قراءة في ” إستراتيجية الإدارة اليابانية ” ( الجزء الأول )

مقدمة :

“من يقرأ في أطروحة الدكتور إبراهيم عبدالله المنيف, بعنوان “إستراتيجية الإدارة اليابانية”, ليجد فيه خير مصدر للوقوف على حيثيات التفاصيل الدقيقية حول كيان النسق الإداري والإقتصادي في اليابان تاريخيا وإداريا واقتصاديا، ذلك الكتاب , وأسطورة اليابان المتداولة عموما , تدفع بك على المدى لإستقاء والتنقيب عن الخطوط والتفاصيل الدقيقية في “أسرار التجربة اليابانية”…

فهذا البلد العظيم الذي فتَنَ وأبهر الجميع في سنوات وجيزة، بعد انتكاسته الأخير في الحرب العالمية الثانية, وإبادة العدد الكبير من شعبه آنذاك بالقنابل الذرية بمدينتي نجازاكي و هيروشيما كما هو معلوم لدينا ، ظل بلدا إمتهن شعبه السلام, وركن إليه بعد الأحداث الدامية والكوارث الطبيعية التي كانت ولا زالت تفتك به ، حتى يومنا هذا كالزلزال الذي ولّد أمواج تسونامي مؤخراَ، التي أحدثت ضرراً هائلا بمفاعل مدينة فوكوشيما النووي . ناهيك عن الوفيات والدمار الهائل للبنية التحتية هناك .

لنقف على بعض الإرهاصات الموجزة في ملامح التجربة اليابانية, مستعرضين بشكل مبسط الأوجة التاريخية التي حملت بهذا البلد إلى مرافئ النهوض والتقدم الحضاري ولنتطرق للآتي:

بداية نود الإشارة إلى أمر غاية الأهمية في سياقه حين أنه في اليابان تنعدم الحياة الرعوية, وذلك لإنعدام الحيوانات الأليفة كالأغنام والأبقار والجمال، ولم يكن هذا الإفتقار الطبيعي عائقا تنمويا، بل كان وحدة الدفع الرئيس لليابانيين للإستثمار في طاقة العقول والمهارات ,والمواهب البشرية والإمكانات في التركيز على استخدام مهاراتهم ومعرفتهم في زراعة الارض واستغلال المساحة المحدودة لديهم . حيث ساهم ذلك وبشكل مباشر في تكثيف زراعة الأرز بطريقة جماعية .

البارز في السياق ذاته، أن التوجه الإنتاجي لإنتاج الأزر خلق ثقافة على مستوى آخر بارز في صلب الثقافة اليابانية، حيث وبما أنه لا يمكن للعائلة الواحدة إنتاج كفايتها من الأرز لوحدها.  الأمر الذي يتحتم عليها التكاتف مع العوائل الأخرى لإنتاج ما يكفيهم جميعا وإلى وجود فائض احياناً .

مما سبق تولّدت لدى اليابانيين حضارة الإنتاج المكثف ( Mass Production ) منذ آلاف السنين ، والتي نستخلص إنها زرعت في صلب الثقافة اليابانية , وغرست أولى بذورها في أولى مؤسسات التكوين الاجتماعي “الأسرة، الأمر الذي يجعلها قابلة للديمومة والإنتشار في صلب الثقافة الإجتماعية عموما. ويجعلها في ذات الوقت تشكل أول قاعدة استراتيجية إقتصادية للإقتصاد الياباني ومؤسساته.

ولو ألقينا نظرة على طبيعة المكون الجغرافي لليابان (التضاريس، الطقس، المساحة) مقارنة بجيرانها ومعظم الدول الاوروبية الكبرى والولايات المتحدة الامريكية والدول الأخرى كالهند واندونيسيا والبرازيل . نجد برغم المزايا الجغرافية الضئيلة والمعوقة إلا أنها رغم ذلك فهي تعد من الدول الكبرى المتقدمة اقتصادياً. ولنقف على جملة من المحددات الجغرافية والحقائق كالآتي:

1- إن أكبر مشكلة تواجهها اليابان هي أن نسبة ( 12 % ) فقط  من أراضيها صالحة للزراعة.

2- فترة الزراعة تمتد إلى ( 260 ) يوماَ بحد أقصى, وذلك لإنعدام الزراعة في الصيف بسبب الرطوبة .

