“كلما ازدادت المعرفة تعمق العجب”
الأديب البريطاني الراحل تشارلز مورجن (1894-1958) (1)
— 1 —
أولا أعزي الأخ الكريم سلطان المقبالي بحرارة هو و إخوانه الفضلاء و أخواته سيداتي الكريمات في وفاة والدهم رحمه الله و هي الوفاة التي أدت إلى مقاله الذي نحن بصدده (ماذا بعد؟).أنا أيضا قد توفي والدي. و مما أذكره أنه في الساعة الثامنة من صبيحة يوم الجمعة 16/10/1996 بدأ ينازع الموت. كنا إلى جواره، في البيت و ليس في المستشفى، أنا و أخي أحمد. لما ينازع المحتضر فإنك تدرك أنه بدأ يموت. و كعادة الشافعية في جنوب الجزيرة العربية بدأت بصوت خافت قراءة سورة يس. ختمتها و شرعت في قراءتها كرة أخرى و عندما وصلت إلى هذه الآية فاضت روحه: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يس: 12). ليست هذه هي المناسبة للحديث عن والدي، موته و حياته، و إن كانت بعض أحداثها ستدهش كل شخص غير مادي أي لا يعتقد بالطبيعية. يقول علماء النفس و الأعصاب أن الموت مؤخر في وعي الإنسان أي أن حتمية الموت في أي وقت ليست في المقدمة شعوريا الأمر الذي يتيح للإنسان المضي في الحياة إذا جاز التعبير (يا ترى هل لهذا أذن لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في زيارة المقابر لأنها تذكرنا بحتمية موتنا أي تستحضر من الوعي الخلفي إلى الوعي الأمامي الموت و بالتالي تجلوا ران قلوبنا )؟ فالإنسان هو المخلوق البيولوجي الوحيد على هذه الأرض الذي يعي موته أي يعلم انه سيموت يوما ما. الحيوانات ليس لها وعي مسبق بحتمية موتها. و أريد ان أعقب هنا تعقبات هادئة على بعض ما طرحه الأخ الفاضل سلطان المقبالي في مقاله في هذه المجلة تحت عنوان (ماذا بعد) بعد وفاة والده الفاضل رحمه الله، مع التأكيد ان بعض مما جاء في التعقبات ليس موجه له هو شخصيا فأنا لا احكم عليه هو نفسه بشيء فهذا مرده إلى من يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور. نحن دعاة لا قضاة.
1. قوله(… صعوبة تقبل الإنسان لفكرة النهاية المطلقة له وجودياً, وحاجته إلى قوة فوقية وخارقة توفر له الحماية والعناية الكونية وتولد في داخله الشعور بالطمأنينة والراحة “الروحية” أو النفسية- ولو كمسكن مؤقت- هي ما جعله عبر مر الأزمان والعصور يبحث عن الحقيقة الغائبة من خلال العقائد الدينية المتلاحقة).
التعقيب: هذا هو حاليا التفسير الدارويني للإيمان بالغيب، أو بالتحديد تفسير ما يسمى بعلم النفس الارتقائي evolutionary psychology الذي يعده بعض الداروينيين أنفسهم إحراجا لهم و للنظرية، لأنه مجرد حكايات من قبيل (كما قلت). لماذا لا ندير السؤال أي نسأل لماذا لدى الإنسان هذه الحاجة إلى الإيمان بالغيب أصلا؟ يبدو حسب آخر الدراسات ان الإنسان مفطور على هذا أي البحث عن الخالق و مقصد الخلق. فدراسة نشرتها مجلة Nature، نيتشر، العلمية مؤخرا لعالم الأعصاب باسكا بوير تشير إلى ان عددا وافرا من السمات الإدراكية تعد الإنسان قبليا (أي تجعله ميالا إلى) الإيمان بالغيب منذ الصغر. و هناك أدلة من مجالات علمية عدة تشير إلى ان البشر يولدون بنظرة ميتافيزيقية عميقة غائرة في الوعي لا يمكن التخلص منها (ميتافيزيقية أي فوق فيزيائية أي غير مادية). حتى ان العالم جراهام لوتن البريطاني (هو نفسه ملحد) قال ان هذه الدراسات أشارت إلى ان بعض الأشخاص الذين يقولون أنهم ملحدون لديهم معتقدات دينية غيبية كالاعتقاد بروح لا تموت (انظر آخر المقال ملحق سرد بعض هذه الدراسات للمستزيد).
