سُننية رسالة المسيح عليه السلام (أخلق لكم من الطين كهيئة الطير)

الخطأ المنهجي الذي وقع فيه الفقه في قراءته لـ(أَخْلُقُ) أنه افترض ابتداء فكرة المعجزة المفارقة لسُننية الآيات، وهذا ما دفعه إلى مساواة الخلق البشري بالخلق الإلهي، الخلق المنسوب في الآية إلى المسيح ذو طبيعة بشرية، والخلق البشري تشكيل معين من الخامات المتوفرة، لكن الفقه افترض أن ما خلقه المسيح من الطين مضاهٍ لخلق الله، ويُخشى أن تكون هذه الفكرة فرع عن أصل تأليه المسيح الذي نشأ قبل القرآن.

فكرة خروج آيات الرسل عن سُننية آيات الكون نظرية ترجع إلى مرحلة سحيقة في التاريخ الإنساني قبل القرآن، حيث تصور الناس قبل القرآن آيات الكون تصوراً بدائياً خرافياً أبعد ما يكون عن سُننيتها، فتارة ألَّهوا بعض المظاهر الكونية، وجعلوا لكل واحد منها إلهاً يسيرها تارة أخرى، فإله يرسل ضياء الشمس إلى الأرض وآخر يسير الرياح وثالث يسوق السحاب…الخ.

آيات الرسل لقوم يعقلون
كان تصور الناس قبل القرآن أن آية الرسول منبتة الصلة عن سُننية آيات الكون، وهذا ما جعلهم يعتقدون أن آية الرسول خارقة للعادة، ووضعوا عنواناً لهذا الباب سموه (المعجزة)، والمعجزة عندهم لا تخضع لسُننية آيات الكون، وقد تحاشى فقه ما بعد القرآن استعمال مصطلح (آية) القرآني وفضل عليه مصطلح (معجزة) ليعطي الفكرة أبعادها الخوارقية، لأن مصطلح (آية) يسوي في دلالته بين آية الرسول وآية الفلك التي تجري في البحر.
ربط بعض الناس إيمانهم بالرسالة بأن يأتيهم الرسول بآيات حسية كما فعل الرسل السابقون (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا، أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً) الإسراء:93.
والآيات التي طالب بها هؤلاء؛ منها ما هو:
– سُنني
– خارج نطاق القدرات الإنسانية المعتادة بحكم نقص المعارف والخبرات الزمنية
– لا سننياً، طلب لمجرد العناد والمكابرة
فكان الجواب برفض طلباتهم (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً)؛ لأن الرسالة بطبيعتها البشرية قائمة على آيات الكتاب وآيات الكون، وليس على فكرة الخوارق.
وقد توقفت الآيات الحسية بنزول القرآن (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) الإسراء:59، وأرجع القرآن ذلك إلى تكذيب الناس بها، وتكذيب الناس بالآيات الحسية التي أتى بها الرسل يرجع فيما أرى إلى صعوبة استيعاب الناس لها، وبعض آيات الرسل هي علوم ومعارف متقدمة كثيراً على زمنها، الهدف أن يطور الناس اجتماعهم البشري بما يعقلوه من هذه الآيات.
المكذبون بآيات الرسل عدوها سحراً، وهذا ما حصل مع الآية التي جاء بها المسيح عليه السلام (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) المائدة:110.
وقسم من المؤمنين بالآيات عدوها خوارق للعادات (=معجزات) لا يمكن لأحد أن يعقل سُننيتها، وهذا النمط من التفكير نشأ قبل القرآن بفترة طويلة من الزمن، والفقه بعد القرآن تلقاها من الثقافة الكتابية (يهودية/نصرانية) السائدة في المنطقة العربية قبل القرآن، وترجمة هذا الرأي أنه لا يمكن الاستفادة من مضمون الآية التي أطلقوا عليها اسم (معجزة) في تطوير المجتمعات لأنها فوق مستوى تعقل البشر.
أحال القرآنُ الناسَ إلى آيات الكتاب وآيات الكون، ورَبَطَ آياتِ الرسل بآيات الكون، وأعطاها جميعاً اسم آيات، فلا فرق من حيث البنية والتكوين بين آية الفلك التي تجري في البحر وآية خلق المسيح من الطين كهيئة الطير (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة:164، فكلها آيات من عند الله لقوم يعقلون.
الآية التي جاء بها المسيح (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ) آل عمران:49
هذه الآية فهم منها القطاع العريض من الفقه أن المسيح فعل ما يخرق كل السُنن بخلق طير من الطين، وهذا المضمون:
رواه الطبري عن ابن إسحاق: (أن عيسى صلوات الله عليه جلس يوماً مع غلمان من الكتاب، فأخذ طيناً ثم قال: أجعل لكم من هذا الطين طائراً. قالوا: وتستطيع ذلك قال: نعم بإذن ربي. ثم هيأه حتى إذا جعله في هيئة الطائر نفخ فيه. ثم قال: كن طائراً بإذن الله فخرج يطير بين كفيه، فخرج الغلمان بذلك من أمره فذكروه لمعلمهم فأفشوه في الناس) تفسير الطبري، ج3 ص275.
وفي آثار أخرى نقلتها كتب التفسير أنه: (كان يتخذ من الطين صورة خفاش فينفخ فيها، فتحلها الحياة وتتحرك في يده، وقال بعضهم: بل تطير قليلاً ثم تسقط) تفسير المنار، ج3 ص255.
وروي عن (الحسن: “فيكون طيراً” يعني حماماً) تفسير ابن المنذر، ج1 ص208.
وعن محمد بن اسحاق قال: (ثم جعل الله على يديه يعني عيسى أموراً تدل به على قدرته في بعثه، بعث من يريد أن يبعث بعد الموت، وخلقه ما يشاء أن يخلق من شيء يرى أو لا يرى، فجعله ينفخ في الطين فيكون طيراً بإذن الله) تفسير ابن أبي حاتم، ج4 ص1240.
هذه بعض من النصوص السلفية المؤسِسة لنظرية الفقه عن آية خلق المسيح من الطين كهيئة الطير، والآن نبدأ في قراءة الآية من خلال الانتباه إلى نظام القرآن ولسانه.