3-  بالإضافة إلى فترة الشتاء والذي يرافقه أعاصير قوية وهزات ارضية عنيفة وزلازل ، وما تخلفها من خسائر فادحة .

 

هنا يتجلى لنا عمق الفكر الإداري الياباني, حيت نستوضح العلاقة الدقيقة بين هذه المحددات والحقائق الجغرافية المعوقة، وخصائص ومميزات الادارة اليابانية.  حيث أن طبيعة اليابان تفتقر بشكل واضح إلى الثروات الطبيعية وحجم الأراضي الممكن إستخدامها.

وكل هذه العوامل أوجدت لدى اليابانيين الكفاءة والصبر، وعمقت لديهم إتجاههم إلى استغلال الأرض بكفاءة وإنتاجية وقدرة عالية ، آخذين بالإعتبار القلة والندرة بالموارد الطبيعية, فتجسدت حقيقة الرغبة بالبقاء كعامل دافع في سبيل مواجهة الكوارث الطبيعية التي سبق ذكرها .

وعند تفصيل مفردات الكفاءة في أوجه النشاط الإنتاجي الياباني نجد جليا أن معنى الكفاءة الإنتاجية في الثقافة اليابانية يتلخص في الإتيان بشي جديد أكبر من مجموع العناصر المتوفرة ، بالجانب الآخر تعني الكفاءة التشغيلية لديهم الإستفادة من عناصر الإنتاج بأكبر كمية ممكنة . أما الكفاءة بصورة عامة فهي تعني إنسياب العمل بمرونة وسلاسة وكذلك التنظيم والتتابع و الإبداع .

إن الوقوف على الأبعاد الجذرية لهذه التجربة الرائدة والمتفردة، يقتضي منا الوقوف على جملة من الحيثيات التي ساهمت في إبرازها ، ولنتتبع خط ذلك المسار إبتداء من إستعراض بعض تفاصيل التاريخ الياباني..

 

تاريخ اليابانيين :

إذا ما رجعنا للجذور التاريخية لليابانيين فهي تعود إلى العصر المغولي (حيث سمة التشابه في الشكل)، لكن ذلك لا ينفي إرتباط الياباني الروحي، وإنتماءهم التاريخي الإدراكي إلى الحضارة الصينية في عصر الظلام.

إن التطور التاريخي لنظام المركزية الإقطاعية , والتاريخي الانعزالي الذي عايشته اليابان، كانا من أكثر المحددات تأثيرا في الطبيعة السوسيولوجية للفرد الياباني. وصولا إلى ظهور حركة الإصلاح الميجية – نسبة إلى الإمبراطور ميجي – الذي تطلع لبداية عصر جديد سمته الانفتاح اللامحدود على حضارات العالم وثقافاته المتعددة.

ثم جاءت مرحلة الإنتقال التاريخي العسكري وإنتهاؤه , والمرحلة الإستعمارية الأمريكية، لتكون تلك هي الأحداث الفاعلة في رسم ملمح من ملامح النهوض الياباني كما يتضح لنا في معاصره.

ولو نظرنا إلى المرحلة التاريخية الأولى لليابانيين ، فقد توجهوا لإقتباس اللغة والقيم والأعراف والمفاهيم الصينية . وتركزت في النظام الملكي بوجود الإمبراطور على قمة الهرم السياسي والديني و الاجتماعي . كما تم نقل كل ما يتعلق بالأنظمة المتعلقة بالحكومة المركزية من الصين . إلا أن هذه المقتبسات ومع مرور الزمن، تمت عملية توطينها ومواءمتها لتتفق مع الواقع المعاش ومحددات الثقافة الإجتماعية اليابانية

ومن المفارقات أن هذا الاقتباس كان في صالح اليابانيين، كون الصين هي الأكثر تحضراً في عصر الظلام . و أكثر الدول تقدما قبل ألفي عام ، و حسب كتب التاريخ فقد قام اليابانيون بتحويل اللغة الصينية المكتوبة إلى حروف يابانية في القرن التاسع ميلادي .

أما المرحلة التاريخية الثانية ، فتم فيها بناء الإقطاع على النظام الصيني إلا أنه بمرور الوقت ونتيجة للعزلة تحول هذا النظام إلى نظام شبيه بالنظم الأوروبية. بتركيزه على مجموعة محددة من الإستقراطيين الذين يعولون في تحقيق مصدر قوتهم على رجال مخلصين من محاربي الساموراي ، الذين إستمروا للقرن السادس عشر حتى تم تحويلهم إلى مرحلة العسكرة .

