامج منظومة وتوجيه الصواريخ الباليستية، وكانت المشكلة كيف يمكن الحصول على مادة “الكربون الأسود” التي تقوم بتعمية أنظمة الرادار لتُحوّل أي صاروخ إلى شبح في الفضاء لا يمكن رصده، وتقلل احتكاك الصاروخ بالغلاف الجوي بنسبة 20% وبالتالي ترفع من الأداء القتالي، لكن د. حلمي استطاع أن يحصل على 460 رطلا من هذا الكربون وتم شحنه إلى طائرة عسكرية مصرية خاصة في المطار الأمريكي عبر سيارات نقل دبلوماسية تابعة للسفارة المصرية.

وتقول التفاصيل إن الخطأ الذي وقع فيه “حلمي” هو أنه وثق بشاب مصري متدين ينتمي إلى جماعة الإخوان، وكان يدرس الدكتوراة في الهندسة بأمريكا، وقدم له كل المساعدات، وكان يُطلعه على نجاحاته وخططه، فإذا هذا الشاب يتجرد من وطنيته من أجل الحصول على مزايا شخصية على حساب وطنه، فيُبلغ المخابرات الأمريكية بخطط د. “عبد القادر حلمي”.

تعتبر هذه العملية واحدة من الملفات المهمة للمخابرات المصرية، بعد أن تمكن د. “حلمي” من دخول أخطر وأهم المؤسسات الاستراتيجية الأمريكية، ونجح في تهريب مئتي كيلوجرام من الألياف الكربونية، التى تستخدم فى صناعة الصواريخ وتمكن من تجنيد العملاء من كبار موظفي صناعة الأسلحة في أمريكا، وكان رقمًا صعبًا فى تطوير مشروع مصري عراقي أرجنتيني لصناعة صواريخ ‘الكوندور’ الباليستية، الأمر الذى اعتبر صفعة قاسية للاستخبارات الأمريكية، ولكن عندما اشتدت الأزمة بعد الوشاية على نشاط د. “حلمي” رصدت المخابرات الأمريكية مكالمة هاتفية صادرة من مكتب المشير “أبوغزالة” وزير الدفاع وقتها ل”حسام خير الله” ضابط المخابرات تطالب بشحن المادة المسؤولة عن إخفاء أي بصمة رادارية للصواريخ وتحولها إلى شبح في الفضاء لا يمكن رصده، على أن يتم شحن هذه المواد دون إبطاء مهما كان الثمن وتأمين الرجال، وقد نجح د. “حلمي” في تحقيق المراد، ولكن كل المعلومات المتوفرة في النت تذكر أن الصدفة تدخلت فانكشف أمره أمام المخابرات الأمريكية بفضل ذلك الشاب المصري الذي أبلغ الأمريكان بالأمر، مما أدى إلى إقالة المشير “أبو غزالة” بطلب مباشر من الرئيس “بوش الأب”، واعتقال د. “حلمي” وفشلت مصر من إتمام أكبر عملية تطوير للصواريخ، وهي عملية كان من شأنها تغيير موازين القوى فى المنطقة لعقود طويلة – حسبما يرى الخبراء الاستراتيجيون -، ( من غرائب الصدف أن يكون هناك تشابه في الأسماء بين المهندس المصري “عبد القادر حلمي” وبين مهندس القنبلة النووية الباكستانية “عبد القادر خان”).

 هناك تفاصيل مذهلة وطويلة ولا يمكن أن تنشر في مقال واحد ولكن على المهتمين بالأمر البحث فقط في النت عن “عملية الكربون الأسود” وسوف يروا عجبا، ولكن موضوعا كهذا يفتح ملفات كثيرة في الوطن العربي، منها كثرة الخيانات والوشايات التي حدثت في الوطن العربي من أبناء الوطن أنفسهم مما أدى إلى تدمير الأوطان، ثم هل مصير كل من يحاول أن يخدم الأمة خاصة في المجال العلمي والتكنولوجي والعسكري يكون مصيره صعبا؟، ومن الملفات التي  تحتاج إلى فك اللغز عنها، قضية وفاة اللواء “عمر سليمان” الذي كانت بيده ملفات هامة وكان يوصف بأنه الصندوق الأسود لفترة حكم الرئيس مبارك، وكذلك ملف سقوط طائرة مصرية مدنية في 31 أكتوبر 1999 وهي قادمة من أمريكا وُقتل فيها 217 شخصا من بينهم 36 من العلماء وكبار العسكريين المصريين، وهو الملف الذي أغلق ولم تظهر نتائجه حتى الآن، لأن الجانب الأمريكي أصر أن مساعد الطيار انتحر، فيما أصر الجانب المصري أن صاروخين أطلقا باتجاه الطائرة المصرية، ومع ذلك ماتت القضية.

إن قضية عملية “الكربون الأوسد” ظهرت إلى السطح الآن وبقوة عقب زيارة قام بها “عبد القادر حلمي” لمصر مؤخرا، بعد ٢٥ سنة قضاها في أمريكا بين السجن 3 سنوات والإقامة الجبرية لمدة 22 سنة، انتهت قبل فترة قليلة، فيما أكد الفريق “حسام خير الله”، وكيل أول جهاز المخابرات العامة الأسبق، الذي كان طرفا في العملية، في حوار تلفزيوني هذه العملية، وقال إن طرفها الثالث كان الشاب “محمد مرسي” الذي وثق به د. “عبد القادر حلمي”، لكن القانون يمنعه – أي الفريق حسام – من الحديث عن أسرار جهاز المخابرات ومؤسسة الرئاسة وشخص الرئيس مرسي.

وأنا بالتأكيد لا أتهم أحدا بالعمالة ولكني أرى أن الواجب الوطني يحتّم الآن فتح ملفات العملاء في الوطن العربي، من رؤساء الدول وبائعي الأسلحة إلى المتنفذين ومن بيدهم القرار إلى أصغر الناس، فالأوطان العربية لم تؤتى في الأصل إلى بالخيانات.

ولكن هل ستنتهي قضية “الكربون الأسود” بسهولة وتمر على الناس مرورا عابرا خاصة أنها تتعلق بشخصية مهمة الآن وبدولة عظمى؟ أو أنها ستكون بداية لفتح ملفات كثيرة مغلقة أسدل عليها الستار؟ فهناك مطالبات كثيرة الآن في مصر لفتح تحقيق رسمي حول تلك العملية لأن أبطالها ما زالوا أحياء بمن فيهم الذي وشى بسر العملية وضحى ببلاده التي أنفقت عليه وأرسلته في بعثة دراسية إلى أمريكا، فهل سنرى يوما مّا الرئيس “محمد مرسي” في قفص الاتهام..؟!

Zahir679@gmail.com

العدد السابع والثلاثون سياسة

عن الكاتب

زاهر بن حارث المحروقي

كاتب وإعلامي عماني
Zahir679@gmail.com