خلق المسيح بشري (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم)
الخطأ المنهجي الذي وقع فيه الفقه في قراءته لـ(أَخْلُقُ) أنه افترض ابتداء فكرة المعجزة المفارقة لسُننية الآيات، وهذا ما دفعه إلى مساواة الخلق البشري بالخلق الإلهي، الخلق المنسوب في الآية إلى المسيح ذو طبيعة بشرية، والخلق البشري تشكيل معين من الخامات المتوفرة، لكن الفقه افترض أن ما خلقه المسيح من الطين مضاهٍ لخلق الله، ويُخشى أن تكون هذه الفكرة فرع عن أصل تأليه المسيح الذي نشأ قبل القرآن.
ونسبة فعل الخلق إلى البشر واردة في القرآن، من أمثلتها:
– نسبته إلى كل الكائنات التي أعطيت القدرة على الخلق بمعنى تشكيل الأشياء (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) المؤمنون:14 فالله أحسن الخالقين، لأن غير الله لا يُوجِد خلقاً خارق نطاق خلق الله، إنما يستثمر خلقَ الله.
– نسبته إلى الذين يعبدون من دون الله أوثاناً (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) العنكبوت:17، وسواء كان هذا الإفك مادياً أو معنوياً فهو خلق (=تشكيل) بشري، وما “يخلقونه” مبني على مثال سابق باستثمار وتوظيف ما خلقَ الله.
– نسبته إلى عيسى المسيح (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) آل عمران:49، والمسيح بشر رسول، ليس إلهاً ولا جزءاً من إله ولا ابن الله.
الله خالق كل شيء، وخلق الله لا يشبهه خلق آخر لأنه ليس على مثال سابق، وغير الله كالإنسان يخلق (=يشكل) باستثمار ما هو موجود في الكون من خلق الله (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) الرعد:16.
إذن فخلق عيسى المسيح عليه السلام من الطين كهيئة الطير هو خلق بشري سُنني، باستثمار مواد الكون من حوله، وليس خلقاً إلهياً بإيجاد الأشياء من العدم إلى الوجود.

الطين مادة الأرض (مِّنَ الطِّينِ)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) الأنعام:2، بتراكم معارفنا وخبراتنا الزمنية نعلم أن الإنسان الذي خُلق من طين يتكون من عناصر الطبيعة من حولنا، وجسم الإنسان يتكون من عناصر بنسب متفاوتة، منها: (الأكسجين، الكربون، النيتروجين، الكالسيوم، الفوسفور، البوتاسيوم، الكبريت، الصوديوم، الكلور، المغنيسيوم، الحديد، الفلور، الزنك، النحاس، اليود، السيلينيوم، الكروم، الكوبالت،…) انظر: موقع “الباحثون السوريونwww.syr-res.com “.
فالطين هو مادة الأرض بما تحتويه من مختلف العناصر التي يتكون منها جسم الإنسان، لذلك عندما عبر القرآن عن خلق المسيح من الطين كهيئة الطير؛ فإننا دلالة الطين باتساعها المعبر عن مادة الأرض تشمل كافة العناصر الطبيعية في الأرض، فما “خلقه” المسيح يمكن أن يكون من أي مواد الأرض (خشب، مطاط، معدن، ورق،…).