ولمزيد من الإيضاح للقارئ فأن هذا النظام الإقطاعي يتمثل في أن يعيش الإقطاعي ستة أشهر في العاصمة طوكيو، وستة أخرى في اقطاعيته.  تاركاً عائلته رهينة في العاصمة تحت رحمة الحاكم المركزي مما تأصل فيهم الاحترام المطلق للسلطة .

و حقق رجال الساموراي السلوك السوي والمثل الأعلى في الإحترام للسلطة وتقسيم المجتمع إلى طبقة عليا من الإستقراطيين ومخلصيهم من الساموراي ومن ثم الفلاحون وفي قاعدة الهرم التجار . كما كان لفشل الغزو المغولي الذي أجتاح الشرق آسيوي في غزو اليابان الأثر الكبير توطيد الثقة والولاء والشعور بالوطنية لدى الساموراي في اليابان .

وجاءت المرحلة الثالثة بظهور حركة الإصلاح والنهضة التي بدأها الإمبراطور ( ميجي ) في القرن الثامن عشر, بعد أن إستعاد سلطته من العسكر الساموراي ، وهي تعد مرحلة أساسية في صياغة التاريخ الحديث لهم بعد إنعزال دام قروناً .

وتم الإنفتاح نتيجة للتقدم التقني في الغرب كظهور السفن البرتغالية التي زارت اليابان قبل حكم الإمبراطور . وفعلاً قامت حركة الإصلاح الميجية وركزت على الإستراتيجية في بناء الدولة . الجدير بالذكر هنا أن قوة الساموراي انهارت عام 1873 ميلادي بعد القرار بمنعهم من اقتناء أسلحتهم من السيوف بلباسهم ، وبدأ التنظيم العسكري استعانة بالغرب مع النزعة في التوّجه لبناء السفن الحربية والصناعات العسكرية المتعددة. و يرجع كثير من المؤرخين أن لهذه الحركة الفضل في اتجاه اليابان للتحديث والصناعة ونقل التقنية الغربية إليها . ومن ثم جاءت مرحلة العسكر في اليابان و احتلال الدول المجاورة لدرجة تم تشبيه هذا الغزو بغزو النازيين على اوروبا أيام هتلر .  حيث انتصرت على الصين وروسيا واحتلت فورموزا وكوريا و لاحقاً جنوب فيتنام وتوجهت من ثم إلى صناعة الآلآت الحربية ، الامر الذي أوصلها إلى استيراد الأرز في مفارقة غريبة !!!!

هذا إلى جانب الكساد العالمي الذي تأثرت به و كثرت هجرة أبناءها إلى الولايات المتحدة والدول الأوربية وما تخلل ذلك من موت الملايين خلال تلك الهجرة في عرض البحر . و أخر أحداث تلك المرحلة احتلال اليابان لبيرل هاربور القاعدة العسكرية الأمريكية عام 1945 م ، وإلقاء القنابل النووية عليها نتيجة لذلك وتدمير مدينتي ناجازاكي وهيروشيما . و أهم مميزات هذه المرحلة بروز القدرة الصناعية اليابانية للسلاح العتاد العسكري كتلك القدرة لدى الألمان حتى تحولت لاحقاً للتصنيع السلمي .

و أخيراً جاءت مرحلة التحديث المعاصر بعد الاحتلال الأمريكي أن أمكن تسميته وما يليه من إصلاحات إدارية و اقتصادية التي تمت في ( 8 سنوات ) و انتهت باستقلال اليابان عام 1952 م . ويردف الكاتب بأن تأثير التاريخ بالإدارة اليابانية تتلخص في ثلاثة محاور :

أولهما الاقتباس و الاستعارة من الأنظمة الأخرى المحيطة أو الغربية يعد جزءاً من التراث الياباني كاقتباس اللغة الصينية و الديانة الوضعية البوذية ، والتي تغيرت لاحقاً إلى لغة يابانية و دين وضعي بوذي ( كونفوشي ) مختلف عن الديانة الهندية .