إن هذا التفسير الذي قدمه الأخ المقبالي أي التفسير المادي أو الارتقائي للتدين تشوبه نواقص خطيرة أهمها:
1. انه تفسير متلبس بمغالطة التوليد: فإذا كان للدين أو التدين وظيفة أو وظائف نفسيه (هذا لا ينكره احد) لا يلزم من هذا الاستنتاج ان حاجة الإنسان النفسية للإيمان بالله سببها الطبيعة الأم و ليس الله نفسه. إذ يمكن ان يكون هو من أنشأها كذلك. في هذا الصدد يقول الفيلسوف الأمريكي بولس كوبان في كتابه Is God A moral Monster (هل الله وحش لا أخلاق له؟) ص 29:(حتى لو لم يكن هناك جينا لله – أي مورثة تسبب الإيمان بالله- فللبشر نزعة دينية لا تمارى. شيء كالتشبيك في الدماغ يجذبنا إلى التصورات فوق الطبيعية. البعض يستنتج من هذا عدم وجود الله و ان الإيمان به مجرد نتيجة لسيرورات بيولوجية متوقعة. احد المعضلات الكبرى مع هذا الاستنتاج هي مغالطة منطقية جسيمة: إذا كان البشر مفطورين على التدين لا يعني هذا منطقيا ان الله لا وجود له. في قضيتنا هذه فإن وجود الله سؤال منفصل عن مصدر الاعتقادات الدينية. يجب التفريق الدقيق بين بيولوجية الاعتقاد (إذا جاز التعبير) و بين عقلانية الاعتقاد. فوق هذا و ذاك يبقى السؤال لماذا الناس مدفوعون لاختلاق آلهة و أرواحا أصلا؟ لماذا البشر مستعدون للتضحية تطوعا بحياتهم من اجل عالم غير ملموس؟ محاولات الملاحدة الجدد تفسير الاعتقاد كقصة خيالية نافعة أو، أسوأ من ذلك، ضلالة ضارة تفسير يقصر عن إخبارنا لماذا الدافع الديني مطمور عميقا جدا. أما إذا كان ثمة الله فان هذا تفسير ممتاز لماذا التوقد الديني موجود أصلا)(2).
2. لا يعني وجود وظائف نفسية للتدين ان الأديان كلها على باطل.
3. لا يفسر التفسير الطبيعي أو الارتقائي للتدين التفاصيل الكثيرة في الديانة الواحدة مثل التفاصيل الدقيقة و الكثيرة في الديانات السماوية الثلاث.
4. لا يفسر هذا التفسير الاختلاف الهائل بين الأديان المعروفة اليوم.
5. و أخيرا هذا التفسير يقول ان الإيمان بالله ناتج عن حاجة نفسية لكنه غير كاف لتفسير من أين جاءت هذه الحاجة النفسية أولا. في هذا الصدد يقول الكاتب و عالم الرياضيات الفرنسي باسكال إذا اكتشفت فراغا في قلبك على (هيئة) الله فاعلم ان الله هو من وضع هذا الفراغ في قلبك لتطلبه فتسد به هذا الفراغ. الإنسان كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم مخلوق أجوف أي يشتمل على فراغ و لا بد له من مليء هذا الفراغ. و لا يمكن سد هذا الفراغ بجعل المتع مقصدا للحياة كما يفعل الآن كل من أقصى المقصد و المعنى من حياته. لا يمكن سده إلا بإدخال الله إلى قلوبنا و حياتنا. بغير التسامي تتحول حياة الإنسان إلى مثل الظمآن يطارد السراب في الصحاري. لا عطشه يروى و لا بحثه يتوقف.انظر تفصيل ذلك في كتاب عالم النفس النمساوي الراحل الدكتور فكتور فرانكل The Unheard Cry for Meaning (صرخة للمعنى غير مسموعة). يوضح فرانكل فكرة الكتاب بقوله (ترجمة هذا الكاتب) (انظروا إلى معدل الانتحار المفزع بين طلاب الجامعات الأمريكيين حيث يعد السبب الثاني للوفاة بين هذه الفئة بعد حوادث المرور. هذا يحدث في مجتمعات الرخاء و دول الرعاية الاجتماعية! منذ أمد حلمنا بحلم ندفع ثمنه الآن: حلم انه بتحسين ظروف الإنسان المجتمع-اقتصادية سيصبح كل شيء على ما يرام و سيصير الناس سعداء. المعضلة انه عندما انحسرت المجاهدة من اجل البقاء برز السؤال التالي: البقاء من اجل ماذا؟ فمعظم الناس اليوم يمتلكون وسائل العيش لكن بدون معنى و لا مقصد يعيشون من اجله.في المقابل نرى أناسي سعداء تحت ظروف مناوئة) (ص 23 ). و في كتابه يبين فرانكل أزمة الحياة الجنسية و أزمة القيم الأخلاقية و أزمة الأدب و الفلسفة في أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية جراء خروج المعنى من الحياة منددا بما اسماه الأنسوية الزائفة pseudo-humanism التي تنكرت لفطرة الإنسان على طلب معنى الحياة، و داعيا على وجه الخصوص الشعراء و الأدباء و الكتاب و السينمائيين و المسرحيين الذين يسوقون للجمهور الغربي العبثية و اليأس بالتوقف (تحليا بالمسؤولية) لأنها تزيد الفراغ الروحي أو الكرب الوجودي بله. هذا يذكرني بالشاعرة العمانية التي لما سألها المذيع لماذا الموت و الحزن موضوعان رئيسيان يتكرران في أشعارها قالت بكل بساطه انه عندها المزيد من الموت و الحزن في دواوين قادمة! أو بقول الشاعرة فاطمة ناعوت التي قالت عن ديوان شاعر عماني معاصر مشهور بأنه لا بشر فيه و لا حياة! هؤلاء يسوقون الشك طريقة وحيدة للتفكير و معه يسوقون لنا و ذراريننا، بناتنا و أبنائنا، حيرتهم و طريقتهم في معالجة الكرب الوجودي:احتساء الكحول و طلب المتع.