نموذج (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ)
خلق عيسى عليه السلام من الطين كهيئة الطير، بمعنى أن تشكيله يشابه هيئة الطير، وهذه الهيئة ليست بالضرورة حماماً أو خفاشاً كما ذكرت بعض التفاسير، المهم أنها تحمل سُنن الطير في التحليق عالياً، فليس هنالك شكل محدد للطير سوى في قدرته على التحليق معتمداً على طاقة تحرره من الجاذبية وتيارات هوائية تحمله، وفي زمننا هذا سموا الآلة التي تحملهم في الجو طائرة، وهي تسمية سُننية تحمل سمات وخصائص الشيء، ويمكن أن نتصور النموذج الذي “خلقه” المسيح كهيئة الطير من طين الأرض صغير الحجم أو أكبر من ذلك، المهم أن له خصائص وسمات الطير في طيرانها.

نفخ المسيح بشري (فَأَنفُخُ فِيهِ)
ارتبك الفقه عند لفظتي (أَخْلُقُ، فَأَنفُخُ) في الآية وقرأها بما يتجاوز كثيراً فكرة المعجزة التي ابتكرها، فـ(خلق/نفخ) عيسى وفق الافتراض الفقهي تجاوز استثمار موجودات الكون إلى إيجاد الأشياء على غير سابق مثال بما يضاهي خلق الله، وهذه غفلة عن الطبيعة (البشرية/الرسالية) للمسيح عليه السلام.
نُسب (النفخ) في القرآن إلى:
– الخالق عز وجل (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) الحجر:29
– نموذج بشري في قصة ذي القرنين (قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) الكهف:96
واختار الفقه معنى (النفخ الإلهي) وأسنده إلى المسيح، وسمى هذه الفكرة (معجزة)، ولا أدري لماذا أعرض عن نموذج النفخ البشري في قصة ذي القرنين؟! والطبيعة البشرية للمسيح تفرض علينا الأخذ بالمفهوم البشري للنفخ.
والنفخ بطبيعته السُننية في عالم الشهادة عبارة عن:
طاقة تولد تياراً هوائياً
ينتشر التيار الهوائي في كل الاتجاهات
ثم ينشأ تشكل عن التيار الهوائي، هذا التشكل يتخذ صوراً شتى بحسب المناسبة.
وفي حالة (فَأَنفُخُ فِيهِ) في آية المسيح؛ لم يذكر القرآن وسيلة النفخ، وتصور أن النفخ بالفم لا يتناسب مع طبيعة الآية، فلدينا نموذج من مواد طبيعية أرضية على هيئة طير “خلقه” المسيح، ثم يُنفخ فيه، الأقرب إلى طبائع الأشياء أن النفخ فيه كان باستثمار طاقة طبيعية (=الرياح) أو بآلة تم تصنيعها في ذلك الزمان، أما تصور النفخ بالفم فهو تعبير عن معارف بدائية.
ما يمكن أن نعقله وفقاً لمعارفنا وخبراتنا الزمنية أن النفخ بطبيعته السُننية في آية المسيح؛ يكون إما:
– بتسليط طاقة الرياح على نموذج الطير؛ فيطير
– بآلة تولد تيارات هوائية قوية ترفع نموذج الطير عن سطح الأرض وفقاً لطبائع الأشياء في طيرانها عن سطح الأرض.
– بأية طريقة سُننية أخرى للنفخ ليطير النموذج المشكل من طين الأرض.
5. (فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ) قبل طيرانه كان كهيئة الطير، وبعد النفخ فيه صار طيراً، بعد أن هيئت له ظروف سُننية ليكتسب سمات وخصائص الطير، فالطير هو كل ما طار.
وإذن الله مرتبط بهذه الآية وغيرها من آيات الرسل (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) الرعد:38، لأن الله هو من جعل هذه الآيات وسيرها، فجعلها وتسييرها بإذنه تعالى، وهذا ما يعطي آيات الكون سيرورتها وانتظامها (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فاطر:41.

المسيح يُعلِّم بالآية سُنن الطيران
تجربة طيران نموذج كهيئة الطير التي قام بها المسيح هي آية من آيات الله، وفي تلك العصور القديمة كانت علوماً مذهلة تخلب الألباب صنفها أناس بأنها سحر مبين، والهدف أن يعقلها الناس لتطوير أداء حياتهم وتسهيل معاشهم، ووفقاً لما يعقل من هذه الآية، فإن ما قام به المسيح عليه السلام هو أقدم تجربة ناجحة لنموذج طائر في تاريخ البشرية، وهو ما تحقق في القرن الماضي، بتمكن البشر من خلق نماذج كهيئة الطير من الطين (=مادة الأرض) ثم طيروها بنفخ طاقة الرياح أو بنفخ محركاتها النفاثة.

طائر copy

الستون ثقافة وفكر

عن الكاتب

خالد بن مبارك الوهيبي