ثاني هذه المحاور يتمثل في بناء الانسان الياباني تاريخياً على الضبط و الربط و الانضباط العسكري اقتباسا من تراث الساموراي في التنظيم و الخطط و الرقابة الصارمة على السلوك .

أما ثالثهما فهو نهضة الصناعات و الانفتاح على العالم الخارجي و بناء الصناعات الحديثة والتي تحولت بعد الهزيمة التاريخية بالحرب العالمية الثانية إلى صناعات متقدمة نتيجة الاقتباس و الاستعارة من التقنية الغربية و اقلمتها بما يتناسب مع التراث الياباني .

 

مظاهر من  إستراتيجيات الإدارة اليابانية :

  • احتكار الزيباتسو (  Zibatsu )

مجموعات الزيباتسو (  Zibatsu ), تعني باليابانية  ( Zai ) أي المحظوظ و ( Batsu ) العائلة أو الجماعة ، أي العوائل المحظوظة . وكانت هذه العوائل تملك شركات قابضة تتحكم بعدد كبير من الصناعات والشركات التجارية والبنوك . و حسب الإحصائيات آنذاك كانت عشر مجموعات تمتلك ما مقداره ( 53 % ) من البنوك و نسبة ( 49 % ) من الصناعات . و قد تم في عام 1949 م الاستيلاء على أملاك ( 56 ) فرداً من هذه العائلات وتم بيع حصصهم على المواطنين وتجريدهم من مناصبهم الادارية البالغ عددها ( 2210 ) وظيفة بالإدارة العليا . تبع ذلك في عام 1950 م كذلك عدد ( 2532 ) وظيفة وعضوية بمجالس الإدارة ، الأمر الذي أدى إلى تحويل ما مقداره ( 500 ) وظيفة إدارية عليا للعاملين بتلك الشركات من الإدارة المتوسطة مما اوجد لديهم الحافز والدافع الأكبر للعمل و الإنتاج . ومن نتائج هذا التحول القضاء على التشاحن والخصومة و ايجاد جو من الثقة و الاستقلالية و انتهاج منهج الفلسفة التي تسعى إلى المنافسة والفعالية للجميع .

ولو نظرنا إلى تاريخ هذه المجموعات ، فهي كانت كهيئة أو نقابة تمثل رجال المال و الأعمال باليابان و ذات أثر و نفوذ كبير في المجتمع قبل الحرب العالمية الثانية . الأمر الذي دعا الاحتلال إلى القضاء عليها ، كحركة من الاصلاح الاقتصادي والإداري . كون هذه الجماعات قادرة على الاحتكار الكلي للاقتصاد وقدرة العسكر الفاشيين والنازيين على السيطرة عليها و استغلال نفوذهم في بناء الآليات الحربية .

  التعليم والتدريب:

الوقوف على حيثيات قطاع التعليم والتدريب الياباني , يضعنا على بؤرة أساسية من بؤرات النهوض لهذا البلد العظيم, فحسب التاريخ فقد أوضح الكاتب أنه قبل عام 1630م كان (90%) من رجال الساموراي “حملة السيوف” والذين كانوا يشكلون أكبر طبقة اجتماعية في اليابان. والتي ينحدر منها آنذاك جميع رجال الدولة والحكومة الذين لا يعرفون الكتابة.

وفي نفس العام تم إنشاء أول كلية لتخريج المعلمين والتي أصبحت لاحقا تعرف بجامعة طوكيو المرموقة. أما في عام 1666م أجازت الحكومة للمعلمين اقتناء سلاحهم المتمثل في السيف ليصبحوا شبيهين برجال الساموراي بالطبقة الاجتماعية العليا. الأمر الذي أدى إلى تشجيع طلبة العلم وفتح مجال لإنشاء مدارس تتركز على الفلسفة الكونفوشية وفلسفة (اليوشيدو) والتي يصفها الكثير من المؤرخون بإنهما روح الحضارة اليابانية المعاصرة. والتي تطورت لاحقا في نقل المناهج الالمانية نتيجة لارتباط اليابان بألمانيا النازية. وفي هذا العصر الفاشي والعسكرية اليابانية كان الانطلاق الأكبر نحو محو الأمية لتكون الأمة السّباقة إلى هذا المجال على وجه الأرض. كما تم الحاق ما نسبته (99.4 %) من الاطفال إلى المدارس. وبين عامي ( 1920حتى 1927م) أصبح سكان البلاد جميعهم يجيدون القراءة والكتابة.

