حوار مع الناشطة الروهينجية واي واي نو

كتب بواسطة حبيبة الهنائي

عندما نتحدث عن مسلمي الروهينجا فمن الصعب الفصل ما بين الرجل والمرأة لأن الطرفان يعاني بذات الدرجة فشعبي وأهلي من أقلية الروهينجا يعيش تحت الحصار ويتعرض للتمييز العرقي وللإبادة وذلك منذ بدء أحداث العنف ضد مسلمي الروهينجا في عام 2012. ولا يزال هناك أكثر من 120 ألف من سكان شعبي يعيش في المخيمات تحت ظروف إنسانية قاسية جدا مع عدم توفر الخدمات الاساسية مثل الطعام والماء النظيف والرعاية الصحية وكذلك الحال بالنسبة للبقية الذين يعيشون خارج المخيمات بسبب تقييد حركتهم ولا يسمح لهم بالتنقل من قرية الى أخرى أو بمزاولة مهنة التجارة لكسب الرزق الا في الامور البسيطة جدا كما لا تتوفر فرص العمل والتعليم لهم. ومع انعدام الأمن وتفشي الجريمة في أراضينا بإمكان رجل الشرطة القبض على من يشاء ووقتما يشاء وأينما شاء

الناشطة الروهينجية “واي واي نو” : أطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية لنا من الإبادة ووقف المجازر العرقية

