مجلس الشورى: عامان على الصلاحيات الجديدة

عامان قد مضت من عمر مجلس الشورى الذي أعطي صلاحيات جديدة بناء على المرسوم السلطاني رقم 99/2011 والصادر في شهر أكتوبر من العام نفسه نتيجة لمطالبات شعبية اجتاحت عمان بأكملها مطالبة بالإصلاح ومنح مجلس الشورى صلاحيات اكبر تتناسب مع  المرحلة ، حيث منحت التعديلات الجديدة على النظام الأساسي للدولة حق مجلس الشورى في اقتراح القوانين وتعديلها والذي نصت عليه المادة (58) مكرر(36) من النظام الأساسي للدولة وحق رقابة مجلس الشورى على القوانين التي تعدها الحكومة وهو ما نصت عليه المادة (58) مكرر (35) ويتمثل ذلك في حق المجلس في إقرار تلك القوانين أو تعديلها وفق آلية وضحها النظام الأساسي للدولة إلا أن هناك استثناء حيث أن المادة رقم (58) مكرر (39) أعطت الحق للسلطة التنفيذية حق إصدار قوانين لها قوة القانون فيما بين دور انعقاد المجلس والمقصود بها فترة “الإجازة البرلمانية” وهنا لا يتبقى لمجلس الشورى سوى اقتراح طلب تعديل القانون فقط بعد نفاده وليس التصويت على إقراره من عدمه وعليه فالقوانين التي تصدرها السلطة التنفيذية أثناء الإجازة البرلمانية تخرج من رقابة المجلس بالتصويت على إقرارها  .

مجلس الشورى الحالي لم يفلح في اقتراح قانون واحد على الأقل بعد منحه صلاحية اقتراح القوانين وتعديلها وبالطبع سيتبادر في الأذهان لماذا عجز المجلس عن اقتراح مشاريع القوانين لحد الآن ؟ هل السبب هي المواد الدستورية أم المشكلة في الأعضاء بالطبع فأن التجربة حديثة ولكن يوجد هناك ضعف كبير من جانب الأعضاء ولا توجد أي مبادرة من أجل مباشرة الصلاحية التشريعية بل بالعكس وحيث أني حضرت إحدى جلسات المجلس فان بعض الأعضاء أنفسهم يطلبون من الحكومة إعداد القوانين التي يرون أنها لم تسن بعد  وهذا تنازل من قبلهم لحقهم التشريعي من حيث أن الأولى أن يقوم العضو بتقديم مقترح القانون وعرضه على الحكومة من أجل مناقشته و إقراره ، إلى حد الآن لم يظهر المجلس أي قوة في هذا الجانب على رغم التطلعات والطموحات ، أما فيما يخص تعديل القوانين فأن المجلس حقق نجاح وحيد وهو تعديل القانون المصرفي وذلك بمساندة من مكتب الإفتاء لتعديل جزئية متعلقة بعمل البنوك الإسلامية ، إلا أن إدراج المجلس مليئة بالعديد من القوانين التي تنتظر التحرك بها مثل قانون الجزاء وقانون الإجراءات الجزائية وقانون المحاماة وغيرها ولا أدري إن كان المجلس سيستطيع انجازها قبل نهاية فترة هذا المجلس ، الأمر الآخر أن المواد الدستورية لم تحدد مدة زمنية محددة في حال تقدم المجلس باقتراحات قوانين من أجل الرد عليه من قبل الحكومة فقد يضل مشروع القانون مدة زمنية طويلة في أدراج الحكومة ودون الرد عليه (رغم أننا لا نعلم مدى جدية الحكومة في الرد لان مجلس الشورى لم يقدم بأي اقتراح قانون لحد الآن ) في حين أن المواد الدستورية حددت آجالاً زمنية محددة لمجلسي الشورى والدولة للرد على القوانين التي تعدها الحكومة  لإقرارها أو تعديلها مما يستوجب النظر في هذه المواد لكي يتحقق التوازن المطلوب بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذي بما يحقق مفهوم العمل التشريعي والرقابي الحقيقي.

كذلك أعطت الصلاحيات الجديدة حق أعضاء مجلس الشورى في استجواب وزراء الخدمات فقط وحددتهم المادة رقم (85) مكرر (43) وفق هذه الصيغة وذلك وفق نصاب معين وهو طلب موقع من خمسة عشر عضوا يقدم لرئيس المجلس على أن يكون الاستجواب متعلقا بتجاوز الوزير لصلاحياته المخالفة للقانون وتعتبر هذه الأداة الرقابية هي الأقوى من بين الأدوات الرقابية الأخرى كطلب المناقشة و طلب الإحاطة وترجع قوة طلب الاستجواب إلى أن الاستجواب يرفع بعد الانتهاء من مناقشته  إلى صاحب الجلالة ليبت فيه بعكس الأدوات الأخرى ،  المادة المشار إليها و المتعلقة بالاستجواب ضيقت على أعضاء مجلس الشورى في استخدامها حينما حصرت الاستجواب في وزراء الخدمات فقط وهو الأمر الذي أدى إلى إحباط استجواب وزير النفط واستندت الحكومة في رفض الاستجواب إلى أن وزارة النفط لا تعتبر من وزارات الخدمات الأمر الآخر جعلت استجواب وزراء الخدمات ضيقا وصعبا حينما حصرت الاستجواب  بالأمور المتعلقة بتجاوز الوزير لصلاحياته مخالفة للقانون في حين أن الاستجواب وهو أهم واقوي أداة رقابية وتعتبر من أقوى مظاهر الرقابة للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية كان من المفترض أن يوسع نطاقه ليكون أداة رقابية فاعلة لمحاسبة ومراقبة أداء الحكومة في أعمالها وتصرفاتها دون حصر الاستجواب في تجاوز الوزير لصلاحياته والذي يتطلب أدلة يصعب توافرها في أغلب الأحيان وحيث أن مجلس الشورى الحالي يدخل الآن دورة انعقاده الثالث إلا أنه لم يستطيع لحد الآن من استجواب وزير واحد وذلك بسبب تضييق المادة على الأعضاء في استخدام الاستجواب للأسباب التي اوردتها.

في النهاية هناك نقص في الأدوات البرلمانية لمجلس الشورى العماني قد يكون عاملاً في ضعف أداء المجلس إلا أننا يجب أن نعلم أن الأدوات البرلمانية ليست هي فقط من يُنجح العمل التشريعي والرقابي في مجلس يراد له أن يحمل مسؤولية الأمة ، نحن نريد أعضاءً مشرعين ولا نريد أعضاءً لا تتجاوز مطالباتهم قراءة ورقة بها مطالب  لولايته نريد أعضاءً رقابيين مجتهدين نريد أعضاء يمثلون عمان بأكملها يناقشون الأفكار والاستراتيجيات التي ستمضي بها عمان الحاضر نحو المستقبل وهنا تكمن مسؤولية المجتمع في اختيار نوابه في المجلس على أساس الكفاءة وليس لأي اعتبارات أخرى .

الرابع والأربعون سياسة

عن الكاتب

بدر بن عبد الله الجهوري