أما بعهد الامبراطور ميجي ، فقد إتجهت اليابان في القرن التاسع عشر مع كل انجازاتها في القوة والسيطرة التي تحققت بفضل العسكريين مع البيروقراطية في (26/2/1936م) بإصدار نظام التعليم العام (National School Ordinance) عام 1941 م ولهذا النظام دور كبير في صياغة الاستراتيجية والسياسة التعليمية بناء على ترجمة حرفية للنظام التعليمي الألماني وتعبيره النازي (Volksschule) .

تجلت روح هذا النظام بالتركيز على خلق ثقافة إنضباطية جديدة في الحقل المدرسي الياباني , فالمنهاج واللباس والسير الموحد كان منمطا (Standardization) إلى حد بعيد من روح التنوير الميجي،  الأمر الذي أعطاه الاستمرارية حتى يومنا هذا . كما كان لهذا النظام عدة قرارات أهمها منع أنشاء المدارس الخاصة باعتبار أنه على الطالب الانتساب للمدارس الحكومية في منطقة سكنه . كما ساعد هذا النظام الطالب الضعيف على اللحاق بزملائه دون الالتفات للطالب المجيد والتركيز عليه ، وهذه المركزية أدت بدورها إلى توحيد المعرفة والمهارات لدى الجميع وتعزيز الابداع والابتكار.

 

ونظرا لدواعي الأسباب الديموغرافية والجغرافية والتاريخية المتعلقة بالبقاء ، فإن العمل يمثل الحياة بالنسبة للياباني والعكس صحيح. فالعمل هدف سامِ للإنسان الياباني ،حيث يتجه الى الشركات الكبرى المرموقة وذلك نظرا لامتيازاتها من دخل وعلاوات ومكافآت وغيره حتى سن تقاعده وهو (55) سنة. الجدير بالذكر ان هذه الشركات تؤهل احيانا المتقاعدين لديها لشغل وظائف في شركاتها المنبثقة منها الصغيرة. كما تتجه هذه الشركات الى اختبار الكوادر الجامعية المجيدة اداءً ومن ثم تتجه الى صقل مواهبهم وقدراتهم و اكسابهم القدرات الوجدانية والفكرية والثقافية.

ولو تحدثنا عن التعليم الجامعي في اليابان ،فانه لابد من اجتياز امتحان القبول بعد الثانوية العامة وبمعدل عالِ جداً. وهذا ان دل فإنما يدل على الحرص على طلب العلم والحصول على درجات رفيعة. الجدير بالذكر هنا بان حصول الطالب على درجات عالية ايضاً لا تؤهله الانخراط الى الجامعات ما لم يتم اجتياز امتحان القبول . ويضيف الكاتب في ان التعليم هناك لا يقع على عاتق الوزارة المعنية فقط انما يشارك الابوين في تأهيل وتوفير متطلبات النجاح والإجادة لابنهم في تحصيله الدراسي.

ويعود الكاتب إلى الإيضاح عن وضع التعليم ، انه بعد عام 1941 م بعد ان تم ايقاف افتتاح اية مدارس خاصة ،زادت المنافسة بين المدارس الحكومية في ايجاد الافكار ومواطن الابداع لتحقيق أسمى الاهداف في تأهيل وتوفير الطالب المتمكن معرفيا ودراسيا قادر مواجهة تحديات المستقبل.

هذا ويتجه الطلبة بعد دراسة الثانوية إلى عدة جامعات كالجامعات الحكومية والدراسات المهنية وبعضهم إلى التدريب على رأس العمل. أما الواجب ذكره هنا هو أن فلسفة (التعليم مدى الحياة) يتبناها التعليم العام هناك، حيث انه بعد أن يجتاز الطالب الثانوية ومن ثم الجامعة يتجه إلى الالتحاق بأحدى الشركات أو البنوك وينتقل بين جميع الادارات والنشاطات خلال (10 سنوات) كاملة مع التحاقه في ثمان أو عشر مجموعات مختلفة تعزز هذه الفلسفة والعبرة مدى حرص اليابانيين على ربط التعليم بالعمل ارتباط تاما .

العدد التاسع والثلاثون ثقافة وفكر

عن الكاتب

ماجد الرحبي