لقد التقيت بهذه الشابة البورمية القوية الشخصية أثناء مشاركتي في مؤتمر خاص للاحتفاء باليوم العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان في السويد وذلك عندما لفت انتباهي الزي الشعبي الباهي الذي ترتديه مما دفعني للتقرب إليها والتعرف على هويتها. أبهرتني شخصيتها الاستثنائية فكان بيننا هذا اللقاء.
بطاقتك الشخصية ؟
اسمي واي واي نو ، عمري 28 عاما ، وأنا من مسلمي أقلية الروهينجا في بورما (ميانمار) ، ناشطة في مجال حقوق المرأة وأعمل في مؤسسة تعنى بقضايا الشباب المسلم والبوذيين وحائزة على جائزة الأمم المتحدة (UNDP) لعام 2014 التي تُمنح للنساء البارزات في دول جنوب شرق آسيا اللاتي ينشطن من أجل السلام ووقف النزاع والقضاء على التمييز ضد المرأة من خلال العمل والتعاون مع نظرائهم الرجال .
ما عدد سكان مسلمي الروهينجا مقارنة بإجمالي عدد السكان الكلي؟
يصل عدد مسلمي الروهينجا حوالي مليون ونصف لكنه يصعب معرفة العدد الكلي للمسلمين في بورما لغياب الإحصائيات الدقيقة وتقديري هو ما بين خمسة الى عشرة ملايين مسلم. وفي آخر الإحصائيات الرسمية التي صدرت في عام 2014 أعلنت الحكومة بأن عدد سكان ميانمار هو اثنان وخمسون مليون نسمة. علما بأنه لم يتم ادراج مسلمي الروهينجا في الاحصائيات الرسمية لعدم اعتراف الحكومة بنا كمواطنين بورميين.
وكيف تتعامل معكم الحكومة ؟
تتعامل حكومة بورما مع مسلمي الروهينجا كوافدين أتوا من بنجلاديش التي نرتبط معها بحدود برية، بهدف جعلنا مواطنين من الدرجة الثانية ومن ثم تجريدنا من حقوقنا وطردنا من أراضينا.
وهل هذا ما دفعك للعمل في المجال الحقوقي ؟
نعم. وكذلك عندما كانت بورما ترضخ تحت الحكم العسكري والديكتاتوري ولفترة خمسة عقود ، واجه الناس انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان وخصوصا بالنسبة للأقليات وبالتحديد من الفئة التي أنتمي اليها وهم من مسلمي الروهينجا وأيضا لأنني أحد ضحايا هذه الانتهاكات.
ما نوع الانتهاكات التي تعرضتِ اليها ؟
في عام 2005 تم اعتقالي وكنت لا أزال في الثامنة عشرة من عمري وصدر الحكم بسجني لمدة 17 عاما. وفعليا قضيت فترة سبعة أعوام في السجن حتى تم الإفراج عني في عام 2012 وذلك بعد الانتهاء من أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في بورما حيث شهدت مرحلة الانتقال من الحكم العسكري إلى ما يوصف بالحكم الديمقراطي ولاحقا صدر عفو رئاسي بالإفراج عني .
ولماذا تم زجك في السجن بهذا السن الصغير وصدور هذا الحكم القاسي جدا ضدك ؟
سجنت بسبب نشاط والدي السياسي الذي أصبح بعد انتخابات عام 1990 عضوا في البرلمان ولاحقا انضم مع المعارضة بقيادة زعيمة الحركة الديمقراطية البورمية “اونغ سان سو تشي” الحائزة على جائزة نوبل للسلام في عام 1991 . وحينذاك تم اشهار “الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية” المكونة من أبرز أحزاب المعارضة في بورما. وكان والدي واحدا من بين ثمانية عشرة من الأعضاء المؤسسين لهذه الرابطة ولقد شغلت “اونغ سان سو تشي” منصب الأمين العام. وفي عام 2005 تم اعتقال جميع مؤسسي هذه الرابطة باستثناء والدي الذي أعتقل هو مع جميع أفراد أسرته بسبب هويتنا وكوننا من مسلمي الروهينجا بينما وضعت المعارضة “اون سان سو تشي” قيد الإقامة الجبرية .
ما وضع المرأة المسلمة في أقلية الروهينجا ؟
عندما نتحدث عن مسلمي الروهينجا فمن الصعب الفصل ما بين الرجل والمرأة لأن الطرفان يعاني بذات الدرجة فشعبي وأهلي من أقلية الروهينجا يعيش تحت الحصار ويتعرض للتمييز العرقي وللإبادة وذلك منذ بدء أحداث العنف ضد مسلمي الروهينجا في عام 2012. ولا يزال هناك أكثر من 120 ألف من سكان شعبي يعيش في المخيمات تحت ظروف إنسانية قاسية جدا مع عدم توفر الخدمات الاساسية مثل الطعام والماء النظيف والرعاية الصحية وكذلك الحال بالنسبة للبقية الذين يعيشون خارج المخيمات بسبب تقييد حركتهم ولا يسمح لهم بالتنقل من قرية الى أخرى أو بمزاولة مهنة التجارة لكسب الرزق الا في الامور البسيطة جدا كما لا تتوفر فرص العمل والتعليم لهم. ومع انعدام الأمن وتفشي الجريمة في أراضينا بإمكان رجل الشرطة القبض على من يشاء ووقتما يشاء وأينما شاء، ومن ثم وضعه في السجن بدون أي تهمة أو منحه الحق في الحصول على محاكمة عادلة. وهذا الأمر ليس بجديد على المجتمع الدولي فقد صرح المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة والمعني بحالة حقوق الإنسان لمسلمي الروهينجا بوقوع مجازر إبادة عرقية لهؤلاء الأقليات.