(أو كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (سورة النور:40)
ثم من قال أننا نحن البشر كلنا أو كل المسلمين يجدون صعوبة في تقبل الموت؟ و ذلك ان المسلمين و جل البشر لا يرون الموت نهاية وجودية مطلقة كما يراه المقبالي أو يظن ان الجميع يرونه كذلك. لا يراه نهاية وجودية مطلقة إلا الماديين. أنا شخصيا قد استعددت له منذ 1990 و أراني الله في رؤيا حق أين أموت و كيف سأموت و لكن ليس متى. والدي قبل موته بشهر رفض أن يرقد في المستشفى و أملاني وصيته و اعد مالا كافيا لتجهيز الجنازة و لنفقات العزاء!
2. قوله(منذ أن ولدت أول لحظة من عمر الكون عند نشؤ ما يعرف بالانفجار العظيم Big Bang وبدأ معها تكون الزمان والمكان واستمر إلى حد هذه اللحظة في التكون والتوسع إلى ما لا نهاية طوال عشرات مئات ملايين السنين والذي يقدر ب 13,5مليار سنة تقريباً, تمخض عن ذلك خلق أعظم وأضخم الأجرام السماوية, كويكبات, كواكب, أقمار, نجوم.. من أدق وأبسط المكونات, جزيئات, ذرات, غازات, مركبات.. بما في ذلك الأرض التي بدأت قصة حياتنا نحن بني البشر عليها قبل أكثر من 200 مليون سنة عندما توافرت الظروف المعيشية الملائمة لبقاء جنسنا بعد أن شقت بذور الحياة طريقها إلى النمو والتطور نتيجة وجود المواد العضوية المتطلبة والماء على سطح كوكبنا وتحديداً على القارة السمراء إفريقيا, مسقط رأس أجدادنا القدماء كما تشير تتبعات شجرة العائلة البشرية جينيا).
التعقيب: أولا ليس هناك دليل علمي قاطع على ان الكون سيتوسع إلى ما لانهاية. هناك خلاف علمي حول هذه المسألة بين علماء الرياضيات الفيزيائية. ثانيا قوله ( بدأت قصة حياتنا نحن بني البشر عليها قبل أكثر من 200 مليون سنة عندما توافرت الظروف المعيشية الملائمة لبقاء جنسنا بعد أن شقت بذور الحياة طريقها إلى النمو والتطور نتيجة وجود المواد العضوية المتطلبة والماء على سطح كوكبنا وتحديداً على القارة السمراء إفريقيا, مسقط رأس أجدادنا القدماء كما تشير تتبعات شجرة العائلة البشرية جينياً) أقول ليس هناك عالم أحياء سواء من الماديين أو غير الماديين يعرف كيف بدأت الحياة على الأرض أي كيف ظهرت الخلية الحية التي تستنسخ نفسها. لا احد يعرف حتى كبير الملحدين أنفسهم عالم الأحياء البريطاني الشهير ريتشارد دوكنز يقر بذلك. في الحقيقة انه كلما علمنا أكثر عن الخلية الحية كلما ازداد اللغز عمقا و آخر هذه المعرفة اكتشاف علماء الأجنة ما يسمى بالمحددات الوراثية فوق الجينية (غير جينية)epigenetic و اكتشاف ان لما كان يسمى جهلا سابقا Junk DNA ،الدنا البالي(أي الرميم)، ليس باليا أو رميما بل له وظائف عديدة لم تعرف إلا حاليا (صدقوني لقد مات خلق كثير و هم يعتقدون انه رميم حقا و بالتالي دليل على ارتقاء الكائنات الحية بآلية عمياء) ! و طبعا هناك الشفرة الوراثية نفسها DNA ، الدنا، في الخلية الحية التي هي بعبارة دقيقة نظام تشفير يخزن معلومات الوراثة في أبجدية من أربعة أحرف كيمائية تتم ترجمتها إلى العشرين حمضا امينيا amino acids اللازمة لتخليق البروتينات عن طريق نظام تشغيل هو RNA، الرنا. السؤال هو: هذه معلومات (بيانات مخزنة) تترجم بيولوجيا بترتيب غير عشوائي لتحقيق غايات غير عشوائية فمن أين جاءت هذه المعلومات (البيانات)؟ كيف ظهرت هذه الشفرة المعقدة؟ دعوني اضرب لكم مثلا لتقريب الفهم: ابني الصغير يوسف يبلغ من العمر تسعة أعوام. افترضوا أننا لما كنا في رحلة إلى سهل الجربيب (كما نفعل عادة) مر و هو يرتع و يلعب بصخرة قد نقش عليها هذه الكلمة: يوسف. يا ترى ألا سيدرك من فوره ان هذه الكلمة هي اسمه؟ فهل أول ما سينقدح في نفسه ان الرياح بطريقة ما خلال مدة طويلة من الزمان قذفت بحاصب مرارا و تكرارا على هذه الصخرة حتى ظهرت الكلمة يوسف أم ان أول ما سينقدح في نفسه أنها بفعل عاقل أي شخص كتبها و ليست الرياح تسف الحصباء؟ الجواب اتركه لكم. لكن أتدرون كم هو احتمال حدوث ذلك اتفاقا، أي مصادفة، بفعل الريح؟ أربعة من الرقم 26 يتبعه 26 صفرا: انه رقم لا يمكننا حتى تخيله بل انه اكبر حتى من عدد الذرات في الكون المنظور! لان الرقم 26 مضروبا في نفسه أربع مرات فقط يعطينا الرقم 456976! الرقم 26 لان عدد أحرف الأبجدية العربية 26 (3 ) فما واحد عند هذا الرقم (نحتاج في الواقع إلى مئات الصفحات لكتابة أصفاره)؟ لكن هناك أيضا نكتة لطيفة أدهى و أمر:ما يسميه علماء الإحصاء و نظرية المعلومات بالفضاء الاحتمالي! هذا اترك تفاصيله لمقال آخر تالي. لكن في جملة واحدة: عمر الكون الحالي أي 13,5 مليار سنة لا يكفي لاستفراغ عدد المحاولات أي الرقم أربعة من الرقم 26 يتبعه 26 صفرا— نحتاج إلى مدة أطول بكثير من 13,5 مليار سنة!
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ. لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ. بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (الأنبياء :16-18)
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (الفرقان: 54)
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النور :45)
3. قوله( عندما توافرت الظروف المعيشية الملائمة لبقاء جنسنا بعد أن شقت بذور الحياة طريقها إلى النمو والتطور نتيجة وجود المواد العضوية المتطلبة والماء على سطح كوكبنا) تبسيط ساذج مفرط في سذاجته إلى حد التشويه العلمي إذا جاز التعبير و لا يقوله الآن إلا عتاة القائلين بالمنهجية الطبيعية. و ماذا عن قوله ( الأرض التي بدأت قصة حياتنا نحن بني البشر عليها قبل أكثر من 200 مليون سنة… وتحديداً على القارة السمراء إفريقيا)؟ تعقيب: أهم سؤال هنا هو كيف يحدد علماء الرياضيات الوراثية هذه المدد التي تظهر في الدوريات العلمية أحيانا تطول و أحيانا تقصر و أحيانا تتناقض مع غيرها من النتائج الرياضية؟ في الإحالة أدناه شرح مختصر للطريقة و عندما تفهمونها فهما وافيا فانه لا داعي إلى مزيد تعليق على هذا الاقتباس، على ان نتفق ان المقصود هنا ببني البشر هم تحديدا بني آدم (انظر 4 ). لكن يمكن القول أنها انتهت إلى نتيجة واحدة: الحلم بأن تقسيم الشفرة الوراثية DNA ، الدنا، سيؤدي إلى شجرة أو أشجار حياة واضحة المعالم clades قد فشل. و مع فشله انهار تنبؤ أساس من تنبؤات النظرية الداروينية.
4. قوله (لا يمكن لأحد أن يقلل من غريزة البقاء التي تحركنا وتقودنا إلى مواجهة أي خطر يهدد حياتنا والبحث عن أية فرصة للنجاة, فالطبيعة الأم التي تحتضننا عززت هذه الخاصية في جميع كائناتها بما فيها نحن البشر بهدف الحفاظ على جنسنا من الانقراض, وخلق توازن حيوي وبيئي مع باقي الكائنات الأخرى التي تشاركنا الحياة على هذه الأرض. الخوف من الموت يقف وراء مواجهتنا وتمسكنا بالبقاء).
التعقيب: هل يمكن ان يخبرنا الأخ سلطان هل للطبيعة الأم وعي أو إدراك بحاجة الإنسان أو قدرة على استشراف المستقبل أي هل الطبيعة الأم كائن عاقل مريد قادر؟ و كيف طبعت الطبيعة الأم هذه الخاصية في نفوس البشرــــ هل هناك جين أو جينات في الجينوم البشري تسبب هذا الخاصية إذ، كما لا يخفى على المطلع علميا، بدون ذلك لا يمكن توارث هذه الخاصية. إضفاء الوعي و الفعل على المفاهيم المجردة مثل مفهوم الطبيعة و مفهوم الانتخاب الطبيعي و مفهوم القدر و مفهوم الحظ و مفهوم الميم meme يذكرني بكتاب الفيلسوف الاسترالي الراحل ديفد ستوف Darwinian Fairytales ،حكايات الجن الداروينية، لأنها ببساطة مجرد حكايات لا حقائق ثبتت بالتحقيق العلمي.
(وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ( :45)
5. قوله (ما من شك أن تجربة الاقتراب من الموت Near Death Experience تعد ضرباً من الخيال للكثير من الناس سواء من حيث ندرة حدوثها, أو القدرة على استيعابها؛ تتلخص ماهيتها في مرور بعض الأشخاص ممن تعرضوا لحوادث كادت أن تودي بحياتهم, بأحداث في أماكن مختلفة وغريبة, منهم من وصفها بالطيبة, ومنهم من وصفها بالشريرة والتي لا يقدم لها العلم حتى الآن تفسيراً معيناً ودقيقاً رغم محاولات بعض العلماء طرح العديد من النظريات حول ربط حدوثها فسيولوجياً بموت خلايا الدماغ وإفراز مادة الإندروفين المسؤولة عن تخفيف الألم وإعطاء الشعور بالتحسن والراحة, أو سيكولوجياً بالعقل الباطن وما يفتعله من ردود فعل نتيجة الاقتراب من الموت).
التعقيب: أولا أريد ان أهنئه على جمال الترجمة فترجمته (مشارفة الموت) أفضل من ترجمتي السابقة (الموت الوشيك). هذه الخبرة حقيقية و موثقة لكن التفسيران اللذان عرضهما هنا لا صلة لهما كما يتبين عند التدقيق العلمي بالظاهرة ألا و هما قوله(ربط حدوثها فسيولوجياً بموت خلايا الدماغ وإفراز مادة الإندروفين المسؤولة عن تخفيف الألم وإعطاء الشعور بالتحسن والراحة, أو سيكولوجياً بالعقل الباطن وما يفتعله من ردود فعل نتيجة الاقتراب من الموت) لان هذان التفسيران لا يصمدان أمام النظر العلمي. فالظاهر أما انه لم يفهم الظاهرة فهما تاما بعد أو انه أراد عرض تفسيرات المشككين فيها أصلا و هم الماديون لان الماديين يقولون بتطابق العقل مع الدماغ و بموت الثاني ينتهي الأول (ضمن الجدل الفلسفي و العلمي الحالي الذي يسمى إشكالية العقل-الدماغ، و ان تعجب فعجب قول الماديين ان ليس للعقل أي تأثير على الدماغ). ما علينا ان ندركه هنا انه فيما يتعلق بدراسة هذه الظاهرة دراسة علمية فان الجانب الوحيد منها الذي يمكن إخضاعه للتحقيق العلمي هي المرحلة التي يرى فيها المرء نفسه خارج جسمه و يعطي بعد إحيائه سريريا وصفا للأشخاص و الأشياء في المكان حوله و بعض كلامهم لأنه يمكن التحقق من ذلك من طريق هؤلاء الأشخاص أنفسهم الذين كانوا عند الشخص لما توقف قلبه عن العمل و سجلت أجهزة موجات الدماغ توقف نشاطه أي موت الدماغ سريريا. الباقي كله خبره ذاتية لا يمكن التحقق منها علميا. (انظر الرقم 5 أدناه لموقعين علميين رصينين عن هذه الظاهرة للمستزيد). على أي حال فان هذا الجانب الوحيد من الموت الوشيك الذي يمكن إخضاعه للتحقيق العلمي هو أيضا دليل آخر على قصور التفسير الطبيعي أو المادي للوجود و ذلك انه يؤكد بقاء الوعي بدون عمل الدماغ البيولوجي أو ما يسمى بظاهرة الوعي غير الموضعي. كما ان ظاهرة الوعي بحد ذاتها فقط تشير إلى ان هذا التفسير الطبيعي من المؤكد انه خطأ إذ كيف برزت ظاهرة غير مادية و هي الوعي من شيء مادي و هو الدماغ ؟ هذا السؤال يسمى عادة بسؤال الفجوة المعرفية في التفسير المادي (سأفصل هذا الموضوع، ظاهرة الوعي،و الأسئلة العلمية و الفلسفية المرتبطة به في مقال لاحق قريبا ان شاء المفهم).