وكم عدد الضحايا منذ بدء الأحداث الدموية ؟
استنادا للتصريح الرسمي فقد تم الاعلان بوقوع مائتين قتيل فقط بينما أعلنت مؤسسات المجتمع المدني بأن مجموع الضحايا يفوق هذا العدد بكثير في ظل غياب الإحصائيات الحقيقية لعدد الضحايا، ولقد تم زج بالعديد من ضحايا العنف في السجون بدلا من مرتكبي هذه الجرائم .
وماذا عن حق مسلمي الروهينجا في التعبد وحريتهم بممارسة طقوسهم الدينية ؟
منذ وقوع أحداث العنف في عام 2012 في ولاية راخين من طرف البوذيين ضد مسلمي الروهينجا فقد تم غلق جميع مساجد الولاية رغم أن أغلبية سكانها من المسلمين كما تم منع حقهم في التعبد والصلاة .
هناك امتعاض كبير في العالم الاسلامي ونقد لاذع موجه الى مواطنتكم “اونغ سان سو تشي” بعدم استغلال شهرتها الدولية كونها حائزة على جائزة نوبل للسلام وبرغم ذلك فهي لم تعلن عن مواقف حازمة ضد حكومتها لأجل حماية مسلمي الروهينجا مبررين ذلك لكونها بوذية، فهل هذا الاتهام صحيح ؟
في الحقيقة ان السيدة اونغ سان سو تشي في موقف صعب للغاية لا تحسد عليه لأن حكومة بورما تعمل بالترويج عبر حملات مكثفة عن مفهوم القومية البوذية وبالتالي لو قامت السيدة أونغ بالدفاع عن مسلمي الروهينجا فسوف تشن ضدها حملة مضادة وسوف تتهم بأنها مناصرة وداعمة للمسلمين وخائنة لديانتها البوذية وبالتالي ستفقد شعبيتها. ولهذا نتفهم نحن المسلمين موقفها وعدم قدرتها على الدفاع عنا. كما أن هناك أقليات أخرى في بورما مثل الكشين وغيرهم ممن يحتاجون للدفاع عن حقوقهم أيضا، وليس المسلمين فقط، ونحن ندرك تماما بأنها لا تملك أي سلطة لكننا في المقابل نطالبها بالتمسك بمبادئها وعدم التخلي عنها وأن لا تتوقف عن المطالبة بتحقيق العدالة.
لماذا أنتِ هنا وماهي مطالبكِ من المجتمع الدولي ؟
أطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية لنا من الإبادة ووقف المجازر العرقية، كما أدعو المجتمع الدولي الضغط على حكومتنا للعمل نحو تحقيق العدالة لشعبي ومنحهم الكرامة علما بأننا الأقلية الوحيدة في العالم التي لا يستطيع أفرادها وصف أو تسمية أنفسهم كما يشاءون.
ماذا تقصدين بهذا ؟
نحن لا نستطيع وصف أنفسنا بمسلمي الروهينجا أو استخدام أسمائنا الحقيقية بشكل رسمي لأنه يأتينا الرد الرسمي بأن هذه التسمية ليست لها وجود وأنكم مجرد نازحون بنغاليون وغير شرعيون .
هل تعنين بأنه لديك اسم اسلامي آخر ؟
نعم. (وذكرت اسمها الحقيقي ومن ثم طلبت عدم استخدامه)
ماهي رسالتك للعالم الاسلامي ؟
أدعو جميع الدول الاسلامية البدء بإجراء اصلاحات سياسية واسعة وأن تتوحد كلمتها ومواقفها لأن ما لمسناه نحن مسلمي الروهينجا أنه بسبب ضعف الدول الاسلامية وفقدانها لنفوذها ومصداقيتها وجَدت صعوبة في مناصرتنا والوقوف معنا في محنتنا مما أفقدنا الأمل بإنصافنا.
لو كان العالم الاسلامي قوي ومتكاتف لما تعرضنا لكل هذه الانتهاكات والاهانات في دولة غالبية سكانها من البوذيين وحقيقة هذا هو ما يحطم قلبي.
هل من كلمة أخيرة ؟
رسالتي للمجتمع الدولي وللمدافعين عن حقوق الإنسان أنه عندما تنتهك حقوق مجتمع ما أو فرد ما في أي بقعة من العالم سيؤدي ذلك يوما ما لتوسيع الدائرة حتى يمس الجميع. لذا يتطلب منا الوقوف جميعا مع الضعفاء ومناصرتهم ودعمهم لأجل تحقيق مبادئ حقوق الإنسان للبشرية كافة.
انتهى.
أجرت الحوار حبيبة الهنائي
ستوكهولم 10 ابريل 2015

الروابط الخارجية:
خبر في رويترز عن الناشطة الحقوقية واي واي نو
http://www.reuters.com/article/2014/09/01/us-foundation-myanmar-rohingya-idUSKBN0GW26E20140901

The N-Peace Awards 2014: Myanmar joins the search for inspirational stories of peace in Asia!
http://www.mm.undp.org/content/myanmar/en/home/presscenter/articles/2014/04/n-peace-awards-2014.html
ستوكهولم 11 ابريل 2015
Wai Wai Nu
Women Peace Network Arakan
Email: waiwai.peace@gmail.com
Tel: 09450014878
Committee representing parliamentary police

الستون سياسة

عن الكاتب

حبيبة الهنائي

كاتبة عمانية