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )(الإسراء :85 (
6. قوله (ما معنى أن نولد ونزج في وهج هذه الحياة وفي لحظة ما نموت بدون خيار تماماً كما ولدنا! الحياة أشبه ما تكون بلعبة حظ, فبمجرد وصلونا إليها يعني هذا قد ربحنا (…) هنا يختلط الإيمان بالشك لينشب زوبعةً من الهواجس والوساوس, لطالما استمرت في دواخلنا تتصارع. كيف لمن نؤمن بأن له القدرة أن يُحينا هو ذاته من يمكنه أن يُميتنا بأية طريقة كانت وتحت أي سببٍ كان, ليس إلا لأن أجلنا آن, أو في أحيانٍ دون أن يوقف شبح الموت من طريقه إلينا؟لا أحد يعلم على وجه الدقة ما الحكمة من مسلسل هذا الموت المستمر, أهي لعبة الحظ وفوضى الفرص تأخذ مجراها, أم هي “مشيئة الإله” التي لا أحد يعلم سرها و مبتغاها!!)
التعقيب: إذا تجاوزنا علامتي التعجب لأنهما من شأنه لا من شأننا فان تعميمه المطلق بقوله (لا احد يعلم على وجه الدقة) هو خطأ فكري و منطقي مبين. يا ترى كيف علم انه (لا احد يعلم على وجه الدقة ما الحكمة من الموت)؟ التعميم نوع من اخطأ التفكير و التعميم المطلق دعوى إحاطة علمه بكل شيء.
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ( (الأنعام:91)
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)( المؤمنون: 115-116 )
(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور)ُ (الملك:1-2)
— 2—
إن أخوف ما أخاف عليه إذا نشب الشك في الإيمان و تصارعت الهواجس و الوساوس في داخله (باستمرار الآن كما يقول) فأخوف ما أخاف عليه ان يصير حاله كحال القائل في رباعيات الخيام (ترجمة الراحل احمد رامي):
أفنيتُ عمري في اكتناهِ القضاء
وكشفُ ما يحجبهُ في الخفاء
فلم أجد أسرارهُ وانقضى
عمري وأحسستُ دبيب الفناء!
ان العلم بالمعنى الغربي الحديث science يعنى بدراسة و فهم الظواهر الطبيعية و اختبار فرضيات عن هذه الظواهر (إما بالملاحظة أو بالتجربة) و هو رغم هذا ينطلق من فرضيات فلسفية خارج نطاق الإثبات التجريبي لعل أهمها الافتراض الأول بأن هذا العالم حقيقي و ليس وهم أي ان له وجود حقيقي خارج الذهن. و الفلسفة هي استخدام العقل أكرر الفلسفة هي استخدام العقل لبحث مسائل تتعلق بطبيعة الوجود (الميتافيزيقيا) أو أساليب التفكير (المنطق) أو حدود المعرفة (نظرية المعرفة) أو المعاني (فلسفة اللغة) أو الالتزام الأخلاقي (علم الأخلاق) أو طبيعة الجمال أو طريقة عمل فروع المعرفة (فلسفة العلم، فلسفة التاريخ…الخ). لذا فالملاحدة المتعصبون عندما يهاجمون كل المعتقدات الدينية بذريعة علمية فأنهم يعطون العلم مجالا يتعدى مجاله أي يتجاوزون حد الاختبار بالملاحظة أو التجربة إلى ما وراء الطبيعة و هو مجال خارج نطاق الإثبات التجريبي. لذا فان الاعتراضات الرئيسية للملاحدة الجدد طبيعتها فلسفية و ليست علمية بالمعنى الغربي الحديث.
(يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (يس:30)
ان الدين و الفلسفة ليسا الشيء نفسه لكنهما يشتركان في ان طبيعة مباحثهما الأساسية خارج نطاق الإثبات التجريبي بالمعنى العلمي الحديث، خارج مدى التحقيق العلمي. لذا إذا ما نزعنا القناع العلموي عن الماديين فانه لا يبقى إلا خيارين كلاهما خارج نطاق التحقيق العلمي بالمفهوم الغربي الحديث: أما الإيمان بالله وحده بأنه الحقيقة النهائية التي ينتهي إليها كل شيء أي تنتهي إليه كل حقيقة أو الإيمان بالمادة ( أي أن المادة هي الحقيقة النهائية التي لا حقيقة ورائها). و ما يتبع كل إيمان من التزامات و إرهاصات. أما قولهم ان الإيمان بالطبيعة هو موقف علمي و الإيمان بالله موقف خرافي فان هذا القول هو بالضبط الخرافة الحديثة حسب وصف وندل بيري، الشاعر و الروائي و كاتب المقالات الأمريكي المعروف .لذا فالمتابع المطلع يدرك ان جميع المسائل الفلسفية الرئيسة ما زال الخلاف فيها كثيرا ـ رغم ان من يبحثها من أكابر الأذكياء مثل الأخ سلطان نفسه ـ و حيث ان الخلافات لم تحسم بعد منذ عصر الثورة العلمية الحديثة (منذ عام 1400 ميلادية تقريبا) فليس من المتوقع ان تحسم أبدا فلسفيا. و ما من سبيل إلى حسمها علميا كذلك لان طبيعة هذه المباحث لا تعير نفسها للطريقة العلمية scientific methodology سواء طرائق العلوم العلمية التجريبية أو طرائق العلوم العلمية التاريخية، و هذا يذكرني بأبيات ترجمتها من الانجليزية من رباعيات الخيام ترجمة الشاعر الانجليزي ادوارد فزجلرد، Edward FitzGerald ، (ترجمة هذا الكاتب)(6):
في شبابه طلب بلهفة و سأل
و أنصت مرارا للنقاش و الجدل
و من الباب الذي منه دخل
خرج في كل مرة حيرانا بلا أمل
إننا،نحن القائلون بقصور العقل عن معرفة الغيب بدون وحي ، مثل الغزالي قبلنا، لا ننقد استعمال العقل و إنما نقدنا جاء كنقده تماما كما قال الفيلسوف العربي أبو يعرب المرزوقي (لتبيان حدود العقل و مداه) و انه أي الغزالي (إنما نقد موقف العقل المابعدي أي ما وراء الطبيعة أو الإلهيات الفلسفية) مثل هذه التي كتب عنها الأخ الفاضل المقبالي متشككا و ان أضفى عليها مسحة علمية مقصودة. إلا أن استنتاجاته كلها عقلية مابعدية أي يراد بها سبر كنه واقع مابعدي ليس للعقل إليه سبيل و لا إلى التحقق العلمي إليه منفذ (انظر الملاحظة 7 أدناه).
( قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ. وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)(هود:121-122).بهذا الاقتباس يعرف القارئ أين أقف بالضبط: مسلم، و الله حسيبي، بريء من تيار التعصب و التكفير و قتل النفس بغير حق. فالكراهية ليست ديني. اقدر الانجازات العلمية و الفكرية للإنسانية. فالتحيزات العمياء ضد بني البشر لا تليق بحامل فكر يحترم نفسه ( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ) فضلا عن مسلم يؤمن بالرسالة المحمدية و هي رسالة أممية من الطراز الأول ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” (الحجرات:13) أو كما جاء في الحديث المرسل الذي أخرجه السخاوي في المقاصد الحسنة (الحِكمَةُ ضالَّةُ المؤمنِ حيثُما وجدَ المؤمنُ ضالَّتَه فليجمَعها إليهِ).
ربما لاحظتم في الآيات المقتبسة أعلاه أنها مجتمعة نفت العبثية: عبثية الوجود، عبثية الحياة، عبثية وجود الإنسان، عبثية الموت. يمكنني إذا الآن ان أجيب على سؤال الأخ الكريم المقبالي : ماذا بعد؟ الجواب هو قول القدوس تبارك اسمه: (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) (يونس: 32).
______________________________________________
* اهدي هذا المقال إلى أستاذي (تشارلز رسل) الذي درسني مساقين في اخطأ التفكير و المغالطات المنطقية (أبان دراستي الإعلام في جامعة توليدو الأمريكية فترة 1982-1987) و ما زلنا نتراسل هو و أنا عن هذا العالم و أشياء أخرى; رجلان من دينين مختلفين و ثقافتين مختلفتين و لغتين مختلفتين و تاريخين مختلفين، لأن ” الحِكمَةُ ضالَّةُ المؤمنِ حيثُما وجدَ المؤمنُ ضالَّتَه فليجمَعها إليهِ”.
الكاتب هو إعلامي عماني في الإذاعة و التلفزيون منذ عام 1977، عضو الجمعية التاريخية العمانية HAO، عضو الرابطة الدولية للكتاب العلميين ISWA ،عضو الرابطة البريطانية للكتاب العلميين BSWA
(1) روائي و كاتب مسرحي بريطاني. موضوعات أعماله حسب قوله هي (الفن و الحب و الموت و العلاقة بينهم). موضوعات الروايات تشمل على سبيل المثال: مفارقات الحرية (رواية الرحلة، رواية خط النهر)، الحب كما تراه النفس (رواية صورة في المرآة) أو كما يرى من الخارج (رواية نسيم الصباح) ، صراع الخير و الشر (رواية قصة القاضي) و تخوم الموت الفاتنة (رواية سباركنبروك).
(3) يحتاج من يريد فهم هذا فهما كافيا شيئا من الإلمام بكل من نظرية الاحتمالات Probability Theory و مفهوم المعلومات Information و هناك كتب بالعربية في الموضوعين. تتيح لنا (نظرية الاحتمالات) حساب احتمال حدوث حادث ما اتفاقا أي بالصدفة حسابا دقيقا.
4. تحديد مدد تفرع الأنواع أو الشجيرات الوراثية cladesيعتمد على فرع من الرياضيات يسمى الرياضيات الوراثية. لكن لتبسيط الحساب تفترض هذه المعادلات بضعة افتراضات ما زالت مثيرة للجدل هي: ان معدل التغير في الشفرة الوراثية ثابت لا ينزع بقوة إلى الانتقاء غير المحايد، ان عدد السكان ثابت لا يتغير و انه لا احد يدخل إلى المجموعة السكانية و لا احد يخرج منها أي أنها مجموعة مغلقة، ان الأصل المشترك هو سبب التشابه في تقسيمات الشفرة الوراثية الدنا. و جميعها افتراضات لا يمكن التسليم بها مطلقا.
5. http://anesth.medicine.arizona.edu/research/consciousness-studies
http://iands.org/home
6. أي اقتباس لهذه الترجمة بدون الإشارة إلى المترجم (هذا الكاتب محمد عبدالله العليان) سيتم إلزامه حسب قانون حقوق المؤلف و قانون حماية الملكية الفكرية المعمول بهما في السلطنة.
(7 ) يقول الدكتور المرزوقي موضحا هذه النكتة اللطيفة : (لا بد أن نشير هنا إلى عامل طالما غطاه عموم لفظ الفلسفة فلم يسمح فيه بالتمييز فلم ير من معارضة الفكر العربي للفلسفة إلا الوجه السلبي. و ذلك للخلط بين الفلسفة عموما و ما بعد الطبيعة. فما لم يقبل به الفكر العربي هو ما بعد الطبيعة ـــ و ما كانت معارضته للفلاسفة إلا لكونهم أساسا ما بعد طبيعيين. لكن هذه المعارضة، حتى و إن كانت في الظروف الواقعية تهدف إلى الدفاع عن دين أو مدرسة كلامية، فإنها قد حققت تقييما موضوعيا لقدرة العقل و مداه ، و هو نقد لم يقصد كما يزعم بعضهم تحييد العقل دفاعا عن الدين فحتى الحشويين لم يكونوا يرونهما متنافيين، إنما هو نقد يشك في مدى العقل الوجودي فلا يعترف له إلا بالإجرائية في المعارف التجريبية أو الصورية و هي خاصية نجد أحسن تعريف لها في تسمية العقل بالقوة المميزة أو المحللة لا غير (…) فهو (أي الغزالي) يقصر ميدان العقل على الرياضيات و المنطق بالنسبة للمعارف الضرورية و على التجربة بالنسبة للمعارف التي تتعلق بمعلوم حقيقي خارج الذهن) ص نسخة الكترونية.
ملحق بالدراسات عن وجود نظرة ميتافيزيقية عميقة لدى الإنسان تعده قبليا للإيمان:
Paul Bloom, “Religion is natural,” Developmental Science, 10:1, pp 147-151 (2007).
Rebekah A. Richert and Justin L. Barrett, “Do You See What I See? Young Children’s Assumptions About God’s Perceptual Abilities,” The International Journal for the Psychology of Religion, 15(4), 283-295 (2005).
Deborah Kelemen and Cara DiYanni, “Intuitions About Origins: Purpose and Intelligent Design in Children’s Reasoning About Nature,” Journal of Cognition and Development, 6(1): 3-31 (2005).
Deborah Kelemen, “Are Children ‘Intuitive Theists’?: Reasoning about Purpose and Design in Nature,” Psychological Science, 15(5):295-301 (May, 2004).
Nicola Knight, Paulo Sousa, Justin L. Barrett, Scott Atran, “Children’s attributions of beliefs to humans and God: cross-cultural evidence,” Cognitive Science, 28: 117-126 (2004).
E. Margaret Evans, “Cognitive and Contextual Factors in the Emergence of Diverse Belief Systems: Creation versus Evolution,” Cognitive Psychology, 42: 217-266 (2001).